الغابات تكسو 13 بالمئة فقط من أراضيها
بريطانيا: زرع الأشجار "موضة" دونها محاذير في مواجهة أزمة المناخ
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
توتنز (المملكة المتحدة): تُقبل جهات كثيرة في بريطانيا على زراعة الأشجار مواكبةً لجهود مواجهة التغيّر المناخي، إذ ترى الدول أو الشركات في ذلك أحياناً حلاً سحرياً لامتصاص ثاني أكسيد الكربون أو تحسين بصمتها الكربونية، لكنّ هذا الاعتقاد قد لا يكون دقيقاً، نظراً إلى أن العملية طويلة ومعقدة وينبغي ألا تحجب ضرورة الحد من الانبعاثات الملوثة.
ويقول مدير مشتل "مور تريز" في جنوب غرب إنكلترا آدم أوين "قبل بضع سنوات، كنا نزرع ستة آلاف شجرة سنويا، أما الآن فبات عددها 15 ألفا ونريد أن يرتفع العدد إلى 25 ألفا".
ويضيف خلال مروره بين صفوف مرصوفة بدقة لأشجار الزان "منذ ثلاث سنوات، لم أضطر إلى الاستعانة ولو بشخص واحد لمعرفة ما إذا كان في إمكاننا أن نزرع الأشجار لهم. الناس هم الذين يقصدوننا".
وتتدفق الأموال من كل حدب وصوب: من تمويل حكومي إلى هبات مقدمة من شركات أو أفراد.
هدف طموح
ولدى منظمة "إيدن بروجكت" غير الحكومية المعنية بإعادة التشجير، ازدادت الميزانية من "خمسة ملايين دولار سنة 2019 إلى 26 مليونا" هذا العام مع توسيع أنشطتها في ثمانية بلدان، وفق مديرها ستيفن فيتش. وتأمل المنظمة حشد 120 مليون دولار عام 2023.
ولا تزال بريطانيا متأخرة على هذا الصعيد، إذ إن الغابات تكسو 13% فقط من الأراضي البريطانية، في مقابل 31 % إلى 50 % في المعدل في أوروبا.
وتسعى الحكومة إلى زرع 30 مليون شجرة سنويا اعتبارا من 2025. غير أن هذا الهدف الطموح تعقّده صعوبة إيجاد أراض: فالكثير منها مبنية أو مزروعة أو تضم موائل يتعين حمايتها.
كما ثمة نقص في البذور الزراعية، ويتعين في أحيان كثيرة استيرادها خصوصا من هولندا حيث يرتدي قطاع البستنة أهمية كبيرة، غير أنها تثير مخاطر مرتبطة باستيراد الجراثيم أو البكتيريا.
وتعمل "مور تريز" أيضا على إعادة التشجير بالاعتماد على بذور أشجار محلية يتم تكييفها مع التربة في بريطانيا.
ويقول المستشار في منظمة "ناشونال ترست" العامة للدفاع عن التراث والمتنزهات الطبيعية البريطانية لوك بارلي إنّ "للأشجار دورا هاما في امتصاص الكربون من الغلاف الجوي، ولا وسيلة أخرى" سريعة قادرة على "حبس الكربون".
لكنه يبدي قلقا من ظاهرة الغسل الأخضر (تضليل المستهلكين حول الممارسات أو الفوائد البيئية)، إذ إن بلدانا أو شركات قد تسعى إلى زرع أشجار لتحسين صورتها مع إبطاء جهودها الرامية بصورة فعلية إلى تقليص انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
ويوضح بارلي "من غير المقبول أن تواصل منظمة العمل كما لو أن شيئا لم يكن، من خلال الاكتفاء بتعويض انبعاثاتها عن طريق زرع أشجار".
ويلفت في مقابلة مع وكالة فرانس برس إلى أن قطع الغابات المدارية متواصل فيما ينصب الاهتمام على أشجار جديدة لا تحبس كميات كبيرة من الكربون سوى بعد عشرين عاما.
"آخر موضة"
وينتقد آدم أوين تحوّل زرع الأشجار إلى "آخر موضة" لدى أصحاب القرار السياسي بعدما ركزوا في العقود الأخيرة على الإنتاج الغذائي الزراعي ثم على الوقود الحيوي.
ويشير إلى أن زرع الأشجار يتطلب الكثير من الوقت والمال وبالتالي رؤية على المدى الطويل. ولن تكون المشاتل الصغيرة قادرة على جبه هذا التحدي بمفردها.
وتخوض بعض المزارع غمار هذا النشاط الذي يشكل مصدرا جديدا للدخل خصوصا للمربين في ظل تراجع استهلاك اللحوم في بريطانيا.
غير أن آدم أوين يشير إلى أن المنظمات غير الربحية كمنظمته تهدف إلى إرساء روابط اجتماعية.
وتشير مديرة الأنشطة العامة في "مور تريز" برايوني جيمس إلى "الازدياد الملحوظ خلال السنوات الأخيرة في عدد المتطوعين" الذين يؤدون "دورا جوهريا، لأن زرع الأشجار يستغرق وقتا طويلا".
وتؤكد أن هؤلاء المتطوعين يمكنهم "المساعدة في إعادة التشجير" في مناطقهم بعد تعلمهم طريقة الزراعة.