صحة وعلوم

"إيلاف" تستفتي الرأي العام العربي

قادة العالم غير جاهزين للحدّ من الاحتباس الحراري

قراء إيلاف يرون زعماء العالم غير مستعدين لمعالجة التغير المناخي
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

إيلاف من بيروت: في مواكبة للحدث البيئي العالمي "كوب27" أو مؤتمر الأطراف الذي تستضفيه جمهورية مصر العربية، طرحت "إيلاف" على قرائها في الوطن العربي والعالم، سؤالاً: "هل تعتقد أنَّ قادة العالم جاهزون في شرم الشيخ لاتخاذ الإجراءات المناسبة الرامية للحد من انبعاثات الاحتباس الحراري والتكيّف مع الآثار الحتمية لتغيّر المناخ؟"، فجاءت النتيجة: 5 في المئة أجابوا بنعم و95 في المئة أجابوا بلا..!

للوهلةِ الأولى، قد تبدو هذه النتيجة صادمة، لكن الحقيقة ربما تختصرها العبارة التي قالتها الرئيسة الايرلندية السابقة ماري روبنسون، خلال مشاركتها في كوب27: "القادة يتحدثون ويتحدثون ويتحدثون بينما الناس يموتون ويموتون ويموتون".. والحقيقة هي أن "التلوث البيئي" لم يحصد فقط حياة البشر طوال المؤتمرات التي شارفت بعديد سنوات انعقادها على بلوغ الثلاثين عاماً، بل قضى على غابات ومزارع وحيوات برية وبحرية ونباتات وحقول!

أكثر من 35 ألف مندوب من 195 دولة يشاركون لبحث القضايا البيئية الساخنة، بينما يرى المراقبون أن جلّ ما سيقومون به هو إلقاء التصريحات وإعطاء الوعود التي ستصطدم لاحقاً بالضرورات والطموحات الاقتصادية للحكومات والشركات، ناهيك عن الكوارث الطبيعية المتراكمة، والتي تأتي بدورها كنتيجة للاحترار والتغيّر المناخي متنقلة بين الفصول من بلدٍ يشهد فيضانات لآخر يعاني الجفاف، مع اختفاء العديد من البحيرات وذوبان الأنهر الجليدية وانخفاض منسوب المياه، وإلى ما ذلك من تداعيات لا تُعدّ ولا تحصى، مع استمرار تعديات البشر على قوانين الطبيعة دون حسيبٍ أو رقيب!

تقاذف المسؤوليات

أمام هذه الأزمات المتفاقمة تتضارب المواقف لجهة إلقاء المسؤوليات. فالدول تتقاذف الاتهامات من ملعبٍ لآخر! بعضهم يُلقي اللوم على الدول الصناعية بالدرجة الأولى، فيما تطال الدول المنتجة للوقود الأحفوري اتهامات موازية، بينما يُحمِّل آخرون المسؤولية للدول التي تستخدم الفحم لانتاج الطاقة، في وقتٍ يثور نشطاء البيئة والمنظمات الدولية في مواجهة الجرائم البيئية المستمرة منددين بإهمال الحكام للمخاطر المحدقة بشعوبهم والحياة برمتها على كوكب الأرض!

أصوات المدافعين عن البيئة تتعالى في الدول وعبر مواقع التواصل. والشرخ يبدو واضحاً بين قادة الدول والشعوب مع إبعاد عناصر أمن الأمم المتحدة لمجموعة المتظاهرين خلال جلسة الرئيس الأميركي جو بايدن، الذين أطلقوا صيحات واعتراضات أثناء خطابه. حيث صرخ أحدهم قائلاً: "التعويض عن انبعاثات الكربون حلّ خاطئ".

وهو موقف يمثل معارضي الخطة المطروحة بإلزام أصحاب الشركات بدفع تعويض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من خلال الاستثمار في مشروعات مناخية في بلدان العالم النامي لتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.

في المقابل، انتقد البعض ارتفاع عدد الوفود الممثلة لصناعة الوقود الأحفوري في قمة الأمم المتحدة للمناخ إلى نسبة 25 بالمئة، مقارنة بالقمة السابقة، حيث أشارت منظمة "غلوبال ويتنيس"، المهتمة بشؤون الطبيعة وحماية كوكب الأرض، إلى أن أكثر من 600 شخص مرتبطين بصناعة الوقود الأحفوري متواجدون في قمة المناخ. وهو ما يعزّز مخاوف المدافعين عن البيئة ويرسّخ قناعتهم بأن الوعود المقدمة لن تسلك طريقها الى تحقيق الانجازات بقراراتٍ تنفيذية.

الاقتصاد الأخضر.. والمبادرة السعودية

من جهةٍ أخرى، يعتبر بعض المراقبين ان مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ (Cop27) يشكل دفعة قوية للتحول نحو الاقتصاد الأخضر على المستويين الإقليمي والدولي، متوقعين أن يتضاعف اهتمام مختلف دول العالم بمجالات واستثمارات الاقتصاد الأخضر في أعقاب هذا المؤتمر الدولي.

وفي هذا السياق، يؤكد خبراء أن المؤتمر سيشكل نقطة تحول مهمة في مسار استراتيجيات العمل المناخي والاقتصادي والسياسي في المنطقة العربية والعالم بأكمله، ومن شأنه أن يحفّز الجهود نحو التوسع في استخدامات الهيدروجين الأخضر، والديزل الأخضر، وتعزيز كفاءة النقل المستدام، وتنويع مصادر إنتاج الطاقة النظيفة.

