أخبار

مستشار البشير يوضح المشهد السياسي الحالي في السودان

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

الخرطوم: تسارعت الاحداث على الساحة السياسية السودانية اخيرا اثر اعلان الحركة الشعبية في الجنوب امس اسم مرشحها ياسر سعيد عرمان ليكون منافسا للرئيس المشير عمر حسن البشير في الانتخابات الرئاسية المقبلة فيما رشحت سيلفا كير ليكون رئيسا لحكومة الجنوب.
ويأتي اعلان الحركة ترشيح عرمان بمثابة اتفاق بين حركات المعارضة في الشمال والحركة الشعبية في الجنوب لتشتيت الاصوات عن المرشح الابرز للانتخابات الرئاسية وهو الرئيس البشير.
والمرشح عرمان مسيحي من الشمال ويرأس كتلة الحركة الشعبية في البرلمان السوداني وينتقد بشدة كتلة المؤتمر الوطني في عدم تطبيقها القوانين ضمن اتفاقية السلام الشامل ويعارض قانون الامن القومي بحجة انه لا يتوافق مع الدستور الانتقالي للبلاد الذي اقر عام 2005.


ومعروف ان الوضع في السودان لا يتحمل مزيدا من النزاعات والجراحات وعلى الرغم من تمني الجميع ان يبقى السودان موحدا فان البعض يرى ان هذا الامر بعيد المنال بدعوى "ليجرب الجنوبيون الانفصال عسى ان يكون خيرا لهم ولكنه لن يكون ابدا مثل جنوب البرازيل بل دولتين جارتين يحترم كل منهما الاخر". من جهته اعلن الحزب الحاكم للمؤتمر الوطني السوداني نهج استراتيجية جديدة في الاعوام الست المقبلة في حال فوز الحزب في الانتخابات الرئاسية من خلال اعادة صياغة السياسة السودانية الخارجية مع دول الجوار الافريقي والعربي . وعن الوضع السياسي في السودان قال الدكتور مصطفى عثمان اسماعيل مستشار الرئيس السوداني في لقاء مع وفد جمعية الصحفيين الكويتية ان الوضع السياسي الراهن في السودان يمضي باتجاه الاجابة عن اسئلة محددة كانت مطروحة منذ الاستقلال في عام 1956 أهمها كيف يحكم السودان "هل بواسطة نظام فيدرالي ام نظام رئاسي وكيف تكون العلاقة بين الشمال والجنوب وكيف يمكن توزيع الثروة والسلطة".
وذكر الدكتور اسماعيل ان الفرصة بعد الاستقلال لم تتح للوطنيين الذين صنعوه ان يجيبوا عن هذا السؤال "فدخل السودان مباشرة بعد الاستقلال في مسلسل نزاعات حيث بدأت حرب الجنوب منذئذ واستمرت وظلت دارفور في نزاع مستمر حول الارض وقلة المياه وقلة التنمية فيما ظل الشرق يعاني من كثير من الاوضاع المعيشية الصعبة".
واضاف ان الوطنيين انشغلوا حينها بممارسة السلطة "وظللنا نكتوي بمسلسل حكومة ديمقراطية يعقبها انقلاب عسكري ثم ينتهي الانقلاب بثورة شعبية ثم نعيد الكرة مرة أخرى

وقال الدكتور اسماعيل انه "مرت على البلاد ثلاث حكومات ديمقراطية وثلاثة انقلابات عسكرية وثلاث ثورات شعبية وبالتالي انعدم الاستقرار المنشود للسودان حتى يستطيع انماء ثرواته واحداث استقرار ومعالجة مشكلة الهوية السودانية".
واوضح ان بلاده "فسيفساء متعددة الاعراق والثقافات والديانات والسحنات وكان من المؤمل بعد ان تم الاستقلال ان يكون هناك برنامج لصناعة ما نسميه الهوية السودانية والنسيج السوداني لكن كل هذا لم يحدث لعدم الاستقرار السياسي الذي انعكس ايضا على عدم الاستقرار الاقتصادي وبالتالي استمرت هشاشة التركيبة الاثنية السودانية".


