نازحو دارفور يشعرون بأنهم أضاعوا فرصة الإنتخاب
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
دفعت الخشية من فقدان ديارهم للابد نازحي دارفور الى العزوف عن التسجيل للمشاركة في الانتخابات السودانية العامة التي تنظم ابتداء من الاحد، لكنهم يشعرون اليوم انهم ربما اضاعوا فرصة للتعبير عن رايهم والمطالبة بحقوقهم.
مخيم ابو شوك: "لم يسجل منا سوى عدد بسيط لا يتجاوز 4400 شخص"، يقول آدم اسحق عمدة مخيم ابو شوك الذي تاسس في 2004 ويعيش فيه اليوم نحو ستين الف نسمة في بيوت متجاورة مصنوعة من تربة المكان الطينية المتآخية مع حرارة الشمس.
لقد حلت هذه المساكن مكان الخيام البلاستيكية التي قدمتها هيئات الامم المتحدة للنازحين الذين شردتهم الحرب من قراهم قبل سبع سنوات وباتوا اليوم يعيشون في ما يشبه ضاحية تشكل امتدادا للفاشر، العاصمة التاريخية لولاية شمال دارفور التي تشهد نزاعا بين القوات الحكومية وحركات التمرد.
اندلع النزاع في 2003 في اقليم دارفور الذي يشمل ثلاث ولايات شبه صحراوية مترامية الاطراف، تمتد على 500 الف كيلومتر مربع. وانشقت حركات التمرد اليوم وباتت موزعة على عدة تيارات متصارعة احيانا، كما تشهد الميليشيات الموالية للحكومة خلافات. كل هذا يجعل الوضع غير مستقر ويحول دون عودة النازحين الى ديارهم.
ويشهد السودان ابتداء من الاحد ولثلاثة ايام انتخابات تعددية هي الاولى منذ نحو قرن، ولكن نازحي ولايات دارفور الثلاث عزفوا عن التسجيل على قوائم الناخبين خلال تشرين الثاني/نوفمبر وكانون الاول/ديسمبر الماضيين.
تربع اسحق على حصيرة فوق الارض المتربة داخل قاعة محاطة ومسقوفة باعواد القصب لحجب اشعة الشمس الكاوية. "كان هناك ارتباك لدى التسجيل، البعض هنا لا يؤمنون بان السلام قادم، ويريدون ان يسجلوا في قراهم ليضمنوا حقهم في العودة اليها".
وتابع "نعيش هنا مأساة حقيقية، نحن نطالب بالسلام قبل الانتخابات".
وقال مشيرا الى اتفاق السلام "الشامل" الموقع في 2005 بين الحكومة والمتمردين الجنوبيين، والذي نص على تنظيم انتخابات تعددية، ان "اتفاق السلام الشامل لم يكن شاملا لانه لا يشملنا، لذلك لم يكن لدينا امل من هذه الانتخابات".
واكد العمدة يحيى آدم "نحن نريد السلام والعودة الى قرانا، ثم نفكر في الانتخابات. هذه الانتخابات لا تعني شيئا لنا ولن يشارك فيها سوى عدد قليل من النازحين".
لكن العمدة بابكر صافي تمنى لو ان "المراقبين حضروا مبكرا ليشرحوا للناس اضرار عدم التسجيل".
لكنه اضاف ان رأي الناس هو "ان كان المؤتمر الوطني او (الرئيس عمر) البشير هم الفائزون، فلماذا نشارك في الانتخابات".
وتتهم المحكمة الجنائية الدولية الرئيس السوداني بارتكاب جرائم حرب في دارفور في مذكرة التوقيف التي اصدرتها بحقه في اذار/مارس 2009.
لكن صافي استدرك "لم يعرف الناس فوائد التسجيل او اضراره، فاحجموا عنه، ومن اصل 20 الى 30 الفا كان يمكن ان يصوتوا، لم يسجل سوى اربعة الاف، الحال مماثل في باقي معسكرات دارفور. ويمكن ان تتخيلوا عدد الذين احجموا".
وقال "فهم الناس متاخرين انهم يمكن ان يغيروا (..) لكنهم واجهوا ايضا تهديدات، سمعنا انه حتى اولئك المنتمين الى احزاب هددتهم الجنجويد وطردتهم من قراهم ان كانوا لا يؤيدون المؤتمر الوطني".
وتابع "لم تكن هناك حملات انتخابية حرة، وحتى المسجلين لا يعرفون كيف يصوتون لانهم غير متعلمين".
والجنجويد هي الميلشيا العربية الموالية للحكومة المتهمة بالهجوم على القرى غير الموالية لها وتشريد اهلها في اطار النزاع بين الحكومة وحركات التمرد التي تطالب بحصة منصفة من التنمية في دارفور.
وراى العمدة محمد عبدالله ان "الناس لم تعتبر التسجيل حركة باتجاه الديموقراطية. انهم هنا منذ سبع سنوات وقد خسروا كل شىء. الانتخابات حق مشروع وبعض الناس شعروا بالاسف لعدم التسجيل. كنا بحاجة لتوعية".
واستدرك محمد آدم قائلا "انا انسان امي، فكيف افهم بطاقات الاقتراع، ثم ان الناس خائفون من التوجه الى مراكز الاقتراع".
وتعتبر الانتخابات الحالية من الاكثر تعقيدا في العالم حيث يتعين على الناخب في شمال السودان الادلاء برايه في ثماني بطاقات لانتخاب الرئيس والولاة والمجلس الوطني ومجالس الولاة، وفق نظامي الدوائر والقوائم.
وفي ظل انعدام الامن، قررت رئيسة المراقبين الاوروبيين سحب المراقبين الستة الذين كانوا في ولايات دارفور الثلاث.
واعربت فيرونيك دي كايسر عن اسفها لان النازحين يشعرون بانهم اضاعوا فرصة المشاركة في التصويت، لكنها قالت انها ما كان يمكن ان ترسل المراقبين للمساهمة في التوعية مبكرا لان مجيئهم مرتبط بدعوة من البلد المضيف.
وبين النساء اللواتي كان ينبغي حثهن على التعبير عن آرائهن، قالت عائشة آدم "لا فائدة من الانتخابات للنازحين. نحن فاقدو الامن والاستقرار ولا يجوز ان نصوت لاي حزب".
ولكن الشابة سعدية يعقوب اكدت ان "التصويت يؤدي الى الاختيار. من امتنعوا عن التسجيل لم يعرفوا انهم سيحرمون من التصويت. كان هناك ارتباك".
واضافت "نحن كنازحين لدينا حقوق وتعويضات ونحن متحدون رغم اختلاف انتمائنا الحزبي ونطالب بنزاهة الانتخابات".
اودى النزاع في دارفور بحياة نحو 300 الف شخص بحسب الامم المتحدة وان كانت الخرطوم تؤكد ان عدد القتلى لا يتجاوز عشرة الاف. وشردت اعمال العنف قرابة مليونين و700 الف شخص، موزعين على ولايات شمال وجنوب وغرب دارفور وبعضهم في تشاد المجاورة.
والفقر منتشر بين سكان اقليم دارفور وعددهم قرابة ثمانية ملايين نسمة، بينهم اربعة ملايين ونصف يحتاجون للمساعدات الانسانية بمن فيهم النازحون الذين يعتمدون على المساعدات الانسانية.
وبلغت نسبة التسجيل للمشاركة في الانتخابات في الاجمال في السودان 76% وفق المفوضية القومية للانتخابات.
واكد مسؤول المفوضية في ولاية شمال دارفور السر المك ان نسبة التسجيل بلغت 70%.