الطائرة الاثيوبية تفتح الباب أمام نظريات المؤامرة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
بيروت: منذ تحطم الطائرة الاثيوبية قبل عشرة أيام يعيش اللبنانيون على وقع أخبار متناقضة برز فيها ميل الى "نظرية المؤامرة"، الى حد تشكيك البعض في هدف الجهود الدولية المبذولة للمساعدة في العثور على هيكل الطائرة وجثث الركاب والصندوق الاسود الكفيل بحل لغز سقوطها في البحر.
وفي بلد تتدخل فيه السياسة في كل شاردة وواردة، تراوحت الاسئلة الافتراضية بين استغلال القطع البحرية الاميركية عملها في مسح اعماق البحر خدمة لاسرائيل او بحثا عن النفط، الى افتراض عمل ارهابي، الى الحديث عن صراع بين شركات تصنيع الطائرات.
في تقريرها المسائي الثلاثاء عن الطائرة التي تحطمت بعيد دقائق قليلة على اقلاعها من مطار رفيق الحريري الدولي في 25 كانون الثاني/يناير، طرحت قناة "المنار" التلفزيونية الناطقة باسم حزب الله سؤالا "حول الدور الذي تقوم به سفينة "اوشن الرت" التي يديرها مستثمر لبناني وزميلتها الحربية الاميركية يو اس اس راميدج العاجزة حتى الساعة عن تحديد مكان الصندوق الاسود".
واشارت المنار الى "شكوك تحيط بالهدف الذي كانت تسعى السفينة الخاصة للعثور عليه والذي لا يرتبط اصلا بالطائرة الاثيوبية". وذهب موقع "النشرة" الاكتروني اللبناني الى حد السؤال ان "كانت السفن الغربية تبحث عن حطام الطائرة ام تقوم بمسح عسكري وجغرافي للشواطىء اللبنانية في ظل تسريبات سابقة صدرت في صحف اميركية وبريطانية واسرائيلية عن استخدام حزب الله الساحل الممتد من بيروت الى الناقورة لاهداف المواجهة مع اسرائيل".
وراى الموقع الالكتروني نفسه "ان احتمال وجود نفط يفوق بجودته النفط العربي يشكل احد الحوافز المقبولة" للسفن الاجنبية. ولفتت صحيفة "الشرق الاوسط" السعودية الى "ان البعض وصل الى حد اعتبار ان السفن الغربية تغتنم الفرصة لتصور الشاطىء والأعماق التي يطل عليها حزب الله، خصوصا ان هذه المنطقة البحرية ستكون موقعا محتملا في اي معركة مقبلة بين الحزب واسرائيل".
ونقلت الصحيفة عن احد المعلقين قوله "حتى لو عثروا على الطائرة، لن يعلنوا عن ذلك، وسيكملون بحثهم. لن يتركوا شاردة ولا واردة من دون ان يصوروها، لن تأتيهم الفرصة مرة ثانية لتصوير هذا الشاطئ". وكان الصحافيون تناولوا خلال الايام الاولى مرارا فرضية حصول انفجار في الطائرة، علما ان المسؤولين استبعدوا ذلك.
وركزت صحيفة "الديار" من جهتها على فكرة الصراع بين شركتي "بوينغ" الاميركية و"ايرباص" الاوروبية. وكتبت الثلاثاء "ان اي خلل تقني سيكشفه الصندوق سيصيب شركة بوينغ الاميركية المصنعة باضرار جسيمة وستكون النتائج الايجابية لصالح الشركة الاوروبية ايرباص". وتحدثت عن شكوك "بان البحرية الاميركية انتشلت الصندوق الاسود وغادرت به الى
مكان مجهول للتلاعب بمضمونه" على ان تعيده الى "مكانه الاساسي لتنتشله لاحقا امام وسائل الاعلام".
وعلق وزير الاعلام طارق متري لوكالة الأنباء الفرنسية على هذا السيل من النظريات بالقول "الميل الدائم في لبنان لنظرية المؤامرة والتسييس المفرط يغذيان الشائعات". واضاف "بعض هذه الشائعات له علاقة بنوايا سياسية مغرضة".
ورأى متري ان "حب الاثارة والتسابق على اعطاء تحليلات واراء منسوبة الى اشخاص مجهولين او غير ذات صفة يساهم في انتشار الشائعات"، لافتا الى ان الراي العام الحزين والغاضب يكون "اكثر استعدادا لتصديق اي كلام سواء بطريقة واعية او نصف واعية او لا واعية".
وتحدثت صحيفة "لوريان لوجور" الناطقة بالفرنسية في احدى افتتاحياتها هذا الاسبوع عن "سيل من التحليلات السخيفة تم تطعيمها برشة توابل من نظرية المؤامرة". وقالت ان "الشائعات لم يعد ينقصها الا وصول حمار دامع يعلن ان الاسرائيليين اسقطوا الطائرة".
في هذا الوقت، يجري سباق على قطف الخبر بين وسائل الاعلام غالبا ما يحول دون التحقق من صحة هذه الاخبار، كما حصل مساء امس حين بثت محطات تلفزيونية "اخبارا مؤكدة" عن العثور على هيكل الطائرة ليتبين عدم صحتها لاحقا. بينما تسترسل معظم الصحف ومحطات التلفزة خصوصا في التنبؤ بوضع الجثث في قعر البحر، وتحللها، و"كيف يأكلها السمك".
وتناولت انتقادات عدة تغطيات المراسلين الميدانيين لعمليات البحث التي لم تحترم مشاعر اهالي الضحايا ولا احزانهم، ولم يتردد عدد من الوزراء في التعبير عن غضبهم علنا من سوء الاداء، ما جعلهم يترددون في الادلاء بالمعلومات ويلتزمون حذرا فوق العادة. وكتب الصحافي سمير عطالله الاربعاء في صحيفة "النهار" ان لبنان "بلد لم تبق فيه حرمة لشيء او لاحد (...) حزن في اليم وفوضى في اليابسة. لم يعد بلدا خليقا حتى باداب الحداد".
واشار الى ان المراسل الذي يوفد الى مواقع الماساة "يجب ان يبلغ انه ليس ذاهبا لتغطية مباراة في كرة السلة او كرة القدم". وانتقدت السفير عدم وجود مرجعية رسمية للمعلومات، ورأت الاربعاء ان على "الدولة ان تكون مستعدة للتعامل مع ازمات كهذه وان تتعامل مع ذوي الضحايا بحجم حرقتهم وخسارتهم، ان تكون هي عقلهم ومرجعيتهم وخاضنتهم بدلا من ان تتركهم ضائعين بين خبر عاجل واخر ومصدر واخر وكل هذه الفوضى الادارية والاعلامية".