واضاف انه "في الوضع الراهن نستطيع ان نقول اننا وصلنا الى اجابة عن سؤال مهم جدا وهو كيف يحكم السودان بعد ان اصبح هناك قبول للنظام الديمقراطي واتفاق على النظام الفيدرالي باعتبار ان البلد بلد واسع وبالتالي فان النظام الفيدرالي هو اكبر وسيلة لتقليص الظل الاداري".
وذكر انه "اصبح هناك اتفاق على النظام الرئاسي وهناك رؤية بعد التوقيع على اتفاقية السلام في نيفاشا عام 2005 لكيفية توزيع الموارد بين المركز والاقاليم وكيفية توزيع السلطة بين المركز والاقاليم".
واضاف الدكتور اسماعيل انه "بعد هذه الاجابة عن هذا السؤال المهم اصبح المطلوب الاجابة عن سؤال مفاده من الذي يحكم السودان" مبينا ان الحكومة الحالية اتت اثر انقلاب عسكري "وتعتبر الوحيدة التي قبلت طواعية وهي في السلطة ان تعيد الحق مرة اخرى للشعب السوداني وان يجيب عن السؤال الذي مفاده من يحكم السودان عبر صناديق الاقتراع".
واستدرك قائلا "لذلك كانت هذه الانتخابات التي تجري لكي تحدد من يحكم السودان بعد ان اجابت اتفاقية السلام عن السؤال الذي مفاده كيف يحكم السودان".

وقال الدكتور اسماعيل ان السودان يواجه تحديات في الداخل والخارج تتمثل الداخلية منها في اربع قضايا رئيسية اولاها كيف يمكن في هذا الوضع اجراء انتخابات نزيهة وشفافة ومقنعة تشكل نقلة لمزيد من الاستقرار وليس العكس فلا نفرط في السودان مثلما حدث في دول افريقية اخرى".
واوضح ان القضية الثانية هي "كيف يمكن ان نعيد اقليم دارفور للاطار الوطني وان ننهي هذا النزاع التي تم تدويله وتضخيمه وتصعيده من قبل القوى الخارجية" .
واضاف ان القضية الثالثة تتمثل في "كيف يمكن ان تنتهي الفترة الانتقالية العام المقبل وان نحافظ على وحدة السودان لاسيما ان اتفاقية السلام ارادت للسودان ان يبقى في وحدة طوعية وان قرار الوحدة لم يعد قرارا لكل ابناء السودان وانما اصبح قرارا خاصا بابناء جنوب السودان" مبينا ان الاتفاقية " تلزمنا ان نعمل وحتى آخر لحظة بان يكون خيار الجنوبيين المحافظة على الوحدة" .
وقال الدكتور اسماعيل ان التحدي الرابع هو "اعادة صياغة علاقة السودان مع المجتمع الدولي لاسيما ان السودان الان في القائمة التي تضعها الولايات المتحدة ضمن الدول التي ترعي الارهاب" مضيفا " اننا نقول ان هذا زور وبهتان وطغيان ولا توجد اي شواهد تدل على ان السودان يرعى الارهاب بشهادة الاجهزة الامنية الامريكية نفسها".
واستدرك قائلا "لكن في الفترة الماضية شارك في تشويه صورة السودان بعض ابنائه من الذين قادوا المعارضة في الخارج وهؤلاء نجحت القيادة السودانية والحكومة في ان تعيدهم الى حضن الوطن من الجنوب او الشرق او المعارضة الشمالية كلها".
وذكر ان ما تحتاج اليه بلاده بعد الخروج من ازمة دارفور هو اعادة صياغة علاقة السودان الخارجية بحيث تخدم مصلحتها والتنمية فيها وتخدم الاستقرار في وسط اقليمي يعتبر معاديا للسودان خاصة من اسرائيل التي تريد له ان يعيش في ازمات مستمرة فلا يستقر ولا يستطيع ان يشكل عمقا حقيقيا للامن القومي العربي .
وقال ان"هذه هي التحديات الداخلية وهذه هي اجندتنا للاعوام الخمسة المقبلة والتي سيبدأها الرئيس السوداني عمر حسن البشير ابتداء من ابريل المقبل".


واضاف ان مهمة الرئيس البشير ستكون توحيد السودان وحسم موضوع هويته واعتماد برنامج تنموي لاحداث طفرة تنموية تعيد للسودان قوته وانهاء النزاعات الداخلية من خلال قسمة عادلة للثروة والسلطة واتخاذ النظام الديمقراطي وسيلة للتبادل السلمي للسلطة وصياغة برنامج للعلاقات الخارجية يصب في مصلحة السودان والامن والاستقرار والتنمية.
واضاف لنه"وبعد ذلك نكون قد انتقلنا من مسلسل انقلابات وثورات الى مسلسل التداول السلمي للسلطة عبر صناديق الاقتراع ونعتبر ان هذه اسلم وسيلة لاستقرار السودان وتنميته وامنه".

وعن مواقف دول الجوار العربية للسودان تجاه ما يجري في الداخل قال الدكتور اسماعيل "كنا نطمع في دور عربي حقيقي للمحافظة على وحدة السودان والعمل على ان تكون تلك الوحدة جاذبة لاسيما بعد التوقيع على اتفاقية السلام".
واوضح ان ذلك يمكن ان يتم من خلال مشروعات تنموية حقيقية "تربط الشمال والجنوب مثل انشاء طرق برية ونهرية وبنى تحتية وخطوط طيران وتجعل الجنوبيين يشعرون ان مصلحتهم في الشمال وعقدنا لذلك العديد من المؤتمرات ولكن استطيع ان اقول ان الناتج كان متواضعا".
وذكران في الجنوب الآن "ما كنا نتوقعه من تنمية حقيقية لم يحدث وقل ما تجد استثمارا عربيا حقيقيا في المنطقة بل قليل من الدول العربية التي فطنت لاهمية الجنوب وربما كانت الكويت من اوائل هذه الدول ومازالت المشروعات الكويتية موجودة ومنها مستشفى الصباح والقرية الكويتية ومسجد الصباح بجوبا".
واستدرك قائلا "لكن لو ذهبت الان الى الجنوب فلن تجد لدى الجنوبيين ذلك الاحساس بالدور العربي في تنمية منطقتهم على الرغم من انهم اقرب الى العرب ثقافة وجغرافيا بل ترى ان الاقرب للطفل الجنوبي والمرأة والرجل هناك هو الغربي في المجالات الانسانية والتنمية والدين والتعليم".


وعما اذا كانت دول الجوار تعمل لكي يبقى السودان موحدا قال ان "دول الجوار تختلف حول رؤيتها هل يبقى السودان موحدا ام لا فالعربية منها نستطيع ان نقول انها تتمنى ان يصبح السودان موحدا وهناك دول افريقية مجاورة مباشرة وعلى رأسها اثيوبيا مثلا واريتريا هي مع المحافظة على وحدة السودان".
واضاف ان "هنالك شكوكا تدور حول دول الجوار الجنوبي للسودان التي يبدو انها طمعا في الارتباط مع الجنوب للاستفادة من خبرات الجنوب تغذي النعرات الانفصالية في الجنوب".
ورداعلى سؤال عن الاوضاع الامنية في الجنوب واثرها على الاستثمار قال الدكتور اسماعيل ان تلك الاوضاع "توترت في الاونة الاخيرة لكن يمكن الاستثمار على سبيل المثال في مشروعات الربط بين الشمال والجنوب وهي مشروعات لا تحتاج بالضرورة الى الذهاب الى اعماق الجنوب".
واوضح ان من بين تلك المشروعات النقل النهري والسكك الحديدية والطرق البرية "التي في النهاية تجعل للجنوبي يجد ان افضل وسيلة له ان يمر عبر الشمال وليس عبر دول شرق افريقيا".
وقال ان المجتمع في جنوب السودان مجتمع قبلي "ومن أسوأ المجتمعات الافريقية امعانا في القبلية وشهدت المناطق الجنوبية تدهورا في الاوضاع الامنية نتيجة للاشتباكات القبلية التي اشتدت في الفترة الاخيرة".

وعن اعادة صياغة السياسة السودانية في الحقبة المقبلة وما اذا كان السودان اقرب الى معسكر الاعتدال اوضح الدكتور اسماعيل انه "لو نظرنا الان للسودان وامكاناته ومستقبله نجده الاقرب لدول الاعتدال منه الى دول اخرى فهو جار مباشر لمصر وجار للسعودية عبر البحر الاحمر وله ارتباطات وثيقة بدول الخليج التي تعد منظوماتها في اطار دول الاعتدال".
واضاف ان السودان "لا يجد نفسه اصلا في هذا التصنيف بل يجد مصلحته مع هذه الدول التي هي دول الجوار له" مشيرا الى ان بلاده استهدفت منذ التسعينات وكانت هناك حملات قوية ضدها "صنفتها ووضعتها في تصنيف محدد ولم تعد التصنيف مرة اخرى".
واوضح ان السودان بحاجة الى خلق اجواء جديدة "نحاول من خلالها ان يقرأ العالم السودان ويتعرف الى امكاناته الضخمة التي يمكن ان يعالج بها مثلا ازمة الغذاء وامكاناته التي يمكن ان يعالج بها النقص في موضوع المياه".
واشار الى اهمية الوضع الجغرافي للسودان الذي يمكن ان يشكل "بوتقة تربط ما بين افريقيا والعالم العربي اضافة الى الانسان السوداني الذي يمكن ان يسهم في تنمية هذه المنطقة وربطها".
وافاد ان حرب الجنوب والاوضاع في دارفور والعلاقات الخارجية المتوترة "القت بظلالها وكانت حائلا أمام عرض السودان بالصورة التي نريدها".
واعرب عن الاعتقاد ان بامكان بلاده احداث هزة ورسم صورة جديدة يقدمها للعالم يغير بها الصورة المرسومة عنه من خلال "التحول الديمقراطي الذي يتم الان والعودة الى ما يمكن ان نسميه الشرعية الديمقراطية وبايقاف الحرب في الجنوب وبعودة الاوضاع في دارفور لوضعها الطبيعي وفي تطبيع علاقات السودان مع كل دول الجوار الافريقي والعربي والاسلامي".

وعما اذا كان هناك جهد حقيقي اعلامي خارجي للدفع باتجاه الوحدة السودانية وبقاء جنوب السودان ضمن الدولة قال الدكتور اسماعيل " للاسف الشديد هناك عدم ثقة بين الشمال والجنوب تعمق في فترة الحرب وبالتالي فان فترة الـسنوات الست التي وضعت في الاتفاقية لكي تقلص من مساحة عدم الثقة الموجودة لم تكن كافية".
واضاف ان "هناك مجموعات في الجنوب ارتبطت ارتباطا وثيقا بالغرب وانتهجت استراتيجية العمل على انفصال الجنوب ومضت حتى بعد توقيع اتفاقية السلام في تلك الاستراتيجية".
وقال ان "هناك ايضا قلة مؤثرة في الشمال ينظرون الى الجنوب وكأنه عبء على الشمال وبالتالي يرون ضرورة الانفصال وان يجرب الجنوب حظه من ذلك الانفصال بدلا من استمرار الحرب وتعطيل التنمية وتشويه صورة البلد نتيجة للتوتر الحادث بين الجانبين اضافة الى اصوات محدودة لكنها اصوات قيادية ومؤثرة في الحركة الشعبية في الجنوب".
وذكر ان بلاده دعت لعقد مؤتمرات من اجل الدعم منها مؤتمر لدعم العمل الانساني و"حرصنا على ان يكون الدور الانساني هو الاساس لان الانسان الذي يمكن ان نقدم له خدمات في مجال الصحة تصله بسرعة وكذلك في مجال التعليم".
وقال ان ازمات السودان تعددت وكثرت واصبحت هناك ازمة دارفور وازمة الشرق واصبحت الثقة بين الشمال والجنوب وبين الشريكين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية متباعدة وبالتالي لابد من معجزة حتى تغير هذا الواقع الذي يمكن ان يحافظ على وحدة السودان".

