معركة نظام التقاعد في فرنسا ستخلف ندوبا غائرة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
يتوقع متابعون أن تؤدي ازمة اصلاح نظام التقاعد في فرنسا إلى تأزم اجتماعيّ عميق.
باريس: مع استئناف العمل الجمعة تقريبا في جميع مصافي تكرير النفط الفرنسية، التي تمثل معاقل حركة الاحتجاج على اصلاح نظام التقاعد، ترتسم نهاية نزاع يمكن ان تعطي دفعة للرئيس نيكولا ساركوزي، لكن لا شك انها ستترك البلاد في حالة تازم اجتماعي عميق.
وخلال النهار يتوقع ان تكون كل المصافي الفرنسية ال12 قد وضعت حدا لاضرابها عن العمل الذي كان المحفز الاكبر لحركة الاحتجاج مع تسببه بازمة وقود حادة اثرت بشكل كبير على سير عجلة الاقتصاد.
وعند منتصف النهار كانت تسع مصاف قد اوقفت بالفعل حركة الاضراب بعد تصويت العاملين في ثلاثة مواقع جديدة. وينتظر ان تنهي اخر المصافي التي ما زالت متوقفة عن العمل (تابعة لشركة توتال) اضرابها خلال ساعات وفقا للادارة والنقابات.
واعرب عمال في غراندبوي (قرب باريس) الخميس لفرانس برس عن احساسهم ب"الملل" من عدم حذو باقي القطاعات الاخرى حذوهم وشعورهم بالتعب "لعدم تلقي اجورهم والبقاء طوال الوقت امام المصفاة ووضع حياتهم الشخصية على الهامش" كما قال فاريس هيرون (35 سنة).
وطوال عشرة الى 15 يوما كانت كل المصافي الفرنسية في حالة اضراب ما اسفر عن اكبر نقص في التموين بالنسبة لثلث محطات الخدمة وعن خسارة القطاع "مئات ملايين اليورو" وفقا للصناعة النفطية.
وقد بدات حركة الاحتجاج تخبو مطلع الاسبوع مع اقرار البرلمان بشكل نهائي الاربعاء قانون اصلاح نظام التقاعد الذي يؤخر السن الادنى للتقاعد من 60 الى 62. وقد تاكد هذا الضعف الخميس الذي كان اليوم السابع من التظاهر منذ ايلول/سبتمبر الماضي والذي سجل ادنى مستوى تعبئة.
والجمعة استؤنف العمل ايضا في محطة شركة لو هافر الصناعية البحرية (غرب) التي تملك مستودعا كبيرا يزود اربعة مصاف. في المقابل لا يزال انتاج الوقود معلقا في ست مصاف بعد انتهاء الاضراب في ميناء فوس النفطي القريب من مرسيليا (جنوب) الذي حال دون دخول النفط الى الاراضي الفرنسية.
وبعد مرسيليا واجان (جنوب غرب) بدا عمال جمع القمامة في تولوز (جنوب غرب) بجمع تلال الفضلات التي تراكمت على مدى عشرة ايام في الشوارع.
واعتبرت الصحف الفرنسية الجمعة ان الرئيس ساركوزي، الذي تراجعت شعبيته الى ادنى مستوى لها في استطلاعات الراي، حقق "نصرا سياسيا" قبل 18 شهرا من الانتخابات الرئاسية رغم رفض غالبية الفرنسيين له وشهرين من التظاهرات.
ويقول المحللون السياسيون ان اصلاح نظام التقاعد يجسد رغبة رئيس الدولة في تغيير فرنسا ويعزز قاعدته الانتخابية في اليمين التقليدي. وقال دومينيك باييه مساعد المتحدث باسم حزب الغالبية، الاتحاد من اجل حركة شعبية، "نشعر بالارتياح لاداء الواجب".
الا ان هذا الاصلاح "الذي فرض بالقوة" يعطي صورة "رئيس اصم وغير محبوب شعبيا" بدلا من صورة "الرئيس الشجاع" التي كان يفترض ان يعطيها كما كتبت صحيفة "ليبيراسيون" اليسارية، ملخصة بذلك موقف احزاب المعارضة.
وقد بلورت هذه الحركة، التي لم يسبق لها مثيل منذ سنوات طويلة، مخاوف الفرنسيين الذين يعانون من الازمة الاقتصادية والاجراءات التقشفية والبطالة. وكان من اكبر مفاجات هذه الحركة دخول الشباب المعركة الى جانب الكبار لهتفوا معا "الشباب في كد والكبار في بؤس".
وقال الامين العامة لنقابة "فورس اوفرييار" (القوة العمالية) جان كلود مايي "هناك شيء انا على يقين منه هو ان هذه الحركة ستترك اثارا غائرة".
وقالت زعيمة الخضر سيسيل دوفلو محذرة ان "هذه الحركة مثل نار تحت الرماد واصلاح نظام التقاعد احد اعراض الاحساس بالظلم".