دراسة علمية تفكك شفرة تعابير القردة الصوتية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
بعد عشرين عاما من البحث تمكن فريق من العلماء ترجمة صيحات بعض فصائل القردة، حسبما قال الدكتور زوبرهولر، السيكولوجي في جامعة سانت اندروز باسكتلندا ورئيس هذا الفريق العلمي، لمراسل صحيفة "نيويورك تايمز".
هل للقردة لغة سرية لم يتم بعد فكّها؟ وإذا كان هذا هو الحال، فهل سيساعد تحقيق ذلك على فهم الكيفية التي تطورت وفقها لغة الانسان؟
لتحقيق ذلك اتبع العلماء طريقتين، أولها عن طريق تعليم بعض قردة الشمبانزي وفصائل أخرى اللغة البشرية، والطريقة الثانية بالاستماع إليها في البرية.
وفق المقاربة الأولى، استثمر العلماء جهودا هائلة لتعليم بعض قردة الشمبانزي لغة ما، سواء كانت في شكل خطاب أو في شكل إشارات. وتمكن بويس رنسبرغر، مراسل "نيويورك تايمز" الذي يفهم لغة الإشارات، في عام 1974 أن يقوم بأول مقابلة صحافية مع كائن من جنس آخر، حينما أجرى محادثة مع لوسي الشمبانزي، التي تعلمت لغة الإشارات ايضا، ودعته خلال المقابلة للذهاب معها إلى أعلى الشجرة لكنه رفض تلبية الدعوة.
لكن تعليم القردة لغة الانسان لم توصل العلماء إلا نحو طريق مسدود، بدلا من ذلك كان الاستماع إلى القردة في البرية أكثر فائدة، وأعطى نتائج أكثر ثراء. ففي عام 1980 وجد أن قردة من فصيلة "الفرفت" الافريقية تمتلك أصوات تنبيه خاصة حينما تتعرض لأكثر الضواري خطورة. وإذا تم تسجيل هذه النداءات وإعيد تقديمها إليهم، فإن القردة ستجيب بشكل مناسب عليها. فهي تقفز إلى الأجمات حينما تسمع نداء خاصا بظهور حيوان الفهد، ثم تقوم بفحص الأرض في حالة سماعها لنداء الأفعى وترفع رأسها إلى السماء حينما تسمع نداء النسر.
إنه من المغري أن تعتبر نداءات فصيلة "الفرفت" كلمات لـ "فهد" و"أفعى" و"نسر"، لكن ذلك ليس صحيحا على أرض الواقع. فقردة الفرفت غير قادرة على ربط النداءات مع أصوات أخرى سعيا للوصول إلى معان أخرى. فهي لا تقوم بتعديلها لتعني أن الفهد على بعد 10 أو 100 قدم. إذ تبدو نداءات التحذير هي أقرب إلى تلك الصرخات البشرية للإعلان عن حالة ما مثل "آخ" أو "واو" وغيرها، وهي تمثيل صوتي لحالة عقلية داخلية بدلا من ان تكون لنقل معلومات دقيقة.
وإذا كانت القردة تمتلك العديد من الحواس الأساسية للغة حيث أنها تسمع وتؤول الأصوات مثل البشر، مع سيطرة جيدة على نبرات أصواتها، وتقدم جملة من الأصوات المتنوعة مثل البشر لكنها لا تستطيع أن توحدها معا.
وقال السيكولوجي زوبربوهلر من جامعة اسكتلندا، الذي شارك في الدراسة إنه "ليس هناك شيء تتكلم عنه مع شمبانزي لأنه لا يمتلك أي اهتمام للتحدث عنه". من جانب آخر، وفي نقطة ما من تاريخ تطور الانسان، طوّر البشر الرغبة في اشراك أفكارهم مع غيرهم. ولحسن الحظ بالنسبة لهم، فإن كل الأنظمة الأساسية للادراك وإنتاج الأصوات كانت جاهزة ضمن إرث الكائنات الثديية العليا، وكان على الانتقاء الطبيعية أن يجد فقط الطريقة ليربط هذه الأنظمة مع التفكير.
وقال الدكتور مارك هاوسر من جامعة هارفارد، والخبير في تواصل الحيوانات إنه "لسبب ما أصبحت عقولنا متعددة الوظائف، بعكس عقول الحيوانات، وحالما برز ذلك تحقق انفجار واسع".
ففي أدمغة الحيوانات يبدو كأن كل نظام عصبي منغلق على نفسه ولا يستطيع التفاعل مع غيره.، فقردة الشمبانزي "لديها أطنان من الأمور التي تستطيع التحدث عنها لكنها لا تقولها". وأضاف الدكتور هاوسر إن قردة الشمبانزي قادرة على قراءة أهداف غيرها ومساعيها وتضع الكثير من الاستراتيجيات السياسية التي ستكون اللغة مفيدة جدا لها لكن الأنظمة العصبية التي تدير هذه التفاعلات الاجتماعية المعقدة لم ترتبط باللغة.
مع ذلك، وكما قدمت الأدلة التي طرحتها دراسة فريق الدكتور زوبرهولر، فإن هناك الكثير من الأصوات في الغابة التي تنقل معلومات تشبه بشكل ما لغتنا.