إثر موجة غير مسبوقة لوباء كوفيد-19
تونس تشهد اكتظاظاً للجثث في المستشفيات
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
القيروان (تونس): تقول الممرضة إيمان الفتايتي "بعض الجثث ظلت على الأسرّة طوال اليوم لم نستطع نقلها إلى المشرحة لأنها امتلأت"، هكذا بدت مستشفيات تونسية تشهد اكتظاظا إثر موجة غير مسبوقة لوباء كوفيد-19.
تقول الفتايتي (41 عاما) التي تعمل في مستشفى "ابن الجزار" المركزي في القيروان أن هناك نقصا في آلات الأكسجين ووصل الأمر إلى أن "نحتار من سنسعف أوّلا".
كادر طبي محدود
وتتابع "بعض المرضى يتوفون ولا ندرك ذلك" لأن "عدد المرضى كثير والكادر الطبي محدود".
يواجه الوضع الصحي في تونس موجة جديدة غير مسبوقة من عودة انتشار الفيروس، وسُجلت أرقام قياسية لم تعرفها البلاد منذ بدء الجائحة في آذار/مارس 2020، وتجاوز عدد الوفيات 15 الف بينما يرقد أكثر من 600 مريض في العناية المركزة، في بلد يبلغ عدد سكانه حوالي 12 مليون نسمة.
ولم تتمكن المستشفيات المتنقلة التي أنشأتها السلطات من استيعاب المرضى وبلغت نسبة الإشغال 93%.
أمام هذه الموجة ومنذ نهاية تموز/حزيران الفائت أعلنت السلطات التونسية اغلاقاً تاماً في خمس ولايات من بينها القيروان التي تسجل معدل انتشار عدوى يفوق 400 حالة على 100 ألف ساكن وشهدت مستشفياتها اكتظاظا مع انتشار المتحورة "دلتا" شديدة العدوى التي ظهرت في الهند ثم انتشرت في دول عدة.
نداء استغاثة
والأسبوع الفائت، أطلقت نقابات ومنظمات مدنية على غرار "الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان" ما وصفته "بنداء استغاثة دولي" وطالبت "بالتدخل الفوري والعاجل لوضع حد لآلام ومأساة سكان الولاية المنكوبة وايقاف نزيف الكارثة".
وتوضح ايمان في حديثها لفرانس برس أن "بعض العائلات استجدت عائلات أخرى داخل المستشفى من أجل انقاذ مريض" يبلغ من العمر خمسين عاما لكي يأخذ آلة أكسجين يستعملها مريض آخر ثمانيني لبعض الوقت.
أكسيجين
كانت المنشآت الصحية بهذه الولاية المهمشة تحتاج قبل أسبوعين إلى ما بين 400 و500 لتر أكسجين في اليوم لسدّ الطلب المتزايد، وباتت حاليا بحاجة إلى 5500 لتر يومياً، حسب سلطات الصحة بالقيروان.
يكلّف كل ثلاثة ممرضين في المستشفى برعاية حوالي 35 مريضا بالفيروس ويبدؤون يومهم صباحا و"لا نعرف متى ينتهي"، حسب الفتايتي التي تستهل عملها كل يوم بمشهد "مرضى جالسين على الأرض" في أروقة المستشفى حيث تعمل "لأنه لا توجد أسرة كافية".
تمر الممرضة وهي أم لبنتين "بأزمة نفسية صعبة" لأنها وجدت نفسها أحيانا عاجزة على مساعدة المرضى وانقاذهم من الموت. وتقول "طلبت مني فتاة الاعتناء بوالدها" فيما عشرات المرضى ينتظرون، "لأنها لا تريد أن تفقده بعد أن توفيت والدتها منذ شهر بالفيروس" لكنه "للأسف توفي أيضا ".
وفاة أطفال
شهدت الولاية خلال الأسابيع الفائتة موجة شديدة من انتشار الفيروس وسجلت وزارة الصحة نسبة فاقت 50 % من الاختبارات الايجابية في عمليات التقصي للفيروس كما ارتفعت الحصيلة اليومية للوفيات وبلغت 20 وفاة من بينهم أطفالا.
في شوارع المدينة قلّة من الناس تتنقل وقد أقفلت الأسواق والمحلات التجارية وتبدو شبه مقفرة، حسب مراسل فرانس برس.
وتضم كافة المنشآت الصحية بما فيها الحكومية والخاصة بالقيروان، 46 سرير في وحدات العناية و250 جهاز أكسجين، وفقا للسلطات الصحية.
ويؤكد المدير الجهوي للصحة محمد رويس "مررنا بوضع حرج جدا وبلغت أسرة الانعاش 100 % من طاقتها وأسرة الأكسجين 90 %".
نقل رضا (60 عاما) ابنه الأسبوع الفائت إلى مستشفى "ابن الجزار" في حالة حرجة واقترح عليه الكادر الطبي أخذه إلى مستشفى بولاية مجاورة لعدم وجود أسرّة شاغرة. ويقول الأب "رفضت ذلك واضطررت للانتظار ليومين كي أجد مكانا في غرفة الانعاش".
ومن جهته أضطر محمد المطيراوي إلى ترك زوجته تعتني بأمّه التسعينية داخل المستشفى المتنقل الذي أقامته السلطات بالقيروان "لأن والدتي لا تستطيع الاعتناء بنفسها ولا يوجد ممرضين. ماذا نفعل؟".
توزيع المرضى
استعانت السلطات الصحية بمستشفيات الولايات المجاورة لتوزيع المرضى "بنقل ما بين 12 و16 مريضا لصفاقس (جنوب) وسوسة (شرق)، لكن الوضع تعقد حاليا لأن هذه المستشفيات أصبحت بدورها تشهد اكتظاظا"، حسب رويس.
وأعلنت السلطات الأحد اغلاقا تاما في ولاية سوسة الساحلية والسياحية ومنعت قوات الأمن السياح والسكان من السباحة في الشواطئ، على ما أفاد مراسل فرانس برس.
كما أظهرت تقارير اعلامية وضعا صعبا لمستشفيات داخل محافظات في الشمال الغربي على غرار باجة وجندوبة وسليانة.
الاستهتار
ويفسر طبيب التخدير والانعاش في ثاني أكبر المستشفيات في الولاية "الأغالبة" صلاح السويعي تأزم الوضع الصحي "بالاستهتار وعدم احترام قواعد التباعد في الأماكن العامة وكذلك بنقص كبير في اللقاحات".
ووتيرة حملة التطعيم في البلاد كانت بطيئة لأن السلطات تواجه صعوبات في توفير اللقاحات. وتَسجل للحملة في القيروان حوالي 95 ألف شخص تلقى نصفهم جرعة واحدة على الأقل في الولاية التي تعد نحو 593 ألف ساكن.
وعلى مستوى البلاد تلقى 4% فقط من السكان اللقاح بالكامل.