أخبار

"الموساد" قائد حروب إسرائيل السرية حول العالم

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

رأت صحيفة الغارديان في تحقيق لها أن "الموساد" أهدر سمعته كجهاز يتمتع بالبراعة القاسية عبر الاغتيال الذي وقع في دبي مؤخرا والذي وصف بالفعل الأكثر إساءة لتاريخه بسبب الاهتمام العالمي الذي استقطبه، وقد يكون الاغتيال الذي جرى في دبي أكثر إيذاء لسمعة إسرائيل التي تضررت حتى الآن بشكل غير مسبوق ولا بد أن الكشوف التي ستظهر من التحقيقات ستؤدي إلى إلحاق أذى كبير لموقع إسرائيل الدولي


لندن: في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي انتبهت امرأة إسرائيلية اسمها نيفا بن هاروش لشاب يضع شيئا بدا لها مثيرا للشبهة تحت سيارة في شارع هادئ قريب من ميناء تل أبيب. وحينما اعتقلته الشرطة قال إنه عميل للموساد ويقوم بمناورة تدريبية، ثم اتضح لاحقا أن مزاعمه كانت صحيحة وأن القنبلة كانت زائفة.

ولم يثر الموضوع ردود فعل كثيرة في الأخبار باستثناء خبر مقتطف ذكر في التلفزيون المحلي.

لكن هناك قصة أكبر من هذه ظلت تدور في شتى أنحاء العالم. فقبل سنتين انفجرت قنبلة في سيارة جيب باجيرو في دمشق وقتلت عماد مغنية، القائد العسكري لحزب الله اللبناني، الذي كان مطلوبا من الولايات المتحدة وفرنسا ودول عدة أخرى. ولم تعترف إسرائيل بمسؤوليتها عن الاغتيال بل اكتفت بهز رأسها لكنّ اعتقادا قويا ساد بأن تلك العملية هي واحدة من أكثر عملياتها السرية الجريئة والبارعة التي قامت بها في الخارج.

يجذب "الموساد" مثل سائر أجهزة المخابرات في العالم الاهتمام عندما يكون هناك خلل ما في إحدى عملياته أو حين يتباهى بنجاحه ويريد أن يبعث رسالة ما إلى خصومه. وأثار الاغتيال لمسؤول كبير في حماس في دبي خلافا دبلوماسيا بين إسرائيل وبريطانيا لكونه يجمع الممارستين معا، حيث استخدمت جوازات سفر أجنبية مستنسخة ووسائل اتصال مموهة وبارعة في عملية قتل محمود المبحوح الذي يزعم أنه كان مسؤولا عن تهريب السلاح لحماس بطريقة باردة ومحسوبة بشكل دقيق. والآن أقسمت حماس بأنها ستنتقم، ولا بد أن ذلك سيجلب سفكا أكثر للدماء.

تتعقب الصور القادمة من دبي تلك الجملة التوراتية التي تشكل شعار الموساد: "بطريقة الخداع عليك أن تخوض الحرب". ويشرح موقع الموساد الانترنتي بطريقة تفصيلية مملة عمله المتمثل في "اجمع المعلومات، حللها وقم بأعمال تغطية وراء الحدود".

تم تأسيس الموساد عام 1948 مع تأسيس الدولة العبرية الجديدة وبقي الموساد في الظل في السنوات الأولى له وكان اسحاق شامير رئيس عصابة ستيرن الإرهابية ورئيس الوزراء لاحقا يدير عمليات تستهدف العلماء الألمان الذين ساعدوا مصر في صنع الصواريخ والتي كانت مقدمة لعرقلة مساعي العراق ثم إيران لامتلاك أسلحة نووية وغير نووية.

وكانت أكثر العمليات التي احتفل الموساد بالقيام بها هي اختطاف مجرم الحرب النازي ادولف آيتشمان الذي تمت محاكمته وإعدامه لاحقا في إسرائيل. كذلك جرى الاحتفال بهروب طيار عراقي مع طائرته من نوع ميغ 21 إلى إسرائيل خلال السبعينات من القرن الماضي ودعم المتمردين الأكراد العراقيين ضد بغداد. وكانت الأسرار العسكرية التي تمكن إيلي كوهين الجاسوس العتيد من التغلغل إلى القيادة السورية، عنصراً فعالا ساعد إسرائيل في احتلال هضبة الجولان في حرب الأيام الستة عام 1967.

بعد ذلك اتسعت أنشطة الموساد لتشمل محاربة الفلسطينيين بعد تصاعد المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وغزة بزعامة ياسر عرفات.

وشهد عقد السبعينات من القرن الماضي ما عرف بـ "حرب الأشباح" حيث كان ضباط الموساد يقومون بعملياتهم تحت غطاء دبلوماسي في الخارج حيث كانوا يجندون أشخاصا لصالحهم ويجمعون معلومات عن فتح ومنظمات فلسطينية أخرى. وخلالها قتل باروش كوهين المتحدث بالعربية والذي أعيرت خدماته من جهاز المخابرات الداخلي "شين بيت" إلى الموساد على يد أحد عملائه في مقهى في مدريد. كذلك تعرض بسام أبو شريف أحد قادة تنظيم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين آنذاك إلى محاولة اغتيال بواسطة قنبلة مرسلة في رزمة إلى بيروت وتسببت في تشويهه.

وخلال العقود اللاحقة تشوهت سمعة الموساد أكثر فأكثر وكانت العملية التي حاول القيام بها عام 1997 خلال فترة حكم بنيامين نتنياهو الاولى كرئيس وزراء أكثر إيذاء له حينما فشل الجهاز في اغتيال خالد مشعل زعيم حماس عن طريق حقنه بالسم في أذنه في العاصمة الأردنية عمان. وفي العملية استخدم عملاء الموساد جوازات سفر كندية مزيفة ثم هربوا إلى السفارة الإسرائيلية لدى الأردن. وأثارت تلك المحاولة أزمة دبلوماسية كبيرة بين البلدين. وترتب على ذلك أن أجبر داني ياتوم رئيس الموساد آنذاك على الاستقالة.

مع ذلك فإنه قد يكون الاغتيال الذي جرى في دبي أكثر إيذاء لسمعة إسرائيل التي تضررت حتى الآن بشكل غير مسبوق ولا بد أن الكشوف التي ستظهر من التحقيقات ستؤدي إلى إلحاق أذى كبير لموقع إسرائيل الدولي. وعلق الدبلوماسي الإسرائيلي السابق ألون لييل أمس على عملية اغتيال المبحوح قائلا: "في المناخ الحالي ستؤول الآثار التي تركت في دبي على الأكثر إلى إلحاق أذى جاد لموقع إسرائيل على المستوى الدولي".

وعلى الرغم من بقاء إسرائيل ملتزمة بسياسة "الغموض" حول عملياتها السرية حيث ظلت ترفض أو تؤكد تورطها بعملية دبي فإنه لا يوجد في العالم من يشك بضلوعها فيها، بمن فيهم بعض المعلقين الإسرائيليين.

وسيكون مثيرا للدهشة إذا لم يكن هناك دور فلسطيني في تنفيذ العملية. إذ ما زال الموساد يقوم بتجنيد العملاء المزدوجين وهذا الأسلوب يعود إلى عقد السبعينات من القرن الماضي. وأشارت أخبار عن اعتقال ميداني من حماس في دمشق وهذا ما يشير إلى هذا الاتجاه. وأشار فلسطينيان من تنظيم عز الدين القسام الجناح العسكري لحماس والذين أبعدا من عمان إلى دبي أشارا إلى ذلك أيضا.

وقال يوسي ملمان الخبير في المخابرات الإسرائيلية في صحيفة هارتز إن "الموساد ليس مؤسسة قتل مثل المافيا تهدف إلى الانتقام من خصومها. فعمليات مثل عملية دبي لا تشكل إلا جزءا ضئيلا من نشاطاتها. مع ذلك فهي ترسم هالة حول الموساد وهذا ما يعمي في الأخير رؤساءها ويجعلهم ثملون بانتصاراتهم".

وحسبما ذكرت صحيفة الغارديان فإنه إذا كانت إسرائيل تنظر إلى حماس باعتبارها منظمة إرهابية مسؤولة عن الكثير من العمليات الانتحارية وإطلاق مئات الصواريخ على إسرائيل فإن البلدان الغربية من جانب آخر بما فيها بريطانيا تشعر بغضب شديد على الضحايا المدنيين الذين وقعوا خلال حرب غزة والذي وصل عددهم إلى 1400 فلسطيني.

والشيء الجديد الذي ترتب عليه تنفيذ عملية دبي هو أن مواطنين إسرائيليين غضبوا كثيرا لسرقة جوازات سفرهم بواسطة موظفين سريين يعملون ضمن أجهزة حكومتهم. مع ذلك فليس صعبا تقصي مشاعر الإعجاب بقتلة المبحوح فبعد يوم من إظهار الصور التي التقطتها دوائر التلفزيون المركزية وصور جوازات السفر وصل بطل التنس الإسرائيلي شاهار بير إلى الربع النهائي بدورة عالمية كانت تجري في دبي. وقال موقع واي نيت: "عملية ناجحة أخرى في دبي".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف