شبح العقوبات يقترب من طهران
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
بعد ان استفادت ايران لسنوات طويلة من الدعم الروسي لمواجهة الحملة الغربية على ملفها النووي المثير للجدل، صعّدت موسكو خلال الفترة الاخيرة لهجتها إزاءها من دون ان يكون موقفها واضحا ازاء العقوبات المحتملة على النظام الايراني.
موسكو، طهران، وكالات: لم تعد موسكو اليوم ترفض احتمال قيام مجلس الامن بفرض عقوبات على ايران، وهو الخيار الذي باتت ثلاث دول أخرى في مجلس الامن تعمل لإقراره وهي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، في حين تطالب بكين بمزيد من المشاورات الدبلوماسية قبل فرض اي عقوبات. وتكررت خلال الفترة الاخيرة تصريحات المسؤولين الروس حول العقوبات بعد ان قررت طهران الاسبوع الماضي البدء بتخصيب اليورانيوم حتى 20% لغايات مدنية، حسب قولها، في حين أن الغرب يتهمها عبر هذه الخطوة بالسعي لامتلاك السلاح النووي.
واعلن نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف الجمعة في تصريح لوكالة انترفاكس ان روسيا تعارض "عقوبات تحدث شللا" ضد ايران، من دون ان تستبعد أنواعا اخرى من العقوبات. وقال ريابكوف ان "عبارة عقوبات تحدث شللا غير مقبولة بالكامل بالنسبة الينا. ينبغي ان يكون هدف العقوبات تعزيز نظام حظر الانتشار النووي".
واعلن نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف لوكالة انترفاكس الجمعة ان روسيا ستحترم العقد الموقع مع ايران لتسليمها انظمة مضادة للصواريخ من طراز اس 300، الامر الذي يثير استياء اسرائيل والدول الغربية. وقال ريابكوف "هناك عقد حول تسليم هذه الانظمة (اس 300) لايران، وسنحترمه". واوضح ان "التاخير" في تسليم تلك الانظمة "مرتبط باسباب فنية".
واعلنت روسيا الاربعاء ارجاء تسليم ايران انظمة مضادة للصواريخ من طراز اس 300 على خلفية التوتر المتصاعد مع ايران جراء برنامجها النووي المثير للجدل. وقال ميخائيل ديمترييف رئيس الجهاز الروسي للتعاون العسكري الفني كما نقلت عنه وكالة انترفاكس ان "قرار تسليم هذه الانظمة لم يتخذ بعد". وكان مساعده الكسندر فومين اعلن في وقت سابق من نيودلهي ان التاخير عائد الى "مشاكل فنية"، مؤكدا ان "عملية التسليم ستتم ما ان تتم معالجة" هذه المشاكل. وتبنت روسيا خطابا حازما حيال ايران منذ قررت الاخيرة الاسبوع الفائت البدء بتخصيب اليورانيوم حتى نسبة عشرين في المئة.
ويرى رجب سفاروف مدير مركز الدراسات المعاصرة الايرانية في موسكو ان روسيا القادرة على التأثير على ايران تسعى لكي لا تؤدي ازمة الملف النووي الايراني الى تفاقم التوتر في منطقة الخليج. ويقول سفاروف في حديث الى وكالة فرانس برس "ان روسيا لا تريد كارثة لان حصولها لا يمكن الا ان يؤثر ايضافي مصالحها الخاصة، وان اوروبا بعيدة عن ايران في حين ان ايران مجاورة لها". واعتبر هذا الخبير "ان الموقف الروسي لم يتغير كثيرا في الاجمال الا ان اللهجة هي التي تغيرت".
وكانت طهران رفضت اخيرا العرض الذي قدمته لها الوكالة الدولية للطاقة الذرية في الحادي والعشرين من تشرين الاول/اكتوبر الماضي لتخصيب اليورانيوم الايراني حتى نسبة 20% خارج الاراضي الايرانية، في روسيا على سبيل المثال، قبل تحويله الى وقود في فرنسا.
من جهته يرى رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الدوما الروسي كونستانتين كوساتشيف ان روسيا انزعجت كثيرا من هذا الرفض الايراني وان مخاوفها من الملف النووي الايراني "لم تعد تختلف كثيرا" عن مخاوف اوروبا والولايات المتحدة. اما وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف فاعتبر ان "من المهم التقيد بنظام منع الانتشار" مضيفا "هذا هو موقفنا المشترك مع الولايات المتحدة ونحن لسنا متفقين بنسبة 100% حول سبل تحقيق ذلك".
الا ان المحلل الروسي الكسي مالاشنكو يعتبر ان "التصريحات الشديدة اللهجة" لبعض المسؤولين الروس ليست سوى "رد فعل ضد الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد الذي لا يتقيد بشروط اللعبة ويتصرف على هواه"، مضيفا "في العمق لم يتغير الموقف الروسي". وتابع مالاشنكو الذي يعمل في مركز كارنيغي "ما يهم روسيا هو بقاء الوضع معلقا. اذ في حال تراجع احمدي نجاد امام الضغوط فسيتم كيل المديح لروسيا، الا ان دورها سيتضاءل لاحقا لانه سيكون بالامكان بعدها المضي قدما بمعزل عنها". واضاف هذا الخبير ان الرئيس الايراني "يفهم لعبة روسيا وهو مقتنع بانها ستتراجع" في النهاية ولن توافق على إقرار عقوبات جديدة بحق ايران.
وكان رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتانياهو دعا الاثنين الماضي من موسكو الى فرض "عقوبات موجعة" على ايران. وبعد يومين اعلنت روسيا إرجاء تسليم طهران أنظمة مضادة للصواريخ من نوع اس-300. والمعروف ان اسرائيل ودولا غربية عدة أعربت مرارا عن عدم ارتياحها لهذه الصفقة. وقال سفاروف ايضا "رغم التصريحات الروسية المتشددة من الواضح ان موسكو لن تقدم دعمها لفرض عقوبات جديدة على ايران في حال دعي مجلس الامن للاجتماع في الوقت الحاضر".
وقالت روسيا يوم الجمعة إنه يتعين على ايران أن تتعاون بمزيد من النشاط مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للامم المتحدة لإقناع العالم بأن برنامجها النووي سلمي وأعطت اشارات جديدة على أن الكرملين قد يدعم العقوبات. وأشارت الوكالة للمرة الاولى يوم الخميس الى أن ايران تواصل بنشاط الان العمل على بناء قدرتها لانتاج أسلحة نووية وأن الامر لا يقتصر فقط على أنها فعلت ذلك في الماضي.
ونقل عن أندريه نيستيرينكو المتحدث باسم وزارة الخارجية الروسية قوله في موسكو يوم الجمعة "يجب على طهران أن تكون أكثر نشاطا في تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وأن توسعه." ونقلت وكالة انترفاكس الروسية للانباء عن نيستيرينكو قوله "لا يوجد عمل يجري دفعه في الوقت الحالي في مجلس الامن التابع للامم المتحدة في نيويورك للاعداد لقرار محتمل بفرض عقوبات على ايران. ومع هذا لا يمكننا أن نستبعد تماما امكانية بدء هذا العمل نظرا للظروف الراهنة." وذكرت وكالات أنباء روسية أن نيستيرينكو قال انه يتعيّن على طهران تقديم المعلومات لتبديد الشكوك بشأن برنامجها النووي. وأضاف "المجتمع الدولي في حاجة الى أن يعرف بشكل مؤكد أنه سلمي."
وقالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية يوم الخميس ان ايران ربما تعمل على تطوير صاروخ له قدرة نووية وحذرت واشنطن طهران من "عواقب" تجاهل المطالب الدولية. وكانت الوكالة حذرة على ما يبدو يوم الخميس في الاعلان عن مخاوفها الناشئة عن تحليل سري يخلص الى أن ايران لديها بالفعل خبرة في مجال صنع متفجرات ذات صلة بسلاح نووي قابل للاستخدام. وأكد التقرير أيضا أن ايران انتجت أول كمية صغيرة من اليورانيوم المخصب لدرجة نقاء أعلى وأنها خصصت معظم ما لديها من مخزون اليورانيوم منخفض التخصيب لهذا الغرض ويتجاوز هذا في ما يبدو الاحتياجات المدنية الى حد بعيد.
وستزيد هذه التطورات من الضغوط على ايران كي تثبت أنها لا تسعى سرا لاكتساب القدرة على صنع أسلحة نووية من خلال السماح بحرية وصول غير مقيدة لمفتشي ومحققي الوكالة الدولية وهو ما ترفضه احتجاجا على عقوبات الامم المتحدة. ونقلت وسائل اعلام ايرانية عن خامنئي قوله "اتهامات الغرب لا أساس لها من الصحة لان معتقداتنا الدينية تمنعنا من استخدام مثل هذه الاسلحة... لا نؤمن بالاسلحة الذرية ولا نسعى لذلك
ونفت ايران الجمعة السعي الى امتلاك سلاح ذري، معتبرة ان المخاوف الواردة بهذا الخصوص في تقرير جديد للوكالة الدولية للطاقة الذرية "بلا اساس". وقال مندوب ايران لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية علي اصغر سلطانية "قلت مرارا انهم حين اطلعونا على هذه الوثائق لم تكن اي منها سرية او ممهورة بدمغة السرية"، وذلك في اشارة الى الوثائق التي استندت اليها الوكالة الدولية للطاقة الذرية في تعليل اتهاماتها ضد ايران. واضاف لوكالة انباء فارس "من هنا يثبت ان جميع المستندات تمت فبركتها من كل جانب ولا اساس لها ولا صلاحية لها على الاطلاق".1
وفي زيارة الى جنوب ايران لحضور حفل اطلاق اول مدمرة ايرانية محلية الصنع، كرر المرشد الاعلى للثورة الاسلامية في ايران آية الله علي خامنئي الجمعة ان طهران لا تسعى الى امتلاك السلاح الذري، على ما افاد التلفزيون الرسمي. وقال خامنئي "اننا لا نؤمن اطلاقا بالسلاح الذري ولا نسعى لامتلاكه"، متحدثا امام حشد من كبار المسؤولين العسكريين. وتسعى الوكالة الدولية للطاقة الذرية منذ سنوات الى التحقق من طبيعة النشاطات النووية الايرانية.
وفي نهاية 2007 افاد تقرير للاستخبارات الاميركية ان ايران اوقفت عام 2003 برنامجا سريا لصنع السلاح النووي. لكن تقرير امانو قد يقدم حججا الى العواصم الغربية واسرائيل التي تشتبه بمواصلة طهران البرنامج سرا. ولفت التقرير الى ان "ايران لم تبد التعاون اللازم لتمكين الوكالة من التأكيد على ان جميع المواد النووية في ايران مستخدمة في نشاطات سلمية".
وكرر سلطانية ان ايران لن تعلق برامجها النووية، لكنها لن توقف في المقابل تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. غير انه اكد ان هذا التعاون لن يتجاوز الاطار المحدد في انظمة الوكالة الدولية للطاقة الذرية وان بلاده لن تنفذ المطالب الواردة في قرارات مجلس الامن الدولي. واصدر مجلس الامن ثلاثة قرارات نصت على عقوبات بحق ايران لالزامها بتعليق نشاطاتها النووية المثيرة للجدل.
في غضون ذلك، اعتبرت الولايات المتحدة ان تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي يرجح بان تكون طهران بصدد اعداد سلاح نووي، يؤيد تشديد العقوبات على الجمهورية الاسلامية.
وصرح الناطق باسم وزارة الخارجية فيليب كروالي للصحافيين ان التقرير "يشدد على المسائل التي تهمنا والقلق الذي ينتابنا بشان نشاطات ايران النووية".
واضاف انه "اذا استمرت ايران على النهج الحالي وترفض فتح نقاشا بشكل بناء ولا ترد على الاسئلة التي تطرحها الولايات المتحدة والمجتمع الدولي فانها ستخضع لضغوط اقوى بما فيها تشديد العقوبات".
وافاد التقرير ان طهران باشرت تخصيب اليورانيوم بنسبة 19,8% في موقع نطنز بين 9 و11 شباط/فبراير. وكانت عمليات تخصيب اليورانيوم في ايران تقتصر حتى الان على نسبة 3,5% وهي كافية لصنع الوقود لمحطة نووية.
ومساء الخميس اعلنت واشنطن التي تسعى للترويج لفكرة فرض عقوبات اضافية على ايران بين شركائها في مجلس الامن، ان هذا التقرير يثبت عدم احترام ايران واجباتها الدولية. وصرح الناطق باسم البيت الابيض روبرت غيبس "لطالما قلنا انه اذا امتنعت ايران عن احترام واجباتها الدولية، فستكون هناك عواقب". واعلنت باريس الجمعة ان تقرير الوكالة الدولية "يثبت ضرورة التحرك بشكل عاجل وحازم لمعالجة عدم تعاون ايران". واعتبرت برلين ان التقرير "يؤكد المخاوف الخطرة" حيال الملف النووي الايراني.