إستفتاء إيلاف: غالبية ساحقة يرفضون إبتزاز الإرهاب الجوي ويقررون السفر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
جاءت احتفالات العالم بمقدم العام الجديد مشوبة بالخوف والقلق من عودة أشباح الإرهاب الدولي، والتي تجلت بوضوح في المحاولة الفاشلة لنسف الطائرة التي كانت تحلق فوق مدينة "ديترويت" الأميركية، وما اتضح لاحقاً من اعترافات المتهم في هذه المحاولة، وهو المواطن النيجيري فاروق عبد المطلب بأنه تدرب في معسكر لتنظيم "القاعدة" في اليمن، ثم البيان الذي أصدره ما بات يسمى "تنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب" وهو التنظيم الإرهابي الذي يقول الخبراء إنه بزغ للوجود في العام المنصرم 2009 بعد اندماج عناصر إرهابية من التنظيم الأم "القاعدة" في كل من المملكة العربية السعودية واليمن.
نبيل شرف الدين من القاهرة: لم تخرج نتائج استفتاء (إيلاف) الأخير عن دائرة التوقعات، فالسؤال عما إذا كانت حوادث "الإرهاب الجوي" سبباً كافياً لعدم السفر، ينطوي على الرضوخ لابتزاز منظمات إرهابية يصعب ـ وربما يستحيل ـ إرضاؤها، هذا فضلاً عما تمثله حركة النقل الجوي للبشر والبضائع من أهمية بالغة على أصعدة التجارة الدولية ومصالح ملايين الناس وحرية انتقالهم في شتى أنحاء العالم، ومن هنا فقد جاءت نتائج الاستفتاء حاسمة لا تحتمل اللبس، إذ انحازت غالبية المشاركين لخيار السفر رغم مخاطر التهديدات الإرهابية لحركة السفر جواً، وهي المخاطر التي برزت على نحو واضح وربما غير مسبوق في التاريخ منذ هجمات الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) 2001، ومازالت أصداؤها تتوالى هنا وهناك خاصة بعد الكشف عن مخطط الاعتداء الجويّ الفاشل الذي كان أن يقع في يوم عيد الميلاد، عندما حاول مواطن نيجيري تفجير طائرة فوق مدينة "ديترويت" الأميركية.
وطرحت (إيلاف) في استفتائها الأخير سؤالاً يقول : بعد تزايد حوادث الإرهاب الجوي، فهل مازلت تفضل السفر جوا أو تنصح به، وقد أجابت نسبة الغالبية وقدرها 85.08% باختيار السفر رغم كافة المخاطر الإرهابية المحتملة، بينما بقيت نسبة : 14.92% تنصح بعدم السفر. وفي سياق المتابعات الخبرية ذات الصلة بالأمر فقد تواترت الأنباء عن التعاون الأميركي مع السلطات اليمنية لتعقب مواقع الإرهابيين قبل قصفها، وذلك بعد أن أشيع ان النيجيري فاروق عبد المطلب قد تدرب في معسكر لتنظيم "القاعدة" في الأراضي اليمنية.
ومجدداً ثار الجدل حول مدى جدية إجراءات الأمن في شتى المطارات، وهو ما يكشفه استطلاع للرأي أجراه مركز "راسموسن ريبورتس" الأميركي، الذي أظهر أن غالبية الأميركيين ينتقدون تدابير الأمن بالمطارات عقب حادث طائرة يوم عيد الميلاد، وأظهر المسح أن 46 في المائة من الأميركيين يعتقدون أن الإجراءات الأمنية المتبعة حالياً ليست صارمة بما فيه الكفاية، في حين يعتقد 11 في المائة فقط أنها صارمة للغاية وأن 37 في المائة يعتقدون أن المستوى الراهن لأمن المطارات لا بأس به.
الأمن والإرهاب
أما في تفاصيل أصداء الكشف عن مخطط محاولة تفجير طائرة "ديترويت" الأميركية، فقد اعترف النيجيري عمر فاروق عبد المطلب وهو الذي اتهم بمحاولة نسف الطائرة للمحققين الأميركيين بأن نشطاء إرهابيين من تنظيم "القاعدة في شبه الجزيرة العربية" قاموا بتدريبه وجهزوه بالأسلحة والمتفجرات وأخبروه عن مهمته، وحذر عبد المطلب من أن هناك آخرين مثله قد يشنون هجمات في القريب العاجل.
وبدا لافتاً ما نشرته عدة صحف أميركية من أنباء مفادها أن إدارة سلامة النقل الأميركية خففت إجراءاتها في تأمين عملية الطيران التي فرضت بعد محاولة إرهابية فاشلة يوم عيد الميلاد، وقالت إن إدارة سلامة النقل ستسمح للطيارين الآن بأن يقرروا ما إذا كانوا سيسمحون للركاب بوضع مواد على حجورهم أو الإبقاء عليهم جالسين في أجزاء من الرحلة الجوية.
وفي هذا المضمار يرى خبراء أمنيون مصريون تحدثت معهم (إيلاف) أنه على الرغم من تحسّن مستويات الأنظمة الدفاعية والأمنية لصناعة الطيران خلال الأعوام الأخيرة، غير أنه ليست هناك ـ حتى الآن ـ تقنيات متوافرة على نحو واسع للتحذير من وجود أشخاض يخفون المتفجرات في أجسادهم، وهنا يقول خبراء الأمن إنه من المهم التحقق من كيفية صعود ذلك الرجل بهذه الشحنة للطائرة ومدى معرفة مسئولي إدارة مكافحة الإرهاب به خاصة وأنهم مكلفون بمراقبة الأفراد الذين يحتمل أن يمثلوا خطرا محدقاً، ليس فقط على ركاب تلك الرحلة المنكوبة، لكن ـ وهذا هو الأهم ـ على سمعة عملية النقل والسفر جواً، لما يشيعه ذلك الأمر من مخاوف جدية لدى ملايين البشر في شتى أنحاء من أن يتعرضوا لعمليات إرهابية، وهو ما حسمه استفتاء (إيلاف) الذي انحاز على نحو قاطع لخيار مواجهة.
ووفقاً للخبراء الأمنيين فإن محاولة الهجوم على الطائرة الأميركية تكشف حاجة الطيران المستمرة لليقظة حيال الإرهابيين الذين يحاولون باستمرار التحايل على الأنظمة الدفاعية في تلك الصناعة لإحداث نتائج مدمرة، وإغراء ذلك القطاع كهدف بالنسبة للإرهابيين كبير إلى درجة تحتم على صناعة الأمن التحديث دون توقف للبقاء متقدمة بخطوة، وحتى في ذلك الحين لا يمكن تحقيق الحماية الكاملة للمسافرين جوا بقدر اكبر من تحقيقه في أي وسيلة نقل أخرى.
تبقى أخيراً الإشارة لاعتراف مسؤول أمني عربي ـ طلب عدم الإفصاح عن هويته ـ بأن مساحة اليمن شاسعة للغاية، بينما المعلومات حول تنظيم "القاعدة" مازالت محدودة، وأن العناصر المتعاطفة مع "القاعدة" في حالة تنقل مستمر، لذا تحتاج السلطات لدعم أكبر لقواتها الأمنية في مواجهة هذا التنظيم الأممي الضخم إلى جانب تزويدها بالمعلومات، مؤكداً أن الأزمة الحقيقية تكمن في نقص المعلومات الاستخباراتية حول هذا التنظيم، وحجم مخططاته العابرة للحدود.