واشنطن تردّ بحزم... وتؤكد مواصلة الضغط لتدمير القاعدة

ردّت الإدارة الأميركية بحزم على بن لادن وأكّدت أنها ستواصل تصعيد الضغط لتدمير شبكة القاعدة. وكان بن لادن قد توعّد خلال بيان في وقت سابق الخميس باعدام كل اميركي تأسره القاعدة اذا اعدمت السلطات الاميركية خالد شيخ محمد المتهم الرئيس في اعتداءات 11 ايلول/سبتمبر 2001.

دبي: هدد زعيم تنظيم القاعدة، أسامة بن لادن، بإعدام الأميركيين الذين قد يسقطون في قبضة التنظيم مستقبلاً، إن أقدمت واشنطن على إعدام خالد شيخ محمد، العقل المدبر المفترض لهجمات الحادي عشر من أيلول- سبتمبر على مدينتي نيويورك وواشنطن.

وهدد زعيم تنظيم القاعدة اسامة بن لادن في شريط صوتي منسوب إليه، كانت قد بثته قناة الجزيرة الفضائية الخميس، بإعدام كل اميركي تأسره القاعدة اذا اعدمت السلطات الاميركية خالد شيخ محمد المتهم الرئيس في اعتداءات 11 ايلول/سبتمبر 2001 ورفاقه.

وقال بن لادن بحسب التسجيل الصوتي "ايها الشعب الاميركي، رسالتي هذه حول اسرانا لديكم. صاحبكم في البيت الابيض الرئيس باراك اوباما لا يزال يسير على خطى سلفه جورج بوش في الكثير من الامور المهمة كتصعيد الحرب في افغانستان وظلم اسرانا لديكم وفي مقدمتهم البطل المجاهد خالد شيخ محمد، وقد صرح البيت الابيض برغبته في اعدامه".

واضاف "يوم تتخذ اميركا هذا القرار تكون قد اتخذت قرارًا بإعدام من يقع منكم اسيرًا لدينا".

واعتبر المتحدث باسم البيت الابيض الخميس ان تنظيم القاعدة "لا يبث سوى الكراهية"، وذلك ردًّا على رسالة لاسامة بن لادن الاخيرة.

وقال روبرت غيبس على متن الطائرة كانت تقل الرئيس باراك اوباما الى ايوا (وسط) حيث القى خطابًا عن اصلاح النظام الصحي "كان الرئيس على حق حين مارس مزيدا من الضغوط على شبكة القاعدة".

واضاف "نرى ان القاعدة لا تبث سوى الكراهية، ولهذا السبب فإنّ الادارة الاميركية ستواصل تصعيد الضغط لتدمير شبكة القاعدة".

وامام ادارة اوباما بضعة اسابيع لاتخاذ قرار حاسم بشأن محاكمة خالد شيخ محمد واربعة آخرين متهمين بالضلوع في هجمات نيويورك التي ادت الى مقتل نحو ثلاثة آلف شخص، في محكمة فدرالية مدنية او امام محكمة عسكرية.

واثار احتمال محاكمة المتهمين بالارهاب على مقربة من الموقع السابق لبرج التجارة العالمي غضب السكان والسياسيين في نيويورك. لكن العودة الى نظام المحاكم العسكرية اثار العديد من الاسئلة.

وقتل نحو 3000 شخص في الهجمات التي تمت بواسطة طائرات ركاب مختطفة واستهدفت اضافة الى مركز التجارة العالمي مبنى وزارة الدفاع الاميركية، فيما تحطمت طائرة مختطفة اخرى في حقل في بنسلفانيا.

وتعود الرسالة الأخيرة لبن لادن إلى كانون الثاني- يناير 2010، حمّل خلالها الدول الصناعية الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة مسؤولية التغير المناخي ومخاطره، وطالب بمقاطعة البضائع الأمريكية لضرب اقتصادها وإرغام مصانعها على التوقف عن العمل وإصدار الغازات المسببة للاحتباس الحراري.

كما دعا بن لادن إلى التخلي عن كون الدولار عملة عالمية، "لتحرير البشرية من الرق والتبعية لأميركا وشركاتها،" معتبراً أن نجم واشنطن "إلى أفول واقتصادها إلى ذبول، وسفينة الدولار تغرق،" وحض الدول الغنية على عدم تقديم القروض لها، منددًا في الوقت عينه بخطط الإنقاذ الاقتصادية المطبقة حول العالم.

واعتبر زعيم تنظيم القاعدة إن الحديث عن التغير المناخي "ليس ترفًا فكريًا وإنما حقيقة واقعة، فآثار الاحتباس الحراري قد عمت جميع قارات الدنيا".

وجاء التسجيل بعد خمسة أيام فقط على ظهور رسالة أخرى لزعيم القاعدة، أعلن فيها مسؤولية حركته عن محاولة الطالب النيجيري عمر الفاروق عبدالمطلب، الفاشلة لتفجير طائرة أميركية أثناء أعياد الميلاد، وتوعد فيها بمواصلة استهداف الولايات المتحدة في ظل استمرار دعمها لإسرائيل.

رود أفعال على التسجيل:

نيل باتريك المحلل في شؤون الشرق الاوسط:

"بن لادن استاذ في الدعاية. ما من شك في ان تناوله لما يبدو تعديلا في نهج اوباما لمحاكمة المشتبه في انتمائهم للقاعدة عندما تعهد الرئيس الاميركي بفجر جديد في العلاقات مع العالم الاسلامي سيحظى بالتعاطف بين جمهور بن لادن. الى جانب ذلك، فإنّ التأكيد على قضية فلسطين وان لم تكن الشغل الشاغل له سيلقى صدى جيدًا خصوصًا عندما يبدو اوباما امام الرأي العام المسلم عاجزًا عن القيام بأي شيء اخر سوى الحصول على تنازلات شكلية من اسرائيل. اي تصور عن ان محاكمة مدنية لا تنتهي باعدام خالد شيخ محمد قد تقابل بعد ذلك بنوع من الاعتدال في استراتيجية بن لادن للحرب ستكون محض أوهام."

عمر عاشور الخبير في شؤون الجماعات الاسلامية بجامعة اكستر:

"لا يرغب الكثير من العرب والمسلمين صراحة سماع شيء عن خالد شيخ محمد. فهم يربطون بينه وبين حدث اودى بحياة الكثيرين وكلفهم الكثير من الالم. الكثير منهم عانوا بسبب 11 ايلول- سبتمبر. الان يحاول بن لادن ربطه بقضية فلسطين وهي تحظى بشعبية عند المسلمين.

"تهديد بن لادن يمثل ايضًا رسالة لاتباعه مفادها ..اي شخص يمكنه الذهاب واختطاف او قتل اميركي فعليه ان يفعل ذلك.. انه يقول للولايات المتحدة انها ستكون مسؤولة عن أي شيء يحدث (لخالد شيخ) محمد".

عبد الباري عطوان رئيس تحرير صحيفة القدس العربي:

"انه افضل وقت لبن لادن لمهاجمة اوباما وسط هذا الجدل حول المستوطنات الاسرائيلية. انه يستغل مشاعر الاحباط بين العرب حول الوضع الاسرائيلي الفلسطيني. انه ينتهز الفرصة ليقول للناس ان اوباما اسوأ من بوش.

بن لادن يعبّر عن غضبه بشأن قضية خالد شيخ محمد لان محمد واحد من اقرب اصدقائه ورفاقه. الرسالة تعكس ثقة. يبدو لي انه في مكان آمن نسبيًّا وانه على اتصال وثيق باتباعه. ربما لم يعد في المكان النائي الذي كان فيه يومًا ما."

مسؤول اميركي في مجال مكافحة الارهاب:

"انه منتهى السخف لاي شخص على صلة بالقاعدة مجرد أن يقترح الان أنهم سيبدأون بإساءة معاملة الاسرى. ربما قد نسوا دانيال بيرل وكل من ذبحوهم لكننا لم ننسَ

شركة (انتل سنتر) لمراقبة الارهاب ومقرها الولايات المتحدة:

"يبدو التسجيل حقيقيًا. تهديد بن لادن المحدد يعد مؤشرا واضحًا على تهديد متزايد بعمليات خطف تستهدف اميركيين في الفترة الحالية واثناء محاكمة خالد شيخ محمد في الولايات المتحدة".

"سيتزايد تهديد الخطف بصورة اكبر عند بدء المحاكمة. محاولات خطف الاميركيين لن تقتصر على تنظيم القاعدة الاساسي. اذرع التنظيم الاقليمية مثل تنظيم القاعدة في جزيرة العرب وتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي الذي يستهدف الغربيين في شمال أفريقيا بعمليات الخطف قد تتبع تهديد بن لادن."

تنظيم القاعدة يحاول الحفاظ على صورته

بن لادن في صورة تعود للعام 1996

في غضون ذلك، اكد مسؤولون ومحللون انه بعد ان عجز عن اعداد هجمات جديدة معقدة ومنسقة ضد الغرب بات تنظيم القاعدة يستغل اصغر الفرص للظهور، عن طريق تبني اي عملية مهما كانت صغيرة او شخصية تحدث في اي مكان من العالم بإسم الجهاد الدولي.

ويرى هؤلاء في هذا الامر اقرارًا من التنظيم بعجزه ولكنه يرون فيه ايضًا خطرًا جديدًا ودليلاً على انتهازية التنظيم وقدرته على التكيف.

وبينما يخضع التنظيم الذي اسسه اسامة بن لادن لضغط عسكري قوي من الجيش الباكستاني والطائرات الاميركية بدون طيار على معقله السابق في منطقة الحدود الباكستانية-الافغانية، يولي حاليًا اهتمامه الاكبر للبقاء على قيد الحياة ولا يستطيع بالتالي تدبير هجمات واسعة النطاق.

ويرى آلان شوي الرئيس السابق لدائرة "الاستخبارات الامنية" في جهاز"دي.جي.اس.اي" (الاستخبارات الخارجية الفرنسية) انه "حتى وان كانوا يحظون بحماية اجهزة الاستخبارات الباكستانية فان لديهم مشكلة حقيقية تتمثل في قلة المنفذين والوسائل".

واضاف "ليس لديهم ما يكفي من الرجال ولا من وسائل الاتصالات (...) وبالتالي فانهم يتبنون اي عملية حيثما حدثت ومهما كانت طريقتها، يكفي فقط ان تكون عملية. وفي باكستان هناك مهرّجان او ثلاثة مهرّجين، يتبنونها من دون اثبات العلاقة بين هذا وذاك".

وهذا ما حصل مع النيجيري عمر فاروق عبد المطلب الذي، على الرغم من فشله في تفجير الطائرة التي صعد اليها حاملا متفجرات، وصفه بن لادن بانه "مقاتل بطل" مؤكدا ان عمليته كانت "تأكيدا للرسائل السابقة التي وجهها ابطال 11 ايلول/سبتمبر".

كذلك فان المعالج النفسي العسكري الاميركي من اصل فلسطيني الميجور نضال حسن الذي قتل لوحده 13 جنديًا في قاعدة فورت هود في تشرين الثاني/نوفمبر 2009، يعتبر في خطب القاعدة ومنتديات الجهاديين مثالا يحتذى به.

ويرى الباحث الفرنسي جان بيار فيليو الذي الف كتبا عدة منها "حيوات القاعدة التسع"، انه "اذا تحرك شخص بمفرده فالأكيد ان التنظيم سيتبنى عمليته لتضخيم حصيلته وقدرته على الحاق الضرر".

ويضيف "مهما كانت درجة اندماج الشخص المذكور في التيار الجهادي فغالبا ما يكون هناك منحى لاعتباره مصدر خطر شامل".

ويؤكد آلان شوي ان "تبني كل ما يحدث يسمح بالاحتفاظ بشيء من الاهمية والحفاظ على بعض المانحين الاسخياء والاستمرار في ممارسة شيء من النفوذ في انتظار تحسن الاوضاع".

ويرى المحللون ان وسائل الاعلام الرسمية الغربية، التي غالبا ما تتسرع وتنسب اي هجوم له علاقة بالتيار الاسلامي المتطرف الى القاعدة، تسهل مهمة التنظيم وتسقط في فخه.

لكن اذا كان من الاكيد انه لن يتمكن متطوعون معزولون من تنفيذ عملية تشبه 11 ايلول/سبتمبر، فإنّ عزلتهم في حد ذاتها تطرح مشكلة امام اجهزة الاستخبارات الدولية التي تواجه صعوبات في اختراقهم او رصدهم.

ويضيف جان بيار فيليو ان هؤلاء المتطوعين والناشطين "عندما يتصلون بالتنظيم عبر زيارات او اتصالات، يصبحون معرضين للرصد" وان "الكابوس الحقيقي هو ذلك الذئب الوحيد الذي، بحكم انفراده، ليس هناك شيء يدعو إلى الحذر منه".

ويرى دنيس بلير مدير الاستخبارات الاميركية ان مجزرة فورت هود "تعكس قلقنا مما باستطاعة شخص او عدد قليل من المتطرفين المحليين القيام به اذا توفرت لديهم ارادة التحرك وفتح المجال امامهم".

وردًّا على سؤال الكونغرس الاميركي في منتصف اذار/مارس اكد غاري ريد الموظف الكبير في البنتاغون المكلف العمليات الخاصة ومكافحة الارهاب ان تلك العمليات الصغيرة الحجم "تطرح بالنسبة الينا مشكلة رصدها والتحرك ضدها. كلما كانت معزولة كلما ازدادت صعوبة رصدها".