البولنديون في لندن يعيشون الصدمة لمقتل كاتشينسكي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
كنيسة سانت سيدز التي أقيم فيها القداس
تاريخ الطائرات مع زعماء العالم
عاشت الجالية البولندية في بريطانيا حالة من الصدمة بعد مقتل الرئيس ليخ كاتشينسكي في حادث تحطم طائرته، وقد استطلعت "إيلاف" آراءعددا من البولنديين كان في مقدمتهم، كبير القساوسة، الذي لخص إحساس الجالية بأنها "في حال من فقد أباه وراعيه وصديقه في الآن نفسه".
لندن: تقاطر آلاف البولنديين الأحد في بريطانيا لحضور القداسات التي اقيمت في الكنائس الكاثوليكية على مقتل الرئيس البولندي ليخ كاتشينسكي وعقيلته ماريّا وكبار المسؤولين الذين قتلوا معه في تحطم طائرته بالقرب من مطار سمولينسك بغرب روسيا السبت.
وفي كنيسة "سنت سيدز" بشرق لندن أقيم قداس مطوّل انتحب فيه البعض خلال كلمة كبير القساوسة في أبرشية المنطقة. وتقرر إقامة مأتم في "المركز البولندي" بحي "غودميز" القريب، على أن يخصص اليوم للصيام حدادا على الرئيس وصحبه ونظرا لفداحة الخسارة.
وتحدثت "إيلاف" أيضا إلى دانوتا غرادوسيلسكا، التي تعتبر "أم الجالية البولندية" في شرق لندن على الأقل. فقد قضت هذه السيدة، التي تبلغ من العمر 81 سنة، لكنها تتمتع بحضور جسدي وعقلي مدهش، قرابة 60 عاما في مهجرها الى هذه المنطقة. وآلت على نفسها على مدى عقود طويلة تسهيل أمور المهاجرين البولنديين من ترجمة وإسكان وإيجاد وظائف لهم وتعليم ورعاية صحية لأبنائهم.
لكن دانوتا، التي عملت سائقة شاحنة لقوات الفيلق البولندي الثاني خلال الحرب الثانية وتجولت عليها بين العراق وفلسطين ومصر، تمضي لتشرح أن الأمر "خسارة شخصية أيضا". فقد التقت بالرئيس القتيل وعقيلته في أكثر من مناسبة، كان آخرها قبل عامين في السفارة البولندية بقلب لندن. وقالت إن هذه اللقاءات أتاحت لها التعرف نوعا ما على "ليخ وماريا"، فتبيّن لها أنهما "شخصان بسيطان مثلي ومثلك"، رغم ما يتمتع به الرئيس من سلطة وعلم غزير ورؤية ثاقبة للخروج ببلاده من وهدتها بعد سنوات الشيوعية الطويلة، ورغم أن ماريا هي سيدة البلاد الأولى.
وتحدثت "أم الجالية" بحنو شديد عن عقيلة الرئيس قائلة إنها "مثال لربة المنزل التي تحمل أيضا هموم الوطن في دواخلها" و"رمز لكرامة المرأة البولندية". واختتمت حديها بنطقها عبارة "السلام عليكم" بالعربية.
وكان واضحا ممن تفضلوا وسط الآخرين بالحديث إلى "إيلاف" الإجماع على أمور أربعة:
الأول، أن ثمة إحساسا بالصدمة يجتاح سائر البولنديين بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية وما إن كانوا مؤيدين أو معارضين للرئيس كاتشينسكي.
والثاني، أنهم حزينون بالقدر نفسه على عقيلته ماريا، باعتبارها مغرقة في التواضع الجم وتمتنع تماما عن الخوض في السياسة مفضلة عليها الأعمال الخيرية بكل الصمت الممكن.
والثالث، استغرابهم أن يجتمع الرئيس عقيلته وكبار مسؤولي الدولة في طائرة واحدة، خاصة وأنها قديمة وربما لم تكن أهلا لنوع الطقس في المنطقة.
والرابع، أنهم لا يشيرون بأصبع الاتهام لموسكو "حاليا"! وعلى حد قولهم فمن المبكر إلقاء الاتهامات هنا وهناك، لكنهم يتنظرون نتائج التحقيق بعقل مفتوح.
وبينما قالت شابة تدعى دوروتا بايك (28 عاما) إنها تعتبر الفاجعة "قدرا مكتوبا"، كان آخرون أكثر جرأة. فقد قال أحد رفض الإفصاح عن هويته إن الأيام "ستكشف ما إن كان ذلك قدرا مكتوبا من السماء فعلا أو من جهات أخرى"!
ولدى سؤالنا من جانبنا عن الأسباب التي تحدو لإثارة الشكوك حول موسكو، أجابت قائلة، أولا، إن رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين "لم يعرف بحبه الجارف للرئيس كاتشينسكي"! وثانيا، ان الرئيس نفسه كان كاثوليكيا متدينا، وأحرص الناس على استقلال بلاده عن المؤثرات الخارجية التقليدية.. "وكل هذه أشياء قد لا تعجب البعض"!
ويذكر ان البولنديين يشكلون إحدى أكبر الجاليات المهاجرة في بريطانيا إذ يقدر عددهم بقرابة المليون. وبهذا فهم يبلغون أكثر من نصف عدد المسلمين مجتمعين من سائر الأقطار إذ يقدر عدد هؤلاء الأخيرين بحوالي 1.7 مليون. كما يقدر عدد البولنديين الذين يعيشون في لندن بحوالي ربع المليون، وتتركز مناطق سكناهم في أحياء هامرسميث وإيلينغ بغرب لندن وهارينغاي في شمالها وإنفيلد في شمالها الشرقي. وفي السنوات الأخيرة أصبحت مطاعمهم ومقاهيهم وحاناتهم منظرا مألوفا في الشوارع وجزءا لا يتجزأ من من الحياة في العاصمة، مثلما هو الحال في العديد من المدن البريطانية الأخرى. ولهذا السبب، ربما، يصح القول إن لندن في هذه الأيام تشعر على نحو ما بنوع الحزن الذي يغوص في إحدى أكبر جالياتها حتى النخاع.