الحريري يطلب عدم التهجّم على سوريا و14 آذار ترحّب بكلام الأسد

للمرة الاولى في لبنان، يحتفل المسلمون والمسيحيون بعيد بشارة السيدة العذراء، هذه المناسبة التي تحولت هذا العام الى عيد رسمي "يعبر عن ارادة الحياة المشتركة في لبنان وعن الثقافة المتنامية لحوار الحضارات في كل العام"، ولكن حديث الأسد قطع العطلة حيث تفاوتت ردود الفعل من كلامه .

بيروت:كان ليوم امس ان يخلو من السياسة بسبب العطلة، لكن الكلام الذي صدر عن الرئيس بشار الاسد لقناة "المنار" مساء الاربعاء حرك الساحة السياسية، فكانت تعليقات اتصفت في معظمها بالاشادة. وتفاوتــت المواقف اللبنانية الترحيب بحديثـــه عــن عدم التدخل السوري في الشأن الداخلي اللبناني، بخاصة من نواب "كتلة المستقبل"، وبين توقف عند كلامه حول ملكية مزارع شبعا.

ووجّه الرئيس السوري بشار الأسد سلسلة من الرسائل التوضيحية الخاصة بسياسة سوريا تجاه لبنان، مركّزًا على الرغبة في عدم الدخول في تفاصيل السياسة في لبنان. لكنه حرص على إبداء الحزم في ما سمّاه "الخطوط العريضة" وأولها المقاومة والعروبة والعلاقة الأخوية بين البلدين. وبدا الرئيس السوري بشار الأسد هادئًا جدًّا في مقاربته بين تفاصيل العلاقات اللبنانية ــ السورية، وفي مقابلة مع قناة "المنار"، شدد الأسد على تقديم عناوين سياسة بلاده إزاء لبنان في المرحلة المقبلة.

وقال الأسد إنّ "السنوات الخمس الماضية لم تحقق شيئًا للبنان، بل أدخلته في متاهات، والآن تريد بعض القوى إقناع الآخرين بأنها حققت شيئًا، قد يكون السفارة. لكن هذا الطرح قدّمته عام 2005 ولم يكن طرحًا لبنانيًا، لا أحد من حلفائنا السابقين ولا اللاحقين طرحها قبل أن أطرحها"، مشيرًا إلى أنّ وجود السفارتين هو نتيجة اقتناع سوري، فـ"المعروف عن سوريا أنها لا تقوم بأي خطوة إذا تعلّقت بطلب أو فرض أو محاولة تدخل من الخارج".

وأكد الأسد أنّ هذا الأمر ينطبق على ملف ترسيم الحدود بين لبنان وسوريا، مشيرًا إلى أنه ليس بمقدور سوريا منح ورقة رسمية للبنان بشأن شبعا. وقال: عندما كان الغرب يحاول أن يفرض علينا الأمر قلنا له "لا، وسمعها منا مرارًا" ثم إن سوريا "لا تمتلك هذه الورقة، ويمكننا امتلاكها بعد أن تقوم بالإجراءات القانونية اللازمة التي تؤدي بالوصول إليها. وبعد التحقق من الملكيات ومن التفاصيل الأخرى نقوم بعملية ترسيم على الواقع".

وأكد الأسد أنّ هذا المشروع فشل في كل المنطقة، مشيرًا إلى سقوطه في العراق وأفغانستان. وفي لبنان فشلت إسرائيل في تحقيق أهدافها العام 2006، وفي عدم القدرة على إخضاع سوريا وإيران، "وكنا نعلم أنه سيفشل، والقضية كانت قضية زمن، لم أكن أعرف متى سيسقط، لكن كنت أعرف أنه سيسقط".

وعن علاقته بالرئيس سعد الحريري، أشار الأسد إلى أنّ محاولة بناء العلاقة مستمرة "مباشرة وشخصيًا، كي تؤدي إلى دفع الجانب المؤسساتي في العلاقة بين سوريا ولبنان". وعن وجود قوى حليفة للحريري لا تزال رافضة للعلاقة بسوريا، قال: "يجب توجيه هذا السؤال إلى أصحاب العلاقة، أي لماذا يقولون هذا الكلام بعكس رؤسائهم، لكن من وجهة نظري هو لا يؤثر على سوريا بل على صدقية المعنيين بالموضوع في لبنان".

حوري: كلام يريحنا

اعتبر عضو كتلة المستقبل النائب عمار حوري ان ذلك الكلام "اتى في سياق المرحلة الجديدة وقيام علاقة بين دولة ودولة" مضيفًا أن "حديث الرئيس الاسد عن علاقاته بين المؤسسات ودعوته الى اخراج سوريا من التفاصيل الداخلية شيء ايجابي، فهذا الكلام يريحنا في لبنان، ونعول عليه، وفي المحصلة هذا الخطاب ينسجم مع الخطاب العام للمرحلة التي نمر بها". ودعا الى استخلاص العبر من الماضي والتأسيس لمرحلة جديدة. واوضح حوري "ان مطالبة تيار المستقبل بعلاقات جيدة مع سوريا ليست فقط على مستوى الكلتة (النيابية) بل على مستوى قوى 14 اذار".

الجسر: عدم التهجم..

واكد زميله في كتلة المستقبل النائب سمير الجسر ما ذكر من ان الحريري طلب من اعضاء كتلته عدم التحدث عن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان وعدم التهجم على سوريا. لكن العضو الاخر في كتلة المستقبل النائب احمد فتفت نفى ان يكون الحريري قد طلب من الكوادر الاعلامية لتيار المستقبل (مهاجمة سوريا)، مشيرًا إلى ان رئيس الحكومة "لا يتعامل ابدًا بهذا الاسلوب، ولم اسمع هذا الكلام لا تفصيلاً ولا مواربة، بل هناك نقاش وحرية في النقاش داخل التيار". واعتبر ان قول الاسد الخروج من التفاصيل الداخلية في لبنان "يعني اننا حققنا تقدمًا كبيرًا على مستوى العلاقة والاتجاه نحو علاقة على اساس دولتين سياديتين". وحول قول الرئيس السوري انه اول من قال بعلاقات دبلوماسية بين البلدين، قال فتفت "انها قناعة سورية لكنها لم تأت من فراغ"، معتبراً ان تشبيه الواقع اللبناني في السنوات الخمس الماضية باتفاق 17 ايار 1983 (مع اسرائيل والذي لم ير النور) لا يطابق الواقع.

عبود: لا سلبية
ورأى وزير السياحة فادي عبود ان اختيار الاسد لقناة "المنار" التابعة لــ "حزب الله" للادلاء بحديثه "رسالة في حد ذاتها"، مضيفًا "ان الموقف السوري لا يتغير وفق المواسم والظروف بغض النظر عن القبول به". واذ لم ير في الحديث اي تدخل في التفاصيل اللبنانية قال "انا لم ار في رسالة الاسد اي سلبية، وهناك ايجابية من قبل رئيس الحكومة سعد الحريري وهذه الايجابيات ستفتح حتمًا، صفحة جديدة في العلاقات".

نجار: سوريا حريصة
ولفت ممثل "القوات اللبنانية" في الحكومة وزير العدل ابراهيم نجار ان الرئيس السوري "بدا حريصًا على طمأنة الرأي العام اللبناني الى ان علاقته مع رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ثابتة وغير خاضعة للتصريحات مها كانت شديدة او عنيفة". وحول انتقاد الاسد لقوى 14 اذار لاحظ انه "ليس هناك شيء من الحدة في كلامه، ولكن هناك تحيّزًا في موقفه، وهذا واضح فالسياسة السورية لا يمكنها عدم الانحياز للمقاومة، وهذا خيارها الاقليمي السياسي والاستراتيجي مع ايران، وبالتالي علينا ان نأخذ هذا الموقف السوري بالحسبان". بيد ان نجار رأى ان "لا شيء يدل على ان تغييرًا حصل في السياسة السورية تجاه لبنان والافرقاء السياسيين اللبنانيين".

الكتائب: التعامل بالمثل

وتمنى عضو كتلة "الكتائب" النائب ايلي ماروني في حديث الى "صوت المدى"، أن "يتعامل الرئيس الأسد مع لبنان كما يتعامل لبنان مع سوريا"، آملاً بأن يترجم الأسد ما قاله "في ما يتعلق بعدم تدخل سوريا بشؤون لبنان الداخلية".

التقدمي: مرحلة جديدة

وأشار مفوض الإعلام في الحزب التدمي الإشتراكي رامي الريس، إلى أن "الحزب قرأ كلام الرئيس الأسد في ما يتعلق بالعلاقة مع رئيس اللقاء الديمقراطي وليد جنبلاط بإيجابية"، آملاً بـ "الوصول إلى مرحلة جديدة من العلاقات بين جنبلاط والأسد". وأشار إلى أن "تحسن العلاقة من شأنه أن ينعكس إيجاباً على لبنان"، داعيًا إلى "النظر بإيجابية الى ما يحصلط. وأكد أن "لدى السوريين فرصة جيدة للوصول إلى علاقات جيدة مع لبنان".