هولندا تنغلق على نفسها بعيدا عن أوروبا والعالم
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
يؤدي انهيار الحكومة الهولندية بسبب مسألة نشر قوات في أفغانستان الى ابعاد البلاد عن جيرانها من دول الاتحاد الاوروبي والحد من مشاركتها على الساحة الدولية وربما يدفع الى تحول لتيار اليمين في الداخل.
امستردام: على الرغم من تقليد طويل قائم على الاختلاط الدولي يعود الى قرون من التجارة البحرية فان هولندا التي يسكنها 16 مليون نسمة انغلقت على نفسها في السنوات الاخيرة مع ركود الاقتصاد وتصاعد التوترات السياسية والاجتماعية.
ومع تراجع الوجود الهولندي في الشؤون الاوروبية وفي أفغانستان ربما يكون من الصعب على القارة الاوروبية أن تتحد حول خطة انقاذ لليونان وربما يؤثر ذلك أيضا على نشر قوات دول غربية أخرى توشك فترة التفويض الممنوحة لها في أفغانستان على الانتهاء.
قال فيليب فان براج أستاذ العلوم السياسية في جامعة أمستردام "ستكون هولندا أكثر تشككا تجاه التكامل الاوروبي."
وبعد شهور من الخلاف المستعر حول كيفية التعامل مع الازمة المالية أدى طلب من حلف شمال الاطلسي بتمديد نشر نحو ألفي جندي الى انقسام الائتلاف الهش بين اليسار واليمين يوم السبت.
وستتيح انتخابات محلية في الثالث من مارس اذار رؤية مبكرة لكيفية تأثير الانقسام بين الحزب الديمقراطي المسيحي الذي ينتهج خط يمين الوسط وينتمي اليه رئيس الوزراء يان بيتر بالكننده وحزب العمل الذي ينتمي اليه نائبه فوتر بوس على الناخبين.
كما أنه سيتعين على أي حكومة جديدة ستتولى الحكم بعد الانتخابات البرلمانية في منتصف العام أن تقدم بحلول سبتمبر أيلول ميزانية ربما تحد من الانفاق حتى مع استياء الناخبين ازاء مقترحات مثل رفع سن التقاعد وزيادة ضرائب الدخل.
قال اندريه كروفل أستاذ العلوم السياسية في جامعة فري بأمستردام "نحن في خضم أزمة مالية وسيؤدي اجراء انتخابات الان الى افتقاد الامن بدرجة كبيرة لدى المواطنين والمستثمرين."
ومن شبه المؤكد أن يتقرر هذا العام اعادة القوات الهولندية الموجودة في اقليم أرزكان بأفغانستان منذ عام 2006 في وقت تكثف فيه الولايات المتحدة هجومها على طالبان وتحث دولا غربية أخرى على أن تحذو حذوها.
وهولندا بين أكبر عشر دول مساهمة في مهمة حلف شمال الاطلسي بأفغانستان. ولقي 21 جنديا هولنديا حتفهم هناك.
وفي ألمانيا تمضي المستشارة انجيلا ميركل قدما في خطط لزيادة القوات في أفغانستان رغم المعارضة الشديدة للصراع الدائر بأفغانستان في الداخل. أما في بريطانيا فاستطلاعات الرأي تظهر أن الحرب في أفغانستان لا تلقى أي شعبية على الاطلاق.
ويرى ادوين باكر الباحث في معهد كليجندايل أن انسحاب هولندا يضر بصورة أوروبا كشريك في القضايا الخارجية والقضايا الامنية.
ويعود شعور هولندا بعدم الارتياح ازاء ارسال قوات الى أفغانستان الى مذبحة سربرنيتشا عام 1995 عندما اضطر جنود هولنديون تابعون للامم المتحدة ومسلحون تسليحا خفيفا دون دعم جوي دولي للتخلي عن هذه المنطقة لقوات صرب البوسنة الذين قتلوا ما يصل الى ثمانية الاف مسلم كانوا قد طلبوا الحماية من الجنود الهولنديين.
وأدى تقرير صدر في 2002 حول سربرنيتشا الى انهيار الحكومة وتولي أول ادارة لبالكننده الحكم. ومنذ ذلك الحين أصبح من الصعب التكهن بالاحوال السياسية في هولندا التي كانت تشتهر يوما باستقرارها وتوافقها.
وتزامن هذا مع انزلاق تدريجي في حالة من العزلة. وقبل أربع سنوات رفض الناخبون الهولنديون مسودة دستور لاوروبا.
كما يشعر كثيرون بالقلق ازاء هجرة المسلمين وتزايد تأثير بروكسل على القوانين الهولندية ومساهمات دافعي الضرائب الهولنديين في ميزانية الاتحاد الاوروبي.
وأظهر استطلاع صدر يوم السبت أن 55 في المئة من الهولنديين يريدون طرد الدول المدينة بمبالغ طائلة من الاتحاد الاوروبي. وفي الاسبوع الماضي أظهر استطلاع اخر دعما شديدا لانسحاب اليونان من منطقة اليورو.
كانت هولندا واحدة من بين ست دول مؤسسة للاتحاد الاوروبي وقعت معاهدة ماستريخت في 1992 والتي أدت الى طرح عملة اليورو.
ومن المرجح أن يكون سياسي مثل خيرت فيلدرز وحزب الحرية الذي ينتمي اليه المناهض للهجرة هو المستفيد الرئيسي من انهيار الحكومة وأن يكتسب صوتا أكثر تأثيرا في السياسة. وخلال انتخابات البرلمان الاوروبي في يونيو حزيران 2009 حصل حزب الحرية على ما يكفي من الاصوات ليكون ثاني حزب هولندي في بروكسل بعد الحزب الديمقراطي المسيحي.
وتشير استطلاعات الرأي الى أن الحزب سيصبح أكبر حزب أو ثاني أكبر حزب في البرلمان من خلال اقتناص أصوات من حزب العمل.
وأنهى فيلدرز -وهو الوريث السياسي لبيم فورتوين المناهض للهجرة والذي اغتيل عام 2002- تسامح البلاد التقليدي تجاه الهجرة ودعا الى خفض الضرائب وحظر قدوم مهاجرين من الدول المسلمة والحد من تأثير الاتحاد الاوروبي.
وقال فيلدرز لرويترز "الناس يريدون حزبا جديدا ذا اراء جديدة جيدة.. حاسما تجاه الجريمة.. حازما تجاه الهجرة الجماعية وهذا هو بالفعل ما يتطلع اليه الناس."
وأضاف "أعتقد ولا شك أن بامكاننا احراز نتائج ممتازة خلال الاشهر القليلة القادمة وستؤدي الى تغيير هولندا للافضل."
ولا يتوقع كثيرون أن ينضم فيلدرز الى ائتلاف لكن تحقيقه انتصارا ساحقا سيجعله في وضع مثالي لدعم حكومة أقلية يرجح أن تكون للحزب الديمقراطي المسيحي والاجبار على تنفيذ خططه.
وقال فان براج "سيكون فيلدرز عنصرا مؤثرا من خارج الائتلاف. انه حاذق للغاية ويعلم أنه سيفقد الكثير من الاصوات اذا انضم الى ائتلاف".