إيران المعنيّة أساسًا بالعقوبات تستفيد من الاستثناءات
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
رغم القرارت العديدة التي اصدرتها الولايات المتحدة خلال العقد الاخير والتي تتضمن فرض عقوبات على ايران ودول اخرى وضعتها واشنطن على لائحتها السوداء، تمكنت ايران وبعض هذه الدول من الاستفادة من ثغرات تخللتها تلك القرارات ومنحتها عقد صفقات اقتصادية مع شركات اميركية.
وبرغم هذا فقد خرجت الى العلن حقيقة أن واشنطن سمحت لآلاف الشركات الاميركية بالمتاجرة بمليارات الدولارات مع ايران وعدد آخر من الدول على تلك اللائحة.
فقد استجاب مكتب صغير داخل وزارة الخزانة لطلبات شركات مثل "بيبسي كولا" و"كرافت" وطائفة من أكبر البنوك الأميركية بإرخاء القيود. وبناء على هذا أعطى المكتب الضوء الأخضر لقرابة 10 آلاف شركة أميركية بالتعامل التجاري مع أنظمة ومؤسسات توجد اسماؤها على لائحة الحظر.
والثغرة التي وجدها مكتب صغير في وزارة الخزانة يعنى بتنظيم مسألة العقوبات، عبارة عن بند في قانون العقوبات ينص على استثناء المساعدات الإنسانية والطبية.
لكن صياغة البند - تبعا لتقرير لـ "نيويورك تايمز" - مطّاطة بحيث صارت المساعدات الإنسانية تشمل أشياء مثل السجائر والعلكة والمشهِّيات وعقاقير خفض الوزن وكمال الأجسام والمعدات الرياضية (تباع للمؤسسة المسؤولة عن تدريب الفريق الأولمبي الإيراني، على سبيل المثال).
بند استثناء المساعدات الإنسانية والطبية نفسه أُضيف العام 2000 وجاء نتيجة مباشرة لعامليْن هما الشدة الاقتصادية (في الولايات المتحدة) والضغوط السياسية. فقد كان المزارعون الأميركيون يواجهون أزمنة صعبة وانخفاضا حادا في الأسعار داخليا وأيضا في حجم الصادرات. ولهذا - وبعون بعض الساسة - الذين سعوا لارتياد أسواق أخرى تتمثل في الدول التي تواجه عقوبات أميركية تمكنوا من ابتداع مسألة الاستثناء لأسباب إنسانية وطبية.
كما ان الشرط الرسمي لاستثناء شركة أميركية معينة من التعامل مع دولة محظور الاتصال بها هو أن يكون في هذا الاستثناء "خدمة لأهداف السياسة الخارجية الأميركية". وثمة شركات عديدة تفي بهذا الشرط فعلا مثل تلك العاملة في مجال الإغاثة من المجاعة في كوريا الشمالية، أو العاملة في مجال اتصالات الإنترنت في ايران بغرض ترقية الديمقراطية.
على أن شيئا من التفحّص يكشف أن هناك حالات عديدة أخرى تصبح معها "خدمة أهداف السياسة الخارجية الأميركية" غير واضحة المعالم. فمثلا، سُمح لشركة بمساعدة إيران على تشييد أنبوب يساعد طهران في نقل غازها الطبعي لأوروبا رغم أن واشنطن تعترض - رسميا - على مشاريع كهذا.
وسُمح أيضا لشركات أخرى بالتعامل مع نظيرات أجنبية يعتقد أن لها أنشطة في سوق الإرهاب و/أو المساعدة على اتنشار الأسلحة. وفي حالات عديدة فإن هذا يتم بفضل تدخل سياسي رفيع المستوى لصالح الشركة الأميركية الساعية للاستثناء.
والجهة الموكلة اليها مسألة العقوبات في وزارة الخزانة الأميركية هي "مكتب تنظيم الأصول الخارجية" المخوَّل له اتخاذ الاستثناءات بالتنسيق مع وزارة الخارجية. وقد رفض هذا المكتب تقديم اي سجلات له في هذا الخصوص الى أن رفعت "نيويورك تايمز" دعوى قضائية عليه بموجب قانون حرية المعلومات.
وفي ختام المداولات القضائية، التي استمرت ثلاثة أعوام، أفرج المكتب عن قائمة بالشركات التي حصلت منه على الاستثناء فاتضح انها قرابة 10 آلاف شركة. وأفرج أيضا عن تفاصيل الصفقات الخارجية المتعلقة ولكن بما يربو قليلا عن 100 شركة فقط.
وحتى هذه المعلومات لم تسلم من "التحرير" الحكومي المكثف بزعم ان العديد من الوثائق يحوي أسرار تجارية وشخصية قد تتعلق بالأمن القومي. ومع ذلك فإن هذه الوثائق تقدم رسالة مفادها أن معايير العقوبات لا تتناسب في أحيان عديدة مع نظام الترخيص الحكومي نفسه و/أو أهداف السياسة الأميركية الخارجية.
وفي أحيان أخرى تجد أن الاستثناءات لا تتعدل بتغير الظروف التي دعت اليها في المقام الأول. وعلى سبيل المثال تمكنت شركات أميركية من استيراد سلع رخيصة من كوريا الشمالية بعد إرخاء العقوبات على نظام بيونغ يانغ لدى إعلانه نيته التخلي عن مشروعه النووي، ولم تشدد العقوبات مجددا عندما نكص عن وعده.
ويقول ستيوارت ليفي، وهو "رأس الحربة" في ما يخص عقوبات الإدارة الأميركية الحالية، إن التركيز على الاستثناءات "انهماك في التفاصيل الصغيرة بحيث يغفل المرء الأساسيات".ويشير الى ان الاستثناءات محدودة العدد ولا تقارن بقوة القاعدة التي تجعل من العقوبات الأميركية الأشد في العالم.
ويضيف أن هذه العقوبات تتركز حاليا على إيران (بشأن برنامجها النووي)، وأن واشنطن - بعون حلفائها - اعتمدت سلسة من العقوبات الجارية الجديدة العام الحالي على نظام الملالي في طهران عزلته بالكامل تقريبا عن النظام المالي العالمي. ويمضي قائلا: "فليعلم الجميع أننا جادون الى أقصى حد ممكن في هذا الشأن ونعلم الكيفية التي تتيح للعقوبات طرح ثمارها المرجوّة".
ومع ان واشنطن أعلنت مجموعة جديدة من العقوبات على ايران الأسبوع الحالي، فإن دبلوماسيين وخبراء في الشؤون الدولية أبدوا قلقهم إزاء أن الاستثناءات التجارية - بغض النظر عن صغر حجمهما وما إن كانت لا تتصل بأي استخدامات عسكرية - تضعف في واقع الأمر سلطة الولايات المتحدة الأخلاقية والدبلوماسية. ويقول ستيوارت آيزنشتات، المشرف على العقوبات الأميركية في إدارة بيل كلينتون: "ما أن تسمح باستثناءات مطّاطة حتى تفتح ثغرة تكبر كل يوم. والحقيقة هي أن هذه الثغرة أسيئ استغلالها كثيرا".
ويضيف انه بالإضافة الى هذا فإنك تجد في دولة مثل إيران إن بعض العناصر داخل الحكومة تسيطر على قطاعات واسعة من اقتصاد البلاد. ولهذا يتعذر، وبشكل متزايد، الفصل بين نوع الاستثناءات التي تصب في منفعة المواطنين الإيرانيين وتلك التي تثري هذه العناصر الحكومية.
ودافعت وزارة الخزانة الأميركية على منحها تراخيص خاصة لشركات أميركية للتعامل مع إيران ودول أخرى متهمة بتمويل الإرهاب. وقالت إن السماح بتصدير الغذاء والدواء والتجهيزات الطبية ينسجم مع هدف الإدارة الأميركية المتمثل في عدم إيذاء الشعب الإيراني.
وذكرت الصحيفة أن القانون الذي صدر قبل 10 سنوات أعد بطريقة فضفاضة بحيث تضمنت المساعدات الإنسانية المسموح بها السجائر والعلكة وأدوية التخسيس والصلصة الحارة ومعدات رياضية بيعت لمعهد يدرب الرياضيين الاولمبيين الإيرانيين.
وأضافت أنها وجدت أنه تمت الموافقة على مئات التراخيص لأنها اعتبرت تخدم أهداف السياسة الخارجية الأميركية لكن الفحص وجد أيضا حالات لم تتضح فيها المنافع السياسية الخارجية. وقال مسؤول في وزارة الخزانة طلب عدم كشف اسمه إنه في معظم القرارات بالسماح للشركات الأميركية بالعمل في دولة خاضعة للعقوبات تمت الموافقة على التراخيص بهدف السماح للشركات بإنهاء عملياتها تدريجيا أو تنفيذ العقود القائمة أو تصدير مواد تعليمية.