المباحثات حول "ستارت 2" تصل إلى خط النهاية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
يتوقع توقيع معاهدة "ستارت 2" في نهاية اذار- مارس أو بداية نيسان- أبريل قبيل قمة الحد من التسلح النووي المرتقبة في واشنطن في 12 نيسان- أبريل المقبل.
موسكو: بدا في نهاية العام الفائت أن عطلتي عيدي الميلاد ورأس السنة هما وحدهما القادرتان على تأجيل توقيع معاهدة جديدة حول تقليص الأسلحة الإستراتيجية الهجومية (ستارت 2) بين الولايات المتحدة وروسيا بدلا من معاهدة "ستارت 1"، التي وقعها الرئيسان السوفييتي ميخائيل غورباتشوف والأميركي جورج بوش الأب عام 1991، وألزمت كلا الطرفين بتقليص أكثر من 40% من رؤوسهما النووية إلى 6000، ونحو 30% من حواملها الإستراتيجية إلى 1600 حامل.
فالرئيسان الروسي دميتري ميدفيديف والأميركي باراك أوباما اتفقا في الصيف الماضي على توقيع معاهدة جديدة، وتم التوصل إلى اتفاق مبدئي يقضي بتقليص عدد الرؤوس النووية إلى 1500-1675، وأن يتراوح عدد حواملها الإستراتيجية بين 500 و1100، على أن يتم تحديد الأرقام النهائية خلال مباحثات الجانبين، الذين توصلا بالفعل في نهاية العام الفائت إلى اتفاق حول أهم نقاطها، بما في ذلك حول عدد حوامل الرؤوس النووية بحدود 700-750 حاملا تقريبا. لكن المفاوضين الأميركيين، كما تؤكد المصادر الروسية، غيروا موقفهم بحدة وتراجعوا فجأة عن كل اتفاقاتهم مع الروس. ووجدت موسكو وواشنطن نفسيهما بعد انتهاء مفعول المعاهدة القديمة في 5 ديسمبر الماضي من دون ضابط قانوني يقيد مقدراتهما النووية.
ولعل إدارة أوباما أرادت التخلص من تهمة "الانهزامية" والركوع أمام الكرملين والتخلي عن مكاسب الدولة العظمى الوحيدة بعد تفكك الاتحاد السوفييتي. وربما رضخت لضغوط لوبي المجمع الصناعي العسكري الأمريكي، الذي حذر من سطوته الرئيس العسكري الراحل دوايت إيزنهاور... أم أن ذلك كان محاولة لجس نبض الروس ودفع الكرملين للقبول بالمطالب الأمريكية؟
فالأميركيون أرادوا الامتناع عن تقليص حواملهم النووية واقترحوا تخفيض كمية الرؤوس النووية عن طريق تخزينها، أي من دون تقليص فعلي لها. وفي الوقت نفسه أصروا على تقليص الحوامل الروسية، بل وأرادوا إجبار موسكو على الحد من صنع الجديد منها، وكانت هذه المطالب تشبه الإنذار.
وحاول الخبراء الغربيون تأكيد حاجة روسيا إلى المعاهدة بعكس الولايات المتحدة. فروسيا برأيهم ضعيفة وفقيرة والولايات المتحدة قوية وغنية، وهي قادرة على صنع الصواريخ، التي تحتاج إليها وصيانة القديم منها والحفاظ عليها بحالة ملائمة لوقت طويل، في حين أن الصواريخ الروسية قديمة العهد ولا تملك روسيا النقود اللازمة لصيانتها.
لكن الخبراء الروس يشيرون إلى أن الولايات المتحدة لا تقوم بصنع صواريخ جديدة بالستية عابرة للقارات. وأن عماد القوات النووية الأميركية هو غواصات "أوهايو" المجهزة بصواريخ "ترايدنت-2" القديمة المطورة، والتي تبقى أفضل ما لدى الأميركيين من الصواريخ، أما الغواصات فقد صنعت في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي.
في حين يجري في روسيا إنتاج صواريخ نووية جديدة مثل "توبول" و"سينيفا-2". ويؤكد الخبراء الروس أن بلادهم تعمل بنشاط على جميع الاتجاهات، بما في ذلك على الاتجاهات الابتكارية غير التقليدية، وأن موسكو ستجد المبالغ اللازمة لتسليح قواتها عند الحاجة.
ولم تخضع القيادة الروسية للضغوط الأميركية، وألمحت للبيت الأبيض بأنها تستطيع الامتناع عن توقيع المعاهدة الجديدة والبدء بمفاوضات لا نهاية لها كمفاوضات انضمام روسيا إلى منظمة التجارة العالمية، ما يسمح لموسكو بإطلاق برنامج جديد لإعادة تسليح قواتها النووية انطلاقا من أنها ترى نفسها في حِل من أي اتفاقيات.
فهي تستطيع مثلا إفساد مزاج واشنطن بإعادة صنع أسلحة حديثة حظرتها معاهدة "ستارت 1"، مثل الصواريخ الأيروبالستية ذات المدى الإستراتيجي والصواريخ المجنحة الإستراتيجية الخارقة لسرعة الصوت والأنظمة المضادة للأقمار الصناعية والغواصات الإستراتيجية الجديدة من فئة "بوري"، المجهزة بصواريخ "بولافا".
وإذا كان هذا البرنامج باهظ التكاليف فهو أرخص من إعادة تسليح القوات الروسية التقليدية كما يؤكد الخبراء الروس.
وبالنظر إلى الاستياء المتزايد من أوباما داخل الولايات المتحدة وإلى الأزمة المالية، التي لا تساعد على الدخول مع روسيا في لعبة سباق تسلح جديدة، يبدو أن هذه الحجج تركت أثرها على الإدارة الأمريكية، التي لا تريد الهزيمة على جبهة السياسة الخارجية.
وصرح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس بأن المفاوضات وصلت إلى خط النهاية، وأنه سيجري قريبا تقديم اقتراحات إلى الرئيسين بزمان توقيع المعاهدة ومكانها، الذي يمكن أن يكون كييف، التي تريد التحول من عقبة كأداء بين واشنطن وموسكو إلى جسر صداقة بينهما.
من ناحيتها، صرحت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون بأن الطرفين سينهيان المباحثات في القريب العاجل.
ويتوقع المراقبون أن يتم التوصل إلى حلول وسط بشأن جميع النقاط المختلف عليها، بما في ذلك حول الربط بين الأسلحة الهجومية الإستراتيجية ومنظومات الدرع الصاروخية، وأن يجري توقيع المعاهدة الجديدة في نهاية اذار- مارس أو بداية نيسان- أبريل قبيل قمة الحد من التسلح النووي المرتقبة في واشنطن في 12 أبريل المقبل.