في "دار المسيرية" البدو العرب يحلمون بمياه ابيي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
في نهاية طريق متعرج يقع معقل قبيلة المسيرية العربية التي تخشى أن تفقد الحق في استخدام مياه النهر المجاور اذا تمت ضم منطقة ابيي المتنازع عليها الى جنوب السودان بعد الاستفتاء المقرر اجراؤه في التاسع من كانون الثاني/يناير المقبل.
المقلد: في ضيعة المقلد يكتب الان الفصل المقبل في تاريخ اكبر بلد في افريقيا وهو فصل قد يكون قاتما لانه يمكن ان يؤدي الى استمرار الفوضى مع اقتراب الاستفتاء حول استقلال جنوب السودان الذي سيجرى بالتزامن مع استفتاء اخر في ابيي ليختار سكانها بين الانضمام الى الشمال او الالتحاق بالجنوب.
ويهاجر البدو الرحل الشماليين المنتمين الى قبيلة المسيرية كل عام منذ ما يقرب من قرنين في موسم الجفاف الى منطقة "بحر العرب" الجنوبية بحثا عن المرعى لقطعان الابقار التي يربونها ثم يتوغلون في الاراضي الخصبة لجنوب السودان.
غير ان هذا المجرى المائي الذي يسميه الجنوبيون نهر كير يمر في منطقة ابيي المتنازع عليها الواقعة في قلب السودان في المنطقة الحدودية بين الشمال العربي المسلم والجنوب الذي يدين غالبية سكانه بالمسيحية.
وبعد مواجهات عنيفة في ايار/مايو 2008 اثارت مخاوف من عودة الحرب الاهلية بين الشمال والجنوب، احال الطرفان نزاعهما الى محكمة العدل الدولية في لاهاي.
وقررت هذه المحكمة تقليص مساحة منطقة ابيي معتبرة انها تقتصر على الاراضي التاريخية لقبيلة دنكا نغوك ورأت ان الشرق والشمال حيث توجد ابار نفط يتبع الشمال. ووافق السياسيون الشماليون والجنوبيون على هذا القرار لكن قبيلة المسيرية لم تقبله.
وقال امير المسيرية مختار بابو نمير "اننا لا نريد نفطا، بل نريد مياها. لدينا خمسة ملايين رأس ماشية، اين ستجد المرعى؟". وفي المقلد، يعتبر الامير بمثابة ملك. وفي القاعة التي يجلس فيها وضعت صور للرئيس السوداني عمر البشير ولوالد الامير بابو نمير ما يشير الى اهمية الولاء القبلي في هذه المنطقة.
ويعتبر ابناء قبيلة المسيرية انهم اصحاب هذه المنطقة المتنازع عليها ويقولون انها استقبلوا الجنوبيين من قبيلة دنكا نغوك اعتبارا من نهاية القرن التاسع عشر. ويقضي قانون الاستفتاء في ابيي بان يشارك في الاقتراع ابناء قبيلة دنكا نغوط و"مواطنون اخرون" ولا ينص على مشاركة المسيرية صراحة.
ويحذر الامير "ان لم اتمكن من الاقتراع فلن يكون هناك استفتاء". ويتابع زعيم القبيلة المسؤولة عن غارات دامية ضد الجنوبيين ابان الحرب الاهلية في ثمانينات القرن الماضي "لا يمكن ان تتبع ابيي الجنوب".
واذا ما الحقت ابيي بالجنوب سيفقد المسيرية مياه بحر العرب ومراعي جنوب السودان.
ويقول امير القبيلة "في هذه الحالة ستنفق مواشينا ولن يبقى لنا الا ان نهاجر الى الخرطوم للبحث عن عمل او التسول ومن الافضل لنا ان نموت على ان ننتهي هكذا". وفي سيارة متهالكة، يغادر شباب من المسيرية المقلد بحثا عن عمل في الخرطوم ويضطرون لذلك الى القيام برحلة تستغرق 30 ساعة.
ويقول محمد "ليس هناك عمل في المقلد ولا اريد ان اكون راعيا للماشية وامضي حياتي في متابعة بقرة وفي كل الحالات ليس لدي بقرة. وتجرى مفاوضات تحت رعاية الولايات المتحدة لمحاولة التوصل الى حل وسط لانقاذ ابيي من الجحيم.
ويؤكد الامير انه "حتى الان (بجاية موسم الجفاف) ليست لدينا مشكلات مياه او مرعى ولذلك اذا فشلت المفاوضات لا يمكن ان نتنبأ بما يمكن ان يحدث". ويتابع شقيق الامير صادق بابو نمير "هناك شباب يريدون ان يقاتلوا ويريدون اجتياح ابيي، لكننا لا نريد حمام دم رغم اننا نملك كمية هائلة من السلاح".