بحث سبل إحياء عملية السلام في الشرق الأوسط
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
وسط الخلافات بين اوباما ونتنياهو، علقت المساعي لاحياء عملية السلام،حيث بحثت اخيرا لجنة في مجلس الشيوخ الاميركي سبل حل الازمة.
واشنطن: في إطار الجهود التي تبذل من أجل إحياء عملية السلام في الشرق الأوسط ناقشت لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الاميركي اخيرا جلسة استماع بشأن السلام في الشرق الأوسط برئاسة جون كيري.
التحديات التي تواجه إدارة أوباما في إحياء عملية السلام
تواصل الولايات المتحدة دعمها لعملية السلام في الشرق الأوسط عن طريق تدعيم التفاوض بين الإسرائيليين والفلسطينيين للوصول إلى اتفاق سلام من شأنه أن يعالج الشواغل الأمنية لإسرائيل وتلبية تطلعات ومطالب الشعب الفلسطيني في إقامة دولة فلسطينية. ومنذ يومه الثاني في منصبه عين الرئيس باراك أوباما جورج ميتشل، مبعوثا خاصا للسلام في الشرق الأوسط، وقد قام بالعديد من المحادثات بين الفلسطينيين والإسرائيليين لكن هذه المحادثات قد تم تعليقها في أعقاب القتال في غزة.
وهذا ما شكل خيبة أمل كبيرة بشأن ما يمكن أن نصفه بالنتائج الهزيلة للدبلوماسية الأميركية في محاولة إحياء عملية السلام في الشرق الأوسط، وذلك على الرغم من موقف وزيرة الخارجية الاميركية كلينتون بقوة و إصرارا على ضرورة تجميد المستوطنات الإسرائيلية و ضرورة تسوية نشاط البناء الذي لم يتوقف ولو ليوم واحد في الضفة الغربية أو القدس الشرقية.
ويعد هذا تغييرا مفاجئا في الدبلوماسية الاميركية، وقد حاولت الولايات المتحدة انتزاع إجراءات لبناء الثقة من العرب.
ومع ذلك فإن مبادرة السلام العربية المستوحاة من بيان السياسة العربية والتي تعرض السلام والأمن والاعتراف لإسرائيل في مقابل انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة منذ عام 1967، وإنشاء دولة فلسطينية عاصمتها القدس والتوصل إلى حل متفق عليه لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين. لا ينبغي أن ينظر إليها باعتبارها أساسا للمفاوضات وليس من الضروري أن يتم اعتمادهم رسميا من قبل الولايات المتحدة أو إسرائيل - ولكنها تمثل تقدما كبيرا في التفكير العربي. وفي وقت سابق فقد رتبت الإدارة الاميركية على عجل اجتماعا ثلاثيا في نيويورك في سبتمبر الماضي مع نتنياهو وعباس، والتي ظهر فيها عباس بأنه خالي الوفاض.
ومنذ ذلك الحين فإن الإدارة لم تحاول ترتيب المحادثات غير المباشرة على أساس الاختصاصات العامة. وأصبحت فكرة المحادثات غير المباشرة مخيبة للآمال وأمر غريب وذلك بعد عشرين عاما من مواجهات وجها لوجه في المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية.
وقد أفادت التصريحات التي أدلت بها هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية أن الولايات المتحدة الاميركية تسعى إلى إنهاء الصراع وذلك وفقاً للرؤيتين الفلسطينية والإسرائيلية والقائمة على : الرؤية الفلسطينية تقوم على إنشاء دولة فلسطينية قابلة للحياة على أساس حدود 1967 مع مبادلات متفق عليها، والرؤية الإسرائيلية متمثلة في دولة يهودية ذات حدود آمنة ومعترف بها والتي تعكس التطورات اللاحقة، وتلبية الاحتياجات الأمنية الإسرائيلية.
وقد أعلنت كلينتون في الأمم المتحدة بأننا نتطلع لتحقيق تطلعات كل من الإسرائيليين والفلسطينيين من أجل القدس، والحفاظ على مكانتها باعتبارها رمزا للديانات الثلاث الكبرى لجميع الناس، وهناك سياسة وإستراتيجية واضحة بالنسبة للولايات المتحدة لمواجهة التحديات المقبلة، فيجب على الولايات المتحدة انتهاج سياسة سليمة وتلتزم بمبدأ الدبلوماسية المستمرة وإتباع إجراءات بناء الثقة بين أطراف عملية السلام.
الاستراتيجية الاميركية للتوصل لتسوية
يجب على الولايات المتحدة توضيح وجهات نظرها بشأن شكل ومضمون أي تسوية سلام نهائية فلا يجب أن تكون سياستها مفاجأة لأحد، وكثير من وجهات النظر في واقع الأمر ستعكس مواقف الأطراف أنفسهم و هذه المواقف الاميركية من شأنها أن تشكل الأساس الجوهري للشروط المرجعية القوية. فمثلا ستحتفظ إسرائيل بعدد محدود من المستوطنات في الكتل الاستيطانية الرئيسية (بما يتفق مع رسالة الرئيس بوش في عام 2004 إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي شارون) ومبادلة أراضي على قدم المساواة تتفق مع حجم الفلسطينيين بطريقة تضمن التواصل الجغرافي وقابليتها للبقاء كدولة فلسطينية .
وسوف يتم ترسيم حدود لتعكس هذه التعديلات الطفيفة في المحيط الإقليمي،على نحو ما من شأنه أيضا أن يحسن الأمن وقابلية الدفاع عن إسرائيل وفلسطين. وجميع المستوطنات الإسرائيلية والمستوطنين والجيش الإسرائيلي سيتم إجلاؤهم من المنطقة المتفق عليها والتي تشكل دولة فلسطين بما يتفق مع جدول زمني وغيرها من أحكام اتفاق نهائي. وفي القدس، خارج أسوار المدينة القديمة، سيتم تقسيم المدينة على طول خطوط ديموغرافية من شأنها أن تؤدي إلى عاصمتين لدولتين.
وبالنسبة للاجئين الفلسطينيين فلن يسمح لهم بحق العودة إلى الدولة الفلسطينية الجديدة، بما يتسق مع قوانين تلك الدولة، وإسرائيل ستتخذ قرارا بشأن عدد من اللاجئين سوف يتم السماح لهم للانتقال إلى إسرائيل في إطار لم شمل الأسرة، أو الاعتبارات الإنسانية المشقة وسيعمل الجانبان على إنشاء لجنة مطالبات للتوصل إلى اتفاق بشأن تعويضات للاجئين التي نتجت عن حالة الصراع، وكذلك سيتعين على الجانبين دراسة إنشاء لجنة خاصة هدفها مناقشة المظالم التاريخية بين الشعبين.
وعلى المجتمع الدولي أن ينشئ صندوقا لمساعدة الأطراف على التعامل مع هذه المطالبات. أما بالنسبة إلى المفاوضات فينبغي أن تعطى الأولوية للشواغل الأمنية والتدابير التي تلبي احتياجات كلا الجانبين، وسينبغي على الأطراف أن تنظر إلى مجموعة من الآليات المتاحة لمساعدة هذه العملية، بما في ذلك تدعيم قوات حفظ سلام دولية أو متعددة الأطراف، ومراقبين دوليين وكذلك التعاون في مجال الاستخبارات، وآليات الاتصال، وما شابه ذلك.
هذه المواقف وغيرها التي تقررها الإدارة الاميركية من شأنها أن تشكل رؤية الولايات المتحدة بشأن التوصل إلى تسوية نهائية للسلام.
وبعد أن قررت الإدارة رؤيتها لعملية السلام، ينبغي لها أن تضع استراتيجية لمحاولة تحقيق رؤيتها للسلام. هذه الاستراتيجية يجب أن تكون متعددة الأبعاد، ودبلوماسيه وينبغي أن تدمج في الجزء العملي للاختصاصات، وتكون كالتالي:
أولا: الولايات المتحدة يجب أن تحدد على جدول أعمال المفاوضات الموضوعية والمستدامة نتائج المفاوضات السابقة، والتي ستكون نقطة انطلاق للمفاوضات والقنوات القادمة حول الاتفاقات الممكنة وهذا من شأنه أن يشكل الإطاري التفاوضي لإطلاق المفاوضات من حيث توقفت مثل:
أ. على الولايات المتحدة أن تنظر في بدء المفاوضات بشأن الحدود، وعندما يتم التوصل إلى اتفاق بشأن الحدود فهذا من شأنه أن الإطار الحاسم للعديد من القضايا الأخرى.
ب. و إذا قررت الولايات المتحدة أن يكون النهج الأول هو الحدود، فإنه يجب عليها أن تحدد المبادئ التالية لدعم المفاوضات: فهناك حدود / اتفاق أراضي ينبغي أن تعكس ما يعادل 100 في المائة من الأراضي المحتلة في عام 1967، ينبغي أن تكون هناك مقايضة أراض متساوية في الحجم والنوعية على أساس نسبة 1:1.
ينبغي أن يكون هناك تقاسم منصف في تخصيص الموارد المشتركة (الماء، والمعادن، الخ)، المفاوضات بشأن الأراضي ينبغي أن تركز على تعريف ضيق للكتل الاستيطانية التي تنطوي على أكبر تجمع للمستوطنين، و يجب أيضا أن تتجنب قدر الإمكان المستوطنات التي قد تؤثر على الحياة اليومية للفلسطينيين، وينبغي أن تكفل وجود تواصل جغرافي واستمرارية للدولة الفلسطينية، ويجب أن لا تشمل مبادلات السكان، كذلك فإن حدود المفاوضات الأولى سوف تحتاج إلى أن تستكمل المفاوضات المتزامنة لتحديد الوضع النهائي بشأن القدس.
ثانيا: طوال عملية المفاوضات، فإن الولايات المتحدة بحاجة لاتخاذ قرار بشأن دورها في التدخل من أجل تضييق الفجوات والخلافات بين أطراف عملية السلام.
ثالثا: يجب على الولايات المتحدة وغيرها من المجتمع الدولي أن تتعاون معا من أجل بناء الهياكل الإقليمية والدولية، ودعم شبكات الأمان لتدعيم عملية السلام في المنطقة، فينبغي تشجيع العرب لتفعيل مبادرة السلام العربية، لتحويلها من نتائج مفاوضات ناجحة إلى عامل محفز لآلية للدعم خلال المفاوضات، ويجب أيضا على الولايات المتحدة العمل أن تعمل عن كثب مع المبعوثين الخاصين والعديد من العناصر الدولية المهتمة في دعم المفاوضات، وذلك للحد من الازدواجية في الجهد وتعظيم الفوائد التي تعود على الطرفين نفسيهما.
رابعا: يتعين على الولايات المتحدة إحياء وإعادة هيكلة المناقشات المتعددة الأطراف بشأن قضايا مثل التنمية الاقتصادية، والبنية الأساسية الإقليمية والصحة والمياه والبيئة والأمن ومراقبة الأسلحة، وما شابه ذلك. هذه المناقشات ينبغي أن تكون قوية بقيادة الكراسي، وإشراك الأطراف الإقليمية في المقام الأول.
خامسا: الدولة الفلسطينية وأنشطة بناءها تحتاج إلى التشجيع والتعجيل بها، وذلك عن طريق تفعيل خطة الإصلاح التي يقوم بها رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض وهي خطة العام حتى تكون كأساس للولايات المتحدة وآخرين نحو زيادة الموارد الموجهة لبناء القدرات الأمنية الفلسطينية، وعلى إسرائيل أن تتخذ الخطوات اللازمة لتسهيل هذه الجهود.
سادسا: الدبلوماسية الأميركية ينبغي أن تسعى إلى وقف كامل للنشاط الاستيطاني الإسرائيلي، واتخاذ إجراءات مطردة ضد البنية التحتية الإرهابية والتحريضية. وعلى الإدارة الاميركية والكونغرس أن يتوصل إلى تفاهم على مجموعة من العقوبات والتي ينبغي اتخاذها ضد أحد الطرفين أو كليهما باعتباره يتعارض مع دعم عملية السلام.
هذه الرؤية وهذه الاستراتيجية سوف تضع سياسة الإدارة على أسس قوية، فهي ليست ضمانا للنجاح، ولكنها ستكون دعامة للطرفين الإسرائيلي والفلسطيني إلى العودة إلى طاولة المفاوضات، كما يجب أن تنخرط الإدارة الاميركية في الفترة المقبلة في العديد من القضايا المتصلة بالسياق والتي ستحتاج إلى معالجة، فبعض المحللين يعتقدون أن على الولايات المتحدة أن تشارك حماس في المفاوضات وبالتالي مساعدة الفلسطينيين على تحقيق المصالحة السياسية، وستكون خلفية نجاح المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية هو ما سيجعل حماس لا تستطيع أن تعرقل جهود نجاح عملية السلام وبالتالي ستتخلى عن أيديولوجيتها الرافضة للسلام والتفاوض مع إسرائيل وسيجعلها في موقف الدفاع عن آرائها أمام الجمهور الفلسطيني وأمام الرأي العام العالمي.
وأخيرا على الولايات المتحدة أن تحسن علاقاتها بإسرائيل والتي توترت خلال السنة الماضية، والحاجة إلى القيام بعمل أفضل من التحدث إلى الشعب الإسرائيلي، فاميركا بحاجة لشرح السياسات الاميركية على نحو أفضل، وبحاجة إلى إعطاء الإسرائيليين فرصة لرؤية كيف يفكر القادة الاميركيون ، وكذلك فإن الإسرائيليون يحتاجون إلى الشعور بالثقة بأن الأميركيين لن يقفوا ضد ضمان سلامة ورفاهية إسرائيل . و أن أوباما ليس صديقا لإسرائيل. فهو من المؤيدين لفكرة السلام و تحسين الحوار والاتصالات بين أطراف عملية السلام، للوصول إلى النتائج العملية التي تخدم مصالح الشعب الإسرائيلي والفلسطيني.