أخبار

معتقل غوانتانامو يصدِّر عناصر القاعدة إلى اليمن

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

أيقظت المحاولة الفاشلة لتفجير طائرة ركاب فوق مدينة ديترويت الأميركية في يوم عيد الميلاد، العالم على التهديد الذي يشكله تنظيم "القاعدة في الجزيرة العربية"، بعد أن كان جماعة مغمورة حتى ذلك اليوم. وقال الشاب النيجيري عمر فاروق عبد المطلب، الذي كاد ينجح في قتل زهاء 300 شخص من مسافري الطائرة وافراد طاقمها، ان قادة هذا التنظيم هم الذين دربوه وارسلوه في مهمته.

ولاحظت هيئة الاذاعة البريطانية "بي. بي. سي" ان ما زاد من احراج الرئيس الاميركي باراك اوباما وغضبه على فشل عمل الاستخبارات، الذي كان من الممكن ان يؤدي الى كارثة، هي التقارير التي كشفت ان اثنين من قادة تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية، سعيد الشهري ومحمد العوفي، كانا من نزلاء معتقل عوانتانامو. كما ان العديد من عناصر التنظيم غير القياديين، سجناء سابقون في غوانتانامو.

يأتي ذلك تأكيدًا لمخاوف المنتقدين الذين يعارضون بشدة تعهد اوباما بإغلاق سجن غوانتانامو بحلول نهاية كانون الثاني/يناير. اذ انه اجمالا أُعيد 120 معتقلاً سعوديًا من غونتانامو الى بلدهم، ويتبدى مأزق اوباما، على نحو مثير من التحقيق الذي اجرته الـ"بي. بي. سي"، في مصير 14 معتقلاً نُقلوا جوًّا الى العربية السعودية قبل عامين. وكان هدف السعوديين شمل هؤلاء ببرنامج الارشاد السعودي لاعادة تثقيف المتطرفين وتأهيلهم بغية اندماجهم مجدّدًا بالمجتمع.

شارك في برنامج الارشاد 111 من اصل 120 معتقلاً سعوديًّا أُعيدوا الى بلدهم، فيما عاد التسعة الآخرون الى المملكة قبل اطلاق البرنامج. من جهتها، تؤكد الحكومة السعودية ان نسبة النجاح في اعادة تثقيف المتطرفين تبلغ 90 في المئة، وتقول ان 10 فقط من نزلاء غوانتانامو السابقين هربوا عابرين الحدود الى اليمن. ولكن الـ"بي. بي. سي" تقول ان تحقيقها في مآلي المعتقلين الأربعة عشر الذين أُفرج عنهم في الوجبة رقم 10 يقدم صورة مغايرة. ويقول بيتر تايلور في تقرير الـ"بي بي سي":

"عندما حطت الطائرة السعودية التي نقلتهم في الرياض لم تستقبلهم السلطات استقبال الأبطال بل بوصفهم "ضحايا" غسلت أدمغتهم وضللتهم ايديولوجيا منحرفة، وشارك جميعهم في برنامج الارشاد لكن خمسة منهم هربوا لاحقا الى اليمن. وفي اليمن ساعد اثنان منهم، الشهري والعوفي، في تشكيل تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية ثم شاركوا في بث فيديو الجماعة.

بُث شريط الفيديو في 22 كانون الثاني/يناير 2009، بعد يوم على اعلان اوباما اغلاق معتقل غوانتانامو بحلول 22 كانون الثاني/يناير 2010 وهو موعد سيتم تخطيه.

وحمّل العوفي بشدة في التسجيل على برنامج الارشاد، ربما في مؤشر الى ما يشكله البرنامج من تهديد متزايد لتنظيم القاعدة، وليس من المصادفة ان انتحاريًّا من القاعدة أخفى متفجرات في فتحة شرجه، حاول في تشرين الأول/اكتوبر الماضي اغتيال مؤسس مركز اصلاح المتطرفين الأمير محمد بن نايف، مساعد وزير الداخلية السعودي، نجا الأمير ولكن الانتحاري لم ينجُ. وكان الهجوم مؤشرًا الى الحذاقة التقنية لفرع القاعدة في اليمن، كما انعكست في المتفجرات التي اخفاها عبد المطلب في ملابسه الداخلية يوم عيد الميلاد.

يكمل تحقيق الـ" بي .بي. سي" ان قصة محمد العفوي قصة غريبة، فقد شارك العوفي في برنامج اعادة التأهيل مثله مثل الآخرين في الوجبة رقم 10 لكنه هرب لاحقًا الى اليمن، اذ ظهر في شريط الفيديو الذي بثه تنظيم القاعدة. والمدهش ان العوفي عبر الحدود مجددًا فيما بعد، عائدًا الى العربية السعودية حيث سلم نفسه.

