أخبار

تركيا تودع العام بتربعها على العرش الإقليمي بالمنطقة

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

يوصف عام 2009 بالنسبة لتركيا بأنه "عام المواجهات السياسية" حيث بدأ ساخناً وقد لف الغموض جوانب الحياة السياسية التي تتشابك فيها خيوط التفاصيل الدقيقة مع تقاطعات القضايا الكبرى.

اسطنبول: في نهاية هذا العام وجدت تركيا نفسها في أفضل موقع يمكن أن تكون عليه منذ تأسيس الجمهورية عام 1923 وباستثناء حساسيات المسألة الكردية يمكن القول ان أنقرة اليوم تتربع على العرش الاقليمي من خلال الجهود التي بذلتها في منطقة الشرق الأوسط.

ولعل من أكثر الأحداث الهامة التي ما زالت محفورة في عقول الأتراك موقف رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان في جلسة منتدى (دافوس) الحوارية التي انتقد فيها الحرب الاسرائيلية الشرسة على أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وغادر قاعة الاجتماع احتجاجا على عدم منحه الوقت الكافي للرد على الرئيس الاسرائيلي شيمون بيريز بشأن الحرب على غزة فسجل التاريخ لاردوغان هذا الموقف بأحرف من ذهب.

واكد اردوغان الذي وقف للاسرائيليين بالمرصاد دعمه للمظلومين في فلسطين في وقت كان الصمت الدولي حيال ما يجرى في قطاع غزة لسان حال العالم. وكانت الحرب الاسرائيلية على غزة والموقف الشجاع من اردوغان سببا في توتر العلاقات التركية-الاسرائيلية تجلى ذلك في الانتقادات شديدة اللهجة التي وجهها اردوغان لاسرائيل في منتدى (دافوس) في يناير الماضي.

اما داخليا فقد شهدت الانتخابات المحلية التركية التي جرت في ال29 من مارس منافسة حامية بين مرشحي الأحزاب السياسية وكانت مفصلية لأنها تمثلت باستمرار سيطرة حزب العدالة والتنمية الحاكم على أكبر عدد من البلديات الذي شكل مثالا واضحا لحال التغير في تركيا من خلال تعامل الشعب التركي مع الأحداث.

وكانت ابرز تلك الاحداث حملة الاعتقالات التي جرت في صفوف العلمانيين في اطار التحقيق في تنظيم الدولة السرية (أرنغيكون) الذي نفذ جرائم كبرى وكان يخطط للقيام بانقلاب ضد حكومة العدالة والتنمية واغتيال رئيس الوزراء.

هذه القضية التي عمقت الأزمة بين الحكومة التركية والمؤسسة العسكرية اتخذت مسارات عديدة خلال العام الجاري حيث دخل الصراع بين الحكومة التركية والأوساط الانقلابية في الجيش مرحلة جديدة يتوقع أن تكون حاسمة بعد دخول رجال الأمن والمحققين الى أحد ثكنات الجيش المهمة حيث أرشيف القوات الخاصة وغرفة العلميات الخاصة بحال الطوارئ وهما أكثر أقسام الجيش التركي سرية ولم يسبق لأي مسؤول مدني أن دخلهما وبدأت العملية بعد توقيف ضابطين في الجيش وهما يرصدان منزل نائب رئيس الوزراء بولنت أرينج.

فخلال عام 2009 عاد الدور القيادي لتركيا في المجالين السياسي والاقتصادي على الصعيدين الاقليمي والعالمي من خلال استضافتها للكثير من الاجتماعات والمنتديات الاقتصادية على أراضيها والتي كان أبرزها القمة الاقتصادية ال25 للجنة الدائمة للتعاون الاقتصادي والتجاري (الكومسيك) لمنظمة المؤتمر الاسلامي التي عقدت في اسطنبول في نوفمبر الماضي بمشاركة عدد كبير من زعماء الدول العربية والاسلامية وفي مقدمتهم حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح والرئيس السوري بشار الأسد والرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد حيث كانت خطوة تركية مهمة لجمع الشمل الاسلامي.

كما حدث تقارب حقيقي بين تركيا والدول العربية والاسلامية من خلال الزيارات التي قام بها اردوغان لاسيما زيارته الى سوريا والتي كان من أهم نتائجها اتفاق استراتيجي والغاء التأشيرات بين البلدين اضافة الى الزيارة التي قام بها الرئيس التركي الى دولة الكويت التي وصفت بالتاريخية.

أما على صعيد العلاقات التركية-الأميركية فقد شهدت تطورا ملحوظا بعد الزيارة التي قام بها اردوغان الى واشنطن في الخامس من ديسمبر 2009 ولقاءه المسؤولين الأميركيين وفي مقدمتهم الرئيس باراك أوباما والتي فتحت آفاقا جديدة للعلاقات بين البلدين والتي جاءت بعد أشهر من الزيارة التاريخية التي قام بها الرئيس أوباما الى اسطنبول.

أما على صعيد المشكلة الأرمينية فقد اقتربت تركيا وأرمينيا في الاشهر الاخيرة من فتح صفحة جديدة بعد التوقيع على برتوكول تاريخي لتطبيع العلاقات بين البلدين في مدينة (زيورخ) بعد عقود من الخلاف الناشئ بسبب ما يعرف بمذابح الأرمن ابان الحكم العثماني في الحرب العالمية الأولى.

فيما انطوى العام 2009 على قضية مفصلية في تاريخ تركيا الحديث وهي قضية حظر (حزب المجتمع الديمقراطي) الحزب الكردي الوحيد في البرلمان بتهمة التعاطف والارتباط مع حزب العمال الكردستاني المتمرد الذي يحارب الدولة التركية منذ ربع قرن في خطوة وصفت بأنها ستدخل تركيا تاريخا جديدا من "الانغلاق" على أكرادها بعد زمان قصير جدا من "انفتاحها القلق" وهو ما يعني عودة تركيا الى مشكلتها الكردية.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف