خبراء: قرار إسرائيل بالانسحاب من الغجر يربك لبنان
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
يرى خبراء أن انسحاب إسرائيل من شمال الغجر سيربك السلطات اللبنانية في حال تنفيذه.
بيروت: يرى خبراء أن الانسحاب الإسرائيلي من شمال بلدة الغجر على الحدود مع لبنان، في حال تنفيذه، سيربك السلطات اللبنانية، التي لم تعلق حتى الآن رسميًا على الإعلان الإسرائيلي، وقد لا ترى فيه نصرًا دبلوماسيًا كما كان متوقعًا.
وإذا كانت الأزمة السياسية التي تحول دون التئام مجلس الوزراء اللبناني منذ أكثر من شهر هي السبب المعلن لعدم اتخاذ موقف رسمي علني من الموضوع حتى الآن، فإن الإشكالية الحقيقية في مسألة الانسحاب الإسرائيلي من الغجر تكمن في واقع البلدة الجغرافي والاجتماعي.
ويقول تيمور غوكسيل الناطق سابقا باسم القوات الدولية في الجنوب والأستاذ الجامعي في العلاقات الدولية إن "سكان الغجر لا يريدون أن يكونوا جزءًا من لبنان. يقولون إن لا شيء يربطهم بلبنان، تاريخيًا وسياسيًا واجتماعيًا". ويضيف "إذا أصبحوا لبنانيين، سيخسرون كل الامتيازات التي يحظون بها كمواطنين إسرائيليين".
ويبلغ عدد سكان البلدة 2200 شخص، معظمهم من السوريين العلويين يحصلون على كل الخدمات الصحية والاجتماعية من الدولة الإسرائيلية. ولم يعترف سكان الشطر الشمالي من الغجر بلبنانيتهم منذ تحديد الحدود أيام الانتداب الفرنسي لدى إعلان دولة لبنان الكبير وإلحاقهم بلبنان.
واحتلت إسرائيل الغجر بشطريها في 1967 مع هضبة الجولان السورية المتاخمة. ومنذ ضم الجولان العام 1981، حصل السكان على جنسيات إسرائيلية. وفي العام 2000، بعد الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب بعد 22 سنة من الاحتلال، أعاد الخط الأزرق الذي رسمته الأمم المتحدة ليقوم مقام الحدود بين لبنان وإسرائيل تقسيم البلدة إلى قسمين، لبناني في الشمال، وسوري ظل محتلاً من إسرائيل.
وعادت إسرائيل واحتلت البلدة خلال حرب تموز/يوليو 2006 مع حزب الله. ونص القرار الدولي 1701 الذي وضع حدًا للنزاع في آب/أغسطس، على انسحابها من شمال الغجر. ووافقت الحكومة الإسرائيلية في 17 تشرين الثاني/نوفمبر على خطة لسحب قواتها من الشطر الشمالي، الأمر الذي يعترض عليه سكان البلدة.
وأفاد مسؤولون إسرائيليون أن الإشراف على البلدة سيسلم إلى القوات الدولية الموقتة المنتشرة في جنوب لبنان، وأن هذه القوات "يونيفيل" ستنتشر في محيط الشطر الشمالي، وليس داخل البلدة. وفي حال تم الانسحاب، سيكون 1700 من سكان البلدة في الجانب اللبناني، و500 في الجانب الإسرائيلي. وقد يؤدي تقسيم البلدة إلى منع عائلات يتوزع أفرادها بين الشطرين من التلاقي.
ويوضح الخبير في شؤون سوريا ولبنان أندرو تايبلر من معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى لوكالة فرانس برس "الخطة تقضي أساسًا بالعودة إلى ما كان عليه الوضع قبل 2006". ويؤكد تايبلر الذي زار الغجر أخيرًا في إطار أبحاثه، "ستقتصر الدوريات الإسرائيلية على قسم البلدة الواقع جنوب الخط الأزرق، وسيبقى السياج الأمني الإسرائيلي الذي يفصل بين شمال الغجر و(بقية أراضي) لبنان قائمًا في انتظار حل نهائي".
ويضيف "البحث جار في من هي الجهة التي ستقوم بالدوريات في الجانب الشمالي من الخط الأزرق"، مستبعدًا أن تقبل إسرائيل بدخول الجيش اللبناني. وكان الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله وصف أخيرًا الانسحاب الإسرائيلي المفترض بانه "احتلال مقنع".
ودعا إلى "خروج الإسرائيلي من الجزء اللبناني من الغجر كليًا، مدنيًا وأمنيًا وعسكريًا. وإذا أرادت الحكومة اللبنانية إرسال الجيش ترسله. وإذا أرادت إرسال قوى الأمن أو الأمن العام أو الجمارك فهي حرة". وأكد أن "لا علاقة للإسرائيلي أن يقول من يدخل إلى الجزء اللبناني إلى الغجر ومن لا يدخل".
كما تطرق إلى "المشكلة الإنسانية"، معتبرًا أن "الحل المنطقي والواقعي والسليم والقانوني والأخلاقي والشرعي هو انسحاب إسرائيل من كل الغجر، وليس فقط من الجزء اللبناني"، فيبقى أهل البلدة مع بعضهم. ورفض متحدث باسم اليونيفيل ردًا على سؤال لوكالة فرانس برس إعطاء تفاصيل حول مضمون المحادثات التي تجريها القوة الدولية مع المسؤولين الإسرائيليين، إلا أنه أشار إلى أن اليونيفيل ستعمل على تأمين دخول الجيش اللبناني إلى شمال الغجر.
وقال المتحدث نيراج سينغ "إننا ندفع في اتجاه تنفيذ الانسحاب الإسرائيلي من شمال الغجر منذ 2006"، مضيفًا "هذا أمر يتوجب على إسرائيل تنفيذه بموجب القرار 1701". وتابع "إلى جانب التحقق من الانسحاب الإسرائيلي، تقضي مهمة اليونيفيل بمؤازرة حكومة لبنان على إعادة سلطتها الفعلية في الجنوب، وهذا يشمل انتشار الجيش اللبناني".
ويستبعد الخبراء أن تنفذ إسرائيل قرارها الذي تشوبه تعقيدات كثيرة في وقت قريب. فيقول غوكسيل "من الواضح أن إسرائيل ستحاول فرض شروطها. لكن ماذا لو قالت إسرائيل نعم سنغادر، ولكن الجيش اللبناني ممنوع من الدخول. ماذا يحصل عندها؟".
ويرجّح تايبلر أن يطول الأمر ربما "حتى توقيع اتفاق سلام بين سوريا وإسرائيل، ثم بين إسرائيل ولبنان. عندها، سيكون لكل حادث حديث".