الولايات المتحدة أمام معضلة تحجيم المُطَّلِعين على أجندة أسرارها
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
جاءت سلسلة التسريبات المعلوماتية التي بادر إلى نشرها أخيرًا موقع "ويكيليكس" الشهير لتقدم درساً بالغ القسوة والوضوح لأي منظمة تحتفظ بأسرارها على شبكات حاسوبية. حيث تكون هناك بعض الأمور الضارّة في عصر الإنترنت، مثل وجود شخص ما يكون على دراية ببواطن الأمور، وتكون في حوزته كلمات المرور الصحيحة.
أكد تقرير أن البرقيات الدبلوماسية المسرّبة عبر موقع "ويكيليكس" تبين حجم التحدي الذي تواجهه الولايات المتحدة في ما يتعلق بتتبع ومراقبة موظفيها الموثوق بهم، وذلك حسب ما نشرت اليوم صحيفة "شيكاغو تريبيون" الأميركية.
وقد اتضح، وفقاً لما ذكرته الصحيفة، أن البنتاغون كان على دراية بذلك بالفعل. ففي شباط/فبراير الماضي، استأجرت وزارة الدفاع هاكر سابقا لقيادة برنامج بحوث يعنى بالكشف عن التجسس الرقمي من جانب الموظفين. وذلك قبل أن يقوم أحد محللي الجيش الاستخباراتيين الساخطين باستخدام صلاحياته التي تمكنه من الوصول إلى شبكة الحواسيب، ليدعم أكبر عملية كشف عن معلومات سرية متعلقة بالأمن القومي في تاريخ أميركا. (في إشارة إلى الجندي برادلي مانينج، الذي كان يعمل محللاً في الجيش الأميركي، ويشتبه في أنه قام بتسريب آلاف الوثائق المتعلقة بالحرب في أفغانستان).
ومضت الصحيفة تشير إلى أن بيتر زاتكو، المعروف في عالم القرصنة بـ "مادج"، هو الشخص المسؤول عن برنامج تهديدات الإنترنت الداخلية التابع لوكالة مشاريع البحوث الدفاعية المتقدمة، واختصارها (DARPA)، التي جرى تأسيسها في عام 1958 رداً على قيام الاتحاد السوفيتي بإطلاق قمر اصطناعي عُرِف وقتها بـ "سبوتنيك".
ونقلت الصحيفة في هذا الجانب عن زاتكو، الذي بدأ عمله في مجال القرصنة حين كان مراهقاً في ثمانينات القرن الماضي، ثم قام بتغيير نشاطه للمساعدة في حماية النظم الحكومية خلال عقد التسعينات، قوله "أقوم بكلا الدورين الهجومي والدفاعي. وقد كنت ذلك الشخص المكلف باختراق الأنظمة، وقد تم تكليفي أيضاً بالدفاع عنها".
مع هذا، أكدت الصحيفة أن برنامجه ما زال يحتاج سنوات كي يسفر عن حلول منتشرة، لأن التكنولوجيا مازالت في مهدها. وقال في هذا الشأن ستيفن أفترغود، المسؤول عن تقفي أثر الاستخبارات السرية لمصلحة اتحاد العلماء الأميركيين، إن تسريبات ويكيليكس الأخيرة كشفت في غضون ذلك أيضاً عن أن البنتاغون قد فشل في انتهاج تلك الخطوات الأساسية التي تعنى بحماية المعلومات الحساسة، مثل اكتشاف ومنع عمليات تحميل المعلومات المختلسة وغير المصرح بها.
وفي تعليق له على تسريبات ويكيليكس الأخيرة التي اشتمل آخرها على ما يقرب من 250 ألف برقية دبلوماسية، أكد أفترغود أنه "لم تكن هناك مواد بالغة السرية، ولم تكن هناك معلومات استخباراتية فجة، ولم يكن هناك وجود أيضاً للأشياء الأكثر حساسية. لكن الفكرة هنا تتلخص في أنه قد بات بمقدور أي شخص أن يصل إلى أحد منافذ اليو إس بي في شبكة الحواسيب ثم يقوم بتحميل ما يريده من محتوى معلوماتي - وهو الأمر الذي يمكن إدراجه في نطاق الممارسات الأمنية الرديئة".
ولفتت الصحيفة إلى أن البنتاغون بادر إلى اتخاذ بعض الخطوات الفورية لمنع عمليات التحميل غير المصرح بها للمعلومات السرية، بما في ذلك تعطيل الأقراص التي تسمح للمستخدمين بتسجيل وإزالة البيانات. فيما أوضح كريس برين، المسؤول الإعلامي في البنتاغون، أن وزارة الدفاع تقوم كذلك بتثبيت نظم كشف أساسية مشابهة لتلك التي يتم استخدامها من جانب شركات بطاقات الائتمان لكشف ورصد الاحتيال.
بيد أن خبراء متخصصين في أمن الإنترنت ذكروا أن تلك النظم تواجه مشكلات في الكشف عن أنواع التشوهات الخفية التي يمكنها إفشاء سر شبكة تجسس متطورة. وهي الثغرة التي يتدخل لمعالجتها ذلك البرنامج الذي يقوده خبير القرصنة، زاتكو. وقالت الصحيفة في هذا الصدد إن هذا البرنامج سيمنح جوائز للشركات التي تقترح سبل الكشف عن النشاط غير اللائق من جانب المستخدمين المنتشرين عبر مجموعة واسعة من الأنظمة الحكومية السرية.
ولفت آلان نوركويست، الرئيس التنفيذي لشركة Veriphyr المتخصصة في أمن الإنترنت والمتقدمة بطلب للحصول على تمويل، إلى أن هذا البرنامج يهدف على سبيل المثال إلى إيجاد شبكة من الموظفين الفاسدين الذين يبدو سلوكهم طبيعياً في العزلة، لكن يشكل تهديداً إن اجتمعوا.
ويعتقد مسؤولون أن سرقة المواد التي تسببت في سلسلة التسريبات الأخيرة التي نُشِرت على موقع ويكيليكس، بما في ذلك برقيات وزارة الخارجية التي أزيح عنها النقاب يوم الأحد، كانت بسيطة في تنفيذها. وفي مفاجأة أخرى، نقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين قولهم إن الشبكة العسكرية الآمنة التي استقى منها الجندي برادلي مانينج تلك المعلومات التي قام بتسريبها، متاحة أمام ما يقرب من 500 ألف شخص.