بعد 11 عاما على الكارثة النووية
فوكوشيما تعوّل على مشاريع الطاقة المتجددة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
نامي (اليابان): تعوّل مقاطعة فوكوشيما اليابانية بشكل كبير على الطاقات المتجددة لإعادة بناء مستقبلها بعد 11 عاماً من الكارثة النووية التي جعلتها منكوبة، وتقيم لهذا الغرض مزارع للطاقة الشمسية ومشاريع هيدروجين "أخضر" وسوى ذلك.
في نامي، على بعد بضعة كيلومترات شمال محطة الطاقة النووية المدمرة، يمتد بحر متلألئ من الألواح الكهروضوئية قبالة المحيط الهادئ من حيث اجتاحت أمواج تسونامي المدمرة الموقع في 11 آذار/مارس 2011.
ويرتدي الموقع رمزية كبيرة لكونه كان معداً في السابق لاستضافة ثالث محطة للطاقة النووية في فوكوشيما، في مشروع تم التخلي عنه بعد عام 2011.
مزارع للطاقة الشمسية
ويُستخدم حقل الطاقة الشمسية البالغة مساحته 18 هكتاراً - ما يعادل 25 ملعبا لكرة القدم - لإنتاج الهيدروجين في الموقع، وهي طاقة نظيفة إذا تم توليدها من الكهرباء الصديقة للبيئة وتعول عليها اليابان بشدة على المدى الطويل.
وسيكون "حقل فوكوشيما لأبحاث الطاقة الهيدروجينية" (FH2R) الذي افتُتح عام 2020، قادراً أيضًا على استيعاب فائض الكهرباء من الشبكة خلال فترات الذروة في الإمداد المرتبطة بالتقلبات في الطاقات المتجددة.
بهذه الطريقة ستعمل المحطة على "توازن" شبكة الكهرباء وتجنب أي هدر ، على ما يوضح لوكالة فرانس برس إيجي أوهيرا المسؤول في منظمة تطوير الطاقة الجديدة (NEDO) ، هيئة الأبحاث العامة اليابانية التي تشغل هذا الموقع التجريبي.
ومنذ عام 2012، تهدف مقاطعة فوكوشيما إلى إنتاج ما يكفي من الكهرباء من مصادر متجددة على أراضيها لتغطية ما يعادل 100% من استهلاكها بحلول عام 2040.
ويوضح المسؤول عن التخطيط وتنسيق الطاقة في المقاطعة نورياكي سايتو لوكالة فرانس برس أن "الرغبة القوية في منع حصول مثل هذا الحادث (النووي) كانت أهم نقطة انطلاق" لهذه السياسة. ويشدد على أن ذلك يشكّل أيضا طريقة "لاستعادة أرضنا" و "إعادة بناء" المنطقة.
بفضل الدعم المالي الهائل من الحكومة اليابانية، يسير الهدف حاليا على المسار الصحيح: فقد تم تحقيق معدل 43,4 % من الطاقات المتجددة في السنة المالية 2020/2021، مقارنة بـ23,7 % في 2011/2012، بحسب سلطات المقاطعة.
وقد انتشرت مزارع الطاقة الشمسية سريعا على ساحل المنطقة، على أراض خلاء بسبب التسونامي أو عمليات الإجلاء الناجمة عن الإشعاعات.
وأصبحت فوكوشيما التي كانت لديها أساساً منشآت لتوليد الطاقة الكهرومائية، مساحة حاضنة لمحطات طاقة الكتلة الحيوية وتوربينات الرياح في جبالها.
لكن لا يزال هناك طريق طويل لاجتيازه في هذا المجال، خصوصا في أذهان الناس، بحسب سايتو.
هذا الرأي شاطره موتوكي ساغارا، رئيس مجموعة Apollo Group، وهو مورّد محلي صغير للطاقة وسع بشكل كبير عرضه في مجال الطاقات المتجددة في السنوات الأخيرة.
ويقول ساغارا لوكالة فرانس برس "نولد الكهرباء من الحدائق الكهروضوئية ونبيعها للأفراد. السعر أعلى قليلا (من الكهرباء المولدة بمصادر الطاقة التقليدية). لكن كثيرا ما يخبرنا عملاؤنا أنهم يفضلون الحصول على الطاقة بالسعر الأرخص".
ويلفت إلى أن المساعدات الحكومية "تساعدنا وتحفزنا" على تطوير الطاقة الخضراء. لكنه يرى أنها أشبه بسلاح "ذي حدين"، لأنه في حال توقفت هذه الإعانات بصورة مفاجئة فإن شركات مثل شركته ستجد نفسها في وضع صعب.
لرفع مستوى الوعي بين سكانها، تشجع فوكوشيما على إنشاء دوائر طاقة قصيرة يتم فيها إنتاج الكهرباء واستهلاكها محليا.
هذا هو الحال في كاتسوراو ، وهي قرية صغيرة تقع في منطقة حرجية على بعد عشرين كيلومترا من محطة الطاقة النووية المدمرة تم إخلاؤها بين عامي 2011 و 2016 بسبب الإشعاعات، ويبلغ عدد سكانها حالياً 450 نسمة فقط، أي أقل من ثلث سكانها السابقين.
في حقل أرزّ سابق كان يُستخدم لتخزين الرواسب المشعة أثناء أعمال إزالة التلوث، توجد حالياً حديقة للطاقة الشمسية يتم استهلاك الكهرباء منها مباشرة في القرية.
يتفاخر سيتشي سوزوكي نائب رئيس شركة كاتسودن الصغيرة المحلية للكهرباء بأن هذه "أول منطقة مستقلة في البلاد مزودة شبكة كهربائية صغيرة". ولدى عودتهم إلى القرية، "أعرب السكان عن رغبتهم القوية في الإفادة من مصادر الطاقة الطبيعية"، وقد حصلوا بعد ذلك على مساعدات حكومية لهذه الغاية.
ويعلق هيدياكي إيشي، وهو صاحب مطعم ومتجر بقالة في كاتسوراو، قائلا "عندما نستخدم الكهرباء المنتجة في منطقتنا، يكون من الأسهل رؤية كيفية توليدها. هذا أمر مطمئن بنظري (...) ومفيد للبيئة".
مع ذلك، فإن حقل الطاقة الشمسية لا يغطي سوى 40% من احتياجات القرية من الكهرباء في المتوسط سنويا، بحسب سوزوكي.
ويجري التخطيط لبناء محطة لطاقة الكتلة الحيوية. لكنّ بعض السكان يعارضون المشروع، خشية أن تطلق انبعاثات مشعة إذا استخدمت عن غير قصد مواد عضوية ملوثة، وفق سوزوكي.
في فوكوشيما، حتى عندما يتعلق الأمر بالطاقات المتجددة، فإن شبح الحادث النووي ليس بعيداً أبدا.