صحة وعلوم

وسط الصعوبات التي تواجه البلدان والأنظمة الصحية

الاعتماد المفرط على الطاقة الأحفورية يُهدِّد صحة البشر

أنتوني كوستيلو، الأستاذ الجامعي والرئيس المشارك لدراسة "لانسيت كاونت داون" السنوية
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

باريس: ندد خبراء طبيون دوليون الأربعاء بالاعتماد العالمي الكبير على مصادر الطاقة الأحفورية المسؤولة عن الاختلالات المناخية، محذرين من تبعات سلبية لهذا المسار على صحة البشر.

وحذر أنتوني كوستيلو، الأستاذ الجامعي والرئيس المشارك لدراسة "لانسيت كاونت داون" السنوية التي يجريها 99 خبيرا من 51 مؤسسة بينها منظمة الصحة العالمية والمنظمة العالمية للأرصاد الجوية تحت إشراف جامعة "يونيفرسيتي كولدج" في لندن، من أن "العالم يقف عند نقطة تحول (...) يجب أن نتغير. وإلا فإن أطفالنا سيواجهون تسارعاً في تغير المناخ يهدد استمرارهم".

وفيما تواجه البلدان والأنظمة الصحية صعوبات بفعل تبعات جائحة كوفيد-19، أظهر التحليل الذي صدر قبل أيام من انطلاق مؤتمر الأمم المتحدة المناخي "كوب27" في مدينة شرم الشيخ المصرية، أن الغالبية الكبرى من البلدان لا تزال تخصص مئات مليارات الدولارات في دعم الوقود الأحفوري، وهي مبالغ توازي أو حتى تفوق ميزانياتها الصحية.

وتؤكد الدراسة أن "الاعتماد المفرط والمستمر على الوقود الأحفوري يؤدي إلى تفاقم تغير المناخ بسرعة" و"له تداعيات خطرة على الصحة".

ويترك ارتفاع درجات الحرارة والظواهر الجوية المتطرفة - التي يزيد احتمال حدوثها بسبب تغير المناخ - ما يقرب من 100 مليون شخص إضافي في مواجهة انعدام الأمن الغذائي الشديد حالياً، مقارنة بالفترة 1981-2010، وفق إليزابيث روبنسون، مديرة معهد أبحاث غرانثام في كلية لندن للاقتصاد، وهي من المساهمين الرئيسيين في التقرير.

وفي الوقت نفسه، زادت الوفيات المرتبطة بالحرارة بنسبة 68% بين عامي 2017 و2021 مقارنة بالفترة 2000-2004، وزاد تعرض الإنسان لأيام عالية الخطورة على صعيد الحرائق بنسبة 61% خلال فترات مماثلة.

الأمراض المعدية

ويُظهر التقرير أن تغير المناخ يؤثر أيضاً على انتشار الأمراض المعدية. فقد زادت احتمالات انتقال الملاريا بنسبة الثلث تقريباً (32,1%) في أجزاء من الأميركيتين، وبنسبة 14% في إفريقيا خلال العقد الماضي، مقارنة بالفترة 1951-1960. وعلى الصعيد العالمي، زاد خطر انتقال حمى الضنك بنسبة 12% خلال هذه الفترة.

وعلق الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش على نتائج التقرير قائلا "إن أزمة المناخ تقتلنا. إنها تضر ليس فقط بصحة كوكبنا، ولكن أيضاً بصحة جميع سكانه (...) بينما يتصاعد الإدمان على الوقود الأحفوري نحو مستويات خارجة عن السيطرة".

ودعا غوتيريش إلى الاستثمار في الطاقة المتجددة وتوفير مستلزمات الصمود بمواجهة تغير المناخ.

وقبل عام، أشارت منظمة الصحة العالمية في تقديرات لها إلى أن العالم سيشهد بين عامي 2030 و2050 حوالى 250 ألف حالة وفاة إضافية سنوياً ناجمة عن تغير المناخ.

وبحسب الدراسة، تساهم البلدان نفسها في هذه الأزمات الصحية من خلال دعم الوقود الأحفوري: إذ إن 69 حكومة من بين 86 شملها التحليل تدعم إنتاج الوقود الأحفوري واستهلاكه، مع نفقات إجمالية صافية بلغت 400 مليار دولار عام 2019.

وبنتيجة ذلك، "انخفضت كثافة الكربون في نظام الطاقة العالمي (القطاع الأكثر مساهمة في انبعاثات غازات الدفيئة)، بنسبة أقل من 1% مقارنة بعام 1992"، و"بالمعدل الحالي، سيستغرق إزالة الكربون بالكامل من نظام الطاقة لدينا 150 سنة"، بحسب التقرير.

إكينز

وقال أستاذ الموارد والسياسات في كلية بارتليت في جامعة "يونيفرسيتي كولدج لندن" بول إكينز إن "الاستراتيجيات الحالية للكثير من الحكومات والشركات ستحجز العالم في مستقبل أكثر حراً بشكل قاتل، وتربطنا باستخدام الوقود الأحفوري الذي يُبعدنا سريعاً عن آفاق عالم صالح للعيش".

وللتغلب على ذلك، دعا معدو التقرير إلى "استجابة متمحورة حول الصحة".

وبالتالي، من شأن تحسين جودة الهواء أن يمنع الوفيات الناجمة عن التعرض للوقود الأحفوري، والتي بلغ عددها 1,3 مليون في عام 2020 وحده.

ومن شأن تسريع التحول إلى النظم الغذائية القائمة على النباتات أن يقلل الانبعاثات الزراعية بنسبة 55% ويجنّب العالم ما يصل إلى 11,5 مليون حالة وفاة مرتبطة بالنظام الغذائي سنوياً.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف