أخبار

صحيفة سورية تنشر إعلاناً لوفاة مكتبة

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

دمشق: في سابقة قل مثيلها، نشرت صحيفة سورية نعوة وفاة مؤطرة بالأسود، نعت فيها مكتبة ميسلون السورية، التي تعتبر معلماً من معالم دمشق خلال العقود الأخيرة من القرن الماضي، معربة عن أسفها أن تستمر دمشق العجوز بفقد معالمها الثقافية البارزة.

وتحت عنوان (نعوة فاضلة) نعت صحيفة (قاسيون) الأسبوعية بمزيد من الأسى واللوعة مكتبة (ميسلون) التي "تغمدها الله بواسع رحمته، وانتقلت إلى صحراء النشابية" وهي المنطقة التي تضم مستودعات المكتبة بعيداً في ريف دمشق.

وقالت "إن المكتبة التي كانت فيما مضى منهلاً للكثير من المثقفين التنويريين، أخذت تضمحل تدريجياً، حتى بات موتها أمراً متوقعاً ومنتظراً، والمثير للدهشة حقاً أنها صمدت حتى يومنا هذا" وفقاً للصحيفة.

وأشارت إلى أن كتب ميسلون لم يعد لها مكان سوى مستودعات النشابية البعيدة، تواجه المصير نفسه الذي واجهه الأرشيف الموسيقي لمحل (شام دان) (أكبر أرشيف موسيقي في سورية سابقاً)، ومصير لوحات الفنانين التشكيليين الذين كانوا ينصبون أكشاكهم وفنونهم في سوق الصالحية (قبل أن يطردهم التجار وبلديتهم شر طردة)... ودمشق العجوز لا تزال تفقد معالمها الثقافية التي زينت صدرها في يوم من الأيام، فلم يبق لها سوى العشوائيات، والحفر التي تملأ الدروب... والأحذية مدببة الأطراف.

وكانت مكتبة (ميسلون) الدمشقية العريقة أغلقت أبوابها مطلع العام الجاري، قبل نحو أسبوعين، بعد أكثر من أربعين عاماً في خدمة محبي القراءة والمثقفين، وأعلنت عن نيتها بيع محتويات مستودعاتها من الكتب.

والمكتبة كانت منذ ستينات القرن الماضي معرضاً دائماً للكتب الروسية، وضمت رفوفها معظم كتب دور النشر العربية التقدمية والعلمانية، وكانت مقصداً مهماً للشباب الثوري والطلاب، ومنذ بداية القرن الحالي بدأت تفقد بريقها وألقها، بالتزامن مع بدء أزمة القراءة ومنافسة وسائل الإعلام المرئية والفضائيات والإنترنيت، وانتشار ثقافة الاستهلاك، وقلة عدد الطلاب المهتمين بالقراءة والمطالعة، وارتفاع مستوى المعيشة الذي نقل الكتاب بسلم أولويات المواطنين من الدرجات الأولى إلى درجات متأخرة جداً.

ومنذ بداية عام ألفين باتت معظم دور النشر السورية تطبع من الكتاب في طبعته الأولى كحد أقصى ألف نسخة بعدما كانت تطبع نحو ثلاثة آلاف نسخة من كل كتاب، ثم تحولت إلى طباعة خمسمائة نسخة فقط من الكتاب، لا تباع خلال السنوات الخمس التالية للنشر، كما أن الكتب التي يعاد طبعها نادرة جداً، عدا تلك التي لها علاقة بالدين، أو المترجمة عن لغات أخرى ولكتّاب مشهورين، أو الكتب الخفيفة ككتب الطبخ والأبراج.

يشار إلى أن قطاع النشر والمكتبات في سورية يعاني من صعوبات عديدة على رأسها سلطة الرقابة، وعدم جدية الكتّاب والمبدعين، وتراجع اقتناء الكتاب وتداوله، وتعثّر التوزيع، وارتفاع أجور النقل والرسوم الجمركية والمالية، ونسبة الأمية العالية، والوضع الاقتصادي المتردي للناس، وعزوف المستثمرين عن الاستثمار في مجال النشر والثقافة عامة.

وتعتبر نسبة العناوين المنشورة في سورية إلى عدد السكان هي أقل من المتوسط العالمي بكثير، والأمر نفسه بالنسبة لعدد النسخ واستهلاك الورق ومدة القراءة للشخص الواحد، فضلاً عن أن الكتب الأكثر تداولاً وقراءة ليست هي الكتب الأفضل.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف