سمات نفسية تلعب دورًا حاسمًا في ضمان العمر المديد
ما الصفات التي يتميز بها المعمرون الذين تزيد أعمارهم عن مئة عام؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
تستيقظ مارغريتا فلوريس مبكرًا كل يوم حيث تتناول وجبة الإفطار وتذهب في نزهة على الأقدام وتقرأ.
وتقول إنها تتوق إلى القيام بالمزيد، مثل الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية. ولكن في عمر 107 أعوام، لم تعد ساقاها قادرتان على ذلك.
وقالت مازحة في اتصال هاتفي مع مراسلة بي بي سي فرناندا باول من منزلها في مدينة سانتياغو التشيلية: "قد أجعلهما (ساقاي) تمشيان أكثر حتى تعتادان على ذلك".
أثناء حديثي مع المعمرة مارغريتا فلوريس، كانت تتحدث بطلاقة ووضوح لا يصدقان، و لديها أصدقاء وابنة تتواجد معها طوال الوقت.
وتقول بحماس: "في عمري هذا، مازلت أرغب في القيام بأشياء كثيرة".
وتعتبر مارغريتا مثالاً جيدًا على الصفات التي يقول الخبراء إنها مشتركة بين العديد من الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 100 عام والذين لا يزالون يتمتعون بصحة جيدة: الحيوية والمرونة والرغبة في التفاعل.
وتُعد مارغريتا جزءا من هذا الاتجاه المتنامي.
ووفقًا لشعبة السكان بالأمم المتحدة، أصبح من الشائع بشكل متزايد أن يقوم الناس بإطفاء أكثر من 100 شمعة على كعكة عيد ميلادهم. وفي عام 1990، كان هناك 92 ألف شخص فقط يتمتعون بهذا الامتياز، بينما بحلول عام 2021 ارتفع هذا الرقم إلى 621 ألف شخص.
وعلى الرغم من أن العوامل الوراثية ونمط الحياة تعتبر أساسية عند تحليل هذه الظاهرة، إلا أن العديد من الخبراء يؤكدون أن الجوانب النفسية تلعب أيضًا دورًا مهمًا.
ومن بين هؤلاء الخبراء، ماريا دولوريس ميرينو، عالمة النفس والأكاديمية في جامعة كومبلوتنسي بالعاصمة الإسبانية مدريد، والتي ظلت تبحث عن المعمرين لسنوات.
وفي إحدى أحدث دراساتها، والتي نشرت في مجلة دراسات السعادة، وجدت أن هذه المجموعة من الأشخاص يتشاركون في 19 صفة نفسية.
وقد قامت بتجميعها في 8 فئات، والتي ندرجها أدناه.
وتشرح ماريا دولوريس ميرينو لبي بي سي: "إنه أمر مدهش للغاية، فالأشخاص المعمرون الذين أجرينا مقابلات معهم لديهم رغبة واضحة في الاستمرار في الحياة".
ومضت تقول:"عندما تتحدث إليهم، لن تقول أبدًا أن عمر هذا الشخص يزيد عن 100 عام. بشكل عام، فإنهم يقدمون يظهرون بشخصية أصغر سنًا بكثير".
ومن بين الذين شاركوا في بحث ميرينو نساء ورجال واصلوا العمل حتى بلغوا 98 عامًا. كما أنهم يميلون أيضًا إلى الانخراط في الأنشطة البدنية والفكرية، مثل صعود ونزول الدرج كل يوم، أو لعب الورق، أو لعب سودوكو.
وتوافق ستايسي أندرسن، وهي المديرة المشاركة لمركز نيو إنجلاند لدراسة الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 100 عام وهو مركز يقع في مدينة بوسطن الأمريكية، على أن الحيوية هي سمة نفسية رئيسية.
وقالت لبي بي سي: "الأغلبية يقولون إنهم يستمتعون بالحياة، وهذا أمر رائع بالنسبة لي".
وفقا للدراسة التي أجرتها ماريا دولوريس ميرينو، فإن الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 100 عام هم اجتماعيون بشكل عام.
وتقول ميرينو: "لديهم علاقات حميمية مع عائلاتهم أو أصدقائهم، فهم يساعدون الآخرين عندما يستطيعون ويشعرون بالحب، وهو أمر مهم للغاية".
ومن جانبها، تقول ستايسي أندرسن إن عملها قادها إلى ملاحظة أن المعمرين هم أشخاص "منفتحون على مقابلة أشخاص جدد".
ومضت تقول: "لسوء الحظ، أحد الآثار الجانبية لبلوغ 100 عام هو أنك تفقد الكثير من أصدقائك وعائلتك. لذلك فإن القدرة على مقابلة أشخاص جدد والانفتاح على اتصالات جديدة أمر مهم حقًا للحفاظ على الدعم الاجتماعي".
وتقول مارغريتا فلوريس إن وجود الأصدقاء "أمر مهم للغاية".
وتشرح قائلة: "لأنني بهذه الطريقة لا أشعر بالوحدة".
ويُعد الالتزام من السمات الأخرى التي يشترك فيها المعمرون ، وفقا للدراسات.
وتقول ماريا دولوريس ميرينو: “إن المعمرين بشكل عام يتمتعون بحس المسؤولية وأكفاء ويعملون بجد، لقد ثابروا لتحقيق أهدافهم".
وتقوم مؤسسة ستايسي أندرسن (مركز نيو إنجلاند لدراسة الأشخاص الذين تجاوزت أعمارهم المئة) بدراسة سلوك أبناء المعمرين لسنوات. وتقول أندرسن إن السبب في ذلك هو أنهم "بشكل عام يسيرون على خطى والديهم".
ومضت تقول: "لاحظنا أنه حتى قبل 20 عامًا، كان طول العمر مرتبطًا بوجود هدف سام في الحياة. فهم لديهم أهداف يريدون تحقيقها، وهم يرون أن كل يوم له غرض".
وأضافت قائلة: "إحدى المجموعات التي تم التحقيق فيها عن كثب فيما يتعلق بهذه العوامل النفسية موجودة في اليابان. ولديهم هذا الشعار المسمى "لكيغاي"، والذي يعني أن يكون لديك سبب للاستيقاظ كل صباح، تمامًا كما لو كان لديك هدف في الحياة.
وأردفت أندرسن قائلة: "أعتقد أن ذلك يلعب دورًا كبيرًا في الوصول إلى رقم 100".
يعد الصمود من أهم خصائص الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 100 عام أو أكثر، وفقًا لعدد من المجموعات البحثية.
والصمود الذي يُعرف بأنه القدرة على التغلب على الشدائد، له علاقة مباشرة بطول العمر.
و تقول ميرينو: "إنه مصدر قوي جدًا، لأنه يسمح لك بمواجهة الشدائد والمضي قدمًا، دون أن تتضرر نفسيًا بسببها".
ومضت تقول: "من خلال هذه الحياة الطويلة، شهد الناس بلا شك مواقف صعبة للغاية، بدءًا من الأحداث التاريخية مثل الحروب أو الأوبئة إلى فقدان أحبائهم".
وتوافق ستايسي أندرسن على ذلك.
وتقول: "إنهم بالتأكيد يشعرون بالحزن تجاه الأشياء التي تحدث، لكنهم بعد ذلك يتركونها خلفهم ويواصلون المضي قدمًا".
وفقا للباحثين، يظهر المعمرون عموما ميلا إلى اتخاذ قراراتهم الخاصة، والسيطرة على حياتهم.
وتوضح ميرينو قائلة: "إنهم مستقلون وقد وجهوا حياتهم في الاتجاه الذي يريدونه".
وأضافت قائلة: "لقد عرفوا أيضًا كيفية العثور على الفرص، وقرروا بأنفسهم تلك التي سيستفيدون منها".
تشير دراسة ماريا دولوريس ميرينو الأخيرة إلى أن الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 100 عام غالبًا ما يتشاركون في متعة امتلاك "عقل نشط"، في إشارة إلى خصائص مثل الفضول وحب التعلم والتعليم الذاتي.
وأظهر الأشخاص الذين تمت مقابلتهم من أجل الدراسة اهتمامًا بما يحدث في العالم أو بتعلم الأشياء بأنفسهم.
تقول ميرينو: "في كثير من الحالات، يكونون قراءً رائعين، ولديهم مجموعات كتب مذهلة، بغض النظر عن الطبقة الاجتماعية".
ومارغريتا فلوريس هي واحدة منهم. وهي تقرأ حاليًا سيرة البابا فرانسيس.
وتشرح بفخر: "قرأت الكثير من الأشياء الأخرى لأبقى نشيطة ذهنيا من مجلات الموضة إلى الروايات الرومانسية".
تقول ستايسي أندرسن: "الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 100 عام هم بالتأكيد إيجابيون للغاية بشكل عام".
ومضت تقول:"من النادر أن نسمع شخصًا يبلغ من العمر مئة عام يقول أتمنى لو لم أكن على قيد الحياة". ولكن إذا سألت شخصا يبلغ من العمر 40 عاما، هل تريد أن تعيش حتى 100 عام، فإن معظمهم سيقولون لك "لا".
ووفقا لبحث ميرينو، فإن المعمرين ليسوا إيجابيين بمعنى "السعادة" بل بمعنى "معرفة كيفية الاستمتاع بالأشياء اليومية الصغيرة، وهذا مهم للغاية" بحسب مورينو.
وتقول مارغريتا فلوريس إنها دائمًا في حالة معنوية جيدة.
وأضافت قائلة: "الجميع يقول لي إنني بخير، لذلك نعم، أنا بخير دائمًا".
وأخيرًا، يعد الذكاء سمة مميزة للعديد من المعمرين (وهو ما يؤثر على الخصائص النفسية الأخرى).
وفقًا لميرينو، فإن هؤلاء الأشخاص يتشاركون في القدرة المعرفية على التفكير والاستدلال وحل المشكلات بنجاح والتعلم بسرعة.
وتقول مورينو في تقريرها: "العديد من سلوكيات المعمرين تقودنا إلى الذكاء، فعلى سبيل المثال، لديهم نتائج أكاديمية ومهنية ناجحة، وهم عصاميون، وحاسمون، ويقبلون التحديات حتى لو لم يتم تدريبهم بشكل خاص وينجحون، ويحبون التعلم ولديهم فضول، ومحادثتهم سريعة وذكية ولديهم ذاكرة جيدة".
سألتها عبر الهاتف:"مارغريتا، ما هي الوصفة للوصول إلى 107 سنوات؟" .
أجابت: "لا أعلم. لقد شعرت دائمًا أنني بحالة جيدة. لقد كنت دائمًا مشغولة، أو أقوم بالحياكة أو القيام بأشياء أخرى، ومن خلال القيام بذلك، يظل العقل مشغولاً. وأعتقد أن هذا جعلني أستمر".
وتُعد المعمرة مارغريتا هي الأكبر سناً في مجتمعها في سانتياغو، "لا رينا".
وعلى الرغم من أنها تدرك أنها تشعر "بالتعب"، إلا أن السلطات في مجتمعها وعدتها بترتيب احتفال كبير إذا بلغت 110 أعوام.
وتقول بحماس:"سنقيم حفلة، لا يوجد وقت للراحة".