الأزمة تدفع أوروبا لتكثيف التعاون في مجال الدفاع
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
يكشف التقارب العسكري الفرنسي البريطاني الذي تكرس الثلاثاء توجهًا عامًا للدول الأوروبية في زمن الأزمة المالية، لتقاسم أعباء التجهيزات المكلفة، لكن بدون الذهاب إلى حد دمج الجيوش، حتى وإن كان ذلك حلمًا يراود البعض.
بروكسل: وقّعت فرنسا وبريطانيا اليوم اتفاقيتين، تنص الأولى على إنشاء "قوة تدخل مشتركة"، قوامها آلاف الجنود، قابلة للتعبئة لإنجاز عمليات خارجية ثنائية أو تحت الوية حلف شمال الأطلسي والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.
أما الثانية فستسمح للبلدين اعتبارًا من 2014 أن يقوما بمحاكاة تشغيل ترسانتهما الذرية في مختبر فرنسي واحد يقع قرب ديجون في منطقة بورغوني (وسط شرق فرنسا) على أن يتم بالموازاة فتح مركز أبحاث أمام اختصاصيي البلدين في جنوب شرق انكلترا.
ساركوزي وكاميرون يوقعان معاهدتي دفاعويشكل الاستخدام المشترك للقوات والعتاد من القوتين العسكريتين الأساسيتين في الاتحاد الأوروبي في المقام الأول، نتيجة لعملية نزع تسلح أحادية قائمة في القارة الأوروبية منذ نهاية الحرب الباردة. وأفادت الدول الأوروبية في العقدين الأخيرين بشكل كبير من عائدات السلام، وشكلت النفقات العسكرية وسيلة سهلة وشعبية لتعديل الميزانيات.
ورغم أن باريس ولندن من الدول القلائل التي تحترم النسبة المخصصة للدفاع التي حددها الحلف الأطلسي لأعضائه (21 منها تنتمي إلى الاتحاد الأوروبي) والبالغة 2 % من إجمالي الناتج المحلي، فإن الدولتين بعيدتان عن نسبتي 3.7% و4.4 %، اللتين كانتا تخصصانها للدفاع في نهاية المواجهة بين الغرب والشرق. وجهود دول أخرى كبرى مثل ألمانيا وإيطاليا وأسبانيا، في هذا المجال لا تزال ضعيفة.
وقرر الأوروبيون في مواجهة الأزمة، القيام بعمليات خفض في الميزانية، شملت في بعض الأحيان إجراءات لافتة. فبريطانيا على سبيل المثال ستبقى لمدة خمس سنوات بدون حاملة طائرات، في حين ستقلص ألمانيا إلى النصف عديد جنودها الذين يمكن نشرهم خارج البلاد.
ولوح وزير الدفاع الفرنسي إيرفيه موران في 24 أيلول/سبتمبر بشبح تحول أوروبا إلى "محمية" تخضع "لهيمنة صينية أميركية".
غير أن البعض يريد المضي أبعد في اتجاه خفض نفقات الدفاع. وأكد رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلوسكوني الجمعة على هامش قمة أوروبية، أنه بإمكان الدول الأعضاء خفض ميزانيات الدفاع فيها إلى النصف إذا أقامت دفاعًا مشتركًا.
وأضاف أن هذا الموضوع سيدرج على جدول أعمال قمة الاتحاد الأوروبي القادمة يومي 16 و17 كانون الأول/ديسمبر، وذلك بعد بحثه قبل ذلك بأسبوع في اجتماع وزراء الدفاع الأوروبيين. وهدف إقامة جيش أوروبي مندمج هدف معروف للدبلوماسية الإيطالية، غير أنه بعيد المنال في الوقت الحالي.
ولبلوغ ذلك يتعين تعديل معاهدة لشبونة التي تنص على أن المنظمة المكلفة الدفاع عن الأوروبيين هي الحلف الأطلسي. وكانت وزيرة الدفاع البريطانية ليام فوكس المعروفة بتأييدها الحلف الأطلسي، واضحة جدًا في هذا الصدد، حيث أكدت أن الاتفاق الفرنسي البريطاني وسيلة لإنجاز خفض في النفقات، وليس خطوة إضافية باتجاه جيش أوروبي.
وأوضح وزير الدفاع الفرنسي بشكل أكثر تواضعًا أنه يجب "تحليل القدرات التي نريد الإبقاء عليها على أساس سيادي، والقدرات التي نريدها مشتركة وتلك التي يمكن أن (تستخدم) باستقلالية" من قبل الدول التي لا تملكها. ويعكس إنشاء فرنسا وألمانيا وبلجيكا ولوكسمبورغ وهولندا الصيف الماضي لأسطول صغير مشترك من الطائرات التكتيكية سيتم تجهيزها لاحقًا بطائرات إيرباص ايه-400، توجهًا عميقًا للتعاون في هذا المجال.
ومع أن بلدان أوروبا تبدو اليوم واعية لضرورة تنسيق سياساتها الدفاعية بما فيها الصناعية، فإن هناك ثمة رهان آخر يتمثل في تفادي خسارة كارثية لكفاءات تكنولوجية وعملانية بسبب تراجع صفقات السلاح وخفض حجم القوات.
وقال جان-بيار مولني، الذي كان أعد اطروحة عن "الاتحاد الأوروبي وتحدي خفض ميزانيات الدفاع" نشرها نادي تفكير باريسي "قد يشكل ذلك فرصة". ويضيف أنه بالإمكان تحسين "تنسيق أدوات الدفاع الوطنية في إطار أوروبي، وذلك دون أن تتنازل الدول عن سيادتها الوطنية".