كتلة علاوي تدعو لتجميد مهام المالكي وإجراء تحقيق دولي

في الوقت الذي اكد فيه نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي ان الجرائم التي كشفتها وثائق موقع ويكيليكس لا تزال مستمرة، دعت كتلة رئيس الوزراء الاسبق إياد علاوي الى تجميد مهام نوري المالكي، وإجراء تحقيق عادل ومحايد في الاتهامات الواردة ضد حكومته، فضلاً عن تحميل ايران مسؤولية ما وصفها بـالـ "جرائم"، وحربها الخفية ضد سيادة العراق بالتعاون مع الولايات المتحدة.

بغداد: فيما وُصف بأخطر تطور لتداعيات نشر وثائق ويكيليكس عن حرب العراق، دعت الكتلة العراقية بزعامة رئيس الوزراء الاسبق إياد علاوي، الفائزة في الانتخابات الى تجميد مهام رئيس الوزراء نوري المالكي، واجراء تحقيق عادل ومحايد في الاتهامات التي اوردتها الوثائق، وتحميل إيران مسؤولية ما اسماها بـ "الجرائم"، التي ارتكبها ضد سيادة العراق، بينما دعا نائب الرئيس طارق الهاشمي المجتمع الدولي الى تحمل مسؤولياته الاخلاقية تجاه الوثائق، مؤكدا استمرار التجاوزات التي تم الكشف عنها.

تحقيق دولي محايد

وخلال مؤتمر صحافي في بغداد اليوم دعا المتحدث الرسمي باسم الكتلة العراقية حيدر الملا الى تحقيق دولي عادل ومحايد في المعلومات التي نشرها موقع "ويكيليكس" حول العراق، رافضا قيام الحكومة العراقية باجراء تحقيق في الوثائق. وطالب بتجميد مهمات وصلاحيات المالكي لحين الانتهاء من التحقيقات في الوثائق التي نشرها الموقع. ودعا نقابة المحامين ومنظمات المجتمع المدني بالضغط لاجراء تحقيق عادل في صحة الوثائق ومحاكمة المتورطين في أعمال التعذيب والقتل التي اشارت اليها الوثائق.

وشدد على ضرورة قيام وزارة الخارجية العراقية باتخاذ القرار المناسب حيال النظام الإيراني، وتحميله مسؤولية الجرائم التي ارتكبها ضد سيادة العراق. وقال ان المعلومات الخطيرة في الوثائق توضح اسباب اصرار حكومة المالكي على التمسك بالسلطة على مدى الاشهر الماضية، متجاهلة ما افرزته صناديق الاقتراع، ومعرقلة عملية تشكيل الحكومة، الامر الذي يؤكد ضرورة تحقيق حكومة شراكة وطنية وتوزيع الصلاحيات بين القوائم الفائزة، حتى لا تعيد ترسيخ النهج الديكتاتوري في الحياة السياسية العراقية.

واشار الى ان الحكومة العراقية تحاول التغطية على المعلومات الخطيرة التي كشفتها الوثائق من خلال دفع المحكمة الاتحادية الى أصدار قرار اليوم بالغاء الجلسة المفتوحة لمجلس النواب والبدء بعقد جلساته الاعتيادية. وحذر مما قال انها محاولات يقوم بها ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي لجر الشارع العراقي الى المربع الطائفي السياسي في التعامل مع هذه الوثائق، وقال ان هذه الجرائم لم تقتصر على طائفة او محافظة معينة بل شملت جميع انحاء العراق.

من جانبه قال مستشار العراقية هاني عاشور ان وثائق ويكيليكس عن حرب العراق، تؤكد ان العراق بلد بلا قانون منذ سنوات رافضة التغاضى عن حقوق مئات الالاف من العراقيين الذين كانوا ضحايا انتهاكات القوات الاميركية والعراقية.

وشدد على ان وثائق ويكيليكس بخصوص العراق دقيقة مائة بالمائة، موضحا ان الموقع عرض وثائق ولم يقدم اتهامات كما يصرح البعض :"وان ما يخص التشهير بالقوات الاميركية اكبر بكثير مما يخص الحكومة العراقية، ولابد ان ننظر بإنصاف الى الوثائق لانها تثبت حق العراقيين، وقد وجهت الوثائق تهما للقوات الاميركية قبل الحكومة، ولا ينبغي ان نتحول الى مدافعين امام حقائق واضحة تؤكدها دماء مئات الاف العراقيين".

واشار عاشور الى ان الوثائق أثبتت ان العراق ومنذ سنوات هو بلد بلا قانون وتؤكد ذلك ارقام الضحايا وعدم قدرة أهاليهم حتى على المطالبة بالتعويضات او معرفة حقائق الانتهاكات التي حدثت ضدهم او إنصافهم وهو ما يكفله القانون وانظمة حقوق الانسان والشرائع السماوية، داعيا الى عدم تسييس الموضوع وتكذيب الوثائق التي تكشف ما حدث بالعراق من اجل الدفاع عما ورد فيها ضد الحكومة ويتم انكار حق مئات الآلاف من الضحايا من اجل الدفاع عن حكومة انتهت ولايتها.

واوضح ان ردة الفعل ضد الوثائق التي بدأ يصرح بها البعض لاغراض سياسية لم تقم على ادلة علمية وهي مناقضة، بل هي نوع من التعصب الذي يتغاضى عن حقوق ملايين العراقيين، وان هذه الردود تكشف ان العراق دولة بلا قانون، "والا لاستند المصرحون الى ادلة للرد على ويكيليكس، ولكن الردود تأخذ طابع المصلحة السياسية والمزايدة الإعلامية وليس الدفاع عن الحقوق الوطنية".

واشار عاشور الى ان هناك ملايين الادلة لدى العراقيين وجهات حكومية، تعزز ما ورد في وثائق ويكليكس، وأن بعض هذه الادلة ما زالت على اجساد الضحايا جثثا او معتقلين قتلوا او سجنوا لدى القوات الاميركية والعراقية. وطالب بألا يتم النظر الى الوثائق على اسس المصلحة السياسية، بل على اسس القيم الوطنية وحقوق الشعب وكرامته.

دعوة لتحمل المسؤولية

أما نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي فقد اشار الى انه "يتابع بألم بالغ ما نشرته وسائل الإعلام من وثائق تكشف جوانب كثيرة من الحرب على العراق، رغم أن ما نشر لم يكن مفاجئاً، وأن الكثير منه كان مكشوفاً أمام أنظار المجتمع الدولي". واضاف في تصريح صحافي وزعه مكتبه اليوم " إن ما يدعو للأسف هو تغاضي دول العالم عن الممارسات الخاطئة والكوارث الإنسانية التي جرّت البلاد إلى الويلات".

واكد ضرورة التريث في اتخاذ قرار بهذا الصدد لحين استكمال وسائل الإعلام نشر جميع ما لديها من وثائق، حتى يتسنى التعامل مع هذا الملف ضمن السياقات القانونية، بما يؤمن متابعة هذه القصة المؤلمة التي تعرض لها العراق دون مبرر. وقال إن العديد من الممارسات الخاطئة التي وردت في التقارير الصحافية ما زالت مستمرة حتى الآن، الأمر الذي يتطلب وضع حد لها ومطالبة المجتمع الدولي بمساندة الشعب العراقي وتحمل مسؤولياته الأخلاقية والإنسانية تجاهه.

وامس وصف المالكي نشر وثائق البنتاغون بأنه انتقائي، مشيراً الى أن الضجة التي تقودها بعض الجهات الإعلامية تحت غطاء الوثائق المذكورة ضد الحكومة العراقية، تثير في أسلوبها وتوقيتها أكثر من علامة استفهام. وقال إن الوثائق المنشورة "ضعيفة القرائن لأنها لم تستطع أن تقدم دليلا واحدا عن سلوك غير وطني قامت به الحكومة العراقية".

واضاف انه بصفته قائدا عاما للقوات المسلحة فان له اجهزة كاملة تقوم بواجبها للاعتقال وانزال العقوبة حينما يحكم القضاء والجهات المختصة بذلك، كما انها تعتقل من تصدر بحقه اوامر الاعتقال مهما كان، ولكن ليس على اساس طائفي او حزبي او غير ذلك، كما تحاول بعض الجهات الايحاء به لاسباب خاصة بها، وانما على اساس ما يثبت من الادلة على هذه الشخصية او تلك دون تمييز.

حرب خفية مع اميركا

وقال في بيان صحافي ان نشر الوثائق في وسائل الاعلام جاء بطبيعة انتقائية، موضحا ان الوثائق تنقسم الى قسمين رئيسيين، يتحدث الاول عن تصرفات الجيش الاميركي وشركات الحماية التابعة للجانب الاميركي في العراق، وهو القسم الذي يجب اخذه بالاعتبار، نظرا لما يقدمه الجيش الاميركي مما يمكن وصفه باعترافات عن اعمال قامت بها بعض عناصره اوالقطاعات التابعة له، او شركات الحماية مثل "بلاك ووتر"، التي سبق ان اتخذت الحكومة العراقية قرارا بمنعها من العمل في العراق نتيجة تجاوزاتها واستخدامها المفرط للقوة، بل واعتدائها على بعض الابرياء العراقيين دون مبرر.

ومن جانبها رأت الصحف العراقية اليوم ان ما كشفته وثائق "ويكيليكس" له ابعاد سياسية اكثر مما هي انسانية، تهدف لكشف حقائق واعادة الحق للضحايا العراقيين. وتصدرت معلومات ويكيليكس عناوين الصحف الصادرة في بغداد، لكن اغلبها تحدث عن ازمة سياسية، مشيرا الى انها تستهدف الحكومة العراقية والعملية السياسية اكثر من كونها كشفت حقائق تتعلق بجرائم تعذيب ووقوع ضحايا جلهم من المدنيين.

وكان موقع ويكيليكس الإلكتروني وجه اتهاماً مباشراً للمالكي بالتورط في إدارة فرق القتل والتعذيب وقيادة فرق عسكرية تنفذ أوامره، وتقوم بعمليات اغتيال واعتقال، كما كشف عن دور كبير تلعبه إيران في تسليح ميليشيات شيعية، كجزء من حرب خفية مع الولايات المتحدة الأميركية على أرض العراق. واتهم الموقع القوات الأميركية بالوقوف وراء عدد كبير من جرائم الحرب في العراق كالقتل العشوائي وممارسة التعذيب والتغاضي عن عمليات إعدام، ارتكبتها القوات العراقية موجهاً اتهاماً مباشراً الى المالكي بـالتورط في إدارة فرق القتل والتعذيب.