غزة تبحث عن قوتها بين الأحجار الرخيصة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
يضطر الفلسطينيون في قطاع غزة للعمل في مهن خطرة على حياتهم بهدف توفير لقمة العيش، وبرزت في الآونة الأخيرة مهنة العمل في جمع الحصى، وتجهيز مواد خاصة للبناء منها، بهدف توفير لقمة العيش في ظل إستمرار الحصار الإسرائيلي على غزة.
حمزة البحيصي من غزة: قد لا تصدق كثيرًا ما تقرأه، ولكنك ستقف عاجزًا عن الوصف إذا ما شاهدت بأم العين أحد ابتكارات الحصار الذي يستمد وقود بقائه من إغلاق المعابر، ويتسبب في استفحال البطالة بين شرائح المجتمع الفلسطيني...
عشرات الدونمات من الأراضي التي غابت عنها ملامح السكن، إلى الغرب من مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة وتحديدًا في مستعمرة ما كان يعرف بـ غوش قطيف.. المكان أشبه بالصحراء، فالمشهد الخارجي يوحي بالهدوء لتكتشف خطأ ظنك هذا عندما تلج المنطقة: ينتظرك مشهد حقيقي لمواطنين يفترشون الأرض كلٌ على طريقته الخاصة، نبشٌ في الأرض، وطرقٌ بالآلات الحادة بأنواعها، وتحرك لعربات الكارو من مكان لآخر، وكأنه التنقيب عن الذهب والألماس، لكنه في الحقيقة تنقيب عن حصى زهيدة الثمن كفرصة لنيل لقمة العيش..
كان على "إيلاف" الجلوس بجوار أحد العائلات تراقب عملها لساعة من الزمن للشعور ولو قليلاً بما يشعر به هؤلاء تحت أشعة شمس الظهيرة..
مئات المواطنين هم شبان وصغار ونساء، جاءوا يجمعون الحصى لبيعها بأبخس الأثمان كي يوفروا قوت يومهم لاستمرار بقاءهم. فهذا إبراهيم الأقرع 39 عاما مع زوجته أم ثائر وأولادهم جاءوا من مدينة دير البلح للعمل في جمع الحجارة من باطن الأرض لبيعها كي يسترزقوا منها، يقول إبراهيم: " نبدأ العمل من الساعة السادسة صباحًا وننتهي منه عند السابعة مساءً، ونقضي كل وقتنا في هز الغربال والحفر في الأرض، للحصول على الحجارة التي نبيعها بأسعار تافهة ولكني مضطر لهذا العمل لأن عندي 9 أفراد جميعهم بحاجة للطعام والشراب ومطلوب مني أن أدفع لهم مصاريفهم المدرسية".
على كومة من الحجارة يجلس أحد أبنائه ويدعى ثائر جاء مع إخوته لمساعدة والديه في العمل، وعلى بعد أمتار قليلة تتربع أم ثائر على بساط متآكل تقول: "الذي شجعني على القدوم إلى هنا هو وجود نساء وأولاد صغار يعملون قبلنا هنا، وأولا ًوأخيرًا هذا رزقنا ورزق أولادنا، ونحن ليس لنا مصدر رزق ثابت، وهذا ما يدفعنا باستمرار للبحث عن أي فرصة عمل جديدة في غزة، وهذه فرصة هشة لا تسمن ولا تغني من جوع، فمجموع ما أحصله في اليوم الواحد 40 شيقل (ما يعادل 11 دولار تقريبا) مقابل تعبئة عربتين كارو، فالتاجر يدفع لنا 20 شيقل مقابل كل عربة، ولكن المشكلة هو أن العربة يجب أن تكون ممتلئة حتى نحصل على هذا السعر من التجار الذين يأتون إلى هذه المنطقة لشراء الحجارة بأنواعها".
أم ثائر التي تعمل ساعة بساعة، مطلقة العنان لساقيها بالحفر في الرمال الصلبة تتابع قولها:"كلما فحرنا في الأرض نجد بها الحجارة الصغيرة والكبيرة التي تكسبنا المال، ولكن تلك الحجارة ستنفذ من الأرض بعد شهر، وسنعود لنأكل التراب ونتجرع العلقم".
وتشير أم ثائر قائلة:"حياتنا صعبة جدًّا وهذا فوق ما يتصوره أي إنسان، فالعمل متعب وشاق جدا، ولكننا شعب أثقلته الهموم ويعاني باستمرار، ولكن إذا حاصرونا اليهود فربنا لن يحاصرنا ويفتح أمامنا أبواب الرزق في الأرض، وهذا رزق لنا، ولذلك نحن مضطرين لهذا العمل طوال النهار".
الدم بدأ يسيل من بين أصابعي بسبب لقمة العيش
أكرم سمري الأعرج وخمسة من بين أبناءه يبدءون عملهم من ساعات الصباح الباردة حتى المغيب يقول: "أبنائي 13 فردًا وجميعهم أطفال، بعضهم يساعدني في العمل ويحاولون فرز الحجارة حسب حجمها كي أقوم بتعبئتها في الأكياس، إضافة إلى زوجتي التي تعاونني في الحفر، لدرجة أن الدم بدأ يسيل من بين أصابعها، ولكن هذا أهون علينا من طلبات أطفالنا، فأنا لا أستطيع الصمود عندما يطلب مني أحد أبنائي حذاء للمدرسة مثلا".
وبينما نتحدث مع أكرم أخذ قسطًا من الراحة ليتكئ على الأرض ويتابع حديثه قائلا: "عملنا متعب وسبب لي آلام حادة في ظهري، ولكن مرضي أهون علي من الموت قهرًا أمام أبنائي، فيجب أن أطفح الدم في لقمة عيشي حتى أطعم أبنائي، وإلا من أي مكان سأطعمهم سوى من الأرض".
ويشير أكرم:"جميع من يعملوا هنا هم من طبقة العمال ويعملون من القلة وسوء الحال، ولو أن لدينا عمل غير ذلك لما جئنا إلى هنا، ولكن فقرنا وسوء حالنا هو ما يدفعنا إلى ذلك".
وحول طبيعة العمل يضيف:"نحفر متر ونصف المتر في الأرض، وأحيانا نجد الحجارة وأحيان أخرى لا نجدها ويضيع عملنا هباء منثورا، وما زاد الطين بلة أن الحكومة مترددة في السماح لنا بالحفر فأحيانا يعارضوا ذلك وأحيان أخرى يسمحوا لنا بالحفر، ولا أحد يعلم أن ما نحصله من وراء هذا التعب كله هو 50 شيقل يوميًا (ما يعادل 13 دولار تقريبا) لا تكفي لإطعام أولادي".
ألف مواطن يعملون في هذه المشقة اليومية
في حفرة عرضها 5 أمتار وبعمق مترين ونصف المتر يحني الشاب محمد أبو إسماعيل 25 سنة ظهره، وتبدو عليه علامات الإرهاق، قال لـ "إيلاف": "نحفر بعمق 4 أمتار تحت الأرض كي نستطيع الحصول على الحجارة الكبيرة والحصى، ولو أن جرافة جاءت لتحفر في هذه الأرض لما استطاعت لأن الأرض صلبة جدا، فأنا أمضيت 5 أيام على التوالي وأنا أحفر هذه الحفرة الصغيرة كي أصل إلى للحجارة الكبيرة".
وعن أعداد العاملين في جمع الحجارة يذكر محمد: "ألف مواطن هنا يعملون في هذه المهنة الشاقة، ونستطيع القول أننا فتحنا باب رزق جديد، وليس أمامنا مجال للعمل سوى هذه المشقة اليومية، فهي مصدر رزق لنا".
العمل هو ذاته يتكرر في كل يوم، لا شيء جديد سوى البحث عن الحجارة إما تحت المطر أو أشعة الشمس وفي كلا الأحوال يتذكر محمد: "أكثر ما يرهقني هو بكاء زوجتي اليومي، فهي تتألم دائمًا بسبب هذا العمل المتعب، ولكنها في الوقت نفسه تحاول أن تخفف عني، ولكني أقول في داخلي أنه يكفينا تسول وصدقات من الناس، ويجب علينا العمل طالما أننا أقوياء".
