أدلاء لجوامع مدينة انفير البلجيكية لتبديد مخاوفهم من الإسلام

في خطوة هي الأولى من نوعها منحت بلدية أنفير شهادات لـ "أدلاء مساجد" للتعريف بالدين الإسلامي.

بروكسل: منحت بلدية مدينة أنفير البلجيكية شهادات لـ "أدلاء مساجد" تمكنهم من قيادة زيارات تعريفية داخل مساجد المدينة، تشبه في شكلها الجولة السياحية لكنها تعرف بالدين الاسلامي وتجيب عن أسئلة الزوار وذلك بهدف "لانشاء بداية حوار بين المساجد والمجتمع المحيط بها" كما يقول المشرفون على تدريب هؤلاء الادلاء.

وهي المرة الأولى التي تقدم فيها مدينة بلجيكية على هذه الخطوة الفريدة. وقد منحت بلدية أنفير الاربعاء الماضي شهادات "دليل جامع" لدفعة اولى من سبعة متخرجين هم ستة رجال وامرأة خضعوا لدورة استمرت خمسة أشهر، كانوا من بين عشرة تقدموا لها.

هذه المبادرة جاءت بعدما طلبت بعض جوامع أنفير من البلدية مساعدتها في تدريب أشخاص كي يقودوا جولات فيها، على ما يقول المشرف على الدورة التدريبية عمر نحاس، وهو بلجيكي من أصل عربي. ويوضح نحاس في حديث لوكالة فرانس برس أن قسم الشؤون الاجتماعية في البلدية خصص للمتدربين برنامجا يدور حول "كيف تقدم نفسك، وكيف تتحدث عن أفكارك إلى المجتمع المحيط".

ويرى نحاس المشرف على التدريب، والذي يراس قسم المتطوعين للخدمة العامة في البلدية، أن "فتح المساجد للجمهور يعطي طمأنينة للمجتمع"، مشيرا إلى أن "مخاوف غير المسلمين قد لا تأتي في سؤال مباشر ولكن بالتعبير عن حنقهم باتجاه أشياء لا يعرفونها".

ويشرح نحاس أن توجه الكثير من المصلين إلى المساجد يوم الجمعة قد يثير "شعورا بالخوف" لمن لا يعرف الدين الاسلامي، ويضيف "ربما يتساءلون من أين تأتي كل هذه الجموع المسلمة، وماذا يحدث خلف تلك الابواب الكبيرة (للجوامع) المغلقة"، موضحا ان فتح الجوامع أمام جولات تعريفية يتيح "نقل هذه المخاوف إلى أسئلة محددة يجيب عنها الدليل، وهذا ينشئ حوارا بين المساجد والمجتمع المحيط".

ويوجد في انفير نحو 40 جامعا ويمثل المسلمون وفقا لارقام بلدية المدينة 18% من سكانها مع نحو 82 ألف من اجمالي عدد السكان البالغ 482 الفا. ويتزايد عدد المتقدمين للحصول على شهادة "دليل جامع"، ومن المنتظر أن تبدأ الدورة التدريبية الجديدة 16 من الشهر الجاري بمشاركة 25 شخصا.

وتأمل مدينة أنفير من خلال هذه الدورات والجولات داخل المساجد ان "تحسن مستوى التعايش"، كما يقول هشام المزايغ المستشار في قسم الشؤون الاجتماعية في البلدية. ويوضح المزايغ في حديث لوكالة فرانس برس أن الجولات داخل المساجد تساعد في "الاجابة على اسئلة الناس الذين يقرأون ويسمعون اشياء أخرى عن المساجد والاسلام بشكل عام وعن الربط بين التطرف والارهاب".

وتلقى جولات الجوامع اقبالا "متزايدا"، بحسب المزايغ الذي يشير الى ان 550 شخصا من سكان انفير قاموا بها خلال الدورة التدريبية للأدلاء، لافتا الى انه منذ اعلان منح الشهادات الاربعاء الماضي سجلوا 13 طلبا للقيام بجولة. والتسجيل يشمل اشخاصا او مؤسسات تعليمية واجتماعية وغيرها.وثمة قواعد ينبغي على من يرغب القيام بجولة اتباعها، أولها ارتداء حذاء مريح "ليمكن خلعه ولبسه بسهولة أثناء الجولة"، وثياب محتشمة، كما يتعين على النساء ان يضعن وشاحا على رؤوسهن في ظرف محدد جدا، وهو "في اماكن اقامة الصلاة، وفقط اذا كانت الصلاة جارية"، كما يجب اغلاق الهواتف المحمولة كما يقول المزايغ.

ويعتبر المشرف على دورات "دليل الجامع"، ان المتخرجين هم اقرب الى "ادلاء حوار" يأخذون الاحاديث مع الزوار "باتجاه الحوار وليس باتجاه النقاش الحاد"، معتبرا ان الدليل عليه ان يكون تاليا "صبورا للغاية كي يتعامل مع الاحكام المسبقة في المجتمع الاوروبي وداخل المجتمعات الاسلامية نفسها".

وتركز الدورات بحسب نحاس على اكساب الدليل امكانيات اساسية، منها التعامل مع التنوع الاجتماعي داخل المجتمع الاوروبي والمقدرة على التواصل اضافة الى "ابعاد العاطفة الشخصية خلال الحديث الى الناس".

ويقول نحاس انهم يوضحون للادلاء انهم سيصادفون زوارا يأتون بدوافع مختلفة وان عليهم "احترام دوافع الزوار مهما كانت سواء للتسلية او للتعرف او لتمضية الوقت"، ويضيف ان المرشد يجب ألا يستفز "حتى لو صادف زائرا بلجيكيا يقول له +انتم المسلمون ارهابيون+، بل يجب اولا ان يوضح عدم وجود فصل بين "انتم ونحن"، وينطلق من ان الجميع هم مواطنون بلجيكيون".

وكانت مدينة انفير شهدت العام الماضي احتجاجات في صفوف المجتمع الاسلامي، بعدما اعلنت اخر مدرسة رسمية فيها كانت تسمح بالحجاب، حظره. ويؤكد نحاس ان تبني البلدية للدورات يأتي في اطار "خطة التنوع الاجتماعي" التي تطبقها منذ عام 2008، ويوضح "لنقل ان جسم المجموعة الاسلامية هو جسم غريب داخل المجتمع الاوروبي، ولذلك فالبلدية تريد خلق تكافل اجتماعي وهذا لا يحدث الا اذا عرفت المجموعات الاجتماعية بعضها البعض".

وتركز دورات ادلاء الجوامع اضافة الى المعرفة بالاسلام على القدرات اللغوية، ومن الشروط الاساسية لقبول المتدربين التمكن من شرح اركان الاسلام بلغة هولندية ممتازة وواضحة، وبدون استخدام كلمات عربية تشوش على التواصل مع الزوار.