واشنطن تواجه خيارات صعبة في تأزم العلاقة مع إسرائيل
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
واشنطن: أدى النزاع الذي يهز العلاقات الأميركية الاسرائيلية إلى جعل ادارة أوباما تواجه مجموعة من الخيارات التي تنطوي على مخاطر في الوقت الذي تقوم فيه بتقييم المرحلة القادمة من جهود صنع السلام المتعثرة في الشرق الاوسط.
كان رد فعل الولايات المتحدة أن أبدت بشكل نادر قدرا كبيرا من الغضب المعلن ازاء اعلان اسرائيل اعتزامها بناء 1600 وحدة سكنية في القدس الشرقية في خطوة تهدد بنسف جهود السلام التي تقودها الولايات المتحدة لاستئناف محادثات السلام الاسرائيلية الفلسطينية المتوقفة منذ أكثر من عام.
وطالب الفلسطينيون الذين وافقوا على محادثات غير مباشرة بوقف الخطة الاستيطانية قبل بدء أي محادثات. وربما تحدد الخطوة التالية لاسرائيل وطريقة رد فعل الولايات المتحدة ما اذا كان سيجري استئناف المحادثات وكيف ستتطور العلاقات مع حليفة واشنطن الرئيسية في الشرق الاوسط خلال الاشهر المقبلة.
ما سر غضب الولايات المتحدة الى هذا الحد؟
جاء اعلان إسرائيل خلال زيارة لجو بايدن نائب الرئيس الأميركي الذي كان في مهمة لحشد التأييد لعملية السلام التي وافق الرئيس الفلسيطني محمود عباس مؤخرا على العودة لها. وأدان بايدن الاعلان عن بناء مستوطنات جديدة وشدد مسؤولون أميركيون كبار منهم وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون من نبرتهم ووصفوا هذه الخطوة بأنها "اهانة" ومؤشر سيء للعلاقات الأميركية الاسرائيلية. وتطالب الولايات المتحدة اسرائيل بأن تتخذ اجراء ما لم تحدده لاعادة التاكيد على التزامها تجاه عملية السلام في الشرق الاوسط.
ويقول محللون سياسيون إن رد الفعل الأميركي يعكس مشاعر الاحباط الشديدة ازاء الخطوات التي تحول دون استئناف محادثات الشرق الاوسط وهي هدف رئيسي للولايات المتحدة مرتبط بتحديات أكثر حدة بما في ذلك الحرب في كل من أفغانستان والعراق والازمة المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني والجهود الأميركية الرامية الى تحسين العلاقات مع العالم الاسلامي.
وقال حاييم مالكا نائب مدير برنامج الشرق الاوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية "ليس بالضرروة أن تساعد المفاوضات بين الاسرائيليين والفلسطينيين هذه الجهود. لكن عدم وجود محادثات اسرائيلية فلسطينية يزيد الامر صعوبة."
هل سيكون هناك جدوى لتشديد الموقف الأميركي؟
على الرغم من الغضب الشديد ازاء الاعلان عن بناء الوحدات السكنية للمستوطنين يؤكد مسؤولون أميركيون على أن العلاقات الأميركية الاسرائيلية ما زالت قوية وأشادت كلينتون بالرباط بين البلدين الذي لا يمكن "أن ينفصم".
ويقول محللون سياسيون ان هذه الازمة ربما تلقي بظلالها على ضغوط أشد تمارسها الولايات المتحدة على اسرائيل لتقديم تنازلات لاعادة الفلسطينيين الى مائدة المفاوضات وهي تنازلات ربما لا يكون في مقدرة نتنياهو تقديمها في ظل التوازنات السياسية التي يواجهها في الداخل.
وقال ستيفن كوهين رئيس معهد السلام والتنمية في الشرق الاوسط "الامر الحاسم هو ما اذا كان نتنياهو وأوباما بينهما فهم مشترك حول وجهتهما... ليس هناك مؤشر واضح على أن هذا هو الموقف."
ومن المرجح أن يكون الموقف الأميركي الاكثر تشددا تجاه اسرائيل مدعاة لسعادة الفلسطينيين وغيرهم في الدول العربية وربما ينتظرون لمحاولة الحصول على المزيد من التنازلات من اسرائيل. لكن اذا أصبحت التوترات بين الولايات المتحدة واسرائيل شديدة واذا تراجع التأثير الأميركي على الزعماء الاسرائيليين فان الفلسطينيين ربما يرون أن عملية السلام قد فقدت أكبر داعميها.
ما هي المخاطر بالنسبة للولايات المتحدة؟
تواجه ادارة أوباما المخاطر الخاصة بها عندما تتخذ موقفا متشددا من اسرائيل التي تتمتع منذ اقامتها عام 1948 بدعم قوي من الولايات المتحدة. ويواجه الحزب الديمقراطي الذي ينتمي اليه أوباما انتخابات صعبة للتجديد النصفي في الكونجرس هذا العام واستغل الجمهوريون قضية اسرائيل باعتبارها مؤشرا على ضعف أوباما في قضايا الامن الاساسية.
وقال اريك كانتور عضو مجلس النواب وهو ثاني أكبر شخصية بالمجلس من الحزب الجمهوري "لا يمكن أن نهاجم من مكاننا هذا حليفتنا ثم نريدها أن تتحلى بالصبر والتفاهم مع إيران." وربما تؤدي اثارة استياء الجماعات الموالية لاسرائيل التي أوضحت عدم رضاها عن انتقاد الدولة اليهودية الى الاضرار بادارة أوباما سياسيا.
وعلى الصعيد الدولي ربما تكون الولايات المتحدة ترفع سقف التوقعات غير الواقعية ازاء الخطوات التي تبدي استعدادها للقيام بها لاعادة محادثات السلام في الشرق الاوسط الى مسارها.
وخلال اجتماع يعقد في موسكو للجنة الرباعية للسلام في الشرق الاوسط هذا الاسبوع -والتي تضم الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي والامم المتحدة وروسيا- من المرجح أن يتعرض مسؤولون أميركيون لضغوط لاظهار أن الاستراتيجية الأميركية تحقق نجاحا.
وقال كوهين وهو محلل محنك للسياسات الأميركية في الشرق الاوسط ان الاصدقاء والاعداء على حد سواء سيرقبون الاوضاع بحذر لمعرفة ما اذا كانت واشنطن مستعدة لادارة الوضع وقادرة على ذلك بما يمكن أن يكون له من تداعيات بعيدة الاثر. وأضاف "اذا اعتقدوا أن الولايات المتحدة تتنصل من مسؤوليتها تجاه القضية الاسرائيلية الفلسطينية فلن يكون لديهم قدر يذكر من الثقة في شكل الاستراتيجية التي ستتبعها الولايات المتحدة تجاه إيران كذلك."