إسرائيل: اغتيال المبحوح رسالة ضد إرهاب حماس وإيران
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
حيفا: لم تكن إسرائيل لتكون أكثر تعتيماً على أي عملية اغتيال نفذها جهاز استخباراتها الخارجي، كما هو الحال مع اغتيال محمود المبحوح القيادي العسكري في حركة حماس الذي وجد مقتولاً في أحد فنادق دبي في 20 يناير/ كانون الثاني 2010، فرغم توثيق شرطة دبي لتحركات القتلة بالفيديو، تواصل تل أبيب صمتها المطبق، بل تمنع وسائل إعلامها من متابعة حيثيات القضية كما هي العادة مع مثل هذه الأحداث المثيرة.
وقد توقفت الصحف العبرية عن ملاحقة أصحاب الأسماء التي أعلنتها شرطة دبي، بعدما حاولت بعض وسائل الإعلام الوصول إليهم، وطرقت أبواب منازلهم لتجدها مهجورة، وسط نظرات عيون الجيران الذين تفاوتت ردود فعلهم بين الاستغراب والقلق، هذا في وقت أبدى بعضهم دهشته وإعجابه بعمل جاره في جهاز الموساد دونما علمه، وذهب لوصفه بـ"البطل"، إيلاف بدورها حاولت الوصول لتعليقات مسؤولين إسرائيليين واستصراخهم حيال القضية.
صمت رسمي
رفض مساعد نائب وزير الخارجية، أشلي بيري، الإدلاء بأية تصريحات مرتبطة بعملية اغتيال المبحوح، وقال لـ "إيلاف": إنَّ الموضوع من اختصاص الناطق بلسان الوزارة، يغئال بالمور أو ديوان رئيس الحكومة. وبالرغم من الاتصال بمكتب الناطق وترك رسالة صوتيَّة له، إلا أنَّه لم يبادر إلى التعقيب".
أما في ديوان رئاسة الوزراء، فقد طلب إلينا توجيه رسالة عبر البريد الالكتروني ومع ذلك لم نحصل على رد علما بأن القانون الإسرائيلي يحدد أن رئيس الموساد يخضع حصريا لسلطة رئيس الحكومة وهو الوحيد المخول بمساءلة رئيس الموساد وتوجيه الأوامر إليه، كما أن رئيس الوزراء وحده المخول بالمصادقة على عمليات من نوع عملية اغتيال المبحوح.
وكان ديوان نتنياهو رفض مجرد التعقيب على تقرير موسع نشرته صحيفة "تايمز" اللندنية في 21 شباط (فبراير) الماضي، وقالت فيه إن نتنياهو صادق بنفسه على العملية والتقى أعضاء الخلية التي نفذت العملية وتمنى لهم النجاح.
العملية رسالة ضد إرهاب حماس وليست موجهة لدول الخليج
من جهته، أعرب يوسي ملمان، المحلل الأمني في صحيفة هآرتس، لـ "إيلاف" عن اعتقاده بأن "العملية حملت رسالة واضحة ضد منظمة إرهابية وهي حركة حماس وإيران". وأوضح ملمان أنَّ العمليَّة هدفت إلى "تشويش مسار تهريب الأسلحة وأيضا حملت رسالة للمنظمة نفسها بأننا قادرون على الوصول إليكم في كل مكان". وقال ملمان إن "حركة حماس إرهابية، وبالتالي فإن العملية كانت موجهة لضرب حركة حماس الإرهابية ومكافحة عمليات تهريب الأسلحة من إيران لحماس".
ونفى ملمان أن تكون العملية موجهة إلى أي من الدول العربية أو دول الخليج، وقال إن "اختيار دبي لم يكن مقصودا". وأوضح ملمان أنَّ دبيّ بحد ذاتها لم تكن مستهدفة "إنما تم تنفيذ العملية هناك لأن المعلومات التي توفرت أشارت إلى وجود المبحوح هناك، ولو كان المبحوح في بلد آخر لنفذت العملية فيه" معربًا عن افتراضه "أنهم كانوا سيدرسون الأمر مليا بعد استخلاص العبرة مما حدث في الأردن، من العملية الغبية والتافهة في محاولة اغتيال خالد مشعل، ليس بسبب خالد مشعل وإنما بسبب الأردن".
تنصل من العملية واحتفاء بنتائجها
مع أن الوزراء والمسؤولين الإسرائيليين يرفضون مجرد الحديث عن دور إسرائيل في العملية أو مسؤوليتها عنها، إلا أن ذلك لم يمنعهم من كيل المديح للموساد الإسرائيلي ولرئيسه في أكثر من مناسبة. فقد رفض وزير التجارة والصناعة الإسرائيلي، بينيامين بن اليعزر، مثلا بتاريخ في 22 شباط (فبراير) الأحاديث والتقديرات التي وصفت عملية الاغتيال بأنها كانت فاشلة.
وقال بن اليعيزر في حديث مع الإذاعة الإسرائيلية إن "عملية تصفية المبحوح لم تكن فاشلة. لا أعرف من نفذ هذا العمل، وتهمني نتيجة العمل، أنا لا أعرف إذا كنا نحن من قام بالعملية أم لا".
وأضاف: "لن أخوض في النقاشات ما إذا كان منفذوا العملية وكلاء لجهاز استخبارات أم لا، لماذا علي الخوض في ذلك؟ كل ما يجب هو أن ننظر إلى ما بقي بعد العملية وقد تمت ترجمة نتائجها على الفور وأقول لك إن نصر الله عندما يسافر إلى دمشق وهو يضع باروكة اصطناعية فهو يدرك عمليا أن هناك عيونا تطارده وهذا هو المهم".
أما رئيس الأركان السابق للجيش الإسرائيلي، دان حالوتس، فقال في محاضرة له حول قوة الردع الإسرائيلية في جامعة تل أبيب في 23 شباط (فبراير) الماضي إنَّ "كل شخص من نوعية المبحوح تتم تصفيته وتنسب هذه التصفية لنا من قبل جهات أجنبية ومن إسرائيليين يثرثرون باستمرار، عليه أن يفكر دائما قبل أن يقدم على أي خطوة عند حجز تذكرة سفر أو حجز غرفة في فندق". وأضاف "مثل هذه العمليات تردع المنظمات الإرهابية، وأيضا الدول التي تدرك قدرات أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية".
الكنيست يرفض مناقشة العمليَّة
على المستوى الرسمي أيضا، رفض الكنيست الطلب الذي تقدّم به طلب الصانع، العضو في الكنسيت، إدراج موضوع تصفية المبحوح على جدول أعماله، كما رفض الخوض في مسألة جوازات السفر المزورة، مما أدّى إلى نقاش صاخب في لجنة الكنيست لدرجة أن عضو الكنيست طلب الصانع قال إن "رفض الكنيست إدراج الموضوع يثير الشكوك بأن من يرفض مناقشة الموضوع فإن عنده ما يخفيه، فهل يقرر رئيس الموساد أية مواضيع تطرح على جدول الكنيست؟". ووصف الصانع العملية بـ"الإرهابية" وطالب "بمحاكمة المسؤولين عنها، فلا تستغربوا أن يصدر أمر اعتقال ضد مئير دغان".
وأثارت تصريحات الصانع حفيظة أعضاء الكنيست من اليمين وقد اتهمه عضو الكنيست من الليكود، كرميل شاما بأنه سفير دبي في الكنيست، بل زاد وأعلن أنه مستعد للتبرع بجواز سفره العادي والدبلوماسي للموساد.
الصحف الإسرائيلية تتنازل عن دورها!
في المقابل، عزفت طيلة هذه الفترة الصحف الإسرائيلية عن التنقيب عن الحقيقة، وفضلت الاختباء وراء تقارير الصحافة العالمية وتحديدا البريطانية منها، في نقل التقارير مع أن بعض المحللين تناولوا بالنقد العملية مع التأكيد أن نسب العملية للموساد هو على مسؤولية وسائل الإعلام الأجنبية. لكن محللي الشؤون العسكرية والأمنية، حتى مع إضافة تحفظهم هذا كثفوا من الحديث عن أن الواقع الجديد وأداء شرطة دبي واعتمادها على الوسائل التقنية الجديدة ستجعل مهمات شبيهة أمرا صعبا في المستقبل.
وبموازاة ذلك خف هؤلاء، مثل رون بن يشاي على التأكيد على أن أصحاب الجوازات المزيفة من إسرائيل لن يكونوا عرضة لمسائلة كبيرة خارج البلاد، لا سيما بسبب قيام المزيفين بتغيير كثير من التفاصيل والبيانات الخاصة بهم، كما أن الدول الأجنبية التي تم تزييف جوازات سفرها أقرت بأن الجوازات مزيفة وبالتالي فإن أصحابها الأصليين لن يكونوا عرضة لخطر الاعتقال عند سفرهم إلى هذه البلدان.