ممراته وأرضه عجت بالنفايات الطبية والصلبة ما زاد خطر العدوى
منظمة الصحة العالمية تعتبر مستشفى الشفاء "منطقة موت" وتدعو لإخلائه
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
قطاع غزة (الاراضي الفلسطينية): بات مجمع الشفاء الطبي، أكبر مستشفيات قطاع غزة، "منطقة موت" ويجب إخلاؤه، وفق ما أعلنت منظمة الصحة العالمية الأحد، مع تأكيد الجيش الإسرائيلي توسيع نطاق عملياته في إطار الحرب مع حماس.
وأعلنت منظمة الصحة أنها قادت بعثة تقييم إلى مستشفى الشفاء في غرب مدينة غزة والذي أصبح منذ أيام محور العمليات العسكرية في القطاع المحاصر في ظل اتهام اسرائيل لحماس باستخدامه لأغراض عسكرية، وهو ما تنفيه الحركة.
وبناء على إنذار بالإخلاء وجهه الجيش صباح السبت، خرج المئات من المستشفى الذي يؤوي مرضى وطواقم طبية ونازحين.
والسبت أيضا، أعلنت وزارة الصحة التابعة لحماس مقتل 80 شخصا على الأقل بينهم 32 من عائلة واحدة في قصف إسرائيلي على مخيم جباليا في شمال غزة، طال منزلا ومدرسة تابعة للأمم المتحدة.
وقالت منظمة الصحة العالمية إنها رأست فريقا مشتركا من الأمم المتحدة يضم خبراء في الصحة العامة ومسؤولين لوجستيين وموظفين أمنيين من مجموعة من الوكالات في مهمة قصيرة و"شديدة الخطورة" إلى مستشفى الشفاء السبت.
وأشارت إلى أن فريق التقييم توجه إلى المستشفى بعدما أمر الجيش بإخلائه. ولم يمضِ الفريق سوى ساعة واحدة داخل المستشفى بسبب الوضع الأمني، ووصفه بأنه "منطقة موت" وإن الوضع فيه "يائس"، بحسب ما قالت المنظمة.
وأكدت أنها تعمل مع شركائها على "وضع خطط عاجلة للإجلاء الفوري للمرضى المتبقين والموظفين وعائلاتهم"، مشيرة إلى أنهم 291 مريضا و25 عاملا صحيا.
وقالت إن "آثار القصف وإطلاق النار كانت واضحة. رأى الفريق مقبرة جماعية عند مدخل المستشفى وقيل له إن أكثر من 80 شخصا دفنوا هناك".
ولفتت المنظمة إلى أن نقص المياه النظيفة والوقود والأدوية والغذاء والمساعدات الأساسية الأخرى خلال ستة أسابيع تسبب في توقف أكبر المستشفيات وأكثرها تقدما في غزة عن العمل.
وأضافت "ممرات المستشفى وأرضه عجت بالنفايات الطبية والصلبة ما زاد خطر العدوى"، مشيرة الى أن بين المرضى المتبقين 32 طفلا "حالاتهم حرجة جدا".
"لا يطاق"
وكتب المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس عبر منصة إكس "نعمل مع الشركاء لوضع خطة إخلاء عاجلة ونطلب التسهيل الكامل لهذه الخطة".
أضاف "نواصل الدعوة إلى حماية (قطاع) الصحة والمدنيين"، مبديا أسفه لأن "الوضع الحالي لا يطاق وغير مبرر"، داعيا إلى "وقف النار الآن".
وشددت المنظمة على أن بعثات إضافية سترسل "خلال الساعات الـ24 إلى الـ72 المقبلة بانتظار (الحصول) على ضمانات مرور آمن" للمساعدة في نقل المرضى إلى مجمع ناصر الطبي والمستشفى الأوروبي في جنوب غزة رغم أنهما "يعملان أصلا بما يفوق طاقتهما".
وأصبح مستشفى الشفاء منذ أيام محور العمليات البرية وقد اقتحمه الأربعاء الجيش الإسرائيلي الذي يتهم حماس باستخدامه ستارا لمنشآت عسكرية وقيادية وهو ما تنفيه الحركة.
وأفاد صحافي في وكالة فرانس برس أن مئات الأشخاص خرجوا السبت سيرا من المجمع الطبي الواقع في غرب مدينة غزة وتحاصره الدبابات الإسرائيلية. وشاهد الصحافي أطفالا ونساء ورجالا بعضهم مصاب أو مبتورة أطرافه ينزحون جنوبا باتجاه شارع صلاح الدين. وعلى الطريق، أكد الصحافي رصده ما لا يقل عن 15 جثة بعضها في مراحل متقدمة من التحلل.
من جهتها، قالت منظمة "أطباء بلا حدود" عبر منصة إكس "في 18 تشرين الثاني/نوفمبر 2023، توفي أحد أقارب موظفينا وأصيب آخر في هجوم على قافلة تابعة لمنظمة أطباء بلا حدود كانت تحاول إجلاء 137 شخصًا من موظفينا الفلسطينيين وعائلاتهم".
ودانت "بأشد العبارات هذا الهجوم المتعمد"، داعية إلى وقف النار فورًا".
اندلعت الحرب بين إسرائيل وحماس عقب هجوم غير مسبوق شنّته الحركة الفلسطينية على جنوب إسرائيل في 7 تشرين الأول/أكتوبر، أدّى إلى مقتل نحو 1200 شخص غالبيّتهم مدنيّون قضوا بمعظمهم في اليوم الأوّل للهجوم، وفق السلطات الإسرائيليّة.
وتوعّدت الدولة العبريّة حماس ب"القضاء" عليها وتشنّ حملة قصف جوّي ومدفعي كثيف، وبدأت عمليّات برّية اعتبارا من 27 تشرين الأول/أكتوبر، ما تسبّب بمقتل 12 ألفا و300 شخص في قطاع غزّة غالبيّتهم مدنيّون، وفق الأرقام الصادرة عن حكومة حماس. وبين القتلى أكثر من خمسة آلاف طفل و3300 امرأة.
ومن الضحايا، عشرات أعلنت وزارة الصحة التابعة لحماس مقتلهم السبت في غارات على مخيم جباليا بشمال القطاع.
وقال مسؤول في الوزارة لوكالة فرانس برس إن "ما لا يقل عن 50" شخصا قُتلوا في قصف استهدف فجر السبت مدرسة الفاخورة التابعة لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) والتي تؤوي أعدادا كبيرة من النازحين.
وأظهرت لقطات على شبكات التواصل تأكدت فرانس برس من صحتها جثثا مضرجة بالدماء وملقاة في ممرات المدرسة. وكان بعضها ممددا على أغطية وفرَش.
وفي غارة منفصلة استهدفت منزلا، قتل 32 شخصا من عائلة أبو حبل في المخيم، بينهم 19 طفلا، وفق الوزارة.
ولم يعلّق الجيش الإسرائيلي على الغارات لكنه قال إن قواته توسع عملياتها في غزة بما في ذلك في جباليا "لاستهداف إرهابيين وضرب البنية التحتية لحماس".
ودان المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني الغارات "المروعة" على المدارس، مؤكدا أن "وقف النار لأسباب إنسانية لا يمكن أن يتأخر أكثر من ذلك".
لا اتفاق بشأن الرهائن
وفي الأيام الماضية، ربطت تصريحات لمسؤولين إسرائيليين وأميركيين، بين وقف إطلاق النار لأسباب انسانية، والافراج عن رهائن تحتجزهم حماس.
وتؤكد السلطات الإسرائيلية أن قرابة 240 شخصا بينهم أجانب، أخِذوا رهائن في هجوم حماس ونُقلوا الى غزة.
ونفى البيت الأبيض السبت معلومات عن التوصل إلى اتفاق توسطت فيه الولايات المتحدة بين إسرائيل وحماس من شأنه إتاحة الإفراج عن عشرات النساء والأطفال المحتجزين رهائن في قطاع غزة مقابل وقف القتال لخمسة أيام.
وقالت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي الأميركي أدريان واتسون عبر منصة إكس "لم نتوصل إلى اتفاق بعد لكننا نواصل العمل الجاد توصلا إلى اتفاق".
وأتى ذلك بعدما نقلت صحيفة واشنطن بوست الأميركية السبت عن "مصادر مطلعة" أن إسرائيل وحركة حماس توصلتا إلى اتفاق مبدئي بوساطة أميركية من شأنه إطلاق سراح عشرات النساء والأطفال المحتجزين رهائن بغزة في مقابل وقف الأعمال القتالية مدة خمسة أيام.
ونقلت أن جميع الأطراف سيوقفون العمليات القتالية مدة خمسة أيام على الأقل بينما يتم إطلاق سراح بعض الرهائن على دفعات، على أن تكون هناك مراقبة جوية لتوقف القتال.
وكان كبير مستشاري البيت الأبيض للشرق الأوسط وشمال إفريقيا بريت ماكغورك أقر السبت من المنامة بأن الوضع في غزة "مروع" و"لا يحتمل"، لكنه أضاف "سيحصل تدفق للمساعدات الإنسانية والوقود ووقف للنار عند الإفراج عن الرهائن".
وإلى القدس وصل السبت أقرباء رهائن محتجزين في غزة، بختام مسيرة استمرّت أياما لمواصلة الضغط على الحكومة في هذا الملف. وتجمّع الآلاف أمام مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو للمطالبة بتحرير الرهائن.
"توحيد" الضفة والقطاع
أدت الحرب الى نزوح أكثر من 1,65 مليون شخص في القطاع، من أصل إجمالي عدد سكانه البالغ 2,4 مليون شخص.
بُعيد اندلاع الحرب، أطبقت إسرائيل حصارها المفروض على القطاع منذ 2007، وقطعت المياه والكهرباء والغذاء والوقود، ما سبّب أزمة متصاعدة خصوصا بظل الكميات الضئيلة من المساعدات التي تدخل عبر معبر رفح.
ونفد الوقود لدى معظم مستشفيات غزة ما يحول دون تشغيل مولداتها. وبحسب حكومة حماس، خرجت عن الخدمة 24 من المستشفيات الـ35 في القطاع.
وأكدت الأمم المتحدة أن اسرائيل وافقت اعتبارا من السبت على إدخال 60 ألف لتر من الوقود يوميا الى غزة عبر معبر رفح مع مصر، لكنها حذّرت أن هذه الكمية هي ثلث ما يحتاج إليه القطاع فقط.
ومع تواصل الحرب، تتبادل العديد من الأطراف طروحا بشأن مستقبل قطاع غزة الذي تسيطر عليه حماس منذ 2007.
دعا الرئيس الأميركي جو بايدن السبت إلى إعادة توحيد الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة مستقبَلا تحت "سلطة فلسطينية متجددة"، متعهدا فرض عقوبات على المستوطنين "المتطرفين" الذين يهاجمون الفلسطينيين في الضفة.
وكتب في مقال نشرته صحيفة واشنطن بوست "ينبغي إعادة توحيد غزة والضفة الغربية في ظل بنية حكم واحدة، وفي نهاية المطاف في ظل سلطة فلسطينية متجددة" بعد إنهاء حكم حماس عقب العملية العسكرية الإسرائيلية.
ورد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في مؤتمر صحافي قائلا إن "السلطة الفلسطينية بشكلها الحالي عاجزة عن تحمل مسؤولية غزة".
وكان الرئيس محمود عباس ربط مطلع تشرين الثاني/نوفمبر عودة السلطة الفلسطينية إلى غزة بـ"حل سياسي" يشمل أيضا الضفة والقدس الشرقية.
والسبت، رفض وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي نشر قوات عربية في غزّة بعد الحرب، مشددا على أنه لا يمكن السماح بأن ينظر الفلسطينيون "إلينا على أننا أعداء" لهم.
مخاوف من اتساع النزاع
وتثير الحرب مخاوف من اتساع النزاع.
ويتواصل التوتر اليومي في الضفة الغربية المحتلة حيث قتل السبت خمسة عناصر من فتح في قصف جوي اسرائيلي على مدينة نابلس، وفق الهلال الأحمر ومصادر في الحركة الفلسطينية.
وقتل منذ 7 تشرين الأول/اكتوبر أكثر من 200 فلسطيني بنيران الجيش الإسرائيلي أو مستوطنين حسب وزارة الصحة الفلسطينية في الضفة المحتلة.
كما يتواصل تبادل القصف بين إسرائيل وحزب الله اللبناني.