صحف باكستان تعتذر عن نشر برقيات ويكيليكس مزوّرة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
تقول صحف باكستانية إنها انخدعت حين نشرت برقيات دبلوماسية أميركية تهاجم السياسات الهندية وتتحدث عن جرائم حربيرتكبهاجنرالات نيودلهي،حيث اتضح لاحقا أن الوثائق مزورة، وقدمت بعض هذه الصحف اعتذارا لقرائها.
لندن: اعترفت صحف باكستانية، بما فيها اثنتان من الكبريات، بأن خدعة انطلت عليها بنشرها برقيات دبلوماسية أميركية تهاجم السياسات الهندية، اتضح في آخر الأمر أنها مزوّرة.
وتركز هذه البرقيات على الجنرالات الهنود قائلة إنهم "مختالون خُرقاء ولا يتورعون عن ارتكاب فظائع الحرب والقتل الجماعي في كشمير". لكن صحيفة "ذي نيوز" أقرت بأن البرقيات "مزروعة"، بينما قدمت "اكسبريس" - اليسارية الميول والتي تنشر الوثائق بالتعاون مع "انترناشونال هيرالد تريبيون" - "اعتذارا بلا حدود" لقرائها.
السفير الأميركي ديفيد ملفورد
وتشمل البرقيات انتقادات شخصية لبعض الجنرالات الهنود وتصف قائد القوات المسلحة، الجنرال ديباك كابور، بأنه "ممتلئ بنفسه وعكر المزاج وذو ردات فعل لا تتناسب مطلقا مع المواقف بسبب افتقاره للكفاءة العسكرية". ويقول بعضها إن الاستخبارات الهندية تموّل الأصوليين الإسلاميين في حزام القبائل الباكستانية وأيضا جماعات الهندوس المتطرفة في الهند.
وبالمقابل ينهمر الثناء على الجنرالات الباكستانيين من هذه البرقيات التي تعفي أيضا جهاز الاستخبارات الباكستاني "آي إس آي" من أي مسؤولية له في الإعتداءات الإرهابية الدامية على مومباي في العام 2008.
شاهد من أهلها
وفقا لصحيفة "غارديان" البريطانية - وهي إحدى خمس صحف عالمية تتمتع رسميا بحق نشر البرقيات المسربة بالتزامن مع نشرها على موقع ويكيليكس - إنها بحثت في قاعدة معلوماتها عن البرقيات المنشورة على خمس صحف باكستانية على الأقل ولم تعثر لها على أي أثر.
ويظل المصدر الذي نبعت منه الوثائق المزورة مجهولا. وقالت "ذي نيوز" إن تدحرج الكرة بدأ على الأرجح في "اونلاين"، وهي وكالة أنباء صغيرة في إسلام اباد. لكن مالك الوكالة، محسن بيغ، قال إن طاقم العاملين لديه لا يعلمون المصدر على وجه الدقة. ولاحقا قال رئيس تحريرها إن بعض المحررين التقطوا البرقيات بعد البحث عبر موقع "غوغل".
العكس صحيح
"باكستانيون يطالعون "ذي نيوز" في إسلام أباد
تقول "غارديان" إن المفارقة تكمن في أن بعض برقيات الدبلوماسيين الأميركيين الحقيقية تشير إلى العكس تماما مما جاء في المزورة. فقد ورد في هذه الأخيرة أن الحكومة الهندية قتلت مواطنها المحقق هيمانت كركار لمنعه من سبر أنشطة الجماعات الهندوسية المتطرفة.لكن الواقع هو أن برقيات السفير الأميركي في نيودلهي، ديفيد ملفورد، العام 2008 كتب أن هذه المزاعم "تفتقر إلى أي أساس من الصحة وتعود إلى خيال جامح". وينتقد السفير بشدة وزيرا من حزب "المؤتمر" كان قد أعلن أنه يجد مصداقية في الإتهام الموجه للحكومة. فيقول إن الوزير "فعل هذا فقط لإرضاء المسلمين كما هو الحال مع بعض قادة "المؤتمر" ذوي التفكير السياسي المعوج".
واتضح أن ما زعمته البرقيات المزيفة عن قائد الجيش الهندي، الجنرال ديباك كابور، من أنه "ممتلئ بنفسه وعكر المزاج ويفتقر إلى الكفاءة العسكرية" خال من الصحة أيضا. فقد ورد اسم هذا الجنرال أربع مرات في البرقيات الحقيقية وكانت الإشارة إليه إيجابية في جميعها، بل إن واحدة وصفته بأنه "خصم لباكستان لا يشق له غبار".
سحّاباتكم مفتوحة
تثير قضية البرقيات المزورة حاليا جدلا واسع النطاق حول الإعلام الباكستاني النشط الذي شهد توسع رقعته كثيرا بعد ظهور عشرات الصحف والمجلات والقنوات التلفزيونية في السنوات الأخيرة.
الجنرال ديباك كابور
وقال أفضل خان، المدير السابق لوكالة "اسوشييتد برس اوف باكستان" الرسمية: "هذا حال مزر. كيف غاب على رؤساء التحرير ما تراه العين بجلاء وهو أن البرقيات مزروعة"؟ ومن جهته قال المعلق السياسي نديم فاروق مخاطبا رؤساء التحرير الباكستانيين على موقع "تويتر" الإلكتروني: "سادتي.. سحّابات بناطيلكم مفتوحة".على أن جوشوا كيتينغ، رئيس التحرير المشارك في "فورين بوليسي" قال إن ويكيليكس نفسها تتحمل قسما من المسؤولية. وقال: "نشر الوثائق بالقطّارة وحقيقة أن المنشور حتى الآن نذر أقل من يسير من ربع المليون وثيقة يسهّل المهمة كثيرا على من أراد دس برقيات مزورة لأغراض دعائية".
حالة إنكار
بالرغم من كل ذلك، فإن العديد من وسائل الإعلام الباكستانية اليمينية لا تزال مصرّة على إنكار أن تكون البرقيات مزورة. وعلى سبيل المثال، نشرت صحبفة "ذي نيشن" افتتاحية الجمعة قالت فيها إن "شهادات الدبلوماسيين الأميركيين التي لا مراء فيها تكشف الوجه الحقيقي للهند". كما تصر صحف كبرى تصدر بالأوردو وتتفوق توزيعا على رصيفاتها الصادرة بالإنكليزية - مثل "جنغ" و"نوائي وقت" - على أن البرقيات صادرة فعلا عن الدبلوماسيين الأميركيين.
وردا على ما أوردته "غارديان" البريطانية من أن البرقيات المزورة "أول استغلال إعلامي من أجل الدعاية السياسية"، قال المعلق التلفزيوني الباكستاني أحمد قريشي إن "غارديان ونيويورك تايمز ودير شبيغل (الحاصلة على حق النشر من ويكيليكس) مجرد أدوات في يد المؤسسة في كل من بريطانيا وأميركا وألمانيا على التوالي".