أخبار

إعتقالات أخيرة لعسكريين تعمق الإنقسام في تركيا

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

تعمق الحملة على ضباط في الجيش التركي من احتمال حدوث إنقسام اجتماعي في البلاد.

اسطنبول: تنقل حملة على ضباط في الجيش التركي متهمين بالتآمر على حكومة يرون أن لها طموحات إسلامية تركيا إلى منعطف تاريخي وتزيد من احتمالات إنقسام اجتماعي عميق. وبلغت الحملة على السلطة العسكرية مستوى جديدا في مطلع الاسبوع حين وجه اتهام الى جنرالين متقاعدين بارزين يحظيان باحترام كبير لدى القيادة العليا بالضلوع في مؤامرة انقلاب.

ووصف رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان اعتقال العشرات وتوجيه الاتهام لهم بانها عملية مؤلمة ولكنها ضرورية لدعم الديمقراطية في الدولة المرشحة لعضوية الاتحاد الاوروبي. ويرى مسؤولون أن الجيش الذي ينظر اليه عادة كحام للديمقراطية العلمانية في مواجهة ثقافة سياسية معيبة وفاسدة لا يمكنه ان يظل خارج نطاق سيطرة الحكومة والقضاء بعد الان.

وتلوح في الافق محاكمات لاكثر من 30 ضابطا اتهموا في الاسبوع الماضي بالتامر لاحداث فوضى وتقويض الحكومة عام 2003 بما يدفع الجيش للتدخل. وقال جنكيز اخطر الكاتب والمعلق التركي "نجتاز حقا فترة تاريخية." وتابع "لم يسبق ان واجهت سلطة الجيش تحديا مماثلا في هذا البلد. لم تحاسب القوات المسلحة على ما تقوله او تفعله. تجري محاسبتها لاول مرة."

ولكن ثمة مخاوف متزايدة من ان المؤسسة العلمانية والهيئة القضائية العليا والقوات المسلحة لن توافق على فقد مزيد من السلطة لصالح طبقة سياسية جديدة من المسلمين المحافظين متمثلة في حزب العدالة والتنمية بزعامة اردوغان. واليوم يعتقد معظم الاتراك أن الجنرالات لن يقدموا بشكل مباشر على تحدي حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي يملك أغلبية هائلة في البرلمان وتدمير الثقة التي تولدت حديثا في الديمقراطية.

لكن هناك ثمة شكوك هائلة تحيط بحزب العدالة والتنمية خشية ان يكون لديه اجندة اسلامية يتاح له تنفيذها دون معارضة اذا ما ضعف الجيش والقضاء. ووصف رئيس الاركان العامة الجنرال ايلكر باسبوج الانقلابات بانها شيء من الماضي ولكنه حذر من ان "لصبر الجيش حدودا."

وفي عام 1997 قاد جنرالات الجيش حملة من الضغوط السياسية ارغمت رئيس الوزراء انذاك نجم الدين اربكان وهو من معلمي اردوغان على التخلي عن السلطة في عملية وصفت "بانقلاب مابعد الحداثة" تمييزا لها عن الانقلابات العسكرية في الماضي.

وفي عام 2007 تدخل الجيش في انتخابات الرئاسة بنشر بيان على موقعه على شبكة الانترنت انتقد فيه الحكومة وهو ما اطلق عليه اسم "انقلاب الكتروني" ولكن قيادة حزب العدالة والتنمية أبدت موقفا اكثر تشددا تجاه الجيش وردت على كل اسانيده. ويمثل القضاء أو عناصره محورا ثانيا لمقاومة حزب العدالة الذي انتخب باغلبية ساحقة عام 2002 مع انهيار احزاب علمانية راسخة لوثتها اتهامات فساد وسوء الحكم.

وهناك تكهنات بمحاولة جديدة لحظر الحزب مرة اخرى بعد ان اجتاز بصعوبة دعوى قضائية رفعت عام 2008 لاغلاقه بزعم قيامه بانشطة مناهضة للعلمانية. ويعكس الجيش صورة البلاد الى حد كبير. فالخدمة العسكرية اجبارية وتوجد قواعد عسكرية على مرأى من الجميع في وسط المدن ليس اقلها انقرة واسطنبول. وارتدى جميع الرجال الاتراك تقريبا الزي العسكري في فترة ما.

ويمكن ان يكون لاي تغيير مفاجيء في دور ووضع الجيش تبعات على الهيكل الاجتماعي بأسره. وقال هيو بوب من المجموعة الدولية لمعالجة الازمات وهي مجموعة بحثية "ثمة صراع بين الجانبين وهو يدور في العلن منذ عام 2007 رغم انه كان دائرا في الخفاء قبل ذلك." وتابع "الموجة الاخيرة من الاعتقالات شملت عددا من أرفع الضابط تعليما .. والبعض كان حتى فترة قريبة في وظائف رفيعة جدا."

وأول الجنرالين اللذين وجه اليهما الاتهام يوم الجمعة الجنرال جيتين دوجان وكان قائدا للجيش الاول التركي وارتبط "بانقلاب ما بعد الحداثة" عام 1997 والثاني اللفتنانت جنرال انجين الان وهو قائد سابق للقوات الخاصة التركية شارك في اعتقال الزعيم الكردي عبد الله أوجلان في كينيا واعادته الى تركيا عام 1999 .

وكلما زادت جرأة تحركات السلطات باعتقال مشتبه بهم رفيعي المستوي بما في ذلك تحقيقات ذات صلة مع جماعة قومية متطرفة متهمة بتدبير انقلاب كلما ارتفعت اصوات المعارضة التي تقول ان وراء التحقيقات دوافع سياسية. وبالتأكيد جرت بعض الاعتقالات بشكل سافر كما نشر الكثير من التفاصيل المثيرة عن الاتهامات. ويرى محللون ان بعض الصحف عكست ايضا التساؤلات التي تدور في اذهان العامة عن الاسس التي تستند اليها الاتهامات.

والقي القبض على اكثر من 200 شخص من بينهم ضباط جيش ومحامون وساسة في التحقيق مع جماعة ارجنكون المتهمة بالتامر لاثارة الفوضى والخوف كي يطالب المواطنون بتدخل الجيش لاعادة النظام. وقال بوب "على الحكومة مسؤولية التدخل والحد من الاستقطاب. الانقسام يبث الفرقة داخل الاسر. أنقسم كل تكتل اجتماعي بين مؤيد ومعارض للانقلاب."

ويوم الخميس الماضي اجتمع رئيس الوزراء اردوغان والرئيس عبد الله جول ورئيس الاركان العامة الجنرال باسبوج لنزع فتيل الازمة لكن اعقب الاجتماع في اليوم التالي موجة ثانية من الاعتقالات. واجتمع اردوغان الذي ينفي أن لديه اي تطلعات اسلامية والجنرال باسبوج مرة اخرى أمس الاحد. ويقول بعض المعلقين ان حقيقة استمرار خطوط الاتصال مفتوحة بين الجانبين دليل على ان العلاقات لن تتدهور مرة اخرى للمستويات المتدنية التي بلغتها في العقود الماضية.

وأطاح الجيش باربع حكومات في تركيا في الاعوام الخمسين الماضية ولكن "الانقلاب الالكتروني" أتى بنتائج عكسية وأدى لزيادة شعبية حزب العدالة والتنمية. وحتى الان كان تأثير الاضطرابات السياسية على الاسواق محدودا. وانخفضت بورصة الاسهم سبعة بالمئة خلال الاسبوع وفقدت الليرة 2.6 من قيمتها امام الدولار.

وقد تؤدي توترات طويلة الامد الى تزايد الضغط على الاسواق. وقال بوب "لا ينبغي ان يجر اي طرف الاخر الى هذا الامر في وقت توشك فيه تركيا على الحصول على تصنيف يشجع على الاستثمار في سنداتها والذي يتعين عليها فيه القيام بتحرك حيوي لاحياء عملية الانضمام للاتحاد الاوروبي." واضاف "ينبغي ان يتعايش كل طرف مع الاخر لا يمكن لاي منهما ان يفوز."

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف