من يجيب على السؤال الكبير في مأساة طائرة الرئيس البولندي؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
أثار مقتل الرئيس البولندي مع عدد من كبار المسؤولين في تحطم طائرته العديد من الأسئلة.
بولندا تحدد موعد الإنتخابات وجنازة الرئيسلندن: أعاد حادث مقتل الرئيس البولندي ليخ كاتشينسكي مع عدد كبير من كبار المسؤولين في تحطم طائرته لذاكرة التاريخ في تلك الرقعة مقتل رئيس الوزراء فلاتيسلاف سيكورسكي مع عدد من مسؤولي البلاد العام 1943 في حادث سقوط طائرته وهو في طريق عودته من تفقد القوات البولندية في جبل طارق.
لكن الأسئلة التي يثيرها حادث سقوط طائرة الرئيس كاتشينسكي عديدة، وأبرزها المتعلق بوجود "زبدة البلاد السياسية والعسكرية والاقتصادية والثقافية" كلها في طائرة واحدة. فقد كان بين القتلى وعددهم 96 شخصا، بمن فيهم فيهم أفراد الطاقم الثمانية وإضافة الى الرئيس نفسه، عقيلته ماريّا التي تحظى باحترام هائل من سائر البولنديين على اختلاف انتماءاتهم السياسية.
وكان بين كبار المسؤولين الآخرين مدير مكتب الاستشارية الرئاسية، ورئيس هيئة أركان القوات المسلحة، وقادة أسلحة البر والبحر والجو، ومدير وكالة الأمن القومي، ونائب وزير الدفاع، ورئيس البنك المركزي، ونائب رئيس مجلس النواب (البرلمان)، ووكيل وزارة الخارجية، ونائب زعيم حزب "القانون والعدالة" ومسؤولين حكوميين آخرين. وكانت تصاحب هؤلاء كوكبة من الشخصيات الأكاديمية والعاملة في حقول التأريخ وحفظ التراث، وممثلو الوكالات شبه الحكومية والخيرية وغيرها.. وباختصار، كانت تلك "مجزرة" وسط أبرز نجوم المجتمع السياسي والثقافي البولندي.
وكان من سخرية الأقدار أن الطائرة كانت تقل هذا الحفل المهيب لحضور الذكرى السبعين لـ"مجزرة كاتين" التي ارتكبتها القوات السوفياتية بحق آلاف البولنديين خلال الحرب العالمية الثانية. وكان هذا في حد ذاته مصدرا لتكهنات وشائعات تحدثت عن "يد روسية خفيّة" في الأمر، خاصة على ضوء أن الرئيس كاتشينسكي كان ينتهج أجندة وطنية كاثوليكية يمينية وعرف بعلاقاته "العسيرة" مع رئيس الوزراء الروسي القوي فلاديمير بوتين.
وزاد من الحيرة إزاء احتشاد الرئيس ووفده من علية القوم في طائرة واحدة، أن الطائرة نفسها عتيقة. فهي روسية من طراز "Tupolev TU-154"، التي بدأت أولى رحلاتها الجوية في العام 1968. وقد أوقفت شركة الطيران الروسية "ايروفلوت" استخدامها مؤخرا بسبب أنها لا تفي بمستلزمات السلامة الحديثة إضافة الى انها تستهلك قدرا عاليا من الوقود.
وتبعا لإحصاءات "شبكة سلامة الطيران" الدولية، فقد تعرض طراز الطائرة هذا لـ66 حادثة مميتة خلال العقود الأربعة الماضية، منها ست حوادث في الأعوام الخمسة الماضية. فلماذا حدث ما حدث؟ ربما كانت الإجابة هي الفقر. لكن لا أحد يتصور أن العوز يمكن أن يبلغ بدولة مثل بولندا حد عجزها عن توفير أكثر من طائرة واحدة كتلك الروسية العتيقة لوفد في تلك الأهمية. لكن الأرجح هو أن قصر النظر واستبعاد قسوة القدر الى ذلك الحد في مجتمع كاثوليكي متدين يعتقد أن السماء كفيلة بحماية خيرة أبنائه كانا وراء ذلك القرار المأساوي.
على أن قصر النظر من هذا النوع أمر لا يمكن ان يتهم به قصر باكينغهام في المملكة المتحدة. فمن المستحيل، مثلا، أن يسمح للأميرين تشارلز وابنه وليام باستقلال طائرة واحدة بغض النظر عن الظروف. والسبب في هذا، بالطبع، هو أن تشارلز يقف على صدارة الصف الى خلافة الملكة اليزابيث الثانية ويقف ابنه وليام وراءه مباشرة. ولذا فإن البلاد لن تغامر بخسارتهما معا في حال سفرهما على متن طائرة واحدة قد تتعرض لحادث مميت. وقد حدث الاستثناء الوحيد لهذه القاعدة عندما اصطحب تشارلز وديانا ابنهما الطفل في زيارتهما استراليا في منتصف الثمانينات.
ويتفرع من حادث طائرة الرئيس البولندي أمر آخر يتعلق بالطيّارين أنفسهم. فغالبا ما يلامون على اتخاذ القرار الخطأ في الأحوال الجوية السيئة، مثلما كان الحال في حالة طائرة الإذيس البولندي المشؤومة التي حاول قبطانها الهبوط بها وسط ضباب كثيف.
والدارج في هذه الأحوال أن برج المراقبة يحذر الطائرة من سوء الأحوال الجوية ويترك للقبطان تقدير الموقف و"المغامرة بالهبوطـ" إذا أراد. وتبعا لوسائل الإعلام الروسية فهذا بالضبط هو ما حدث مع طائرة الرئيس كاتشينسكي.
على أن من المستبعد نوعا ما أن يكون قبطان الرئيس قد اتخذ قرار المغامرة بالهبوط في ذلك الضباب منفردا وهو يعلم أهمية الذين يجلسون على مقاعد طائرته. وليس مستبعدا أيضا أن يكون قد قرر عدم المغامرة لكنه تعرض للضغوط من الرئيس نفسه أو من أي من المسؤولين الآخرين أو القادة العسكريين، ومنهم قائد السلاح الجوي نفسه... ربما كان "الصندوق الأسود" قادرا على تقديم الإجابة على هذه النقطة.
وأخيرا فقد شهد التاريخ عددا من حوادث الطيران التي صارت مشهورة بسبب أن ضحاياها كانوا زمرة الوضع الأمثل لها أن تسافر في دفعات وليس جمعا. ومن هذه نقتطف التالية وكلها لجماعات تشكل فرقا رياضية مهمة:
- في العام 1949 قتل جميع أفراد فريق "تورينو"، الذي هيمن على كرة القدم الإيطالية وقتها، في حادث سقوط طائرته في سوبيرغا بشمال غربي البلاد.
- في 1958 تعرض فريق "مانشيستر يونايتد" الانجليزي الشهير لسقوط طائرته التابعة للخطوط الجوية البريطانية الأوروبية وهي تحاول الإقلاع من مطار ميونيخ حيث توقفت للتزود بالوقود في طريق عودتها بالفريق من بلغراد. وقتل في تلك الحادثة 23 شخصا من أفراد الفريق ومسؤوليه إضافة الى بعض الإعلاميين المرافقين، ونجا 21 آخرون بينهم لاعبون أجبرتهم الإصابة في الحادث للتقاعد عن اللعب.
- في 1987 قتل سائر لاعبي فريق "آليانزا ليما" البيروفي لكرة القدم في حادث سقوط طائرتهم.
- في 1989 قتل جميع لاعبي فريق "كلارفول 11" السورينامي في حادث تحطم طائة تابعة لخطوط البلاد الجوية. وكان جميع الضحايا يلعبون احترافا للأندية الهولندية.
- في 1993 قتل جميع لاعبي المنتخب القومي الزامبي في حادث مماثل.