بعد أربعة عقود على الحرب.. الصراع على القدس لا يزال مستمرا
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
تربى وائل كواملة على أيدي ابويه الفلسطينيين خارج الاسوار القديمة للقدس مباشرة غير أن ابناءه لم يزوروا تلك المدينة قط. ولا يستطيعون الحصول على تصريح اسرائيلي ليعيشوا في المكان الذي يصفه والدهم بأنه منزله.
واليوم يعيش كواملة خلف جدار ينتمي إلى القرن الحادي والعشرين يحيط بالطرف الشرقي للقدس. ومن الناحية الفنية يقع منزله داخل حدود المدينة كما رسمتها اسرائيل لكنه وراء "الحاجز الامني" الذي أقامته بهدف معلن هو ابعاد المهاجمين الانتحاريين.
وعلى الرغم من أنه يعاني البطالة فانه اضطر إلى رفض فرص عمل لان التحرك عبر نقاط التفتيش في الجدار يمكن أن يستغرق ساعات. وهو لا يستطيع العودة الى مسقط رأسه لان كواملة يحمل تصريحا صادرا من اسرائيل يسمح له بدخول المدينة لكن أبناءه الاربعة الذين تتراوح أعمارهم بين 14 و24 عاما لا يحملون هذا التصريح. وعلى غرار كثيرين فانهم محاصرون في شبكة البيروقراطية الخاصة "ببطاقة هوية القدس".
والعقبات التي وضعت بين كواملة وعائلته والمدينة التي نشأ فيها دفعته الى استنتاج بسيط عن الاسرائيليين هو "انهم يحاولون إبعادنا عن القدس."
وفي يونيو حزيران تحل الذكرى 42 لسيطرة اسرائيل على القدس ولا تزال المدينة في قلب صراع الشرق الاوسط. بالنسبة إلى الاسرائيليين هي عاصمتهم " الابدية غير القابلة للتقسيم". وبالنسبة إلى الفلسطينيين لا يمكن إبرام اتفاق للسلام ما لم تتنازل لهم اسرائيل عن السيطرة عن جزء على الاقل من المدينة التي هي رمز لكفاحهم الوطني ويوجد فيها المسجد الاقصى.
كان الاستيلاء العسكري الاسرائيلي للقدس من الاردن عام 1967 بالنسبة إلى الفلسطينيين مجرد البداية لحملة يعتقدون أنها ما زالت تستهدف طردهم وتعميق سيطرة اسرائيل وتحويل أي اتفاق للسلام قائم على حل الدولتين يتم بموجبه تقسيم المدينة الى مستحيل.
وأصبح بناء مستوطنات يهودية حول المدينة - وهي السياسة التي انتهجتها حكومات اسرائيلية متعاقبة - محور خلاف الان بين اسرائيل وحليفتها الرئيسة الولايات المتحدة التي تقول إن هذه السياسة تعرض أحدث محاولاتها لدفع عملية السلام للخطر.
وفيما تبني اسرائيل في القدس وتشجع اليهود الاجانب على الاستقرار هناك يقول الفلسطينيون انها تدفعهم الى الخروج منها. ويقول قادتهم ان اسرائيل تبذل جهدا اكبر من أي وقت مضى "لتهويد" المدينة.
ويشكو الفلسطينيون - الذين تلاحقهم أوامر الطرد والهدم من السلطات الاسرائيلية - من قيود تتصل بالتخطيط تجعل من شبه المستحيل البناء بشكل قانوني ومن قوانين الاقامة التي يرى محامون أنها تعاملهم كالاجانب في مدينتهم.
لكن ناعومي تسور نائبة رئيس بلدية المدينة تقول ان المزاعم بأن الفلسطينيين يطردون "هراء مطلقا". وقالت لرويترز "نرى بالارقام أن سكان القدس الفلسطينيين نموا بسرعة اكبر من سكانها اليهود."
غير أنه لكثير من الفلسطينيين الذين يمثلون واحدا من بين كل ثلاثة من سكان القدس البالغ عددهم 750 الف نسمة يعد الاحتفاظ ببطاقة الهوية الاسرائيلية التي تسمح لهم بالاقامة في المدينة صراعا يهيمن على حياتهم.
وتقول جماعة هاموكد وهي جماعة اسرائيلية للدفاع عن حقوق الانسان مستشهدة ببيانات من وزارة الداخلية ان اسرائيل ألغت 4577 من بطاقات الهوية الخاصة بالاقامة في القدس عام 2008 ما سرع من هذا التحرك بشدة. وقالت ليورا بيخور من جماعة هاموكد "هذا اكثر من 35 في المئة من المجمل منذ عام 1967 ."
وأضافت بيخور وهي محامية "نرى هذه الزيادات الكبيرة في الأعداد كجهود للنفي الجماعي وتمييع سكان القدس الشرقية لتكون الاغلبية يهودية."
وقالت فلسطينية فقدت بطاقة هوية القدس الخاصة بها عام 2008 ان المسؤولين الاسرائيليين ذكروا أن السبب في حرمانها منها هو زواجها من فلسطيني حصل على الجنسية الاميركية وخسر بطاقة هوية القدس الخاصة به بذريعة أنها "قررت السعي الى الاقامة في دولة أجنبية."
وأضافت الفلسطينية التي طلبت عدم نشر اسمها خشية الاضرار بالطعن الذي قدمته "خسرت حقوق اقامتي في بلادي."
وهي مقيمة الان في الولايات المتحدة ولا يسمح لها سوى بزيارات قصيرة للقدس حيث عاشت أسرتها لقرون وتقول "نحن شعب الارض نطرد."
ولا يشكو الجميع الشكوى نفسها. شانا ليبسكي يهودية. انتقلت من شيكاغو قبل عامين وحصلت على جواز سفر اسرائيلي بسرعة. وتقول ليبسكي (29 عاما) وهي ام لطفلين "حدث هذا بسرعة شديدة. أسرع كثيرا مما يحدث في الولايات المتحدة."
وتعيش اسرتها الان في نفيه يعقوب. وتعتبرها اسرائيل جزءا من بلدية القدس لكن حلفاء اسرائيل الغربيين ينظرون اليها كأرض محتلة في الضفة الغربية تم ضمها بشكل غير قانوني بعد عام 1967 .
واستفادت عائلة ليبسكي من سياسة اسرائيل التي تنطوي على الترحيب بكل اليهود في البلاد التي أنشئت عام 1948 في فلسطين التي كان يحكمها البريطانيون في ما سبق وكان جزء من السبب في قدومها هو الهروب من المادية الاميركية والتمتع بنمط الحياة الديني الذي يريدون أن يعيشوه في موطن اليهود التوراتي.
وفي حين تقدم اسرائيل جوازات سفر واعفاءات ضريبية للمهاجرين اليهود الجدد فإن عائلة ليبسكي حصلت ايضا على مساعدة من مسيحيين أميركيين يؤمنون بأن نهاية العالم وظهور المسيح (المخلص المنتظر عند اليهود) سيتمان بشكل أسرع حين يعيش كل يهود العالم في القدس.
ولا يعتري أفراد عائلة ليبسكي أي شك في حقهم في الوجود هناك. وقال نوخ زوج شانا "حين تقاتل وتفوز بأرض تصبح ملكك." وأضاف " لنا حق فيها أقوى من أي أحد" مشيرا الى الصلات التوراتية التي تربط اليهود بالقدس.
ورفض رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو انتقادات أميركية هذا الاسبوع قائلا في واشنطن "الشعب اليهودي كان يبني القدس قبل ثلاثة الاف عام والشعب اليهودي يبني القدس اليوم. و"القدس ليست مستوطنة."
لكن حلفاء اسرائيل ينظرون الى المسألة بشكل مختلف. وتشكل المستوطنات حزاما يفصل الاحياء العربية للقدس الشرقية عن الضفة الغربية. ويطوقها بدورها الجدار الفاصل في الضفة الغربية الذي أنشئ في الاعوام الاخيرة بهدف معلن هو ابعاد الانتحاريين. وعزل الجدار ايضا عشرات الالاف من سكان القدس العرب عن مركز المدينة.
وتقول منظمة اير عميم وهي منظمة اسرائيلية تقول انها تهدف الى قدس "اكثر قابلية للحياة واكثر عدالة" ان 50 الف منزل جديد للمستوطنين في القدس الشرقية والمناطق التي تم ضمها من الضفة الغربية تمر بمرحلة التخطيط والموافقة.
وأضافت أن هذه الانشاءات "ستأخذ جزءا كبيرا من اخر ما تبقى من عقارات في الاحياء الفلسطينية." وفي حين قادت الحكومة الاسرائيلية مشروع التوسع الاستيطاني حول القدس فان الفلسطينيين يقولون انهم اضطروا للبناء بشكل قانوني لايواء أسرهم التي تتزايد أعدادها.
ويقدر مكتب الامم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية أن نحو 60 الف فلسطيني معرضون لخطر هدم منازلهم في القدس للبناء من دون ترخيص. وتقول تسور نائبة رئيس البلدية ان تطوير القدس الشرقية كان مهملا. وأضافت " كان هذا لان الجميع بأشكال مختلفة كانوا يحبسون أنفاسهم وينتظرون قرارا من نوع ما عن الوضع النهائي للمدينة" مضيفة أنه تم السماح ببناء الاف المنازل الجديدة في اطار خطط جديدة.
لكن التخطيط البلدي قضية مثيرة للجدل في المدينة التي لا يعترف ثلث سكانها بسيادة اسرائيل. وقال عدنان الحسيني رئيس بلدية المدينة المعين من قبل السلطة الفلسطينية ان اسرائيل ليس لها حق في اعداد خطط كهذه. وأضاف: "أنها بلدية احتلال"، مشيرا الى أن هناك معركة ضد الارض ومعركة ضد الناس وقال ان الاسرائيليين لا يريدون الناس على هذه الارض.
وفي ما يلى ابرز تصريحات زعماء الشرق الأوسط حول مدينة القدس منذ عام 1967:
- أنور السادات الرئيس المصري منذ عام 1970 الى 1981 في كلمة امام الكنيست الاسرائيلي في القدس عام 1977:
"هناك أرض عربية احتلتها ولا تزال تحتلها إسرائيل بالقوة المسلحة ونحن نصر على تحقيق الانسحاب الكامل منها بما فيها القدس العربية. القدس التي حضرت اليها باعتبارها مدينة السلام والتي كانت وسوف تظل على الدوام التجسيد الحي للتعايش بين المؤمنين بالديانات الثلاث وليس من المقبول أن يفكر أحد في الوضع الخاص لمدينة القدس في اطار الضم أو التوسع وانما يجب أن تكون مدينة حرة مفتوحة لجميع المؤمنين."
- جولدا مئير رئيسة وزراء إسرائيل من عام 1969 الى 1974 لمجلة تايم عام 1973:
"لا يمكن أن تكون هناك سيادة عربية على القدس. هذه المدينة لن تقسم لا النصف بالنصف ولا 60-40 ولا 75-25 ولا شيء. الطريقة الوحيدة التي سنخسر بها القدس هي اذا خسرنا حربا وحينذاك سنخسرها بالكامل."
- ياسر عرفات الرئيس الفلسطيني ورئيس السلطة الوطنية الفلسطينية حتى وفاته عام 2004 قال اكثر من مرة:
"القدس العاصمة الابدية لدولة فلسطين شاء من شاء وأبى من أبى واللي مش عاجبه (ومن لا يعجبه) يشرب من بحر غزة.
ليس فينا وليس منا وليس بيننا من يفرط بذرة تراب من القدس."
- اسحق رابين رئيس وزراء اسرائيل في كلمة امام الكنيست عام 1995 وهو العام الذي اغتيل فيه:
"قلت امس وأكرر اليوم انه ليست هناك قدسان هناك قدس واحدة فقط. من منظورنا القدس ليست موضوعا مطروحا للتسوية. القدس كانت لنا وستكون لنا وهي لنا وستظل هكذا الى الابد."
- بان كي مون الامين العام للامم المتحدة أدلى بتصريح في 20 مارس اذار وكان بصحبته رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض في رام الله:
"العالم أدان خطط التوسع الاستيطاني الاسرائيلي في القدس الشرقية. لنكون واضحين.. كل الانشطة الاستيطانية غير قانونية في أي مكان في الاراضي المحتلة ويجب أن يتوقف هذا.
"نستطيع ويجب ان نجد طريقة كي تخرج القدس من المفاوضات كعاصمة لدولتين بترتيبات للاماكن المقدسة مقبولة للجميع."
- بنيامين نتنياهو رئيس وزراء اسرائيل من عام 1996 الى 1999 ورئيس وزرائها الحالي في كلمة ألقاها في واشنطن في 22 مارس امام لجنة الشؤون العامة الاميركية الاسرائيلية (ايباك):
"الشعب اليهودي كان يبني القدس قبل ثلاثة الاف عام والشعب اليهودي يبني القدس اليوم. القدس ليست مستوطنة. انها عاصمتنا."
وقال في كلمة ألقاها في 15 مارس "سنستمر في ضمان أن تكون القدس مدينة مفتوحة متاحة لجميع الاديان مدينة يتعايش فيها اليهود مع العرب ومع المسيحيين والمسلمين سلميا ويتمتعون بحرية الدين ودخول الاماكن الدينية."
- محمود عباس الرئيس الفلسطيني الحالي ورئيس السلطة الوطنية الفلسطينية في كلمة ألقاها خلال مؤتمر أنابوليس للسلام عام 2007 في الولايات المتحدة:
"ومن واجبي كذلك تجاه السلام أن أقول إن مصير مدينة القدس هو عنصر أساسي في أي اتفاق سلام نتوصل اليه. فنحن نريد للقدس الشرقية أن تكون عاصمة لنا وأن نقيم علاقات مفتوحة مع القدس الغربية وأن نكفل لجميع المؤمنين من كل الاديان حقهم في ممارسة شعائرهم والوصول الى الاماكن المقدسة من دون إجحاف وعلى أساس ما يضمنه القانون الدولي والانساني."
خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الاسلامية الفلسطينية (حماس) "القدس حق لاهلها حق لاهل فلسطين وللعرب والمسلمين. القدس "بوابة الارض الى السماء بكل ما تعنيه السماء من رفعة ومن سموٍ ومن حق ولا يليق أن نجعل القدس بوابة للاستسلام والدونية والمساومة كما يفعل البعض اليوم. أي زعيم فلسطيني أو عربي أو مسلم مهما كان رصيده لن يستطيع أن يوقع اتفاقا يفرط بالقدس أو أن يوفر غطاء لاتفاقٍ يضيع القدس."
- اية الله روح الله الخميني الزعيم الاعلى لايران في كلمة ألقاها عام 1981 بمناسبة يوم القدس الذي أعلن الاحتفال به في اخر جمعة من شهر رمضان:
"لتحرير القدس يجب استخدام الاسلحة الالية المعتمدة على الايمان وقوة الاسلام ويجب أن تنحى جانبا الالعاب السياسية التي تفوح منها رائحة التنازلات واسعاد القوى العظمى."