ويشير محمد: "المشكلة أننا اليوم نجد هذه الحجارة في الأرض ولكن بعد فترة قصيرة لن نجدها وبالتالي سينتهي عملنا، إضافة إلى أن ما نكسبه لا يكفي إلا لقضاء احتياجاتنا اليومية، لأن التجار يقوموا باستغلالنا، وكل يوم يفرضون علينا أسعار مختلفة، وعدد كبير منهم ليسوا تجار، فقد أصبحوا تجار بفعل الحالة القائمة وأرادوا الاسترزاق من وراءها".
أبو عبد الله جاء إلى المنطقة لمقايضة المواطنين في الحجارة التي يستخرجونها يقول: "من قلة مواد البناء جئت إلى هنا، ولم يكن لدي أي تفكير للعمل في هذه الطفرة، وما فعلته فقط هو أنني قمت بشراء عدة أكياس من الحجارة لبناء غرفة ثانية لأبنائي، فأنا لدي 7 أولاد يسكنون في غرفة واحد، واستطعت أن أخذ كل كيس بـ اثني عشر شيقلا (ما يعادل 3 دولارات)".
ويضيف أبو عبد الله: "الفكرة تطورت معي بعد طلب وسؤال المواطنين الدائم عن الحجارة وكيفية الحصول عليها، لأن غزة محاصرة ومواد البناء وخاصة الحصى لا تدخل من المعابر، فما كان مني إلا أن قمت بجمع مبلغ من المال من بعض العائلات كي أشتري لهم الحجارة لاستكمال بناء منازلهم، وذهبت لمقايضة المواطنين على الأسعار". ويشير أبو عبد الله: "المضطر والمجبر على ذلك هو من يعمل في هذا المجال، لأنه شاق والربح زهيد جدا ولا يكاد يكفي حتى مصروف أطفالي اليومي".
أمراض سرطانية قد تطال العاملين
م. أسامة كحيل رئيس اتحاد المقاولون الفلسطينيون لاحظ كما غيره طلب وإقدام المواطنين على شراء الحصى التي يتم استخراجها من المستوطنات المخلاة، يقول: "العملية شاقة جدا، فهي كمن ينقل الماء في طاقية، ولنا أن نتخيل كيف أن هؤلاء المواطنين يبيعون الحصى بالكيلو".
وأكد كحيل قائلا: " هذه طريقة بدائية، وتشكل صفر إضافة إلى الاقتصاد الفلسطيني وإعادة الإعمار، أما من الناحية المعنوية والإعلامية فأهالي غزة يحفرون في الصخر ويبتدعون وسائل جديدة في التعامل مع الحصار، وما أوصلنا إلى ذلك هو الحاجة نتيجة تضييق الخناق علينا، أما إذا ما توفرت مواد البناء، فلا قيمة لمثل هذه الأعمال".
وحول سؤال "إيلاف" عن مدى خطورة هذا العمل على البيئة أشار كحيل: "ما يقوم به المواطنون لا يضر بالبيئة بقدر ما يضر بالمواطنين أنفسهم الذين يمارسون هذا العمل، لأن هناك تقارير سابقة أشارت إلى أن إسرائيل قامت قبل انسحابها من غزة بإلقاء نفايات سامة في المناطق التي يعمل بها هؤلاء الناس، ولكن ليس لدينا أية معلومات عن تكل المناطق وطبيعتها، وبالتالي فإن تعامل المواطنين مع الأرض بهذه الطريقة قد يدفع باتجاه ظهور بعض الأمراض السرطانية الخطيرة نتيجة المواد السامة التي تركتها إسرائيل".
ويضيف كحيل: " كانت غزة تستهلك قبل الحصار 4 آلاف طن اسمنت يوميا، ولكن بعد الدمار الذي حصل، والنمو الطبيعي للسكان فإن غزة بحاجة إلى 8 آلاف طن اسمنت يوميا، وما يقارب على 80 ألف طن من الحصى لإعادة الإعمار". ويطالب كحيل وزارة الصحة باختبار صلاحية الأرض والحد من هذه الظاهرة، وأنه إذا كان لا بد من ذلك فيجب ضمان سلامة هؤلاء الناس.
التعليقات
?
me -البارحة كانوا مبسوطين، عم يطبلوا و يزمروا لحسن شحاتة و رفقاتو؟ يمكن الله العليم راحت السكرة٠٠
لقمة العيش صعبة
محمد -لقمة العيش صعبة كتييييييييييييييييييييييييير
لقمة العيش صعبة
محمد -لقمة العيش صعبة كتييييييييييييييييييييييييير
الى الاخ صاحب تعليق1
Ahmad -والله لا سكرانين و لا شي بس هي ابسط حقوق اي انسان انه اشجع الفريق الي يريده و لا لانهم فلسطنيين ممنوع حتى اشجعو فريق معين و لازم ادوروا على شعوب التحرير العربيه و يسالوهم مين اشجعو بعد ما سلبتونا ابسط حقوق الانسان و كرامته كمان بدكم تمنعونا نفرح حتى و لو لغيرنا بعد ما صارت ايامنا خاليه من اي مظاهر الفرح. بكفيكم تهجم علينا و مزايده على تجويعنا و اذلالنا.لكم الله يا شعب فلسطين
تقرير ممتاز
ibrahem -أخ حمزة التقرير شامل ويوضح ما مدي صمود أبناء شعبنا الفلسطيني في وجه الحصار وتجاوزه لكافة المعوقات والعراقيل التي توضع أمامه و يصنع البديل في كل شئ .أخ حمزة مجهود رائع جدا و اتمنى المزيد من التقارير المميزة و لكم التوفيق و التقدم .
العرب
ثائرة -اكره نفسي عشاني عربية
تقرير ممتاز
ibrahem -أخ حمزة التقرير شامل ويوضح ما مدي صمود أبناء شعبنا الفلسطيني في وجه الحصار وتجاوزه لكافة المعوقات والعراقيل التي توضع أمامه و يصنع البديل في كل شئ .أخ حمزة مجهود رائع جدا و اتمنى المزيد من التقارير المميزة و لكم التوفيق و التقدم .
nero
nero -يضطر الفلسطينيون توفير لقمة العيش، اول شئ يتعلم حياه اجتماعيه راقيه مجلات هى الان هى التى سوف تحميه من نفسه و لا يضحك عليه احد و يخرجه من منزله يرمى الناس بالحجاره و يفهم ان يجب يكون انانى يحب نفسه و يترك الوطنيه للموظف الذى يشتغل عنده فوضنا الجميع فى هذا مثل وزير رئيس موظف صغير فى الشرطه هو الذى يجرى وراء الحراميه موظف فى الجيش هو الذى يحارب اما المدنى لا يسمح لاحد يجرجره لشغله و يستغله فقط فى هوايه يحب يتفرج هنا يؤجر موظفين بنظام و يجلس فى منزله يتفرج عليهم و هو يأكل و يشرب مثل الملك او يذهب لهم فى مكان مثل المعبد كبير اسمه استاد و هم يلعبوا على اساس يهوى مشاهده صراع بين ليس عبيد لكن لاعبين فى ملعب مثل صراعات زمان بين العبيد فى الملعب و العبيد هم المجرمين الذين محكوم عليهم و يفرج عنهم بـ تقديم اللعاب للعامه و الملك الان موظف و مرتب و بيت مفتوح لـ نتفرج كيف يلعبوا معا
nero
nero -يضطر الفلسطينيون توفير لقمة العيش، اول شئ يتعلم حياه اجتماعيه راقيه مجلات هى الان هى التى سوف تحميه من نفسه و لا يضحك عليه احد و يخرجه من منزله يرمى الناس بالحجاره و يفهم ان يجب يكون انانى يحب نفسه و يترك الوطنيه للموظف الذى يشتغل عنده فوضنا الجميع فى هذا مثل وزير رئيس موظف صغير فى الشرطه هو الذى يجرى وراء الحراميه موظف فى الجيش هو الذى يحارب اما المدنى لا يسمح لاحد يجرجره لشغله و يستغله فقط فى هوايه يحب يتفرج هنا يؤجر موظفين بنظام و يجلس فى منزله يتفرج عليهم و هو يأكل و يشرب مثل الملك او يذهب لهم فى مكان مثل المعبد كبير اسمه استاد و هم يلعبوا على اساس يهوى مشاهده صراع بين ليس عبيد لكن لاعبين فى ملعب مثل صراعات زمان بين العبيد فى الملعب و العبيد هم المجرمين الذين محكوم عليهم و يفرج عنهم بـ تقديم اللعاب للعامه و الملك الان موظف و مرتب و بيت مفتوح لـ نتفرج كيف يلعبوا معا