هذا يتلاقى مع مبادرة السعودية الخضراء بزيادة اعتماد المملكة على الطاقة النظيفة وتقليل الانبعاثات الكربونية وحماية البيئة، تماشيًا مع رؤية 2030 التي يأتي ضمن أهدافها تحسين جودة الحياة وحماية الأجيال المقبلة من تداعيات التغير المناخي.

إزالة الكربون.. والتمويل

حظي موضوع "إزالة الكربون" باهتمام كبير يوم 11 نوفمبر، حيث دارت نقاشات بشأنه بمشاركة قادة من القطاعين العام والخاص، تم خلالها التركيز على مسارات واستراتيجيات إزالة الكربون من القطاعات الصناعية، بما في ذلك الطاقة وإنتاج الخرسانة وصناعة الصلب.

وشهد "يوم التمويل" جلسة بعنوان "تمويل المناخ في عصر متعدد الأزمات"، وذلك ضمن سلسلة فعاليات تتعلق بالتنفيذ والانتقال العادل والمنصف في أفريقيا، وهي قضية ملحة باعتبار التمويل حجر الزاوية لتنفيذ الوعود المناخية الهادفة لإنقاذ الأرواح وحماية سبل العيش في جميع أنحاء العالم.

ولقد تطرق "رئيس كوب27" وزير الخارجية المصري سامح شكري، إلى "ضرورة دعم تطوير مسار التحول في مجال الطاقة للقارة الأفريقية التي تُعدّ أكثر المناطق تأثراً بالتغير المناخي، رغم مساهمتها المحدودة عالمياً في الانبعاثات النسبية للاحتباس الحراري.

نداء ومبادرات

وأعلنت أكثر من 20 دولة خلال مؤتمر المناخ (كوب27) المنعقد في مصر ضخ مليارات الدولارات في مشروعات ذكية وصديقة للبيئة في محاولة للحد من تداعيات الاحترار المناخي.

وتم الإعلان عن مبادرة "مهمة الابتكار الزراعي (AIM)"، التي أطلقها الامارات والولايات المتحدة "مضاعفة الاستثمارات من قبل الشركاء في مجال المناخ".

وفي ما خص حماية الغابات، تعهدت البرازيل أنها ستتحرك وحدها لوقف قطع الغابات لو اقتضى الأمر، فيما دعت شركات كبرى مثل إيكيا ومايكروسوفت السبت الحكومات إلى احترام التزاماتها في مكافحة التغير المناخي.

ووقعت هذا النداء 200 شركة من بينها باير ونستله وسان-غوبان ويونيليفر وفولفو، وبعضها من قطاعات تٌنتقد بسبب تأثيرها السلبي على البيئة، فضلا عن مؤسسات مثل غرفة التجارة الدولية.

وفيما جاء في الاعلان "نحتاج أن تٌبقي الحكومات بدءا بأكثر الدول تطورا في العالم، على تعهدها بحصر الاحترار ب1،5 درجة مئوية والتحرّك سريعا لتطبيق ذلك". قالت الرئيسة الايرلندية السابقة ماري روبنسون: "هذه مبادرة مهمة تشدد على أنه ينبغي علينا اعتبار 1،5 درجة مئوية ليس كهدف، بل كحدّ أقصى لعالم قابل للعيش".

المسار القانوني

يشهد كوب27 مئات المقترحات والمبادرات والتقديمات التي يقابلها الحاضرون بالثناء والتصفيق، لكن أين هو العالم من تنفيذها؟ هل من مسارٍ قانوني مُلزم لهذه الدول والشركات؟

في هذا الإطار يبرز الرهان على مبادرة "فانواتو" بـ"الاحتكام إلى محكمة العدل الدولية لتسريع مكافحة الاحترار المناخي". وهو ما يشكل "بارقة أمل" في صفوف الناشطين الذين يعولون على "سيف العدل" للضغط على الحكومات.

وتريد فانواتو والداعمون لها أن توضح المحكمة "حقوق الدول وواجباتها بموجب القانون الدولي في ما يتعلق التداعيات السلبية للتغير المناخي".

ويطلب السؤال الذي سيطرح على محكمة العدل الدولية أيضا رأيا قانونيا حول الرابط بين التداعيات المناخية وحقوق الإنسان وحول "الشروط المرتبطة بالتحرك المناخي للاطراف المسببة لانبعاثات غازات الدفيئة الماضية والحاضرة والمقبل".

تحذيرات

وفيما حذّر الأمين العام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أنّ "البشرية أمام خيار التعاون أو الهلاك" في مواجهة الاحترار المناخي، قال الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي لقادة العالم: "الوقت يداهمنا ومصير الملايين بين أيديكم. ما تنتظره منا شعوبنا اليوم هو التنفيذ السريع والفعال والعادل، وهم يتوقعون منا خطوات حقيقة نحو خفض الانبعاثات وتوفير التمويل اللازم للدول النامية التي تعاني أكثر من غيرها من تبعات تغير المناخ".

فعاليات "كوب27" تتواصل والمداخلات والخطابات تتوالى لمواءمة شعار القمة المناخية العالمية: "معاً من أجل التنفيذ". فهل يشكلّ هذا المؤتمر مدخلاً للحلول البيئية أم ستظل نتائج استفتاء إيلاف بـ"5% نعم و95% لا" هي حقيقة الواقع المرّ الذي سيواجه العالم أمام الأزمات المتفاقمة؟!

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف