أخبار

خبير: الإنتخابات العراقية ستؤدي الى تحالفات غير متوقعة

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

مرت العراق خلال السنوات الأخيرة بعديدٍ من التحولات، فبعد الحرب الأميركية على العراق 2003 بدا أن دولة العراق مقبلة على حالة من الفوضى تجلت ملامحها في غياب الإستقرار الأمني والصراع الطائفي الداخلي. هذا فضلاً عن تزايد نشاط تنظيم القاعدة والعناصر المتطرفة داخل الأراضي العراقية، وما زاد من تزايد حدة هذه الأوضاع المتردية التدخلات الخارجية من بعض الأطراف الخارجية تأتي في مقدمتها إيران. وفي ظل هذه الأوضاع المتشابكة جاءت الانتخابات التشريعية العراقية في السابع من آذار/مارس 2010 ليعول عليها الكثير في إعادة الاستقرار للعراق.

واشنطن: أجرى برنارد غويرتزمان المحرر الاستشاري بمجلس العلاقات الخارجية الأميركية حوارًا مع بريت ماك جارك الزميل المقيم في قسم الشئون الدولية بمجلس العلاقات الخارجية الأميركي، وتم نشره على الموقع الإلكتروني للمجلس. وفيما يلي نص الحوار.

كيف ترى الانتخابات العراقية التي جرت يوم الأحد السابع من آذار/مارس الجاري؟

شهدت الانتخابات قدرًا كبيرًا من النجاح إذ إن حدة العنف كانت منخفضة بدرجة ملحوظة ومعدل إقبال الناخبين على الانتخابات بلغ نسبة تتراوح بين 60% إلى 65%، وهى نسبة تقل عن نسبة الإقبال التي شهدتها انتخابات كانون الأول/ديسمبر 2005 ولكنها في الوقت ذاته أعلى من النسبة التي شهدتها الانتخابات المحلية العام الماضي.

وفى هذا السياق فإن انتخابات 2010 تختلف عن انتخابات 2005 حيث أُجريت انتخابات 2005 في ظل وجود نحو 160 ألف جندي أميركي في العراق، وكانت هذه القوات منتشرة في المدن العراقية، ولكن هذه المرة تُجرى الانتخابات في وقت يبلغ فيه عدد القوات الأميركية بالعراق حوالي 95 ألف ولكنها متواجدة في قواعد وليست منتشرة في المدن. وتخضع انتخابات 2010 لإشراف من قبل العراقيين وقوات الأمن العراقية. وتؤشر المؤشرات الأولية بنجاح العراقيين في هذا الشأن، مع التأكيد على ضرورة التنبه إلى عدم تكرار العنف الذي أعقب انتخابات 2005 والذي بدأ بعد ما يقرب من تسعة أسابيع من تفجير مسجد العسكري بسامراء في 22 من شباط/فبراير 2006، ولذا فنحن نسعى في الوقت الراهن إلى التيقن من قدرة الحكومة العراقية الجديدة على تحقيق الاستقرار.

ما تقييمك لقوات الأمن العراقية خلال الفترة الراهنة؟

على الرغم من عدم وضوح الأوضاع فالقوات العراقية تبدو على ما يرام، فمنذ عام 2007 انصب التركيز الأميركي على بناء قدرات العراق بحيث تكون السلطات العراقية قادرة على ملء الفراغ الناتج عن انسحاب القوات الأميركية من العراق، لاسيما أن القوات العراقية عانت لسنوات من ضعف القدرات.

وكان الاختبار الحقيقي للقوات العراقية في ربيع 2008 عندما شرع رئيس الوزراء نوري المالكي في عملية عسكرية بالبصرة فمنذ ذلك الحين بدأت تتزايد الثقة في قدرات القوات العراقية، وقد سمحت هذه التطورات للولايات المتحدة بسحب قواتها من المدن إبان شهر حزيران/يونيو 2009 كجزء من اتفاقية وضع القوات، ولا يمكن إغفال أن العراقيين قاموا بدور واضح في تأمين المدن العراقية عقب الانسحاب الأميركي، وجاءت الانتخابات التشريعية 2010 لتشير إلى نجاح قوات الأمن العراقية بدرجة أو بأخرى في الحفاظ على الأمن.

رجح عديد من المراقبين خلال الشهور الأخيرة نجاح المالكي في الانتخابات واستمراره كرئيس للوزراء، فهل تعتقد أن هذا تقييم مفروغ منه؟

لا أعتقد ذلك فالأمر يتطلب بعض التفصيل، فالانتخابات أشبه بـ "سباق للخيول"، ومن الصعب توقع الفائز فيها فنرى على الساحة السياسية رئيس الوزراء نوري المالكي يحاول السير على النهج ذاته الذي أسهم في فوزه في الانتخابات المحلية 2009 والاعتماد على رسالة تتمثل في القانون، النظام والأمن الوطني.

في المقابل يعد الائتلاف الوطني العراقي أبرز المنافسين للمالكي، ويتكون الائتلاف بصورة رئيسة من التيار الصدري والمجلس الأعلى الإسلامي، وتنشط هذه القوى بشكل أساسي في الجنوب وتمتلك إمكانيات تنظيمية وتمويلية متميزة، فعلى سبيل المثال تضم مدينة الصدر ثلاثة ملايين شخص بما يمثل 10% من إجمالي الشعب العراقي ومن ثم ففي حال تمكن الصدر من الحصول على نسبة كبيرة من هذه الأصوات سيصبح المالكي في مأزق حقيقي.

وجدير بالذكر أن المالكي كان قد انشق عن الائتلاف حيث قال: "إن هذا التحالف الشيعي ليس في صالح العراق وليس في صالحي، فأنا أريد أن أعمل كزعيم وطني عراقي" ، ولا يمكن إغفال أن عدم نجاح الائتلاف سيمثل قطيعة حقيقة في الحياة السياسية العراقية لسبب رئيسٍ مفاده أن هذا التحالف الشيعي يهيمن على مجريات الحياة السياسية منذ عام 2005.

في سياق متصل توجد عدد من التحالفات البارزة المشاركة في الانتخابات تتمثل في القائمة العراقية برئاسة إياد علاوي والذي يضم معه بعض القيادات السنية الهامة ويزعم علاوي قدرته على الحصول على أصوات كافية تجعله منافسًا لكل من المالكي والائتلاف الوطني العراقي. فعلى الرغم من المشكلات التي واجهها علاوي في الانتخابات الماضية بصورة واضحة، إذ يفتقر إلى وجود تنظيم متماسك يمكن من خلاله إقناع الناخبين على الذهاب لصناديق الاقتراع، فقد تبدو الصورة مغايرة في انتخابات 2010، ولا يبقى أمامنا سوى انتظار ما ستسفر عنه النتائج النهائية.

ولكن هل يوجد تحالف طبيعي بين علاوي والمالكي؟

لا أعتقد ذلك حيث المنافسة الشرسة بينهما، ولكن السياسة والمصالح تؤدي في كثير من الأحيان إلى تحالفات غير متوقعة، ومن هذا المنطلق ستشهد مرحلة ما بعد إعلان نتائج الانتخابات مناورات عديدة، فلو حصل المالكي على المركز الأول وحصل علاوي على المركز الثاني في الانتخابات سيسعى كل منهما إلى الحصول على دعم من أطراف كردية وسنية وغيرها لتشكيل الحكومة القادمة وهى المهمة الصعبة لكلا الطرفين، ولكن في الوقت ذاته لو تمكنوا من تحقيق ذلك فسوف نرى حكومة وحدة حقيقية ومتماسكة وهو ما سيكون أمرًا جيدًا.

لنتحدث عن القوى الكردية فقد كان يهيمن على الساحة الكردية حزبان، أحدهما يقوده مسعود البرزاني رئيس إقليم كردستان، والآخر يتزعمه الرئيس العراقي جلال طالباني، ولكن في الوقت الراهن دخلت الساحة جماعة ثالثة، فما رأيك في ذلك الوضع؟

شهدت الآونة الأخيرة بعض التحولات على الصعيد الكردي فقد ظهرت جماعة ثالثة تعرف بحركة غوران تتبنى شعار التغيير، وقد تمكنت من تحقيق نتائج إيجابية في انتخابات البرلمان الكردي حيث حصلت الحركة على نحو 25% من مقاعد البرلمان عام 2009 ويبدو أن الحركة قادرة على القيام بدور مؤثر في الانتخابات التشريعية، ولكن السؤال الذي يطرح ذاته في الوقت الراهن ما إذا كانت الحركة ستسعى إلى تشكيل تحالف مع طالباني وبرزاني عندما يذهبون إلى بغداد للتفاوض على مقاعد في الحكومة الجديدة وفى حال قيامهم بذلك فلن تتغير سياسة بغداد كثيرًا.

هل تعني بذلك أن الرئاسة العراقية ستؤول مجددًا لشخصية كردية ؟

أنت تتوقع أن يتحالف الأكراد معًا، وفى هذه الحالة سيحصلون على حوالي 55 مقعد ويعملون ككتلة موحدة وفى حال سعي قائمة التغيير إلى التفاوض مع الأحزاب الأخرى فسوف يكون هناك انفتاح حقيقي وتغيير فعلي في السياسة العراقية لكن التساؤل الرئيس المطروح في الوقت الراهن من الشخص الذي سيصبح رئيسًا؟ فالسنة العرب يريدون منصب الرئاسة، وهو ما كانوا يأملون في تحقيقه لفترة طويلة من الزمن، ولكن في الوقت ذاته يريد الأكراد الرئاسة لاسيما أن جلال طالباني أثبت كفاءته وعمومًا فإنه من الصعب التنبؤ بما سيحدث في المستقبل ولكن ما ينبغي التأكيد عليه أن السنة سيسعون بشكل جادي للرئاسة.

ولكن ما مهام الرئيس العراقي؟ فهل تمتلك الرئاسة كثيرًا من الصلاحيات؟

يعد منصب الرئاسة رمزيًّا بدرجة أو بأخرى، وقد تولى السنة منصب رئاسة البرلمان لأربع سنوات وهو منصب له أهميته ونفوذه داخل العراق فيما نجد أن منصب الرئاسة أكثر رمزية فهو يأتي على قمة الأمة، بينما يعد رئيس الوزراء رأس الدولة، ولكن في حال فرض على السنة الاختيار والتضحية بين المناصب المختلفة ستفرض عليهم المصلحة الحفاظ على منصب رئيس البرلمان حيث تكمن السلطة الحقيقية.

على الرغم من كون إياد علاوي شيعي فقد ضم تحالفه بعض السنة العرب ، فهل هذا يرجع لمحاولة تقديم نفسه على أنه علماني؟

دائمًا ما يقول: "أنا عراقي وأستطيع الوصول لكل الأطراف" وهى الرسالة ذاتها التي حاول المالكي تبنيها حيث سعى إلى الوصول إلى عدد من الأطراف السنية البارزة، والحصول على دعمها وبالفعل نجح في ضم بعض هذه الإطراف على قائمته، وإن كانت أقل من المأمول إذ لا يزال معتمدًا بصورة رئيسة على دعم حزب الدعوة الشيعي، وفى المقابل يعتمد إياد علاوي بصورة دائمة على هذه الرسالة وعلى الرغم من ذلك فلم يستطع المنافسة بصورة فعالة عام 2005 ضد الأحزاب الدينية الشيعية المسيطرة على الساحة السياسية آنذاك، ولكن قد تبدو الصورة الآن مغايرة حيث طرأت تغيرات على السياسة العراقية وسأم العراقيون من الطائفية.

هل يعد علاوي الشخصية المفضلة بالنسبة للولايات المتحدة؟

نحن ليس لدينا شخصية مفضلة فالولايات المتحدة ليست متميزة في اختيار الشخصية المفضلة ولذلك لا نحاول القيام بذلك، وإن كان هناك رأى يرى قدرة علاوي على تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم أطيافًا واسعة.

كم يبلغ عدد المقاعد المتنافس عليها؟

يوجد 325 مقعدًا وتخضع لنظام مشابه لمجلس النواب الأميركي حيث توزع على أساس المحافظات، فعلى سبيل المثال يخصص 70 مقعدًا لبغداد و14 مقعدًا لمحافظة الأنبار و14 مقعدًا أو نحو ذلك للبصرة.

لذا فلكي تحصل على الأغلبية تحتاج إلى تكوين تحالف.

اتفق معك في ذلك إذ إنه من غير المرجح أن يفوز أي حزب بأغلبية الـ 325 مقعدًا نظرًا للتنوع الواضح في الأحزاب، ومن ثم فسيكون من المرجح أن تتشكل الحكومة من تحالف يضم ما يقرب من ثلاثة أو أربعة أحزاب، وحتى في هذه الحالة سيكون الأمر أكثر تعقيدًا لأن الخطوة الأولى في هذا السياق هي اختيار الرئيس، والذي يتطلب اختياره أغلبية الثلثين في البرلمان، وفى حال عدم الحصول على هذه الأغلبية في جولة الاقتراع الأولى يتعين الحصول على أغلبية بسيطة للفوز وفيما بعد يطلب الرئيس بصورة رسمية من الكتلة التي تمتلك أكبر عدد من مقاعد البرلمان تسمية رئيس الوزراء.

يعنى ذلك الأمر أن الرئيس يمثل عنصرًا حاسمًا في اختيار رئيس الوزراء ؟

يوجد نحو ست خطوات في هذا الصدد فهناك الانتخابات أولاً ثم بعد ذلك يتم اعتماد الأصوات الانتخابية رسميًّا في غضون ما يقرب من أسبوعين، وعقب ذلك الأمر بأسبوعين ينتقل البرلمان المنتخب إلى بغداد، وتصبح المهمة الأولى للبرلمان المنتخب اختيار الرئيس العراقي، ولا يوجد إطار زمني محدد لتلك المهمة وبمجرد انتخابه يقوم بتكليف الكتلة البرلمانية التي تمتلك أكبر عدد من المقاعد لتسمية رئيس الوزراء ووضع برنامج للحكومة الجديدة.

وفى هذا السياق يتم التصويت بالثقة على الحكومة والبرنامج الخاص بها، وهذه هي العملية الرسمية ولكن الممارسة والواقع الفعلي قد يشهد بعض الاختلافات لاسيما أن هناك عديدًا من المناورات التي تحدث.

ما المدة التي يمكن أن تستغرقها هذه الإجراءات؟

يمكن أن تستغرق هذه الإجراءات عدة شهور ففي عام 2005 استغرقت هذه العملية السياسية ستة شهور، والذي كان يرجع للهجوم الذي تعرض مسجد سمراء، وما أدى إليه من عنف طائفي في وقت كانت تعمل الحكومة بصفة مؤقتة.

بحسب توقعاتك من الذي يمكن أن يكون رئيسًا ؟ ومن الذي سيتولى رئاسة الوزراء؟

الأمر المثير للانتباه بخصوص هذه الانتخابات أنه لا يمكن التنبؤ بها وما يمكن أن تسفر عنه ولكن يمكن الإشارة إلى أمر ذي أهمية في هذا السياق بالنسبة للولايات المتحدة التي ترتبط مصالحها بالعملية السياسية في العراق فواحدة من الخطوات الرئيسة التي يجب على الحكومة الجديدة اتباعها عقب تشكيلها الدخول في شراكة قوية وفعالة مع الولايات المتحدة الأمر الذي تحدث عنه الرئيس أوباما ووزيرة خارجيته هيلاري كلينتون، وهذه العلاقات بين الطرفين ستمتد إلى مجالات متعددة منها الثقافي والتجاري والاقتصادي فضلاً عن الأمني، وفي هذا الشأن واحدة من أهم الأسئلة المطروحة "ما الذي سيحدث بنهاية 2011 حيث ستنسحب القوات الأميركية من العراق بموجب الاتفاقية الأمنية ؟".

في هذا الصدد أتوقع عندما يصل رئيس الوزراء الجديد إلى مكتبه في بغداد وينظر في الأوضاع المحيطة فإنه سيقول: "إني أحتاج بالفعل لبقاء بعض القوات الأميركية والمساعدة في الؤون اللوجيستية والتدريب وغيرها من الأمور" ومن ثم فمن المرجح الدخول في مفاوضات مع هذه الحكومة لتوسيع نطاق اتفاقية وضع القوات مع الولايات المتحدة، وعلى الرغم من أنه من المبكر الحديث عن هذا الأمر في الوقت الحالي ولكنه سيكون واحدًا من القضايا الرئيسة على الأجندة عام 2011.

نحن لم نتحدث عن بعض القضايا الخلافية مثل قضية كركوك والموصل، فهل تسوية هذه القضايا ستتوقف بصورة رئيسة على نتائج الانتخابات أو أنها ستكون بحاجة إلى مفاوضات شاقة ؟

إنها ستكون مفاوضات شاقة فلقد تحدث الناس كثيرًا عن ميثاق وطني والتوصل إلى تسوية لتلك القضايا بشكل كلي، ولكن هذا الأمر سيستغرق سنوات لتحقيقه، ويرتبط تسوية تلك القضايا بمسار العملية السياسية في العراق والأوضاع الأمنية فضلاً عن طرح حلول سياسية وسلمية لتلك القضايا الخلافية.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف