طالبان مستعدة للحوار لكن الطريق محفوف بالمخاطر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
بدأت فكرة قيام زعماء طالبان بدور سياسي في أفغانستان تتسلل في مسعى إلى إنهاء الحرب.
لندن: لم تكن فكرة قيام زعماء طالبان بدور سياسي في أفغانستان لتخطر على بال قبل عام مضى وما زالت غير مقبولة رسميًّا، لكنها بدأت تتسلل الى جدول الاعمال حيث تسعى الحكومات القلقة من الحرب التي لا تحظى بشعبية إلى انهائها.
ويقول بعضهم إن هذا يمكن أن يفتح الباب للمفاوضات اذا كانت طالبان تعتقد أنها تستطيع من خلال المحادثات الحصول على تسوية أفضل من انتظار رحيل القوات التي تقودها الولايات المتحدة ثم القتال للوصول الى الحكم بخوض حرب أهلية جديدة. وقال دبلوماسي مشارك في المناقشات بشأن أفغانستان "طالبان تعلم أنها لا تستطيع السيطرة على البلاد. سيرأسون دولة تعاني من فقر وصراع داخلي متأصلين وطويلين".
ولم تتحدث الولايات المتحدة وحلفاؤها حتى الان الا عن المصالحة مع عناصر طالبان التي تنبذ العنف وتقطع علاقاتها بتنظيم القاعدة وتقبل بالدستور الافغاني. كما ترسل واشنطن قوات اضافية قوامها 30 الف جندي الى أفغانستان في استعراض للقوة يهدف الى انتزاع شروط أفضل في اي اتفاق للسلام يتم التوصل اليه في نهاية المطاف وتحاول تجريد طالبان من مقاتليها من خلال برنامج "لاعادة الدمج".
ومن غير المرجح أن ترغب طالبان في التفاوض ما دامت تعتقد أنه ما زال بوسعها تحقيق مكاسب في ميدان المعركة. وقال السناتور جون مكين عضو مجلس الشيوخ الأميركي عن الحزب الجمهوري للصحافيين مطلع هذا الاسبوع "طالبان لا بد في اعتقادي أن تكون مقتنعة بأنها لن تستطيع الفوز قبل اجراء مفاوضات ذات مغزى".
لكن في النهاية لا يستطيع أي من الجانبين الفوز بالسبل العسكرية وحدها مما يدفع الكثيرين الى التطلع لليوم الذي ستتحدث فيه واشنطن مع زعماء التمرد. وقال مكين "بصراحة أنا أثق في رغبة ادارتنا بأن تبحث على الاقل توقيت احتمال حدوث هذا".
ويقول الكثير من المحللين انه ستكون هناك حاجة الى مشاركة زعيم طالبان الملا عمر في المحادثات، على الرغم من أن الغرب يدينه لرفضه تسليم زعماء القاعدة بعد هجمات 11 سبتمبر ايلول 2001.
وقال وادير صافي استاذ العلوم السياسية بجامعة كابول "ما دامت المحادثات لا تشمل الزعماء فمن غير الوارد توقع سلام ذي مغزى." وقد يكون ثمن التسوية غاليا بالنسبة للغرب اذ قد يكون على سبيل المثال اعادة تأهيل الملا عمر ليصبح الزعيم الاعلى لافغانستان حتى لو لم يدر الحكومة بشكل مباشر.
من جانبها يتوقع أن تتعرض حركة طالبان لضغط من باكستان للتفاوض لمحاولة انهاء حرب تمتد اثارها من افغانستان اليها بشكل متزايد. وقال المحلل الافغاني خليل رومان "يبدو أن الوضع السياسي الاقليمي يتغير وأعتقد أن السلطات الباكستانية خلصت الان الى أنه ينبغي السماح بضم طالبان للمحادثات." وتقول واشنطن ان الكثير من زعماء طالبان ومن بينهم الملا عمر يتمركزون في باكستان. وعلى الرغم من أن باكستان تتمتع بنفوذ على طالبان أقل كثيرًا مما كانت تحظى به حين كانت ترعاها في التسعينات فإنها ما زالت تستطيع ممارسة ضغوط عليها اذا رفضت خوض محادثات.
ومن شأن أي مفاوضات أن تكون طويلة وأن تنحرف بسهولة عن مسارها تمامًا مثلما كانت الحال في المحادثات السرية بين مستشار الامن القومي الأميركي هنري كيسينجر والفيتناميين الشماليين والتي حاولت وفشلت في نهاية المطاف في تأمين خروج مشرف من فيتنام. كما ستكون المفاوضات محفوفة بالمخاطر بالنسبة للولايات المتحدة وطالبان على حد سواء. وقد تؤدي اي اشارة الى حدوث تنازل الى رد فعل جماهيري عنيف في الولايات المتحدة أو الى استياء بين مقاتلي طالبان وأنصارها.
وقال كامران بخاري من مجموعة ستراتافور لتحليل معلومات المخابرات العالمية "سيكون هذا أمرًا صعبًا للغاية سياسيًّا لكل من الملا عمر والحكومة الأميركية." وأيا كان ما سيحدث فمن المتوقع أن تظل التصريحات العلنية من الجانبين تعكس المواقف القائمة. وتقول طالبان ان على جميع القوات الاجنبية الانسحاب قبل أن تخوض مفاوضات فيما تقول واشنطن انها يجب أن تقطع علاقاتها مع تنظيم القاعدة وتنبذ العنف.
لكن اعلان الولايات المتحدة أنها ستبدأ خفض عدد القوات في 2011 قطع شوطًا في تنفيذ مطلب أساسي لطالبان بوضع جدول زمني لانسحاب القوات الاجنبية. ومن جانبها أكدت طالبان مجدّدًا في بيان أنها لن تسمح باستغلال الاراضي الافغانية في ايذاء اي دولة أخرى في اشارة الى طلب قطع علاقاتها مع القاعدة.
ويقول بعضهم إن طالبان يمكن أن تتطلع في البداية الى جدول لانسحاب القوات الاجنبية الى جانب اجراءات مثل الافراج عن سجناء وحذف اسماء أعضاء طالبان من على قائمة سوداء للارهاب وضعتها الامم المتحدة. وقال بخاري "طالبان تدرك أنها لن تتدفق على كابول حين يرحل الأميركيون... انه (الملا عمر) يحتاج الى التفاوض في نهاية المطاف."
لكن حتى اذا توفرت الرغبة لدى الجانبين للتفاوض فإنّ العثور على الاشخاص الملائمين لخوض المحادثات يمثل مشكلة كبيرة. وتريد واشنطن وحلفاؤها أن يقود الافغان أي عملية للمصالحة. وقد وعد الرئيس الافغاني حامد كرزاي بعقد مجلس للسلام لمحاولة الوصول الى توافق أفغاني بشأن هذه المسألة. لكن زعماء طالبان لا يرغبون في التعامل مع كرزاي لأنهم يعتبرون حكومته ضعيفة وفاسدة.
وفي بيان على موقعها على الانترنت رفضت حركة طالبان محاولة كرزاي التواصل معها لكنها قالت انها مستعدة لخوض محادثات لتحقيق هدفها باقامة دولة اسلامية. ولم يعد لدى الحركة ثقة في باكستان بعد أن انقلبت ضدها عقب هجمات 11 سبتمبر بينما يعني اصرارها على كبح جماح نفوذ الهند في أفغانستان أنها لا تستطيع تمثيل دور الوسيط المحايد.
وقال ريتشارد هولبروك مبعوث الولايات المتحدة الخاص يوم الاحد انه لم تجر اتصالات مباشرة سرية مع طالبان لكنه أشار الى أن واشنطن تدرك أهمية المصالحة. وصرح للصحافيين في ميونيخ قائلاً ان مثل هذه الاتصالات "يجب ان تمضي جنبًا الى جنب مع النجاح الامني. انها ليست بديلاً للحملة العسكرية. الامر يستلزم النجاح العسكري لكي نحقق تقدمًا".