يقول تايلور "لم أفهم قط سبب عودة العوفي، وقال لي مسؤولون سعوديون ان العوفي عاد لأنه تلقى مكالمة هاتفية من زوجته تطلب منه العودة للعناية بها وبالاطفال، وقد اثار التفسير استغرابي مستفهمًا. إذ قيل لي ان ليس من المعروف عن السعوديين ان يستخدوا العائلات طعمًا".

يعيش العوفي الآن حياة مترفة في سجن الرياض ذي الحراسات المشددة، حيث يجري تفريغ كل نتفة معلومات لديه، وهو يتمتع بكل اسباب الراحة التي تتوفر في البيت بشقة حسنة التأثيث، وزيارات منتظمة من افراد العائلة الذي يشعرون بالامتنان والفرج".

ويتابع الصحافي البريطاني، "تمكنتُ من مقابلة العوفي بعد مفاوضات مديدة مع وزارة الداخلية، والمستغرب من جهادي سابق كان ينفث نارًا في شريط الفيديو، انه رقيق لا يظهر عليه ما يوحي بالتهديد، يرتدي ثوبًا ناصع البياض وشماغًا سعوديًّا ابيض مرقطًا بالاحمر. ان قصة العوفي واسباب تغيير نهجه "حسنة الاعداد. قبل 18 شهرًا سجلت وزارة الداخلية السعودية عودة افراد الوجبة 10 من غوانتانامو على شريط فيديو، وكان العوفي من اوائل الذين صعدوا الطائرة، على ما يبين الشريط.

انه كث الشعر ورث الملبس ويبدو متألما نتيجة تعرضه للتعذيب على يد الاميركيين في قاعدة "باغرام" في باكستان قبل ست سنوات، كما قال لي. وزعم العوفي ان المحققين الاميركيينمارسوا عذابًا فظيعًا ويدَّعي انهم أجلسوه على كرسي وفتحوا ثقبًا في المقعد ثم سحبوا الخصية من تحت وراحوا يضربونها بقضيب معدني. "ثم يقومون بربط الذكر ويحملونك على شرب ماء مالح لكي تتبول دون ان تتمكن من التبول الى ان يجعلوك تصرخ".
يقول تيلور انه التقى معتقلين سابقين "يزعمون انهم تعرضوا لصدمات كهربائية في "باغرام" و"قندهار".

"وعندما سألتُ العوفي لماذا لم يُجدِ برنامج الارشاد نفعًا معه، قال لأن ذكريات ما عاناه على يد الاميركيين كانت اقوى بكثير من اي محفزات تصحيحية تلقاها في برنامج الارشاد. وسألته عن مشاركته في شريط الفيديو، وإذ بات الآن في قبضة السعوديين محاطًا بحراس سعوديين ابلغني انه أُكرِه على الظهور، وقال "ان قيادة القاعدة ضغطت علي لكي أظهر، جئتُ فوجدتُ ورقة مصورة على جهاز استنساخ بنص كامل لما ارادوا مني ان اقوله، ابديتُ حتى اختلافي، لكنهم قالوا ان علي ان اقول كل هذه الأشياء لأسباب سياسية".

وحين سألتُ العوفي عن سبب عودته بعد تسجيل الفيديو قال "رأيتُ الحقيقة، رأيتُ ان الطريق كان طريق الضلال عن السنة". وحمد العوفي الله على فتح عينه واتخاذه قرارًا نهائيًا بالعودة الى السعودية، ولكني شخصيًّا أظن ان هناك أكثر من ذلك بكثير"، على ما يقول الصحافي البريطاني تيلور.

"لكن العوفي على قيد الحياة بعكس معتقل آخر من الوجبة 10 هو يوسف الشهري الذي انضم ايضًا الى تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية، ففي تشرين الأول/اكتوبر عبر الحدود من اليمن الى العربية السعودية متنكرًا بارتداء البرقع مع ستة آخرين من اليمن لتنفيذ عملية تفجير. تمكنت قوى الأمن السعودية من اعتراض الخلية وقُتل الشهري ،وآخر من أفراد الخلية بالرصاص في الاشتباك الذي وقع وعُثر على ثلاثة احزمة ناسفة في سيارتهم. وما زال اثنان آخران من العائدين في الوجبة 10 من معتقل غوانتانامو طليقين في اليمن وعلى قائمة المطلوبين للسلطات السعودية، وهما مرتضى علي سعيد مقرم وتركي مشاوي زايد العسيري".

"وماذا عن سعيد الشهري الذي كان على الطائرة نفسها مع العوفي ثم ظهر معه على شريط القاعدة؟ يمثل الشهري الآن أكبر خطر لأنه كما يُعتقد الرجل الثاني نائب زعيم تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية. واعلن في شريط الفيديو ان السجن لم يفعل سوى انه زادهم عزيمة واصرارًا، وما حدث في سماء ديترويت في يوم عيد الميلاد مؤشر الى ذلك"، بحسب الصحافي بيتر تيلور.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف