سوريا: صحافة إلكترونيّة بدلاً من الورقيّة والجيل الجديد رائدها
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
محي الدين عيسو من دمشق: "لا أجد حرجاً من القول بأني لم أجلس يوماً إلى جانب الراديو لأمعن في إدارة ذلك القرص الصغير يميناً أو شمالاً بحثاً عن تردد مونتي كارلو أو صوت لندن لمعرفة ما يجول في العالم" يقول الصحافي أمجد عثمان الذي يعتبر نفسه "إبن هذا العصر". وعلى الرغم من عمله كمحرر إخباري في إحدى المحطات الإذاعية، إلا أن وعيه بالأحداث العالمية بدأ يتشكل تزامناً مع ظهور الفضائيات وتجربته في العمل الصحافي بدأت "تماماً مع ظهور المواقع الإلكترونية" وبدء مختلف فئات المجتمع باقتناء تقنية الإنترنت.
ليس بالأمر الغريب أن يلجأ معظم الكتاب والصحافيون السوريون إلى المواقع الإلكترونية كبديل عن الصحافة الورقية نتيجة للتفاعل الطبيعي مع زمن المعلوماتية وثورتها وبلوغ تقانتها أنأى بقاع العالم أولاً وثانياً نتيجة نأي الصحافة الورقية بالكتاب وأصحاب الرؤى والآراء المختلفة تحت وطأة حزمة القيود المفروضة على حرية التعبير في بلدٍ مثل سورية.
مع بزوغ ثورة المعلوماتية وظهور المواقع الإلكترونية التي ترضي فضول القارئ أياً كانت اهتماماته، تم الاستغناء ولو جزئياً عن الوسائل الأخرى للحصول على المعلومة أو الخبر. ويستطرد عثمان في حديثه لإيلاف فيشير إلى أن الإنترنت كوسيلة اتصال "أحدث تغييراً عالمياً في مفهوم سيادة الدول وإمكانية سيطرتها المطلقة على المراسلات والاتصالات". وفي ظل الرقابة التامة على وسائل الإعلام المحلية والرسمية يرى أنه "من الطبيعي أن كل من الصحافي والقارئ وجدا ملاذاً غير آمناً في كثير من الأحيان، في المواقع الإلكترونية التي لا يخضع تحريرها عادةً سوى لرقابة لا تتعدى حدود المهنية واستحقاقها".
مهما اختلفت الرؤى في الدافع من وراء اللجوء إلى الصحافة الإلكترونية إلا أن القفز فوق الرقابة المحلية يبقى التقاطع الأهم الذي يميز تلك الرؤى، فمن الطبيعي أن تتم الاستفادة وبوتائر عالية من التقانة الجديدة، و"خاصة في ظل هامش الحرية الذي يتركه الموقع الالكتروني، قياساً مع الرقابة التقليدية التي لا تزال قائمة بأشكالها السابقة على عالم الصحافة الورقية" هذا ما يراه الكاتب والصحافي إبراهيم اليوسف "إذ صار في مقدور الكاتب أن يرسل المادة التي يكتبها بموجب ضغطة زر كما يقال إلى أي موقع يريده" ليكون بين يدي قارئه بعد ثوان معدودة وقليلة من انتهائه من مادته، "من دون أي رقيب، وهو بهذا يصبح محررا وصاحب منبر للنشر، كما أنه الكاتب في الوقت نفسه".
الإنترنت:هامش حرية أوسع
يحاول الصحافي فاروق حجي مصطفى أن يحيط بالظاهرة بنظرة أكثر شمولية حيث يعتقد أن "هامش الحرية متاح في الصحافة الكترونية أكثر من الورقية ليس في سورية فقط وإنما في كل دول العالم، وهذا له دور كبير بالنسبة للنشر، إذ أن الصحافة الورقية لها سقف بالنسبة للنشر، وهذا السقف محدود وذلك لأنها تعمل ضمن قوانين الصحافة أي القوانين والأنظمة المعمول بها رسمياً". ويؤكد أنه " ما دام هناك قانون فهذا يعني أن هناك قيود، وهذا الأمر يدفع بالجيل الجديد إلى عدم الشعور بالحرية التامة، إنما بالنسبة للصحافة الالكترونية فلا يوجد حتى الآن قانون معمول به، لذا فهي تستحوذ على الاهتمام الأكبر وخاصة لدى الجيل الجديد"، فقد فرض الإنترنت نفسه بقوة في الفترة الأخيرة خصوصا لدى "شريحة الشباب السوري" الذين لم يجدوا لأنفسهم فرصة العمل في الصحافة الورقية فكان خيارهم الوحيد للتعبير عن ذاتهم عبر الكتابة والعمل في المواقع الالكترونية" أما بالنسبة للأجيال القديمة يؤكد مصطفى أن " الصحافة الورقية ما زالت تطرح نفسها بقوة ولها حضور وأهمية بالغة "
سلبيات الصحافة الإلكترونية
إلا أن عثمان يشير أيضا إلى بعض السلبيات التي ظهرت في عالم الكتابة مع ظهور الانترنت إذ "بالمقابل كثيرا ما لا يتم التدقيق في مستوى الموضوع المرسل إلى بعض المواقع الإلكترونية ولا يجد بعض الطارئين على مشهد الكتابة أي حرج من رؤية موادهم منشورة في الـ (front page) ربما لافتقاد المواقع للكادر القادر على التمييز بين الغث والسمين".
وهذا ما يؤكده الكاتب إبراهيم اليوسف "فالموقع الإلكتروني استطاع إلى حد بعيد كسر حاجز الرقابة، وهو ما يتم الاتفاق معه، برغم بعض السلبيات التي من الممكن أن تظهر من قبل بعض الذين يسيئون استغلال هذه الحرية"
ويختم اليوسف حديثه بالقول "بأن كاتب مثلي له علاقة قديمة وحميمة بالصحافة الورقية، سيحس دائما بنوستالجيا إلى هذه الصحافة، وإن كانت الصحافة الإلكترونية بدورها قدمت لي الكثير، بل وإن كنت مؤمنا في قرارتي أن للصحافة الورقية رونقها وسطوتها كما أن الصحافة الإلكترونية ضرورية جدا عندما تستخدم في وجهها الصحيح، لمناصرة الحق ضد الزور، والمظلوم في وجه الظالم، والخير ضد الشر"
من الطبيعي إذا أن يتفاعل الصحافيون مع ظاهرة الإنترنت كأحدث وسيلة للاتصال بالشريحة المراد مخاطبتها، وإذا أخذنا بمعيار أن الأمية في المجتمعات اليوم تقاس بدلالة التعاطي مع الإنترنت، فلا مجال للعزوف عن الإعلام المطبوع لأننا سنفقد الاتصال بتلك الشريحة الأمية إنترنيتياً، تماماً ينسحب الأمر على ذلك الأمي كتابة وقراءة الذي لم يستغن عن الراديو حتى يومنا هذا.
التعليقات
نظام الممانعة
سعيد -الانترنت هي عالمنا الآن ولا خيار أمام المثقف السوري لتقديم افكارة ولو بنوع من الحرية الا عبر هذا الانترنت ومهما حاول النظام من منعنا من الكلام وابداء الرأي الآخر والنقد فلن يستطيع لانه عاجز امام التقنية وغريزة الحرية المنبعثة من قلب كل سوري
تحية
صلاح الدين بلال -بداية اهنئ الاخ محي الدين عيسو على اجتهاده الدائم ومثابرته في العمل الصحفي بالرغم من الصعوبات التي تعيق كل اعلامي يبحث عن الطيران في فضاء اكثر حرية بعيدا عن مقص الرقيب و رقابة الفكر ... ومن جهتي اجد ان الصحافة في سوريا لن تتطور بتلك المقاييس المتعارف عليها ان لم تحظى بحرية النقد والتعبير والمشاركة في صناعة الرأي و اتخاذ القرار لما فيه صالح المجتمع ومن المفيد التذكير ان سوريا تملك طاقات كبيرة من الشباب المثقف والباحث عن كل جديد ...... الا جدران القمع والرقابة وقانون الطوارئ وهيمنة الاستبداد لعقود طويلة ارهق السوريين وجعل كل جديد يعوم في اتجاه المجهول ... ويفتت من عزيمة المجددين ويهدر الطاقات عند حدود الخطوط الحمر المتعارف عليها من قبل النظام والبيرقراطية السائدة وفساد الادارات والمؤسسات الاعلامية ..... فهل ستنفع الشبكة العنكبوتية فيما فشلت به الصحافة الورقية في سوريا مجرد سؤال ورأي
تحقيق كردي
قارئ من ذلك الزمان -لا أدري اذا كان التحقيق موضوعيا في وصف الحال السوري، الكاتب كردي وضيوفه أكراد، ألم يأخذ يعين الاعتبار الكاتب الشرائح أو القوميات الأخرى، بعين الاعتبار، رغم أن التحليل بالنهاية تناول سورية وليس الاكراد فحسب، لماذا يقع الكاتب في مثل تلك الهفوات التي تبعد تحليله عن الموضوعية والمنطقية
رد على التعليق 3
ارام -بالفعل الكاتب وضيوفه أكراد، لكن لم ترد كلمة كردي، والحديث جاء في إطاره الوطني العام، والأكراد جزء مهم من سوريا واستغرب أن بعض الاصوات تحاول عزل الاكراد عن النسيج السوري العام. فإذا كنت قارئ من ذلك الزمان فحاول ان تفهم هذا الزمان.