أخبار

مشاركة قياسية في الإضرابات الفرنسية ضد قانون رفع سن التقاعد

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك


يبدو أن المعركة بين المركزيات النقابية والحكومة الفرنسية ستبقى مفتوحة حتى إشعار آخر مع اعلان بعض القطاعات استمرار الاضراب ليوم آخر. وكانت المدن الفرنسية شهدت الثلاثاء تظاهرة وصفت بالقياسية من حيث المشاركة احتجاجا على اصلاح نظام التقاعد في وقت راى المحلل السياسي مصطفى طوسة ان تلك الاحتجاجات تقدم ساركوزي على أنه يدير ظهره لهموم المجتمع مؤكدا ان إنتعاش شعبية الرئيس مرتبط بمدى قدرته على إيجاد مخرج للأزمة.

نزل الفرنسيون، الثلاثاء، بكثافة إلى شوارع المدن في مسيرات إحتجاجية واسعة ضد قانون رفع سن التقاعد من 60 سنة إلى 62 سنة، الذي أقرته الأغلبية الحكومية بعد التصويت على مشروع القانون في مجلس الشيوخ الفرنسي.

وقد عبر مجموعة من المشاركين في هذه المظاهرات عن قلقهم على مصير المكتسبات الاجتماعية التي ظل يتمتع بها المواطن الفرنسي، وقال المواطن فيليب ،المشارك في التظاهرات، لـ إيلاف: "كل فرنسي معني اليوم بهذه الاحتجاجات لأن مصالحنا الاجتماعية جميعا مهددة".

بدوره رأى المحلل السياسي ونائب رئيس تحرير إذاعة مونتكارلو الدولية ،التي تبث من باريس، مصطفى طوسة أن الإضرابات التي تشهدها فرنسا ستتسبب في متاعب سياسية للرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، معتبرا أن هذه الاحتجاجات تقدم قاطن قصر الإليزي على أنه يدير ظهره لهموم المجتمع الفرنسي.

وعن أثر هذه الاضرابات على السياسات المقبلة للحكومة الفرنسية قال مصطفى طوسة لـ إيلاف ان "هناك ملاحظة لا بد من الإشارة إليها. فنيكولا ساركوزي لا يمكن له أن يخرج سالما من سياسة شد الحبل مع المركزيات النقابية و المعارضة حول إصلاح التقاعد. وهذا لغاية بسيطة، أن هذا الإصلاح ،عكس ما رددته الحكومة،لا يمكن أن يمر بشكل سلس ودون تبعات ضدها". واضاف " إن كانت الحكومة كسبت انتصارا لصالحها بهذا الخصوص، لتوفرها على أغلبية برلمانية، فتعدد الاحتجاجات، من الأكيد، أنها بينت أن بيداغوجيا الإصلاح و محاولات إقناع الفرنسيين به لم تنجح، بل الأكثر من هذا أنها، أي الاحتجاجات، قدمت ساركوزي على أنه يدير ظهره لهموم المجتمع الفرنسي. وبالتأكيد ان هذا الأمر سيكون له آثاره السياسية على منهجية الإصلاحات المتبعة والطريقة التي تدار بها و الفريق الذي يسهر عليها".

وحول مدى تفاقم الازمة في حال تمسك الحكومة الفرنسية بمشروعها اكد طوسة ان " التخوف الأكبر الذي يؤرق مراكز القرار السياسي في فرنسا، هو إلى أي حد سيترك ساركوزي هذه الاحتجاجات مستمرة في التوجه نحو الراديكالية بتبنيه لمشروع الإصلاح برمته. و إلى أي حد ستصل احتجاجات المركزيات النقابية. نحن هنا أمام خطر اضطراب عام اقتصادي يمكن أن يعرفه البلد، وما يصاحب ذلك من أعمال شغب. فإصلاح قانون سن التقاعد يمكن أن يفجر مشاكل أخرى يصعب في ما بعد احتواؤها".

كما اعتبر طوسة ان "هناك إجماع لدى الملاحظين أن المعارضة تتخد مواقف في ظل هذه الظروف الاجتماعية لأجل إضعاف نيكولا ساركوزي. فزعماء المعارضة يرددون كلما أتيحت لهم الفرصة أنهم يخفضون سن التقاعد إلى ستين سنة. والمزايدات التي دخلت فيها المعارضة، اليوم، فهي بهدف أن تقنع الرأي العام الفرنسي أن ساركوزي ليس برجل الإصلاحات الكبرى كما يزاع".

المحلل السياسي مصطفى طوسة

واضاف" بعيدا عن هذا الإصلاح، الفرنسيون يعيبون على نيكولا ساركوزي أسلوب حكمه. فهو يتهم على أنه يفضل الأغنياء على حساب الطبقات الفقيرة، فضلا على الفضائح المالية التي عرفتها حكومته، و ليس مستبعدا أن تستفيد الهيئات النقابية و المعارصة من هكذا وضعية".

وحول مصير شعبية نيكولا ساركوزي على ضوء هذه التوترات الاجتماعية قال طوسة "هي متدنية الآن، وتبقى مرتبطة بمدى قدرته في إيجاد مخرج للأزمة حتى يعود الهدوء و الطمأنينة. عندما نقرأ تعاليق محيطه، الانطباع الذي يعطى أن الاختيار الذي بقي أمام نيكولا ساركوزي هو الاستمرار في الإصلاحات و إدارة ظهره لقوى المعارضة و المركزيات النقابية، وتراجع شعبيته في عز الحملة. الحقيقة السياسية و الاجتماعية للأيام الأخيرة أوضحت أن الحل يوجد بين الصرامة الواضحة لرجل الإصلاح و المرونة الاقتصادية لرجل السياسة".

وعن امكانية تحقيق تناوب على الحكم في اتجاه الاشتراكيين بفرنسا اكد طوسة " الانطباع الذي تعطيه الأغلبية اليوم أنها ليس بإمكانها البقاء في الحكم لولاية أخرى. لكن هذا لا يعني أن الباب مشرع أمام المعارضة لتحقيق هذا التناوب. والسبب الأول والأخير هو أن المعارضة ملغمة بالصراعات الصغيرة بين القياديين. وعجزها حتى الآن في فرز زعيم بإمكانه أن يقف الند للند مع ساركوزي".

وتعد الإضرابات التي شهدتها فرنسا الثلاثاء الرابعة من نوعها خلال شهر واحد، و قد شهدت مشاركة قياسية من طرف مختلف الفرنسيين العاملين في قطاعات متعددة حيث قدر عددهم،حسب المركزيات النقابية، ثلاثة ملايين و نصف، في حين حصرته مصادر حكومية في ما يزيد عن المليون.

وعرفت هذه الإحتجاجات مشاركة واسعة لطلاب الثانويات والجامعات بقدر لم يشهد له مثيل منذ مدة، ما أصبح يثير قلق الدوائر المقربة من الحكومة الفرنسية.

وأدانت زعيمة الحزب الاشتراكي الذي يقود المعارضة ماترين أوبري ما أسمته "عناد" الحكومة، مضيفة أن هذا "لا يؤدي إلا إلى المواجهة"، ودعت في نفس الوقت حكومة فرنسوا فيون الى "أن تكون في مستوى المسؤولية"، فيما أكد الاخير ان حكومته " سوف تسير بهذا الإصلاح حتى النهاية".

وشهدت كبريات المدن الفرنسية اضطرابات في النقل باختلاف أنواعه، خصوصا منه العمومي، حيث أصيب هذا القطاع بشبه شلل في باريس، ومن المتوقع أن يستمر عماله في الإضراب ليوم آخر، طبقا لما قررته نقابات ذات القطاع، ما يعني أن المعركة بين المركزيات النقابية و المعارضة من جهة و الحكومة الفرنسية من جهة أخرى تبقى مفتوحة حتى إشعار آخر.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف