فايروس "ستاكسنت" يشكل النواة الأولى للحرب العالميّة الثالثة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
ملف خاص: الحرب العالميّة الثالثة... إلكترونيّة؟
أكد خبراء مصريّون إقبال العالم على حرب تكنولوجية موجهة، لا تقل خطورة عن الحروب التقليدية، وباتت الجبهات العربية والعالمية على قناعة بضرورة تفعيل آليات أكثر دقة للتعاطي مع تلك التهديدات، ولعل ما فتح الباب أمام هذه التحسبات، تعرُض إيران لهجوم إلكتروني بالفايروس المعروف بـ "ستاكسنت".
وفقا للمعطيات المتواترة، يرى خبراء تقنيون أن فقهاء المعارك غير التقليدية، أصبحوا أكثر حرصاً من ذي قبل على تفعيل المنظومات الإلكترونية، والهجوم من خلالها على جبهات معادية، مما يعطي انطباعاً بأن الحروب المقبلة ستكون محوسبة، وسيحتل السلاح التقليدي فيها دوراً ثانوياً، غير أن هناك فارقا بين سلاح محوسب وآخر.
وتشير المهندس غادة خليفة مسؤول شركة مايكروسوفت في منطقة الشرق الأوسط، الى ان الهجمات المحوسبة، أو بالأحرى حرب الفايروسات الإليكترونية، تختلف في مدى خطورتها على الضحية وفقاً لنوع الفايروس، فهناك عدد هائل من الفايروسات التي ابتكرها مستخدمو الانترنت، إلا أن هذه الأنواع لا تتجاوز خطورتها تدمير موقع إليكتروني، أو سرقة معلومات وأموال، أو حتى تدمير أجهزة إليكترونية، وتبتكر شركات الحماية وتأمين المعلومات الفينة تلو الأخرى مضادات ANTI VIRUS متطورة، يمكن من خلالها الحيلولة دون تمكن الفايروس من الهدف.
دول ومؤسسات عملاقة
أما فيما يتعلق بالنوع الآخر من الفايروسات، فتقف ورائه دول أو مؤسسات إليكترونية عملاقة، خاصة انه يفتقر عند خلقه الى تمويل ضخم، ويمكن وصف هذا النوع من الفايروسات بسلاح الحرب الإلكترونية الموجهة من دولة الى أخرى، وربما يزيد من خطورة هذه الحرب عدم تمكن الجهة التي يتم الاعتداء عليها من رصد او تحديد الجهة المعتدية، كما بات عليه الحال في ايران، فالتقنيات الفايروسية من هذا النوع تتمتع بقدرة هائلة على اخفاء الجهة التي ارسلتها، وربما لهذا السبب ما زالت غيران تحاول الوصول الى الجهة التي ضربت منظومة تشغيل أحد مفاعلاتها النووية بفايروس "ستاكسنت"، وأغلب الظن هو أن التصريحات الإيرانية في هذا الصدد، التي توجه إصبع الاتهام الى الولايات المتحدة أو إلى اسرائيل، لا تعدو كونها مجرد توقعات أو إرهاصات على خلفية العلاقات السياسية المتردية بين الدولة الفارسية وواشنطن وتل أبيب.
على صعيد ذي صلة يرى اللواء المتقاعد محمد قدري سعيد، مستشار الشؤون العسكرية والتكنولوجية في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية بالقاهرة، إن جميع المعامل التكنولوجية في مختلف دول العالم، لم تتمكن حتى الآن من رصد الجهة التي تعتدي بفايروس قاتل مثل "ستاكسنت"، مما يعطي انطباعاً بأن العالم أوشك على الدخول في حرب تكنولوجية غير واضحة المعالم، فالمعارك التقليدية تكشف كل جبهة فيها الأخرى، وفي ظل الضبابية التي تفرضها حرب الفايروسات على الجهة المعتدية، يظل تحديد تلك الجهة مرهوناً بتوقعات وارهاصات، تعتمد معطياتها في الأساس على خلافات بين دولة وأخرى.
أعتاب حروب غير تقليدية
ويقول اللواء قدري "تقف دول العالم بما في ذلك الدول العربية على اعتاب حروب غير تقليدية، ولم تكن ايران وحدها أول من تعرض لهذه الهجمات الفايروسية، بل إن الولايات المتحدة تعرضت لهجوم مماثل، كان عبارة عن قرصنة على المنظومة المعلوماتية لوزارة الدفاع "البنتاغون"، كما هاجمت روسيا استونيا عام 2007 بفايروس إلكتروني".
وربما تعكس هذه المعطيات صورة دراماتيكية عند الحديث عن التأمين المعلوماتي في الدول الغربية والعربية، إذ يعكف الباحثون التقنيون في الدول المتقدمة على ابتكار العديد من الأبحاث، التي تساهم في تزكية الحروب التكنولوجية، واستخدام التقنيات سلاحاً بديلاً عن السلاح التقليدي، وفي المقابل ابتكار سبل التأمين من تلك الحروب غير التقليدية، بينما تسير الدول العربية ببطئ مقارنة مع نظيرتها الغربية، ومن هنا يجب لفت انتباه دوائر صنع القرار في العواصم العربية الى ضرورة التركيز على تفادي التعرض للحروب الإلكترونية، من خلال التشجيع على البحث في تكنولوجيا الحواسيب وحماية المعلومات.
وبحسب قدري فإنه عند النظر الى الفايروس الأخير الذي ضرب إيران، تكمن خطورة الحرب الإلكترونية، فالفايروس المعروف بـ STUXNET ليس دودة، تهدف الى سرقة اموال او معلومات، وانما هو ابتكار فايروسي فريد من نوعه، إذ اشرف على ابتكاره عدد هائل من الخبراء والعلماء التقنيين، يساعدهم في ذلك كم هائل من المعلومات التكنولوجية، واعتماداً على تكنولوجيا تُعرف بـ SCADA، لذلك يسود الاعتقاد بأن الجهة التي تقف وراء هذا الهجوم لا يمكن ان تكون الا دولة، تمتلك قدرات امكانيات مادية وتكنولوجية هائلة، وفي تسعينيات القرن الماضي كانت هناك العديد من الهجمات الإلكترونية، بينما بات العقد الأول من القرن الحالي نادياً للجرائم الإلكترونية الموجهة، وربما يكون العقد الثاني من هذا القرن بداية للحروب الإلكترونية بين الدول.
4 ثغرات في المنظومة المحوسبة
ويضيف قدري "إن فايروس "ستاكسنت" استغل وجود 4 ثغرات جديدة ZERO - DAY، في المنظومة المحوسبة، تم إبلاغ شركة مايكروسوفت العالمية بها بشكل مباشر، وبالإضافة الى هذه الثغرات استخدمت الجهات القائمة على ابتكار الفايروس بطاقات مشفّرة شرعية معروفة بـ "Realtekו- JMicron"، وساعدت هذه البطاقات في جعل الفايروس أكثر ثراءاً وفاعلية.
وتعود المهندس غادة خليفة مسؤول شركة مايكروسوفت في منطقة الشرق الأوسط، للحديث عن المنشآت التي قد يطولها خطر الحرب الإلكترونية في الدول العربية، مشيرة الى أن الفايروسات الخطيرة من نوع "ستاكسنت"، تشكل خطورة بالغة على منظومات تشغيل "Simatic WinCC SCADA"، العديد من المؤسسات الحيوية، إذ تسيطر هذه الفايروسات على منظومات التشغيل الصناعية، ونظيرتها الخاصة بالبنى التحتية مثل منظومات أنابيب النفط، ومحطات القوى، وأجهزة الاتصالات العملاقة، والموانئ الجوية والبحرية، وكذلك السيطرة على المنشآت العسكرية.
الى ذلك يشير تقرير مؤسسة المضادات الفايروسية الأوروبية العملاقة كاسبر سكاي لابس "Kaspersky Labs"، إلى أن فايروس "ستاكسنت" الذي ضرب منظومة أحد المفاعلات النووية في إيران، هو النواة الأولى الفاعلة للسلاح الإليكتروني الموجه، الذي سيقود الى خلق صراع محموم بين الدول على التسلح في هذا المجال، بعدما كان الحوار مقتصراً في الماضي على دراسة بعض الحالات المنفردة للقرصنة المحوسبة، مثل تسلل القراصنة الصينيين الى منظومات الولايات المتحدة الالكترونيّة.