أخبار

إنشاء مجلس للأعيان في الكويت يواجهه سجال سياسي محتدم

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

إقترح الكاتب الليبرالي الكويتي سامي النصف مطلع العام الماضي تعديل الدستور وإنشاء مجلس للأعيان، على غرار ما تعتمده دول كثيرة، لينشأ مجلسان في الكويت، إلا أن ردود الفعل تباينت بين مؤيد للفكرة المطروحة وبين رافض لمبدأ المساس بالدستور. ومجدّدًا طرح رئيس تحرير جريدة "السياسة" أحمد الجارالله الفكرة في إفتتاحية جريدته الأحد 26 كانون الأول/ديسمبر، داعيًا إلى إنشاء مجلس للأعيان بغية الحد من التأزيم بين السلطتين، والإفادة من الخبرات والعقول والكفاءات التي لا تستطيع دخول ماراثون إنتخابات مجلس الأمة (النواب).

أشرف السعيد من الكويت: طرحت "إيلاف" فكرة إنشاء مجلس الأعيان للنقاش بين صاحبها الكاتب سامي النصف وبين بعض الناشطين السياسيين وجمعيات المجتمع المدني، متناولة الأسباب الموجبة، والأهداف التي ترمي إليها، والنتائج التي يمكن أن تتمخض عن وجود مثل هذا المجلس المقترح على الساحة السياسية، والتدابير الواجب إتخاذها دستوريًّا لإنشائه، والطريقة التي تمكّن المجلس المقترح من القيام بمهامه ودوره، إضافة إلى عدد من القضايا المرتبطة بالمجلس المقترح.

الكويت ولبنان

بداية، يلقي الكاتب النصف الضوء على فكرته ورؤيته حول إنشاء مجلس للأعيان قائلاً "إن المبدأ هو أننا لا نخشى من طرح أي موضوع للبحث، وما حدث خلال الخمسين عامًا الماضية في الكويت هي حالة ترهيب لا علاقة لها بالديمقراطية، وبالتالي لن يسمح بمناقشة الكثير من المواضيع ومنها مجلس الشورى أو الأعيان. إذ إن أغلبية الدول الديمقراطية، إذا لم تكن كلها، لديها مجلسان والإستثناء الوحيد يبقى في لبنان والكويت، إلا أنه حتى في لبنان بدأوا يطرحون جدّيًا قضية المجلس الآخر، بحيث تلغى الطائفية في مجلس النواب ويبقى نوع من المحاصصة في المجلس الآخر. وبالتالي ليس من المحرمات طرح هذه القضية، خصوصًا في ضوء تجربة مليئة بالهفوات والكبوات مثل التجربة الكويتية التي لا يختلف إثنان على علو الصوت فيها، وكثرة الأزمات، وقلة المنتج، والعرقلة الدائمة لمشاريع التنمية، وإيجاد بدائل للنفط وغيره. هذه حقائق قائمة، وبالتالي عندما يطرح أي شخص قضية المجلسين علينا ألا نكفره وطنيًا ولا دستوريًا".

يؤكد النصف أن الموضوع يحتاج إلى نظرة متوازنة، و"من يطالب بنظام المجلسين يستشهد بما يحدث في الدول الأخرى تفاديًا لمواجهة دائمة بين الحكومة ومجلس يمثل الناس، فتكون المواجهة أو المقابلة ما بين المجلسين، وهنا تأخذ الحدة بمعنى أنه إذا كان هناك تشريع فيرفع من المجلس الأول إلى المجلس الآخر، الذي يكون متحرِّرًا من الضغوط الشعبية ويستطيع أن يناقش المسائل بحيادية كاملة، ثم يعود إلى المجلس الأول ويقول إن هذا التشريع مثلاً قد يتسبب بضرر فادح للميزانية العامة". يضيف الكاتب النصف "في الكويت اليوم خمسون تشريعًا، كلها تستبيح الاموال العامة للدولة من أجل دغدغة مشاعر المواطنين "الناخبين"، ولأن بعض النواب يخشى عدم استمرار مجلس الأمة الحالي لمدة طويلة، فإنه يدغدغ المشاعر تحسبًا لانتخابات جديدة."

يشير النصف الى أن هذا الوضع لا مثيل له في دول العالم الأخرى، إذ أنه في الكويت يُستجوب الوزير الذي يعارض التشريعات المضرة ليتردد أن هذه الحكومة معادية لتطلعات الناس وآمالها، ولو كان هناك مجلس آخر لكان ينظر في هذه التشريعات ويعود إلى المجلس الأول ويقول إن لا أموال كافية لهذه التشريعات، وإنها تخل بمبادئ العدالة عندما تسقط فوائد القروض مثلاً، لأنك أيها المشرع تعطي وتقرض من المال العام لعدد معين من الناس وليس للجميع، حسب النصف. ويعتقد النصف الى أن الدور الذي تتولاه الحكومة يفترض أن يقوم به المجلس الآخر.

يتابع النصف حديثه بالتأكيد على وجود قضية أخرى مهمة، تتمحور بعدم تقليص دور مجلس الأمة، إذ إنّه يعمل ضمن لوائح الدستور المعني بها، "وفي إمكان المجلس الآخر المقترح أن يأخذ من مواد الدستور التي أعطيت للحكومة، فتتنازل عن بعضها للمجلس المقترح ولا تقلص صلاحيات مجلس الأمة". يكمل النصف متسائلاً "إذا كان إنشاء مجلس أعيان أو شورى خطأ، فلماذا عملت به كل الديمقراطيات الأخرى؟ وهل يخفى على أحد أن هناك مجلسي شيوخ ونواب في الولايات المتحدة وفرنسا، ومجلسي عموم ومحافظين في بريطانيا؟ إذ إنه في كل الدول يقوم مجلسان. أما المعارضون لهذه الفكرة هل يعلمون بأصول اللعبة الديمقراطية وما يدور حولها أكثر مما يعرف اليابانيون والكوريون والأميركيون والأوروبيون وغيرهم من دول عربية وإسلامية وأجنبية؟ كل هؤلاء مخطئون وبعضهم لدينا هو من يعرف أصول اللعبة الديمقراطية؟.. هذا كلام لا يقول به عاقل".

وعن رؤية بعض المعارضين للفكرة بأنها قفزة على الديمقراطية وتخط للدستور الكويتي الذي ينصّ على وجود مجلس تشريعي واحد فقط، هو مجلس الأمة، وليس مجلسين تشريعيين، يقول النصف: "الجواب من أوجه عديدة، فالذين يقولون هذا، هم المتجاوزون الأكثر والأكبر على الدستور، لأن الدستور لا يتحدث عن التفريط بثروات البلاد، وانظر إلى هذه الاسماء تجد أن أصحابها يقدمون الإقتراحات التي ستفلس الكويت. والدستور يتكلم عن العدالة والمساواة وهم القافزون الأولون على العدالة والمساواة، لأن معظم ما يطرح يرمي إلى إفادة جزء من الشعب الكويتي، ولا يبغون الفائدة العامة. ومن يقول بهذا الأمر هو من يقفز على المادة 50 من الدستور التي تتناول فصل السلطات. هذا النوع من الناس هو المؤزم والقافز الأول وهو من يتمدد بسلطاته وصلاحياته على المسؤولين ورجال السلطة الأولى، هذا الشخص أو الطرف الذي يتحدّث عن قدسية الدستور هو أول من يقفز عليه ويخرقه".

يشير النصف الى ان الدستور يسمح بالتغيير وآباؤه المؤسسون ذكروا أنه عرضة للتجربة لمدة 5 سنوات ثم يعدل، ولو عملنا بهذه الروح لربما وصلنا بعد 5 سنوات إلى حقيقة أننا بحاجة إلى هذا الأمر بعد 10سنوات أو 20عامًا، أو حتى هذه الأيام يمكن أن نكتشف أننا بحاجة إلى مجلس يعدّل المجلس الآخر في الطرح، ويمنع قضايا الدغدغة. إذا الدستور لم ينص على أنه كتاب منزّل لا يجوز التعديل به أو التغيير فيه، فعلامَ يعترضون؟ وهل أصبحوا ملكيين أكثر من الملك، وأكثر دستورية من رجال الدستور الأوائل الذين وضعوه وقالوا بعد 5سنوات يعدل.

الوطن هو الأصل والبقية تفرعات لخدمته، وإذا كان تعديل الدستور يفيد الوطن ويعزز من عملية الإنماء والتنمية ويوقف ما رآه من ضرب للوحدة الوطنية والسلم الإجتماعي وغيره، فليكن. ولتوضع قضية المجلسين وتناقش وتبحث في إطار مصلحة الكويت لأنها قد توقف الحدة الشديدة ما بين الحكومة والمجلس، وتصبح القضية ما بين مجلس ونظيره، ولربما هذا هو السبب الرئيس الذي إرتأت من خلاله الدول المتقدمة والتي تسبقنا بقرون وليس بعقود، حسب النصف.

.. لا خطوط حمراء

أما في ما يتعلق بملامح هذا المجلس المقترح، وكيفية إختيار أعضاء، هل بالتعيين أم بالإنتخاب أم هناك محاصصة أو كوتات؟ يوضح النصف أنه من المبكر الحديث عن ذلك، "وهذا الأمر ليس بالضرورة ولكنني أحاول إثراء الحوار حوله"، ويؤكد أهمية عدم وضع خطوطًا حمراء وألا تعطى قدسية لغير المقدس، إذ يفترض أن يسد هذا المجلس النقص لدى التخصصات التي من المفروض أن تكون متوفرة في مجلس الأمة، وهو مجلس رقابة وتشريع، "اذ انه هناك إمكانية أن يكون الخمسين عضوًا لا يوجد من بينهم متخصص في الحقوق أو المحاسبة، ولذلك يكون المجلس المقترح ربما يحتاج إلى مثل هذه التخصصات، كذلك هناك البارزون وشديدو الذكاء ومن الممكن أن يستفيد المجلس المقترح بخبراتهم، فضلاً عن أنه يجب أن يدعم قضية المرأة، ففي الإنتخابات الأخيرة إستطاعت 4 نساء الوصول إلى مجلس الأمة".

إلا أن النصف يشير الى عدم وجود ضمانة للديمومة والإستمرار في ذلك، وإذا إتجه المجتمع إلى الأكثر محافظة وأصبحت النساء، اللاتي يمثلن أكثر من نصف المجتمع، غير ممثلات في مجلس الأمة، يستطيع مجلس الأعيان المقترح أن يسد هذه الثغرة ويضم في عضويته النساء، فضلاً عن شرائح أخرى من المجتمع مثل شرائح الإقتصاديين، "وخاصة أننا نتحدث عن تحويل الكويت إلى مركز مالي عالمي"، وشرائح إجتماعية أخرى مثل القبائل الصغيرة والجماعات ذات التوجهات السياسية مثل الليبراليين وغيرها ممّن لها إمتداد بالوطن العربي.

أما بالنسبة إلى صلاحيات مجلس الأعيان المقترح، يقول النصف أنه "سيأخذ صلاحياته من صلاحيات السلطة الأولى، أي الحكومة، في مواد الدستور ولن ينتقص من صلاحيات مجلس الأمة كما وردت في الدستور، إنما مواد الدستور التي تتعلق بالحكومة التي سيتم تفعيلها لخدمة مجلس الأعيان، وبذلك لا يستطيع أحد أن يدعى أن مجلس الأعيان سينال من صلاحيات مجلس الأمة".

وبشأن الخطوات التنفيذية والتدابير الواجب إتخاذها إزاء ظهور وقيام مجلس الأعيان لحيز الوجود يوضح النصف "أولاً يجب إقامة حوار وطني نعرض فيه، لا بالصراخ بل بالكلام الهادئ الرزين العاقل، القضايا السياسية التي تحتاج الى إدخال تعديلات عليها بالكويت، وحتى ما نحتاج إليه من قواعد جديدة في اللعبة السياسية بشكلها الحالي، إذًا الخطوة الأولى هي حوار مفتوح يطرح فيه من يقل ويدعو إلى إنشاء مجلس أعيان ضمن إطار أوسع وهو النظر في الدستور.

بعد ذلك، إذا حدثت موافقة أو قبول، تتم التعديلات عبر موافقة ثلث أعضاء مجلس الأمة، ثم يرفع الأمر، كما ينص الدستور، إلى الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، والدستور يضمن إدخال تعديلات عليه، ويجب أن تتم المناقشة ضمن الأطر الدستورية، وقبل الوصول إلى الحريق الكبير، إذ إننا لا نحتاج إلى أن نصل إلى كارثة حتى بعد ذلك نتراجع ونقر أن هذا النوع من الكلام حقيقي ويستحق النظر فيه".

وشدد النصف على ضرورة ألا تعتبر الشعوب العربية المقبلة حديثًا على الديمقراطية، أو التي في الطريق إليها، أن ما تراه يحدث في الكويت هو ما سيحدث معهم، ذلك لأن التجربة الديمقراطية فيها الكثير من المثالب، "الا انه كان بإمكان الكويت أن تكون القدوة الحسنة والراية التي ترفع لأن لدينا تجربة قديمة، منذ عام 1962 ونحن نمارس الديمقراطية، وكان يفترض أنه منذ نصف قرن اننا نقول للشعوب العربية إنظروا إلى التجربة الكويتية القدوة".

يترك الأمر لرغبة الأمير...

من جانبه، يؤكد ناصر العبدلي، رئيس الجمعية الكويتية لتنمية الديمقراطية، أن "لا مشكلة في تعديل الدستور وإعادة النظر في معظم مواده، إذا رأى الأمير أن البلد في حاجة إلى مجلس تشريعي آخر، وأن يتكون مجلس الأمة من غرفتين. فلا مشكلة في ذلك بل يمكن نقل الصلاحيات التي تتمتع بها الحكومة داخل البرلمان إلى مجلس الأعيان أو مجلس الشورى "الغرفة الجديدة من المجلس"، وهذا أمر معمول به في كل الديمقراطيات في العالم، بمعنى أن يملك المجلس المقترح حق التصويت على مشاريع القوانين وأن يملك حق رد مشاريع القوانين، وأن تمنع الحكومة من التعبير كأعضاء مجلس الأمة، أي أن يكون هناك خمسون نائبًا منتخبًا في مجلس الأمة و16عضوًا معينًا في المجلس الجديد.

كما لا يمنح المجلس الجديد صلاحيات أكبر من التي تتمتع بها الحكومة في الوقت الحالي كأعضاء مجلس الامة، لأن المقصود من هذه الفكرة هو ترشيد العمل البرلماني وليس سلب مجلس النواب صلاحياته، وهو تطوير لعمل الدستور، وأيضًا أحبذ إذا كان هناك تعديل للدستور ينص على الثقة في الحكومة قبل مباشرة عملها عند تشكيلها كأن تحظى الحكومة بأصوات أغلبية النواب حتى تستطيع مباشرة عملها. ونحن في جمعية تنمية الديمقراطية نرى أن الدستور بحاجة إلى إعادة النظر في كل مواده بشرط أن تكون هذه الإعادة بإتجاه تطوير تلك المواد وليس العودة عن المكتسبات الدستورية".

ويضيف العبدلي "أتحدى أن يكون هناك إحتجاج أو معارضة من أي نائب على هذه الفكرة، بشرط أن تقوم الحكومة بوضع هذه التعديلات فى مشروع قانون وإرساله إلى مجلس الأمة حتى تجري دراسته في اللجنة التشريعية البرلمانية، وأيضًا آليات تعديل الدستور معروفة ويمكن أن تلجأ لها الحكومة إذا رغبت في أي تعديلات على الدستور".

وعن الشكل العام لمجلس الأعيان وعدد الأعضاء والصلاحيات يرى العبدلي أن يتكون عدد أعضاء مجلس الأعيان من16 عضوًا فقط، أي ثلث أعضاء مجلس الأمة، وهذا عدد مناسب بحكم أن مجلس الأمة يضم 50 نائبًا فقط. والأمر الآخر هو أنه يحق لمجلس الأعيان التصويت على مشاريع القوانين وهذه الصلاحية ممنوحة للحكومة حاليًا، ثم تنتقل إلى مجلس الأعيان، ثالثًا يستطيع مجلس الأعيان أن يشكل لجانًا متخصصة ويدرس جميع القوانين التي يقرها مجلس النواب، وإذا رأى فيها تجاوزًا على الدستور أو على المال العام أو كانت تكاليفها باهظة، يستطيع أن يردها إلى مجلس النواب وتبقى إجراءات التصويت عليها كما بالدستور الحالي، وصلاحيات التشريع منحت لمجلس الأعيان كما لمجلس النواب حق الرد ومنح لمجلس الأعيان دون مجلس النواب.

إذًا مجلس الأعيان ستكون له صلاحيات توفيقية وتوقيتية، ومن الأفضل أن يكون هذا المجلس منتخبًا، ولكن بدوائر مختلفة فإذا كان هناك 5 دوائر في الوقت الراهن لمجلس النواب الحالي، فالأفضل أن تكون هناك عشر دوائر لمجلس الأعيان، ولكن هناك مخاوف من أن يكون مجلس الأعيان بالتعيين كما هو حاصل في إختيار أعضاء الحكومة، بمعنى إستبعاد الكفاءات وتقريب الولاءات، ونحن نستطيع في قانون مجلس الأعيان الإنتخابي أن نحدد بعض الشروط، مثلاً في أن يحصل كل عضو في مجلس الأعيان على نسبة 10% فقط من عدد أصوات الناخبين في دائرته حتى يستطيع أن يصبح عضوًا في مجلس الأعيان، أو فكرة أخرى وهي أن تنتخب كل دائرة من العشر دوائر ثلاثة أعضاء في مجلس الأعيان، وبالتالي يكون هناك ثلاثون عضوًا ثم يختار سمو الأمير ستة عشر عضوًا فقط منهم، وأعتقد أن تعديل الدستور أصبح إستحقاقًا، ولكن مطلوب من الحكومة أن تكشف عن نواياها وألا تختبئ خلف الكواليس عند طرح مثل هذه الأفكار".

...نحن في مرحلة إحتقان سياسي ووضع غير صحي وهذا طرح تأزيمي

من جهته، يقول ناصر الشليمي، وهو نائب رئيس الجمعية الكويتية لمتابعة وتقييم الأداء البرلماني وعضو تجمع قوى 11/11، أن الدستور لم ينص على أن يكون هناك مجلس إستشاري بل تحدث عن مجلس الدولة وماهيته غير معروفة، "لكن الحكومة دخلت مجلس الامة الذي يضم مجلسين هما مجلس النواب "الأمة" ومجلس الوزراء، وعلى إعتبار أن الحكومة قد دخلت كطرف أصيل من حيث القوانين إذًا، تتم الإستفاضة عن مجلس شورى"، ويتابع الشليمي أن اللجان في مجلس الأمة لها الصلاحية للإستعانة بما لهم من خبرات تراها مناسبة من خارج المجلس للإستفادة من أفكارهم وتجاربهم ويدخلون بالمشورة في صياغة القوانين، مما يجعل فكرة أن يكون هناك مجلس إستشاري، على إعتبار أن الحكومة تدخل في التشريع، على أساس أن الوزراء الـ16هم أعضاء في مجلس الأمة، كما أعطت اللجان البرلمانية إختصاصًا بهذا الجانب بحيث يستعينون بما يرونه مناسبًا".

يشير الشليمي الى انه إذا تطلب الأمر إقامة مجلس أعيان، "فيجب أن يعدل الدستور والنص الدستوري، وهل سيكون مجلسًا منتخبًا أم مجلسًا معينً؟ا وإذا كان معينًا، فلنا تجارب غير ناضجة مثل المجلس الأعلى للتخطيط في الكويت، وهو المنوط بوضع الخطط للدولة في جميع المجالات، لكن للأسف غير مفعّل. وأيضًا هناك المجلس البلدي ويضم من بين أعضائه 6 أعضاء معينين كانوا يملكون الصلاحية، لكن القانون الجديد قلص صلاحيات المجلس البلدي".

يقول الشليمي إنه لا يمكن إطلاق مجلسًا إستشاريًا في الكويت، "خصوصًا أن المعارضين لفكرة مجلس الأعيان يرون أن تجربتنا مع إختيار العناصر في المجلس الأعلى للتخطيط وغيره كانت تجارب غير ناجحة. وإذا حدث تعديل دستوري فكيف ستكون آلية انتخاب مجلس الأعيان؟ وهل سيكون أعضاء المجلسين النواب والأعيان منتخبين؟ يجب أن نذكر هنا إن تجاربنا فى عملية التعيين غير ناجحة. وحتى في تأليف الحكومة تمارس ضغوط سياسية إلى درجة أن جميع حكوماتنا في المرحلة الأخيرة كانت حكومات محاصصة ولم تكن حكومات تكنوقراطـ".

لهذه الأسباب لا يؤيد الشليمي تشكيل مجلس أعيان في الوقت الحالي، ويرى أن الظروف غير مساعدة، "بل أؤيد إنشاء مجلس منعزل عن مجلس الأمة على أن يعتبر إستشاريًّا منتخبًا، وتكون آلية الإنتخاب منبثقة من مؤسسات المجتمع المدني، فتكون إنتخابات مثلاً في جمعية المحامين بين أعضاء مجلس إدارتها، ويختارون عضوًا من بينهم لتمثيل النقابة في مجلس الأعيان، وكذلك الأمر في الجمعيات المهنية الاخرى، وبذلك يكون العمل مؤسساتيًّا".

وبسؤاله عن مدى رضاه عن الأداء البرلماني لمجلس الأمة في الوقت الراهن، قال الشليمي "إن الجمعية أجرت تقييمًا لأداء المجلس وكانت نتيجته أن الأداء دون الطموح ومخيبة للآمال، لكن هذا لا يمنع من أنني متفائل بالأيام القادمة بالرغم من أن المرحلة الماضية شهدت إحتقانًا سياسيًّا وتأزيمًا بين السلطتين، لكن عملية الإحتقان تكاد تزول في المرحلة الحالية من خلال الأغلبية المريحة التي تمثلها الحكومة، والتي تتمثل في نحو 36 نائبًا. والإحتقان السياسي يعني أن الوضع غير صحي، وفي هذا الجو سيعتبر العديد من النواب أن التعديل يشكل نوعًا من التأزيم، ولا أعتقد أن طرح إنشاء مجلس أعيان مناسب حاليًّا، وأؤكد أن نسبة كبيرة من أعضاء مجلس الأمة سيرفضونه".

من ناحيته، يقول أحمد العبيد، وهو رئيس جمعية الدفاع عن المال العام وعضو مجموعة الـ26: "أعتقد أن هذه الفكرة ليست موفقة، وإن المتوافر في إطار دستور 1962 هو كاف وواف، وربما بعض الملاحظات على نواب البرلمان، وليس على البرلمان كمؤسسة تشريعية، تثير مشكلة تتمثل في تحمل الناخبين لقراراتهم وإختياراتهم للنواب. وبالتالي إن من ينتقدون نواب مجلس الأمة ويقولون إنهم لا يحققون مصالح الشعب والوطن وليسوا على قدر من الثقة التي أعطيت لهم، عليهم كناخبين ممارسة دورهم وإختيار الأصلح".

ويختم بأن نظام المجلسين المقترح "لم يرسمه دستور 1962، وهو مرفوض ولا يمكن القبول به لسبب جوهري واحد وهو أن الدستور عقد بين طرفين هما الشعب ونظام الحكم، وبالتالي أي شيء لا يتوافق مع الدستور يعتبر بلا قيمة وغير مقبول، وقد واجهت الحكومة ما سمّي بالتأزيم من خلال الإكتساح، وهناك من يسمي هذه الممارسة نوعًا من التعسف أو التأزيم، لكن مع مواجهة إستجوابات النواب إنتهى هذا الملف. وأتساءل ما هو الضمان لعدم تحول مجلس الأعيان المقترح إلى مجلس ترضيات بحيث يرضي كل الأطراف؟".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
مطلوب فورا
كويتي -

صحيح انه لم يشر الدستور إلا لمجلس الامة كمجلس تشريعي ولكن هذا لا يمنع من وجود مجلس استشاري متخصص (باي اسم كان) يتبع ولي الامر ويكون اعضاءه من ذوي المؤهلات العليا واصحاب الخبرات ويكون دوره بالتحديد مراجعة القوانين الصادرة من مجلس الامة والتوصية بشانهاوذلك قبل توقيع سمو الامير عليها واصدارها كما انه يمكن ان ياخذ دور الحكومة باقتراح بعض القوانين واحالتها لمجلس الوزراء ومن ثم الى مجلس الامة وذلك حسب الاجراءات الدستورية

مطلوب فورا
كويتي -

صحيح انه لم يشر الدستور إلا لمجلس الامة كمجلس تشريعي ولكن هذا لا يمنع من وجود مجلس استشاري متخصص (باي اسم كان) يتبع ولي الامر ويكون اعضاءه من ذوي المؤهلات العليا واصحاب الخبرات ويكون دوره بالتحديد مراجعة القوانين الصادرة من مجلس الامة والتوصية بشانهاوذلك قبل توقيع سمو الامير عليها واصدارها كما انه يمكن ان ياخذ دور الحكومة باقتراح بعض القوانين واحالتها لمجلس الوزراء ومن ثم الى مجلس الامة وذلك حسب الاجراءات الدستورية