وعن مشكلة السودان مع الغرب اوضح الدكتور اسماعيل ان بلاده "كانت تعتقد ان المشكلة بيننا وبينهم كما يدعي الغرب هي مشكلة الديمقراطية لاسيما ان النظام اتى اثر انقلاب عسكري لكن الحقيقة غير ذلك لاسيما ان تاريخ السودان يدحض ذلك ويثبت ان الغرب كان دائما ينظر الى السودان بمنظور مصلحته فيها".
واستذكر كيف تباين الغرب واختلف في تعامله مع الحكومات السودانية المتعددة بغض النظر عن كونها جاءت اثر انقلابات عسكرية أو كانت ديمقراطية "بل حارب عدد من هذه الحكومات الديمقراطية التي ارتبطت بالقضية العربية والقضية الفلسطينية وساعد على احداث انقلابات عسكرية بها واوقف مشاريع التنمية فيها".
وقال ان الغرب كان في احسن حالاته مع حكومة الفريق عبود على سبيل المثال التي جاءت اثر انقلاب عسكري "وجاءت المعونة الامريكية في ذلك الوقت وانشئت مشاريع تنموية" .
واضاف ان الغرب لم يدعم الحكومات الديمقراطية "وبالتالي فان مقولة ان امريكا تدعم الحكومات المنتخبة في السودان مقولة كاذبة والحقيقة انها تدعم مصلحتها وسياستها التي تقوم على مرتكزات ثلاثة اولاها ان تلبي الحكومة السودانية سياسة الولايات المتحدة في المنطقة وثانيا ان تكون ثروات البلاد في يد الشركات الامريكية اما المرتكز الثالث فيتمثل في أن يكون للنظام الحاكم علاقة طبيعية متطورة مع اسرائيل باعتبار ان امريكا تعتبر ان امنها جزء من امن اسرائيل".
واستدرك قائلا ان سياسة الرئيس السوداني البشير "مستقلة عن استراتيجيات امريكا في المنطقة ولديها قرارات مستقلة ومواقف واضحة في كثير من القضايا الموجودة في المنطقة ليس بالضرورة ان تكون معارضة لامريكا ولكنها ليست بالضرورة مطابقة للسياسة الامريكية في المنطقة" .
واضاف ان "الشركات الموجودة في السودان ليست امريكية بل صينية وماليزية وهندية وباكستانية وعربية كما انه ليس لحكومة الرئيس البشير اي علاقة مع اسرائيل لا سرا ولا جهرا وبالتالي فان النقاط الثلاث المطلوب توفرها لكي تكون هناك علاقات طبيعية متطورة مع امريكا غير متوفرة وليس صحيحا ان القضية هي قضية ديمقراطية بل قضية مصالح".

واشاد الدكتور اسماعيل باللغة التي تحدث بها الرئيس الامريكي الحالي باراك اوباما في خطابه الذي وجهه الى العالم اثر توليه الرئاسة وقال ان اوباما رفع شعار التغيير وقرأ خريطة العالم قراءة مختلفة.
واضاف "لا نستطيع ان نقول حتى الان ان اوباما قدم خطوات عملية في هذه الاستراتيجية ولكن على الاقل فان اللغة التي يتحدث بها ليست اللغة التي يتحدث بها الرئيس الامريكي السابق جورج بوش والمحافظون الجدد".
وذكران العناصر الامريكية التابعة للرئيس اوباما التي تتعامل مع السودان ليست هي العناصر المعادية التي كانت تتعامل مع السودان سابقا "ولكن هل سينجح بهذه الاستراتيجية ويحولها الى برنامج عملي يعيد الثقة بين شعوب المنطقة والادارة الامريكية ام لا هذا سؤال لا استطيع ان اجيب عنه لان الزمن كفيل بذلك".
وعما اذا كانت موافقة السوداني ل15 منظمة اغاثية على العودة للعمل في دارفور اشارة معينة في شأن التعامل مع المجتمع الدولي قال ان "هذه المعالجة جاءت في اطار اللغة الجديدة للرئيس اوباما تجاه قضية السودان حيث جاء برسالة مفادها انه لا يتدخل بالشؤون الداخلية للدول وانه مع الحكومات التي تخدم شعوبها وانه ليست لديه وصفة معينة للديمقراطية كالتي كانت للرئيس بوش مثلا ويريد حوارا لمعالجة المشكلات".
واضاف ان بلاده "وجدت خلال تحاورها مع المعاونين الذين عينهم اوباما لغة تختلف عن سابقيهم وتوصلنا معهم الى ان لا مجال لعودة المنظمات التي تم طردها لكن هذا الطرد لا يعني منع منظمات اخرى من القدوم لتقديم مساعدات انسانية اذا ما التزمت باللوائح والقوانين".
واوضح ان المنظمات التي طردت كانت "مشبوهة ومرتبطة بمحكمة الجنايات الدولية وتعد معلومات كاذبة وتقدمها اليها " مضيفا ان بلاده "لم تطرد كل المنظمات بل 16 منظمة من 86 منظمة اجنبية تعمل في دارفور والمنظمات التي أتت كانت في اطار اتفاق جرى بيننا وبين مبعوث الرئيس اوباما".

وعن الضمانات لقبول نتائج الاستفتاء قال الدكتور اسماعيل ان الحركة الشعبية في الجنوب "تسعى استراتيجيا لاضعاف الشمال بكل ما تستطيع وهي تريد ان تضعف الاجهزة الامنية من خلال اضعاف قانون الامن حتى تستطيع ان تقود المظاهرات وتحدث فوضى في الشمال".
واضاف مخاطبا وفد جمعية الصحفيين الكويتية "لو نظرتم الى الحريات المتاحة الان في الجنوب فلن تجدوها حتى احزاب الجنوب الثمانية موجودة في الشمال وتعمل هناك لانه ممنوع عليها ان تعمل في الجنوب".
ومضى يقول انه "لا يمكن للحركة الشعبية ان تتحدث عن ديمقراطية في الشمال وهي لا تنتهج الديمقراطية في الجنوب بل هي حكم عسكري بواسطة جيش الحركة" .
وذكر ان السودان يضم اكثر من 70 حزبا سياسيا وأكثر من 30 جريدة سياسية غير الصحف الاخرى "وكثير من الصحف تنشر مقالات تهاجم بها الرئيس البشير والحكومة والانتخابات السودانية تجرى تحت اشراف مفوضية للانتخابات شكلت اخيرا وليس تحت اشراف وزارة الداخلية كما في بعض الدول الاخرى".
وقال ان الحكومة ناقشت مع المعارضة قانون الانتخابات "وشكلنا مفوضية الانتخابات بالاتفاق معهم والانتخابات مراقبة من قبل مراكز دولية مثل مركز كارتر والاتحاد الاوروبي والاتحاد الافريقي وهي التي ستقرر ان كانت الانتخابات زورت وما اذا كانت صحيحة ام لا وعندما تعلن ذلك هناك المفوضية والمحكمة العليا التي تم تشكيلها وفق اتفاقية السلام".
واستدرك قائلا "وبالتالي فان ضمانات ان تكون هذه الانتخابات حرة ونزيهة متوفرة لاسيما ان الانتخابات مراقبة وتجريها جهة محايدة ومعظم اموال الانتخابات تدفعها الامم المتحدة والدول الغربية ".
واضاف ان "على من يدخل الانتخابات ويخسرها تقبل الخسارة لان القرار هنا هو قرار الشعب السوداني ومن يقاطعون الانتخابات هم من يشعرون انهم غير قادرين على الانتصار" متسائلا "هل هناك خطوة او فعل لضمان ان تكون الانتخابات حرة ونزيهة يجب ان تفعله الحكومة ولم تفعله".

وعن مخاطر الانفصال في حال تم ذلك وعما اذا كانت دارفور المحطة التالية في سلسلة الانفصالات قال الدكتور اسماعيل ان "قضية دارفور تختلف عن قضية الجنوب فمشكلة دارفور ترتبط بالبيئة وبدأت منذ الاستعمار البريطاني لكنها تعمقت في سنة 1988 نتيجة للجفاف والتصحر الذي ضرب المنطقة كلها بما فيها دارفور".
واضاف ان مشكلة دارفور هي ايضا قبلية في كون المجتمع الدارفوري ينقسم الى قسمين مجتمع زراعي ومجتمع رعوي و"عندما حدث الجفاف والتصحر بدأ المجتمع الرعوي بالتحرك نحو المجتمع الزراعي وحصل نتيجة لذلك احتكاكات وهذا ما خلق المشكلة".
واوضح ان دارفور ترتبط بأجزاء السودان المختلفة "ومواطنيها لا يوجدون في دارفور وحدها بل في الشرق والشمال والوسط ومرتبطين ارتباطا وثيقا" مضيفا ان أهل دارفور مسلمين بنسبة مئة بالمئة وثقافتهم اسلامية واكثر حفظة القرآن من السودان هم من أهل دارفور واللغة العربية هي اللغة الام.
وذكر ان الحركات في دارفور لم تطالب بحق تقرير المصير مثل ما طالبت بها الحركات بالجنوب منذ استقلال البلاد في عام 1956 وكانت نتيجة استراتيجية من استراتيجيات البريطانيين التي كانت باتجاه فصل الجنوب والدفع لربطه بمنطقة شرق افريقيا.
واوضح الدكتور اسماعيل ان "للجنوب خصوصية اثنية وعرقية وثقافية لذلك فان قضيته تختلف تماما عن قضية دارفور".
وعما اذا كان انسحاب قبيلة المسيرية من البرلمان اثر اجازته قانون ابياي اخيرا دون موافقة القبيلة التي تعد طرفا في القضية يشكل ازمة جديدة في السودان قال ان التحدي في معالجة الخلاف بين المسيرية والحكومة لا يتعدى كونه خلافا في الفهم .
واوضح ان الحكومة ترى ان المسيرية جزء اساسي من عملية الاستفتاء "وان لم ينص على ذلك بالاسم والحركة الشعبية في الجنوب تقول انه ليس بالضرورة لانه مكتوب ان الذين يستفتون هم الموجودون بصفة دائمة بالمنطقة" .
واشار الى ان البرلمان اجاز القانون "وتركنا تفسيره للمفوضية القادمة بما يعني ترحيلا للمشكلة لكن على الاقل حاصرناها في بند واحد هو تفسير ما هو منصوص عليه في بروتوكول أبياي".

