الفقر يبدد آمال السلام لدى الافغان في طاجيكستان
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
كانت باكستان في العادة الوجهة الرئيسية لمن يفرون من الحرب والاضطهاد في أفغانستان لكن الاضطرابات التي ظهرت في المناطق الحدودية دفعت كثيرين للبحث عن مأوى في بلد اخر
فاخدات: عبد المطلب واحد من آلاف اللاجئين الذين عبروا جبالا وسهولا متربة في شمال أفغانستان قبل أن يصلوا الى طاجيكستان أملا في بدء حياة جديدة. قرر الرحيل عن بلاده العام الماضي بعد مقتل شقيقيه اللذين تلقيا تعليمهما في روسيا ووالدهم الذي كان يعمل في مشاريع بناء سوفيتية على يد طالبان بسبب صلتهم بالبلد الذي احتل أفغانستان طوال عشر سنوات. عائلته ذات أصل طاجيكي وتعيش في أفغانستان منذ أجيال.
قال عبد المطلب الذي التحق بجامعة سوفيتية شأنه شأن شقيقيه "لم يعد لي أقارب في أفغانستان. مات الجميع." وأضاف "طالبان لا ترحم أحدا تلقى تعليما سوفيتيا." وأدى هجوم كبير يشنه حلف شمال الاطلسي والقوات الافغانية هذا الشهر الى تصعيد القتال في جنوب أفغانستان لكن في الشمال زادت طالبان من هجماتها في مناطق يسكنها طاجيك في العادة مما زاد من نزوح اللاجئين عبر الحدود.
لكن الحياة في طاجيكستان -وان كانت مستقرة وهادئة بصورة كبيرة مقارنة بأفغانستان- ليست سهلة بالنسبة للاجئين. فطاجيكستان تسعى جاهدة للتغلب على تداعيات حرب أهلية سقط فيها 100 ألف قتيل قبل عشر سنوات وهي أفقر دولة في الكتلة السوفيتية وغير مؤهلة بالشكل الكافي لاستيعاب هذا التدفق من اللاجئين. وقالت المجموعة الدولية لمعالجة الازمات ان طاجيكستان في طريقها لتصبح دولة تشيع بها الفوضى.
فالبنية الاساسية متداعية والمستشفيات والمدارس التي تعود الى الحقبة السوفيتية تنهار والنمو الاقتصادي تراجع بأكثر من النصف في عام 2009 ليصل الى 3.4 في المئة بعد أن كان 7.9 في المئة في 2008 . لكنها البلد الوحيد في آسيا الوسطى من الجمهوريات السوفيتية السابقة التي تقبل رسميا قدوم اللاجئين الافغان وذلك لاسباب منها ارضاء الغرب من خلال اظهار عزمها على التعاون في شؤون أفغانستان.
ولم تصدر بيانات رسمية بعد لكن مكتب مفوض الامم المتحدة السامي لشؤون اللاجئن توقع أن يكون عدد اللاجئين الافغان في طاجيكستان قد تضاعف في العام الماضي الى خمسة الاف. ومن المتوقع أن يزيد هذا العام الى ما يصل الى سبعة الاف.
وقال ايليجا تودوروفيتش رئيس المكتب في طاجيكستان "تزداد شهرا بعد شهر صعوبة تلبية كل احتياجات اللاجئين وطالبي اللجوء الافغان الاخذ عددهم في الزيادة." وشأن أغلب اللاجئين شأن عبد المطلب.. فأغلبهم من أصول طاجيكية أو كانوا يدرسون يوما في الاتحاد السوفيتي السابق. والبعض أيضا من الهزارة وهي أقلية عرقية عادة ما تهددها طالبان.
وفي الشهر الماضي قال وزير الخارجية خامروخون ظريفي ان طاجيكستان ملتزمة باستقبال اللاجئين "لانهم اخواننا". ومضى يقول "من مصحلتنا عودة الاستقرار الى أفغانستان لانه بدون استقرار هناك لا يمكننا الحديث عن الاستقرار في المنطقة بأسرها."
لكن بعض الطاجيك ينظرون للاجئين الافغان بريبة اذ يعتبرونهم منافسين على فرص العمل النادرة المتاحة في بلد تسكنه سبعة ملايين نسمة. ونظرا للعجز عن الحصول على فرص عمل في الداخل يعمل حاليا مليون طاجيكي في الخارج -معظمهم كعمال بناء- لاعالة أسرهم. ويجري توطين الكثير من اللاجئين في تجمعات نائية لا أمل فيها في العثور على فرص عمل فيتدفقون على العاصمة دوشنبه بحثا عن عمل لكن الشرطة تقف لهم بالمرصاد.
وما زالت طالبان تضمر عداء تجاه القوات السوفيتية التي احتلت أفغانستان لمدة عشر سنوات قبل نجاح المقاتلين في اخراجهم في 1989 . وخلال تلك الفترة تلقى كثيرون مثل عبد المطلب تعليمهم في الاتحاد السوفيتي السابق مما جعلهم خونة في عيون طالبان.
ويعيش عبد المطلب (38 عاما) على بعد 200 كيلومتر فقط الى الشمال من حدود أفغانستان مع زوجته وأبنائه في مبنى سكني متداع يعود للعهد السوفيتي في مدينة فاخدات الطاجيكية. تتغير ملامح وجهه بين الغضب والحزن وهو يتذكر أحداث 2008 عندما قتل متشددون والده الذي كان يعمل يوما في مواقع بناء روسية في قندهار. قال وهو يتكيء على أرضية شقته المتسخة "كانوا يهددون اخوتي وأبي. كانوا يريدون أرضنا."
في 2009 قتل مسلحون بالرصاص اثنين من أشقاء عبد المطلب اللذين تلقيا تعليما روسيا وصادروا منزل العائلة في قندهار وهو الحدث الذي دفعه لاتخاذ قرار الفرار. وأضاف أن المتشددين قالوا لهم "ارحلوا... لكن والدي نشأ في ذلك المنزل وجده هو الذي بنى ذلك المنزل. لم يكن يرغب في تركه.. قال هذا هو منزلي."
أومأت زوجته التي كانت تجلس الى جواره وهي تحمل رضيعا هو خامس أبنائهم. كان الهواء يحرك غطاء بلاستيكيا وضع على نافذة دون أن يكون له أثر يذكر في منع البرد من الوصول الى هذه الشقة المكتظة المكونة من غرفة واحدة.
وعبد المطلب ما زال عاطلا شأنه شأن الكثير من الافغان. ورغم ذلك فانه يقول ان الحياة في سلام تستحق هذا العناء. وتوافق أسرته على ذلك. قال مسعود أحد أبنائه الذي التحق بمدرسة محلية "هناك لا يوجد شيء سوى الحرب