كاسيزي: المحكمة الخاصة بلبنان لن تتأثر بالسياسة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
بيروت: قال رئيس المحكمة الخاصة بلبنان القاضي أنطونيو كاسيزي في حديث أدلى به لوكالة الصحافة الفرنسية الجمعة إنه يعتبر "الجرائم الإرهابية" مثل اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق رفيق الحريري "أكثر تعقيدا" من جرائم الحرب، مؤكدا أن الضغوط السياسية لا يمكن أن يكون لها أي تأثير على المحكمة. وقال كاسيزي إن "الجرائم الإرهابية أكثر تعقيدا بكثير من قضايا جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة".
وأضاف "في هذه الجرائم الأخيرة، تكون لدينا فكرة منذ البداية عن الهيكلية العسكرية التي ارتكبت الجريمة، وتقضي المهمة بالتعرف على المنفذين وإيجاد الرابط بينهم وبين النتيجة التي هي المجزرة المرتكبة ومن الذي أمر بتنفيذها".
وأشار كاسيزي في المقابل إلى أن المحكمة الدولية التي تنظر في جريمة إرهابية "تتعامل مع خلايا سرية لا توجد فيها سلسلة قيادة ولا هيكلية... كما أن أفراد المجموعات الإرهابية لا يكونون مستعدين إجمالا للإدلاء باعترافات لأنهم يعرضون أنفسهم للقتل ربما على أيدي رفاقهم".
وكرر أن "القضايا الإرهابية معقدة جدا". مما يذكر أن المحكمة الخاصة بلبنان التي أنشئت بقرار من مجلس الأمن الدولي عام 2007، هي المحكمة الدولية الأولى المكلفة النظر في جريمة إرهابية، وهو الوصف الذي أطلقه مجلس الأمن الدولي على جريمة اغتيال رفيق الحريري في 14 فبراير/شباط 2005 في عملية تفجير في بيروت أودت أيضا بحياة 22 شخصا آخرين.
وكلفت المحكمة أيضا النظر في عمليات التفجير والاغتيالات التي وقعت في لبنان بين 2005 و2007، إذا ثبت ارتباطها باغتيال الحريري. وبدأت المحكمة عملها في مارس/آذار 2009، وهي تتخذ من لاهاي مقرا لها.
وسبق إنشاء المحكمة تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة في جريمة اغتيال الحريري توالى على رئاستها ثلاثة قضاة هم الألماني ديتليف ميليس والبلجيكي سيرج براميرتس والكندي دانيال بلمار الذي يشغل اليوم منصب مدعي عام المحكمة. وأصدرت لجنة التحقيق 11 تقريرا عن عملها. وقد أثار التقريران الأولان ضجة كبرى، إذ أشارا بشكل واضح إلى تورط مسؤولين سوريين ولبنانيين في الجريمة.
وبعد انتهاء مدة عمل ميليس، لم يشر أي من التقارير إلى سوريا بالاسم في موضوع الشبهة. ومنذ تسلم بلمار الملف، صار التكتم التام عنوان التحقيق. وأبرز ما توصل إليه التحقيق، بحسب تقارير اللجنة، أن "شبكة إجرامية" نفذت عملية الاغتيال، وهذه الشبكة، أو بعض أفرادها، مرتبطون باعتداءات أخرى نفذت منذ عام 2004.
ورفض كاسيزي الخوض في أي موضوع مرتبط بالتحقيق، مؤكدا أنه لا يفترض بالمدعي العام أن يطلعه على أي شيء قبل وضع قرار الاتهام. وقال ردا على سؤال "إن المحكمة قامت منذ إنشائها بعمل ضخم يهدف إلى تحضير كل شيء قبل صدور القرار الاتهامي، حتى عندما يصدر هذا القرار، تحصل المحاكمة والاستئناف بطريقة سريعة جدا وفعالة جدا".
وأشار إلى أن هذا العمل شمل كل البنية التحتية للمحكمة وتجهيز قاعة المحاكمة والتوظيف وإقرار نظام الأدلة والإثباتات وقواعد توقيف المشتبه بهم وإعداد ملفات للتعمق في الملفات القانونية. ويبلغ عدد العاملين في المحكمة حاليا 260 شخصا، معظمهم في مكتب المدعي العام. وأوضح كاسيزي أن لا مهلة محددة لوضع قرار الاتهام، مضيفا أن "هذا القرار في يد المدعي العام الذي يصدر القرار بعد جمع كل العناصر الداعمة للاتهامات التي سيتم توجيهها".
وكان الحريري قد اغتيل خلال فترة كانت سوريا تنشر فيها جنودها في لبنان، وتتمتع بتأثير واسع على قراره السياسي. واتهمها عدد كبير من القيادات المناهضة لها في لبنان، وعلى رأسهم رئيس الحكومة الحالي سعد الحريري، نجل رفيق الحريري، بالضلوع في العملية، الأمر الذي دأبت سوريا على نفيه. إلا أن سعد الحريري أعلن منذ بدء عمل المحكمة أنه سيقبل بأي حكم صادر عنها وأنه يضع جريمة الاغتيال بين يديها.
من ناحية أخرى، تحسنت العلاقات اللبنانية السورية خلال الأشهر الأخيرة بتأثير من تغير الأجواء الإقليمية والدولية وقام سعد الحريري في ديسمبر/كانون الأول بزيارة هي الأولى إلى العاصمة السورية وأجرى مباحثات مع الرئيس السوري بشار الأسد.
وردا على سؤال عن احتمال تأثر عمل المحكمة بالمتغيرات الدولية، قال كاسيزي لوكالة الصحافة الفرنسية: "لا أخشى بتاتا أي تسييس للمحكمة. لا يمكن للضغوط السياسية أن تؤثر عليها، لأن ذلك يعني نهاية القضاء الجنائي الدولي، وهذا لن يحصل". من جهة ثانية، أعلن كاسيزي أن ميزانية السنة الأولى من عمل المحكمة بلغت 51.4 مليون دولار سددت كاملة، بينما حصلت المحكمة حتى الآن على التزامات بدفع 90 بالمئة من ميزانية عام 2010 البالغة 55.4 مليون دولار.
ويتكفل لبنان بـ49 بالمئة من ميزانية المحكمة الدولية. بينما تأتي الأموال الباقية من تبرعات دول عدة أبرزها الولايات المتحدة ودول في الاتحاد الأوروبي. وينهي كاسيزي الجمعة زيارة إلى لبنان استغرقت أسبوعا التقى خلالها المسؤولين اللبنانيين في زيارة تعارف كما أعلن مكتبه. واستثنت الزيارة سعد الحريري كونه معنيا بالقضية الموكلة إلى المحكمة.
وفي بيان أصدره في ختام الزيارة وتلقت وكالة الصحافة الفرنسية نسخة منه، قال مكتب كاسيزي إن زيارة لبنان "سمحت بتفعيل الحوار مع السلطات اللبنانية وبتعزيز التعاون بين المحكمة ولبنان". ولفت إلى "إبرام اتفاق تعاون، على هيئة رسائل متبادلة، مع وزير العدل اللبناني إبراهيم نجار بشأن تعيين قاض معني بتأمين الاتصال بين السلطات اللبنانية والمحكمة".
ونقل البيان عن كاسيزي تشديده على "تمتع المحكمة بكل الأدوات القانونية والإدارية اللازمة لتأدية عملها بفاعلية، مؤكدا أنها تعمل على أكمل وجه في سبيل إقامة العدالة بكامل الاستقلالية والحياد ووفقا لأرفع المعايير الدولية".