وعما اذا كان اسقاط العقوبات الاقتصادية عن السودان خطوة اولى نحو تحقيق الاستقرار فيه قال الدكتور اسماعيل ان هذه واحدة من الامور التي تمت مناقشتها عند الحديث عن اعادة صياغة علاقة السودان مع المجتمع الدولي "فلا حرب الان في الجنوب والمشكلات في دارفور عالجناها فما معنى العقوبات الاقتصادية وما السبب لها".
واعرب عن الامل في ان تقتنع الجهات "التي تعتقد انها من الممكن ان تغير النظام اما عبر ضربات عسكرية او عبر مشكلة دارفور او عبر محكمة الجنايات الدولية في ان تغيير النظام من غير الالية الديمقراطية التي ارتضينا بها اصبح امرا غير وارد".
واضاف انه اذا اقتنعت هذه الجهات "فعليها عندئذ ان تتعاون مع هذا الوضع الديمقراطي وأن تقرأ السودان قراءة جلية من خلال نتائج العملية الانتخابية التي تراقبها".
من جهة اخرى أشاد مستشار الرئيس السوداني بالدعم الكويتي المستمر لبلاده مشيرا الى رسالة تضمنها البيان الختامي للقمة الخليجية التي عقدت اخيرا في الكويت مفادها ان السودان مدعوم وليس وحيدا او معزولا.
واوضح الدكتور اسماعيل ان الفقرة التي تناولها البيان الختامي لمؤتمر القمة الخليجي الاخير الذي عقد في الكويت في ديسمبر الماضي في شأن السودان "استقبلها الشعب السوداني بارتياح شديد فيما استقبلتها القيادة السودانية بترحاب".
وقال انه "لاول مرة يدرس مجلس التعاون الخليجي الشأن السوداني ويبحث فيه ويتخذ قرارا واضحا بشأنه " مبينا ان بلاده مستهدفة من قبل منظمات صهيونية تتخفى تحت ستار انقاذ اقليم دارفور وان اسرائيل لا تنكر وقوفها وراء هذه المنظمات .
واستدرك قائلا "ان قرارا قويا بهذه الصورة يخرج من اجتماع قادة مجلس التعاون يكون رسالة بأن السودان ليس وحيدا او معزولا وانما القوى الاقليمية والمحيط الاقليمي له تقف معه وتدعمه".

واستعرض الدكتور اسماعيل ما قامت به دولة الكويت في السودان مبينا ان الكويت كانت"اولى الدول العربية التي دعمت مشاريع التنمية في السودان واكبر المستثمرين في عدد منها مثل مشروع مصنع سكر كنانة وهو الاكبر في افريقيا ومن انجح المشروعات العربية".
واضاف ان الكويت ممثلة في الصندوق الكويتي للتنمية شريك اساسي في المشاريع التنموية الاخرى وعلى رأسها مشروع سد مروي الذي يعد اكبر مشروع في شمال السودان .
واوضح ان الكويت "حكومة ومنظمات غير حكومية" كانت ولا تزال موجودة ضمن المنظمات التي تعمل على معالجة الاوضاع الانسانية في اقليم دارفور .
واشار الى الدور الكبير الذي أدته الكويت في منطقة جوبا جنوبي السودان منذ توقيع اتفاقية السلام (1973) وحتى الآن مستذكرا في هذا الصدد ما قام به السفير الكويتي هناك المرحوم عبدالله السريع الذي يسميه اهل الجنوب عبدالله جوبا ويستذكره اهل الجنوب كما يستذكرون الكويت واهلها.
وذكر انه "ابان الغزو الصدامي لدولة الكويت كان الجنوبيون يأتون للسفارة الكويتية بالآلاف ليعلنوا دعمهم للكويت ووقوفهم معها لاسيما ان الكويت هي التي دعمتهم دائما ووقفت معهم واستثمرت في الجنوب".


واوضح ان ما يريده السودان هو الاستثمار في المشاريع الاستراتيجية مثل المشروعات الزراعية المشتركة التي يمكن أن تلبي حاجة الدول العربية وتوفر الامن الغذائي لها لاسيما ان لدى السودان امكانات للانتاج والتصدير.
واكد الدكتور اسماعيل ان الاستثمارات في السودان "استثمارات مؤمنة ولا توجد اي مشكلة امنية تواجهها" مدللا على ذلك بوجود استثمارات صينية وماليزية وهندية وغيرها "ولم نسمع في اي يوم من الايام ان الاستثمار او المستثمر تم تهديده او واجه مشكلة امنية".
واعرب عن الامل في ان يتم التوسع في نوعية الاستثمارات في بلادها باعتبار ان الاستثمار يسهم في تعزيز قدراتها ومواردها .
وقال ان بلاده تريد ان تترجم ما صدر عن القمة الخليجية الى برامج عملية "ودعونا لذلك السفراء الخليجيين وعرضنا عليهم منتدى الشراكة بين الخليج والسودان ليكون مظلة تركز فقط على التعاون الاقتصادي والثقافي والاجتماعي وجذب رؤوس الاموال الخليجية للاستثمار في المشروعات الخاصة بها بعيدا عن السياسة".
واشار الى ما قامت به الجهات السودانية المختصة بعد ذلك للالتقاء بالامين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد الرحمن العطية الذي"ننتظر زيارته للتوقيع على اتقاقية بهذا الشأن ومن ثم تحويل هذه الشراكة الى خطط وبرامج عملية".

واستعرض الدكتور اسماعيل ما تتمتع به بلاده من مميزات تساعده على تغطية حاجة الاسواق العربية من المواد الغذائية مثل اللحوم مضيفا ان بلاده"تملك اكثر من 130 مليون رأس من الماعز والابقار والجمال وتحتاج الى شركة قابضة تعمل على تصدير تلك اللحوم الى دول المجلس وتستورد منها منتجاتها من السماد العضوي والمنتجات البتروكيماوية".
واضاف ان بامكان السودان توفير الخضراوات والفواكه والزهور لاسواق الخليج "من خلال شراكة واراض تتم زراعتها ويمكن لهذه الشركة ان تصدر بعد ذلك الى اوروبا" .
وقال ان بلاده تضم 200 مليون فدان من الاراضي الخصبة وما يتم استغلاله حاليا لا يتجاوز 40 بالمئة منها وكذلك مصادر متعددة للمياه مثل نهر النيل والامطار والآبار الجوفية اضافة الى المناخ السودان الذي يساعد على زراعة محاصيل متعددة.
واضاف ان لدى بلاده اجود انواع الاسمنت وبكميات ضخمة جدا "فهناك جبال منها يمكن ان يعمل عليها مصانع يتم تصدير ناتجها الى الاسواق المختلفة" مبينا ان تلك المشاريع تلبي حاجة الطرفين اضافة الى حاجة الاسواق السودانية .
وقال "نحن في حاجة الى علاقة شراكة وتكامل نزودكم من خلالها بما تحتاجون اليه من منتجاتنا وانتم تصدرون الينا منتجاتكم من البتروكيماويات".
من جانبه اشاد رئيس الوفد الصحفي الكويتي عدنان الراشد بالجهود التي بذلها سفير دولة الكويت لدى السودان الدكتور سليمان الحربي ورئيس جمعية الصحفيين الكويتية احمد يوسف بهبهاني ورئيس مجلس الادارة المدير العام لوكالة الانباء الكويتية (كونا) الشيخ مبارك الدعيج الصباح والسفارة السودانية لدى الكويت في سبيل انجاح مهمة الوفد .
وضم الوفد الكويتي الكتاب سامي النصف والدكتورة هيلة المكيمي ومدير تحرير بوكالة الانباء الكويتية منى ششتر وخالد معرفي ودينا الطراح

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف