أخبار

الرئيس السوداني: المحكمة الجزائيّة الدوليّة "مؤامرة"

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

أجرت مجلّة شبيغل أونلاين حديثاً مع الرئيس السوداني عمر حسن البشير اعتبر فيه أن التهم التي وجهتها اليه المحكمة الجزائية الدولية لا اساس لها وإنها مؤامرة دُبرت في الخارج.

إعداد عبدالاله مجيد: تقدر الأمم المتحدة ان نحو 300 الف شخص قُتلوا وهُجر مليونان آخران على الأقل في اقليم دارفور غربي السودان خلال الفترة الواقعة بين 2003 و2008. وبالارتباط مع ما حدث في الاقليم اصدرت المحكمة الجزائية الدولية مذكرة القاء قبض على الرئيس السوداني عمر حسن البشير موجهة اليه خمس تهم بارتكاب جرائم ضد الانسانية وتهمتين بارتكاب جرائم حرب.

في مقابلة خاصة مع مجلة شبيغل اكد البشير ان هذه التهم لا اساس لها وإنها مؤامرة دُبرت في الخارج. وقال الرئيس السوداني "ان من غير الصحيح بكل بساطة القول ان مئة دولة أو اكثر وقفت ضد السودان. فان دولا افريقية عديدة تطالب المحكمة الجزائية الدولية باعادة النظر في قرارها، بل ان بعض البلدان تهدد بالانسحاب من المحكمة بسبب ذلك".

وحول ابتعاد بلدان متزايدة بينها جنوب افريقيا عن التعامل معه قال البشير "ان لدينا علاقات ممتازة مع جنوب افريقيا. فان نائب الرئيس زارنا وقمنا بترتيبات لزيارة الرئيس بعد انتخاباتنا في نيسان/ابريل".

واضاف الرئيس السوداني انه تلقى "دعوة شخصية من فنزويلا" سيلبيها ايضا بعد الانتخابات. وأقر البشير بأن "هناك مشاكل، مع الدول الاوروبية بالدرجة الرئيسة ولكن التصرف الأشد غرابة يأتي من الولايات المتحدة، التي تصر على تنفيذ مذكرة الاعتقال، مع انها لم تعترف قط بالمحكمة الجزائية الدولية".

سرت شائعات بأن فرقة كوماندو خاصة تستهدف الرئيس السوداني ساعية الى تنفيذ مذكرة الاعتقال والإتيان به الى لاهاي. ولكن الرئيس السوداني اعلن في المقابلة "إني اشعر بالأمان التام في بلدي. بل ان المحكمة الجزائية الدولية، على العكس من ذلك، قدمت لي خدمة ما كنتُ لأحلم بها. فان شعبيتي في الداخل تصاعدت على نحو غير متوقع نتيجة مذكرة الاعتقال هذه".

تقول مذكرة الاتهام ان الرئيس السوداني يسيطر على ميليشيا الجنجويد التي تشن غارات منتظمة على القرى وترتكب مجازر ضد السكان، بحسب المذكرة. ولكن البشير وصف هذه الاتهامات بأنها عارية عن الصحة وقال "انها من البداية كانت مؤامرة تُدار من الخارج بدعم التمرد في دارفور سياسيا وعسكريا وماليا".

واشار الى ان هذه الجهات الخارجية "كانت تدعم المتمردين في جنوب السودان. ثم استعادت قواتنا زمام المبادرة وانحسر النزاع. ولكن الجهات الداعمة نفسها ساندت المتمردين في دارفور مستغلة النزاعات التقليدية بين المزارعين والرعاة، التي تحدث بانتظام خلال فترات الجفاف".

وتابع الرئيس السوداني ان جرائم ارتكبت في دارفور بل "وجرائم فظيعة ولكن هذا ما يحدث في كل مكان من العالم حيث تقوم عصابات مسلحة بإثارة القلاقل وتناوئ الحكومة. ومن واجب قواتنا المسلحة ان تتصدى للمتمردين. وكل ما يُزعم في الخارج عن ميليشيا الجنجويد واعتداءاتها المزعومة يُقال لمجرد تشويه الحقائق".

وعما إذا كان ضباط ذوو مراتب أدنى في الجيش السوداني ارتكبوا فظائع في دارفور قال الرئيس البشير "ان قواتنا المسلحة تعمل دائما في اطار القانون وكل من ينتهك القانون، سواء أكان من افراد الجيش أو من الحكومة، يُحاسب على ذلك".

وروى الرئيس السوداني في المقابلة ان ضابط شرطة طارد عصابة من المسلحين وقتل زعيمها فصدر عليه حكم بالاعدام بسبب ذلك. "وفي قضية أخرى قتل احد عناصر الأمن مواطنا في دارفور فحوكم هو ايضا ونُفذ به حكم الاعدام".

وحول مسؤوليته الشخصية عما حدث في دارفور بصفته القائد العام للقوات المسلحة ورئيس الدولة قال البشير ان من واجباته "الحرص على مراعاة القوانين وأنا مسؤول عن كل ما يحدث اثناء قيامي بواجباتي".

وعن العلاقات الدبلوماسية مع الولايات المتحدة المقطوعة منذ 12 عاما قال الرئيس السوداني "ان صانعي القرارات الفعليين في الولايات المتحدة ولكن ايضا مكتب التحقيقات الفيدرالي ووكالة المخابرات المركزية، يعرفون حق المعرفة ان ما يُقال عن السودان ليس صحيحا. ولكن مجموعات ذات مصالح قوية تمارس تأثيرها على الحكومة الاميركية. وهذا هو التفسير الوحيد لتناقضات الموقف الاميركي".

