اتصالات سرية مع طالبان بمشاركة مجاهدين سابقين ومحامين سعوديين
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
يبرز تحرك دولي يرافقه اتصالات سرية مع حركة طالبان هدفها تحقيق تسوية سلمية في افغانستان، إلا أن الولايات المتحدة تستبعدها وترى ان طالبان لن تبدأ التفاوض بنية حسنة إلا إذا شعرت بوطأة التعزيزات العسكرية التي تتصدرها الولايات المتحدة.
دعا وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند الى تحرك سياسي واسع هدفه تحقيق تسوية سلمية في افغانستان، وكشفت صحيفة الغارديان ان دعوة ميليباند تأتي عقب سلسلة من الاتصالات السرية بين فريق من الوسطاء الدوليين وحركة طالبان بمشاركة مجاهدين عرب سابقين ومحامين سعوديين ومسؤول كبير في الأمم المتحدة وضابط بريطاني متقاعد.
لم تسفر الاتصالات عن حصيلة يُعتد بها حتى الآن ولكن مسؤولين بريطانيين يعتقدون انها اظهرت ان البعض على الأقل من قادة طالبان يشعرون بالتعب من القتال ويبحثون عن بديل سياسي.
ويرى مسؤولون بريطانيون كبار ان عملية السلام الوليدة هذه اكتسبت زخما كبيرا في اعقاب مؤتمر لندن الذي عُقد في كانون الثاني/يناير حول افغانستان حيث كانت المصالحة واعادة دمج عناصر طالبان، من القضايا الأساسية التي بحثها المؤتمرون. وتقول الغارديان في تقريرها ان هؤلاء المسؤولين على اقتناع بأن تحركا جديا في افغانستان من أجل التوصل الى تسوية سلمية، بدعم قوي من الولايات المتحدة، يمكن ان يغتنم فرص الحوار التي تتيحها الاتصالات الجارية عبر قنوات سرية.
ويتمثل المشروع السلمي الواعد أكثر من سواه حتى الآن بمبادرة مجاهدين عرب سابقين قاتلوا ضد الاحتلال السوفياتي في الثمانينات وقدموا خدماتهم كوسطاء بين حكومة حامد كرزاي وطالبان منذ اربع سنوات، بالتعاون مع محامين سعوديين متعاطفين، على حد وصف التقرير. ولاقت المبادرة المستقلة في النهاية دعم المملكة العربية السعودية مؤدية الى اتصالات بين أفراد من اسرة كرزاي وممثلين عن طالبان على اراضي المملكة في عام 2008. ونال دور الوساطة الذي تقوم به الأسرة المالكة السعودية مباركة مؤتمر لندن.
وتنقل صحيفة الغارديان عن مصادر تسميها قريبة من المحادثات السعودية ان اكبر المشاركين فيها من طالبان هو ملا عبد الغني باردار الذي وقع في قبضة الاستخبارات الباكستانية في كراتشي الشهر الماضي. ونُقل نبأ اعتقاله على نطاق واسع بوصفه اختراقا في التعاون بين وكالة المخابرات المركزية الاميركية (سي آي أي) والاستخبارات الباكستانية، ولكن طرفا اساسيا في المحادثات السرية الجارية في السعودية وصف اعتقال باردار بأنه "خيبة أمل" و"ضربة موجعة" لمبادرة السلام الوليدة. وقال المصدر "ان باكستان ربما لم تكن راضية على المفاوضات" معبرا بذلك عن رأي شائع بأن الاستخبارات الباكستانية اعتقلت باردار لأنه تجاهلها.
ولكن مصادر رسمية غربية اشارت الى ان اعتقال باردار لم يكن نتيجة مؤامرة باكستانية بل ثمرة عملية مخابراتية اميركية تعقبت باردار ولم تترك خيارا للاستخبارات الباكستانية التي لها تاريخ مديد من الدعم لحركة طالبان سوى القاء القبض عليه.
واصر مسؤول بريطاني على ان اعتقال باردار لا يتعارض مع دعوة ميليباند الى تسوية سياسية. وقال المسؤول "ان هذا من مخاطر المهنة بالنسبة لشخص على مستوى القيادة في طالبان. والى ان يشيروا الى انهم جادون بشأن المفاوضات ويدخلوا في حوار حقيقي فانهم يبقون هدفا مشروعا للضغط العسكري الشديد عليهم".
يجري التخطيط لاطلاق مبادرات موازية باتجاه طالبان في كابل، مهندسها السر غرايم لامب، وهو جنرال سابق في القوات البريطانية الخاصة "أس أي أس"، قام بدور حاسم في ضمان تأييد السنة في القتال ضد تنظيم القاعدة في العراق، ويعمل الآن مستشارا لقائد قوات حلف شمالي الأطلسي في افغانستان، الجنرال الاميركي ستانلي ماكريستال.
قال مصدر غربي مطلع على العمليات في كابل ان لامب كُلف بمهمة اعادة دمج عناصر طالبان وتحقيق المصالحة "وانه يتحدث أكثر بكثير عن الأولى لكنه يفعل أكثر بشأن الثانية".
رئيس بعثة الأمم المتحدة المنتهية مهام عمله كاي آيدي ايضا عقد لقاءات مع ممثلين عن طالبان في دبي، كما اتضح في كانون الثاني/يناير الماضي، بحسب مسؤولين في الأمم المتحدة، ولكن غالبية المصادر الأخرى تقول ان محاوريه كانوا من مستويات متدنية نسبيا. وقد نفت طالبان حدوث الاتصالات. وغادر آيدي افغانستان ليحل محله الدبلوماسي السويدي ستيفان دي ميستورا.
قال المستشار السياسي السابق في بعثة الأمم المتحدة ان المنظمة الدولية إذا تدخلت سيتعين عليها ان تتحرك بحذر شديد مشيرا الى تورط الأمم المتحدة "بين محاولة بناء علاقة مع كرزاي من جهة ومحاولة الاشراف على مهمات تتطلب الحياد، مثل الانتخابات، من الجهة الأخرى". واعتبر ان هذا هو التحدي الذي يواجه دي ميستورا لدى التوسط في محادثات السلام.
وقال التقرير ان التحرك باتجاه تسوية سياسية الذي يدعو اليه ميليباند لن يلقى ترحيب واشنطن وان مسؤولين كبارا في ادارة اوباما يرون ان محادثات السلام سابقة الأوان وان طالبان لن تبدأ التفاوض بنية حسنة إلا إذا شعرت بوطأة التعزيزات العسكرية التي تتصدرها الولايات المتحدة.
سينتقل محور عمليات القوات الاضافية في الصيف من اقليم هلمند حيث بسطت قوات الأطلسي والقوات الافغانية سيطرتها على منطقة كانت في السابق بيد المتمردين حول بلدة مرجة الصغيرة، الى قندهار، وهي مدينة ذات 900 ألف نسمة تقع في عمق الأرضي التي تنشط فيها طالبان.
خلال زيارة الى كابل قبل ايام قال وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس ان من المستبعد ان تثمر جهود المصالحة التي يبذلها الرئيس كرزاي عن نتائج ما لم تدرك قيادة طالبان "ان احتمالات النجاح لم تعد لصالحها" مستبعدا ان يتحقق ذلك في وقت قريب.