هل كان رونالد ريغان مخبراً لـ "أف بي آي"؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
بمناسبة الذكرى المئوية لميلاد رونالد ريغان في 6 من الشهر المقبل، يتساءل الكاتب الأميركي جون ميروني في كتاب يصدره في ذلك التاريخ: هل كان ريغان مخبرا سريا لمكتب التحقيقات الفيدرالي "أف بي آي" يقدم له أسماء من يشتبه في انهم شيوعيون عندما كان ممثلا سينمائيا في الأربعينات؟
في كتاب جديد يصدر بمناسبة الذكرى المئوية لميلاد رونالد ريغان في 6 من الشهر المقبل يبحث الاميركي جون ميروني عن علاقة ريغان مع "أف بي آي".
السؤال نفسه ليس جديدا لأنه ظل يطرح منذ ذلك الوقت، وأعادته الى الأضواء صحيفة ""سان خوزيه ميركيوري نيوز" في العام 1985 (خلال توليه الرئاسة) عندما خرجت بمقتطفات من ملفه في أف بي آي وأحدثت بها ضجيجا عالميا صاخبا.
وكان "التلميح" هو أن ريغان يتعاون مباشرة مع مدير الكمتب الفيدرالي وقتها، جيه إدغار هوفر، في إطار حربه الضروس على الشيوعيين المعروفة باسم "الخطر الأحمر".
الإجابة على السؤال، وفقا لميروني في مقال له على صفحات "لوس انجليس تايمز"، هي: ربما. لكنه يسارع الى القول إنه لم يكن مخبرا "سريّا"، بمعنى أنه كان يقول لأف بي آي ما كان يقوله علنا عن هوليوود التي عرفها.
ولم يكن هو الذي يذهب الى المكتب الفيدرالي وإنما كان عملاؤه هم من يأتي اليه. وفوق ذلك كان ما يقدمه لهم من معلومات معروفا لديهم سلفا. وعلى هذا الأساس فلم يكن " يهوذا الإسخريوطي"، على حد قول الكاتب.
بدأت علاقة ريغان بأف بي آي عندما كان في الثانية والثلاثين من العمر، ولم تكن تتعلق بالشيوعية وإنما بالنازية. ويوضح ملفه قوله إنه أراد توجيه لكمة الى شخص ما عبّر عن آرائه المعادية لليهود في إحدى الحفلات الهوليوودية. وعرفت عنه معاداته لمنظمة "كو كلاكس كلان" العنصرية التي ألقت على عاتقها قتل السود ومعاداته للعنصرية عموما.
وفي هذ الصدد أشار ريغان في برنامج إذاعي كان يقدمه الى حادثة في تينيسي تعرض فيها جندي أسود لضرب مبرح من مجموعة من ضباط الشرطة البيض فقد فيه عينه.
وقال: "من المهم لكل مواطن في جنوب كاليفورنيا أن يكون على استعداد تام للتعاون مع رجال الأمن الذين يسعون لوقف هذا النشاط الإجرامي. عليه ايضا أن ينضم الى صفوف المنظمات المدنية التي تجاهد لإحلال التفاهم والوحدة بين مختلف شرائح المجتمع بدون تمييز على أساس العقيدة أو العنصر أو اللون".
وفي ما يتعلق بكون ريغان مخبرا عن الشيوعيين في هوليوود، فلم يكن ذا منفعة حقيقية بالنسبة للمكتب الفيدرالي ولم يقدم له ما لا يعلمه سلفا. وهذا بسبب أنه لم يكن على دراية بما يحدث وراء أبواب الحزب الموصدة. وكان الشيوعيون أنفسهم يبذلون قصارى جهدهم لإخفاء هوياتهم فيستخدمون الشيفرة رموزا وأرقاما في التخاطب بينهم. والواقع أن معلومات أف بي آي عنهم كانت تأتي من منشقين عنهم أو من عملاء فيدراليين تمكنوا من التسلل الى صفوفهم. فما الذي يكشفه الملف عن دور ريغان فعلا؟
في إحدى الجلسات مع عملاء المكتب تحدث ريغان وزوجته وقتها، الممثلة جين وايمان، عن مجموعتين داخل "جمعية الممثلين السينمائيين" قالا إنهما يشكان في ميولهما الشيوعية. لكن ريغان، تبعا لميروني، لم يكن يسر بهذا للعملاء لأنه كان يقوله لكل من كان مستعدا للإصغاء.
ويكشف الملف ايضا أنه كان يجادل بالقول إن للناس الحق القانوني في تبني الفلسفة الشيوعية. لكنه كان يؤمن أيضا بمقولة مثله الأعلى، الرئيس فرانكلين روزافلت، من أنه "لا حق أميركيا لهم في تخريب الحكومة أو دستور الأمة".
وكما قال ريغان، فقد كانت ممارسات داخل بعض النقابات والجمعيات المدنية العمالية (اليسارية) تزعجه بشكل خاص. وأورد من هذه حادثة في لقاء نقابي انتقد فيه أحد الحضور قيادة النقابة.
وقال: "بإشارة من الزعيم، سارع بعض الأشقياء الغلاظ للإمساك بذراعي الرجل وجرّوه وألقوا به خارج القاعة. وانتهى هذا الفصل السخيف بسؤال من الزعيم: "هل من شخص آخر يريد انتقاد القيادة"؟
ويقول ريغان إنه شهد في اجتماعات نقابية أخرى القيادات وهي تحرم الأعضاء من الاقتراع الحر على مسائل رئيسية، وتتخذ القرارات منفردة خلف أبواب مغلقة. وفي حال طرح أمر ما للتصويت العام وكانت القيادة تعلم ان الناتج لن يتفق مع ميولها، لجأت للتلكؤ في بدء عملية الاقتراع الى أن يُنهك الأعضاء ويغادر معظمهم القاعة. وقال إنه في واحدة من حادثات كهذه، استيقظ الأعضاء صباحا على نبأ أنهم صوتوا بالإجماع على إدانة سياسة الرئيس هاري ترومان المتعلقة بالحرب الباردة.
الثابت هو أن ريغان لم يكن مغرما بأصحاب الميول اليسارية دعك من الشيوعية. وقد تأكدت مقولة إنه كان يشك في وقوع النقابات والجمعيات في ايدي الشيوعيين في منتصف الخمسينات خلال جلسات قضائية كانت تنظر في هذا الأمر.
ومعروف أنه استقال من كل تلك التي تمتع بعضويتها بعدما أعلن أف بي آي أنها واجهات مشروعة للشيوعية المحظورة، وأيضا بسبب ما اعتبره إخفاقا من جانبه وجانب "الليبراليين" الآخرين في التأثير "الإيجابي" عليها.
ويقول ميروني أخيرا إن من الخطأ تصنيف ريغان في خانة المخبرين السريين لأف بي آي في هوليوود أو اعتباره جنرالا في حرب مديرها هوفر على الشيوعيين، لأنه لم يقدم لأي منهما جديدا يفيدهما بشيء.
ويخلص الكاتب الى أن اتخاذ ريغان موقفه المعادي للشيوعية لم يكن ناتجا مباشرا لحرب المكتب الفيدرالي عليها، وإنما لأن ما شاهده من ممارسات داخل أروقة اليسار حولته في غضون أسابيع من "ليبرالي غير شيوعي" الى "ليبرالي معاد للشيوعية". وبكلمات ريغان نفسه فإن أميركا "لم تدخل في نوبة هستيريا خلقت الحرب الباردة، لأن هذه الحرب كانت قائمة أصلا".