وتحدث الرئيس السوداني عن دور اسرائيل في هذا التأثير ودعم الخرطوم للفصائل الفلسطينية قائلا: "نعم، نحن ندعم النضال العادل لحركة حماس وحزب الله ضد الاحتلال الاسرائيلي، والمقاومة ضد الغزاة الاميركيين في العراق وافغانستان، حيث فُرض رئيس على الشعب".

وعما إذا كانت هناك مفاوضات سرية تجري بين الخرطوم وواشنطن قال الرئيس السوداني "ان حوارنا مع الولايات المتحدة يجري من خلال المبعوث الاميركي الخاص سكوت غريشن. ونحن نعتبر هذا الجنرال السابق رجلا معقولا، واقعيا. وكانت الشركات الاميركية تتولى اعمالنا النفطية في السابق لكنها قررت الرحيل عن السودان. ويبدو انها ظنت ان لا احد سيأتي مكانها".

وتطرق الرئيس السوداني الى العقوبات التي يفرضها الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة ضد السودان وامكانية مجيء الشركات الغربية والالمانية تحديدا لممارسة نشاطات مجدية في ظل هذه العقوبات.

وقال البشير في هذا الشأن "ان العقوبات لا تسبب اي مشاكل لنا. وفي اليوم نفسه الذي اعلنت شركة سيمنز انها تعتزم الانسحاب من السودان وقعنا اتفاقية مع شركة صينية كبيرة. وفي القطاع النفطي وقعنا الآن عقودا مع شركات صينية وهندية وماليزية، وهذه العقود أفضل بكثير من العقود التي وقعناها مع الاميركيين. فالاميركيون كانوا يحتفظون بنسبة 70 في المئة من عائدات النفط لأنفسهم، وكانت الحكومة السودانية تحصل على 30 في المئة فقط. اما اليوم فان الحكومة تتلقى 70 في المئة. كما يقوم الصينيون بتدريب الفنيين والخبراء، وغالبية المهندسين العاملين في الحقول النفطية هم مهندسون سودانيون".

وردا على سؤال حول سبب استضافته زعيم القاعدة اسامة بن لادن في السودان حتى عام 1996 قال الرئيس السوداني عمر حسن البشير في المقابلة "ان اسامة بن لادن كان في البداية ينشط مجاهدا في افغانستان، وكان يحظى بدعم كامل من الاميركيين. وفي الحقيقة ان وكالة المخابرات المركزية، سي آي أي، كانت تتابع عملياته العسكرية. وبعد انسحاب السوفييت من افغانستان جاء بن لادن الى السودان وانشأ مطارا في بور سودان. وتولت تمويل المشروع السعودية، فيما نفذت العمل مجموعة بن لادن السعودية. بكلمات اخرى، لم يكن بن لادن هنا كارهابي بل كمستثمر ورجل اعمال. ولكنه بدأ يواجه مشاكل مع الحكومة في الرياض..."

ومضى الرئيس السوداني قائلا ان الخرطوم "لم تكن مستعدة لدعمه في هذا النزاع. ولكنه لم يعد الى السعودية لأنه كان سيُقدم الى المحاكمة هناك فسافر الى افغانستان بدلا من ذلك". واشار الرئيس السوداني الى الاستفتاء المقرر اجراؤه على مستقبل جنوب السودان واحتمال انفصاله فقال ان قراره القبول باستقلال الجنوب إذا كانت هذه ارادة سكانه، لم يُتخذ "استجابة لضغوط خارجية بل لأننا ادركنا ان مثل هذا الحدث التاريخي المهم لا يمكن ان يقرره ألا ممثلو الشعب الشرعيون.

وقبل ان نجري الاستفتاء على ما إذا كان الجنوب سيبقى جزء من الاتحاد، نريد توفير الظروف اللازمة لذلك بالانتخابات في نيسان/ابريل". واوضح البشير ان تفاصيل مثل توزيع عائدات النفط أو تقاسمها مناصفة بين الشمال والجنوب ستُحل بعد الاستفتاء.

وتابع الرئيس السوداني فيما يتعلق بمستقبل الجنوب قائلا "اننا بعد 50 عاما من الحرب اتفقنا على ايجاد حل سلمي. وكل الذين يعتقدون ان تسوية النزاع بعيدا عن العنف ليست ممكنة هم على خطأ، بصرف النظر عما يقرره سودانيو الجنوب. كان التشيك والسلوفاك آخر شعبين يقدمان مثالا على التعايش بسلام ووئام بين شعبين كانا موحدين".

يتمركز في جنوب السودان اكثر من 30 الف جندي من قوات الأمم المتحدة. وتُثار تساؤلات حول ما إذا كان بقاؤها سيظل مطلوبا في حال التوصل الى تسوية مع المتمردين في دارفور ايضا. وعن هذا الاحتمال قال الرئيس السوداني عمر حسن البشير في حديثه لمجلة شبيغل "ان قوات الأمم المتحدة لن تعود مطلوبة إذا استقر الوضع في السودان وترسخ السلام. ولكن إذا بقي جنود اجانب في البلد بعد انجاز مهمتهم فان هذا ليس من شأنه إلا خلق مشاكل".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف