روس يحتفلون بالغطاس على ضفاف نهر الاردن
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
قضى المسيحي أندريه بوريسوفيتش دهرا قبل أن يتمكن من السير على خطى اسلافه في رحلتهم من روسيا الى الاراضي المقدسة.
قصر اليهود: وصل بوريسوفيتش الروسي المتقاعد وهو من مدينة سان بطرسبرج يوم الاثنين الى هدفه وانضم الى حشود المسيحيين الارثوذكس على ضفتي نهر الاردن للاحتفال بعيد الغطاس الذي يحيي فيه المسيحيون الشرقيون ذكرى تعميد المسيح والذي يمثل المناسبة الاهم للزوار القادمين من روسيا بعدما زادت أعدادهم في فترة ما بعد الشيوعية.
وقال بوريسوفيتش البالغ من العمر 73 عاما مبتسما رغم السماء الملبدة بالغيوم على غير العادة فوق الكثبان الصحراوية "لطالما أردت المجيء." وحكى بوريسوفيتش قصة جد بعيد له قطع الرحلة التي كانت تستغرق سبعة أشهر من روسيا الى نهر الاردن في القرن التاسع عشر.
وأضاف بفخر "كان يعمل بالصناعة في مدينة بيرم بجبال الاورال. غيرت الرحلة الى الاراضي المقدسة حياته. وعندما عاد الى الوطن أسس مدارس ودارا للايتام."
وأضاف "بالطبع فقد كل هذا قيمته مع الثورة."
وعلى النقيض من أسلافه الذين واجهوا الموت والمرض وقطعوا البحر والبر وصولا الى القدس مع تداعي الاغلاق الذي كانت تفرضه الامبراطورية العثمانية على منطقة الشرق الاوسط لم يتطلب الامر من بوريسوفيتش ورفاقه في الرحلة تضحيات كثيرة حيث انتقلوا جوا الى هناك في اطار رحلة تستمر أسبوعا.
وزيارة نهر الاردن عشية عيد الغطاس في السادس من يناير كانون الثاني وفقا للتقويم الكنسي القديم كافية للتأكد من انتهاء جمود الحياة الروحية للروس والذي استمر فترة طويلة منذ انتصار الثورة البلشفية عام 1917.
قالت أبيس نيكوديما وهي رئيسة دير في ميناء أوديسا الاوكراني المطل على البحر الاسود وتتولى نقل جماعات من الزوار المسيحيين سنويا للمشاركة في طقوس عيد الغطاس على ضفاف نهر الاردن منذ عام 1994 " المجيء الى هنا مهم بالنسبة لكل مسيحي."
وتشجع اسرائيل التي يسيطر جيشها بشكل واضح على الضفة الغربية لنهر الاردن هذا الاتجاه سعيا لتحقيق مكاسب وزيادة عوائدها من السياحة.
واحتشدت مجموعة نيكوديما المكونة من 30 روسيا وأوكرانيا مع يونانيين ورومانيين بالاضافة الى مسيحيين فلسطينيين ليروا بشكل أفضل البركة التي يعتقدون أن يوحنا المعمدان غمر فيها المسيح لتعميده.
وقالت نيكوديما "عددنا أقل هذا العام بسبب الركود... لكن تبقى هذه الزيارة مهمة للغاية بالنسبة لنا. فهنا نرى سر التوبة."
وتشير حكايات تعود لعهد القيصر في روسيا الى فلاحين متحمسين ونبلاء روس متدينين كانوا يتوافدون على القدس خاصة بين عيدي الميلاد والقيامة. وترك النبلاء الروس بصماتهم في القدس ويظهر هذا جليا في القباب الروسية ذات الشكل المميز والايقونات التي تم صقلها عندما أعاد الكرملين اكتشاف الكنيسة الارثوذكسية.
وفي عيد الغطاس كان فلاحون مسنون -أصيب بعضهم بالاعياء الشديد نتيجة لقسوة الرحلة التي تمتد شهورا- يلفون أجسادهم بأكفان تمنوا أن يدفنوا بها وذلك قبل أن يخوضوا نهر الاردن سعيا للاطمئنان على مصيرهم في الحياة الاخرة.
ووصل العشرات الى النهر يوم الاثنين قادمين من ناحية الاردن. وحرصت الشرطة الاسرائيلية على اراحة للوافدين من خلال توفير أحواض يغمرون فيها أكفانهم. ورفعت عند الاحواض لافتات كتب عليها "مياه نهر الاردن.. ليست للشرب."
والى جانب ترجمة لافتات "خطر .. ألغام" الى الروسية على طول خط الاسلاك الشائكة عبر الكثبان الرملية وصولا الى النهر الذي يصل عرضه الى خمسة أمتار ويقع على الحدود مع الاردن هناك مؤشرات أخرى على الترحيب الذي يلقاه المسيحيون الروس في اسرائيل التي توجد بها أقلية تقدر بنحو 15 في المئة من السكان تتحدث الروسية وغالبيتهم من اليهود.
ويستهدف وزير السياحة الاسرائيلي المولود في موسكو زيادة أعداد السائحين من دول الاتحاد السوفيتي السابق والذين ساهموا في انتعاشة في السنوات القليلة الماضية جعلت روسيا تحتل المركز الثاني بعد الولايات المتحدة في قائمة مصادر السياحة في اسرائيل. وتساهم السياحة في اسرائيل بنسبة ستة في المئة من الدخل القومي.
ويطور الاردن أيضا السياحة الدينية المسيحية عند نهر الاردن من جهته حيث تنتشر مواقع البناء والروافع في الصحراء شمالي البحر الميت.
وساهم تيسير قواعد حصول الروس على تأشيرات سفر لاسرائيل في زيادة أعداد الزوار القادمين الى المنطقة من ناحية اسرائيل الى ثلاثة أمثالها خلال السنوات الثلاث الماضية. وتهدف الحكومة الاسرائيلية الى تيسير القواعد أيضا بالنسبة للاوكرانيين رغم اعتراض البعض ممن يرون أنها ستساعد بذلك العصابات الاجرامية التي زاد نشاطها بين المهاجرين من جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق.
وبالنسبة للزوار المسيحيين فان مجرد وجودهم عند ضفاف نهر الاردن هو الشيء المهم. ولم يتمكن كثيرون حتى من رؤية بطريريك الكنيسة الارثوذكسية اليونانية في القدس وهو يطلق حمامة السلام في الهواء أو يغمر صليبا في المياه المقدسة بمناسبة عيد الغطاس.
وقالت روسية متقاعدة لم تذكر اسمها "المهم هو الوجود في الاراضي المقدسة... الان لا يمنعنا أحد من الصلاة" وحركت يديها باشارة توحي باطلاق نيران البنادق على المسيحيين أيام الشيوعية.
وأضافت "الطريق الى الاراضي المقدسة أصبح مفتوحا من جديد."